هجرة مجدي يعقوب إلى أوروبا.. رحلة البحث عن العلم والسعي لخدمة البشرية
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
فى الثلاثين من يوليو سنة 1959، رحل «حبيب» والد الجراح العالمى مجدى يعقوب، وقبل هذا العام بسنوات راودته فكرة السفر إلى أوروبا، خاصة عقب زيارته، قبل التخرج، كلاً من السويد والدانمارك، ولقائه جراح القلب البروفيسور كليرنس كرافورد فى معهد كارولينسكا على مقربة من استكهولوم، والبروفيسور إريك هاسفلت فى كوبنهاجن، وبدأ «يعقوب» يتابع عمل هذين الجراحين الكبيرين، وأعرب لأبيه عن رغبته فى السفر، إلا أن والده قاوم الفكرة، وقال له وقتها: «أمامك فى جامعتنا مستقبل مشرق، ولماذا تترك الأسرة؟».
وحسب كتاب «مذكرات مجدى يعقوب»: «بعد وفاة والده، واصل الشاب النابه استعداداته للرحيل إلى بريطانيا، خلافاً لرغبة أبيه الراحل، وهو يصر على أن قراره ذلك، خلافاً للاعتقاد الشائع، لم يكن ناجماً عن كونه مسيحياً قبطياً». ويقول «مجدى»: «تشيع قصة بأننى رحلت فى ضيق بسبب كونى قبطياً، وذلك ببساطة غير صحيح. إنما رحلت لأسباب إيجابية، رحلت بحثاً عن فرص فى العلم والطب السريرى، وبرغبة فى أن أخدم الناس فى شتى أرجاء العالم».
خالف رغبة والده بعدم الرحيل وسافر إلى بريطانيا فى عام 1961 وتدرب على يد أحد أهم جراحى القلب بالعالموفى أقل من عامين، وتحديداً فى أواخر مايو من سنة 1961 استقل مجدى يعقوب القطار من محطة رمسيس، ومنها إلى الإسكندرية، مستقلاً سفينة إلى مارسيليا قاصداً لندن.
«وفى الخامسة والعشرين من العمر كانت لدى مجدى بالفعل رؤية لمستقبله، وإن كانت منقوصة، فقد كان يريد أن يخدم مجتمعاً، وسوف تتجلى تلك الرغبة، سواء فى بريطانيا أو فى مصر، من خلال توفير خدمات رعاية القلب فى قرية هيرفيلد المعزولة، أو فى مدينة أسوان النائية».
وقال «يعقوب» عن سر النجاح فى الحياة عموماً: إن «التركيز هو المفتاح. فإياك أن تفقد التركيز.. ولا تحد عينيك عما أنت راغب فى تحقيقه.. وتعريفى الخاص للنجاح هو أن تحاول أن تعثر بدقة على ما تريده من حياتك، ثم تشرع فى تحقيقه بدأب وجلد».
كان «يعقوب» فى ذلك اليوم رسم طريقه بالفعل، وشرع فى التنفيذ: «وهو يعرف أهدافه ويراها بوضوح، لقد كان يريد أن يتدرّب على يد راسل بروك، أحد أهم جراحى القلب فى العالم».
وبعد وصوله إلى بريطانيا فى أواخر عام 1961، خطا «يعقوب» خطوة غير معهودة، إذ تقدم لامتحانات ثلاث زمالات دفعة واحدة: «زمالة كلية الجراحين الملكية فى أدنبرة، وقد اجتاز بالفعل الجزء الأول، وزمالة كلية الأطباء والجراحين الملكية فى جلاسكو، وزمالة كلية جراحى إنجلترا الملكية».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: ملك القلوب حياة السير
إقرأ أيضاً:
قلب بحجم العالم
خير ما أبدأ به هذه المقالة قول الله تعالى «من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبةً » « النحل 97» هذه الآية الكريمة تجسيد لحياة إنسان عظيم قرر العيش بشرف وإجتهاد وأمانة وكفاح ومثابرة لكى ينقذ بعلمه وعمله حياة كثير من البشر المريض، وفى عالم يعج بالأمثلة الخالية من الهدف والقيمة والإيمان الحقيقى بنعمة العمل الشريف الذى يهدف ويساعد الغير يظهر لنا السير مجدى يعقوب كنجم مضيئ فى سماء الإنسانية، رمزاً للشرف والإجتهاد والكفاح من أجل تحقيق غايات سامية، لقد كان ومازال هذا الرجل العظيم النموذج الأمثل تجسيداً حياً لفكرة الرغبة الدائمة فى النجاح، والعمل من أجل قلوب البشر.
منذ نعومة أظافره كان الدكتور مجدى يعقوب مؤمناً بأن للعلم والعمل قوة جبارة قادرة على تغيير حياة البشر، أختار بمحض إرادته وبإيمانه أن يكون طبيباً إنساناً.
لم يدخر جهداً ليخفف الآلم عن قلوب الآلاف من البشر حول العالم، كانت رحلة كفاحه مليئة بالاجتهاد والصبر والإيمان والإنسانية لأنه حقاً إنسان اختار أن يخدم الغير بعلمه وعمله الذى حاباه الله عز وجل به، وبالصبر والاجتهاد انتصر لحلمه.
هذا الجراح العبقري لم يكن فقط طبيباً للقلب، بل كان قلبه نابضاً بالأمل ككل من سمع اسمه فى رحلته الطويلة والمضيئة، أثبت للجميع أن العمر مجرد رقم، وأنه لابد أن يكون مساعدة الغير بقدر ما تملك من نعم هذه حقاً الحياة الطيبة الآمنة التي تمر بنا وتنتهى سريعاً ونكون قد انتصرنا فيها وجلبنا السعادة للغير وأتينا لأنفسنا بشرف الحياة وسمو قيمة العمل والكفاح والصبر، حتماً عندما نلقى وجه كريم نكون قد أدينا الرسالة على أكمل وجه وسوف نأخذ الهدية الكبرى وهى الفوز بالجنة، فهي هدية الله عز وجل لعباده الصالحين اللذين عاشوا بشرف وأمانة وجهد وكفاح.
على مدار عقود طويلة ظل السير مجدى يعقوب يكافح بلا كلل، محقق المعادلة الصعبة بين الإبداع العلمي والالتزام الإنساني.
الدكتور مجدي يعقوبلم تكن رحلته سهلة فقد واجه العديد من التحديات واللحظات الصعبة التي تتطلب الصبر والإصرار لكنه كان دائم الإيمان بأن العمل الجاد هو الطريق لتحقيق المعجزات بفضل مثابرته المستمرة، استطاع تطوير صمام قلب صناعي يعتبر بمثابة إنقاذ للحياة وخصوصاً للأطفال الذين يعانون من عيوب خلقية خطيرة، هذا الابتكار ليس مجرد إنجاز طبى بل شهادة حية توثق للعالم كله قيمة الدكتور الإنسان مجدى يعقوب.
عندما ننظر إلى إنجازاته نجد أن السير مجدى يعقوب ليس مجرد جراح عادى بل هو إنسان قرر أن يكرس حياته لخدمة الآخرين، أسس مركزاً عالمياً لعلاج أمراض القلب فى أسوان والذى أصبح منارة طبية تستقطب المرضى من مختلف أنحاء العالم.
أكثر ما يثير الدهشة في هذا المركز هو أنه يقدم العلاج بالمجان للمرضى غير القادرين، ليكونوا مثالاً حياً لقول رسول الله «صل الله عليه وسلم» خير الناس أنفعهم للناس.
إن قصة ابتكار صمام جديد ليس فقط رسالة للطب بل هي رسالة للشباب أن الأحلام تتحقق بالعلم والتفاني والإيمان بقيمة العمل.
السير مجدى يعقوب لم يكتفى بكونه طبيباً بل كان مبتكراً باحثاً طوال الوقت وملهماً لكل من حوله.
ومسك الختام لا يسعني إلا أن أعبر عن فخري العميق بالدكتور مجدى يعقوب الطبيب الإنسان الذي أعاد تعريف معنى العطاء، أشعر بامتنان أنني أنقل رسالة خير تحيي القلوب وتزرع الأمل.
فيجب أن ننشر قيم العمل والاجتهاد والتفاني والشرف قيم أتمنى أن تظل تنبض بالحياة، ويجب أن يعلم الجميع أن العمل الصالح لا يفنى بل يظل خالداً، كما قال تعالى «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض» «الرعد 17»، وعلينا أن نغرس فى الأجيال القادمة تلك القيم وأن نزرع فيهم أن النجاح الحقيقى يكمن في خدمة الآخريين وأن التواضع هو المفتاح السحري، لجعلك إنسان عظيم ذو شأن كبير بين البشر، فهنيئاً للسير مجدى يعقوب، فأنه لم يعمل لصالحه بل عمل للإنسانية بأكملها.
اقرأ أيضاًافتتاح مركز مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب بالقاهرة أغسطس المقبل
إطلاق اسم مجدي يعقوب على صالة كبار الزوار بمطار أسوان الدولي
السير «مجدي يعقوب» يكشف عن موعد الانتهاء من اختراع صمامات القلب الطبيعية «فيديو»