يبدو أن الاجتياح العسكري الإسرائيلي الذي تهدد به حكومة الاحتلال مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة قد اقتربت، ما يدعو للتساؤل حول موقف النظام المصري من تلك العملية التي تمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري، وكذلك التساؤل حول رد فعل الجيش المصري ومدى قبوله بالتواجد الإسرائيلي بمنطقة حيوية من حدود مصر وفلسطين.



العديد من الأنباء تشير لاقتراب تلك العملية، حيث أفاد تلفزيون (آي 24 نيوز)، العبري، الجمعة، بأن جيش الاحتلال قدم للجيش الأمريكي خطة لتفعيل "ممر إنساني" في غزة استعدادا للعملية البرية المزمعة في رفح، فيما نقلت عن مسؤولين قولهم إن عملية رفح محسومة، وأن السؤال "متى تنفيذها؟".

من جانبه، أكد موقع "أكسيوس" الإخباري الأمريكي، على عقد مسؤولين أمريكيين وإسرائيلين، اجتماعا افتراضيا، الخميس الماضي، بهدف بحث العملية العسكرية المحتملة في رفح".


وأعلنت "هيئة البث الإسرائيلية" الخميس الماضي، وصول مدرعات جيش الاحتلال أطراف رفح الفلـسطـينية، موضحة أنها تنتظر الضوء الأخضر لبدء اجتياح رفح.

"إلى أين؟"
حديث تلفزيون (آي 24 نيوز) عن ممر إنساني، وإعلان "هيئة البث الإسرائيلية" عن أن دخول رفح يسبقه إجلاء السكان والنازحين من المدينة، ونقل "أكسيوس" عن مسؤول أميركي قوله إنه سيتم إخلاء أحياء في رفح قبل بدء العمليات، جميعها تشير إلى أن الإخلاء سيكون نحو الأراضي المصرية.

وهو ما توقعه مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، حين قال في 14 نيسان/ إبريل الجاري إن "الهجوم على رفح قد يجعل نزوح سكان غزة إلى مصر، الخيار الوحيد المتاح لسلامتهم".

المثير هنا أيضا، هو تحليل للكاتب الإسرائيلي تسفي برئيل، بصحيفة "هآرتس" العبرية، الجمعة، كشف فيه عن أطراف التنسيق لعملية اجتياح رفح، والمتمثلين في الكيان المحتل، والإدارة الأمريكية، والسلطات المصرية بقيادة رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، والسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس.

برئيل، قال إنه "وبحسب التقارير، فقد قبلت مصر والسلطة الفلسطينية بالفعل حقيقة دخول إسرائيل إلى رفح، وبدأتا الاستعدادات لاستيعاب النازحين وإدارة الشؤون المدنية"، وذلك في إشارة إلى دور تنسيق مصري إسرائيلي، ودور في استيعاب النازحين على أرض مصر، وفق قراءة مراقبين.

"مواقف مصر السيسي"
الموقف الرسمي المصري دائم الإعلان عن رفض اجتياح رفح، مشيرا إلى خطورة الأمر على نحو 1.5 مليون من أهالي غزة المتكدسين في رفح فرارا من القصف الإسرائيلي على شمال ووسط القطاع، وهو الموقف الذي سبقه تأكيد القاهرة مرارا على رفضها أية عمليات تهجير للفلسطينيين من غزة إلى سيناء المصرية.

وفي 15 آذار/ مارس الماضي، حذر السيسي من اجتياح رفح، وتأثير ذلك على سكان القطاع.



لكن؛ وزير الخارجية المصري سامح شكري، لم يقطع برفض بلاده فتح حدودها للفلسطينيين من القطاع حال حدوث عملية اجتياح برية إسرائيلية على مدينة رفح.

وردا على سؤال حول استقبال بلاده للنازحين إثر الاجتياح الإسرائيلي المحتمل، قال شكري، لفضائية "سي إن إن" الأمريكية الأربعاء الماضي، إن "الطريقة التي سيُفعل بها ذلك ستعتمد على الظروف"، مضيفا: "سنتعامل مع أي ظروف بالأسلوب المناسب وبالإنسانية".

المواقف المصرية الرسمية من الحرب في رفح منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ومع استمرارها لنحو 200 يوم، طالتها الكثير من الاتهامات خاصة مع غلق سلطات القاهرة معبر رفح الحدودي -المنفذ البري الوحيد للقطاع مع مصر والعالم- وفرض قيود على خروج الفلسطينيين المرضى والعالقين، بل وتحصيل إتاوات وصلت حتى 10 آلاف دولار مقابل المرور من المعبر.

وبينما يصف البعض الموقف المصري بالباهت؛ يراه آخرون متواطئا، خاصة مع تواصل عمليات الإبادة الجماعية وما ارتكبته الآلة العسكرية الإسرائيلية من مجازر أودت بحياة نحو 34 ألف فلسطيني وجرح نحو 60 ألف آخرين أغلبهم من النساء والأطفال، وتهجير نحو 1.5 مليون نسمة لجنوب القطاع، وهدم مئات الآلاف من المنازل، وتخريب البنية التحتية، وهدم المدارس والمستشفيات.

كما كان بيان "الهيئة العامة للاستعلامات" التابعة للرئاسة المصرية، في كانون الثاني/ يناير الماضي، كاشفا عن دور السلطات المصرية في خنق قطاع غزة وحصار المقاومة الفلسطينية وتجفيف منابعها، حيث اعترف بتدمير مصر لـ1500 نفق، وإقامة منطقة عازلة بطول 5 كيلومترات على حدود غزة، وتقوية الجدار الحدودي مع القطاع بطول 14 كيلومترا وعمل جدار ثالث بارتفاع 6 أمتار، لمنع عمليات التهريب تحت الأرض وفوقها.

أيضا، فإن الوضع الكارثي الذي يواجهه الاقتصاد المصري، وأزمات شح الدولار وعجز الدولة عن توفير النقد الأجنبي، وتغول أزمة الدين الخارجي والداخلي بأكثر من 168 مليار دولار للأول و100 مليار دولار  للأخير، يجعل ما تم عرضه على نظام السيسي، من مساعدات دولية وقروض واستثمارات بالشهرين الأخيرين وبلغت نحو 50 مليار دولار، تطالها شبهة الرشوة مقابل توطين سكان غزة في سيناء، وفقا لصفقة القرن المعلنة عام 2016.

ولذا فإنه مع تواتر الأنباء حول قرب عملية اجتياح رفح، ومع ما سجلته المواقف المصرية خلال حرب غزة، تساءل مراقبون عن رد الفعل العسكري المصري، مذكرين بأحاديث سابقة لرأس النظام، حين قال في شباط/ فبراير 2016: "قسما بالله اللي هيقرب من مصر هشيله من على وش الأرض".


وعبر موقع "إكس" كتب الخبير العسكري المصري محمود جمال، موجها تساؤله لـ"الفريق أسامة عسكر والقابعون في رئاسة الأركان المصرية، ماذا أنتم فاعلون؟"، فيما تحدث آخرون وبينهم عضو مجموعة "تكنوقراط مصر" الدكتور محمود وهبه، عن تواطؤ النظام المصري وقبوله الغزو الإسرائيلي لغزة.

هيئة البث الصهيونية تقول ان أعداد كبيرة من مدرعات جيش العدو وصلت أطراف مدينة رفح الفلـسطـينية وتقول أن جيش العدو ينتظر الضوء الأخضر لبدء الاجتياح، تلك العملية أن تمت فهي تهديد مباشر للأمن القومي المصري، الفريق أسامة عسكر والقابعون في رئاسة الأركان المصرية ماذا انتم فاعلون؟.#رفح

— mahmoud gamal (@mahmoud14gamal) April 18, 2024

الصفقه الامريكيه الاسرائيليه المصريه ومع فتح
غزو رفح مقابل رد متواضع علي ايران

هاريتز الاسرائيليه تكتب ان مصر وفتح ( عباس ) وافقت علي ان تقوم اسرائيل بغزو شامل لرفح وتقسيمها الي أربع اجزاء

ولان فتح يهمها الفلسطينيون ستقوم باداره معبر رفح ثم تدير الشئون الاداريه واليوميه…

— محمود وهبه - Dr. Mahmoud Wahba (@mahmoudnyc) April 19, 2024
"تنسيق"
وفي توقعاته لموقف النظام والجيش المصري من الاجتياح المحتمل لرفح مع ما به من تهديد للأمن القومي المصري، قال الخبير العسكري وضابط الجيش المصري السابق، العميد عادل الشريف، إن "النظام في مصر بدأ منذ الخميس الماضي، يتحدث عن العدوان الإسرائيلي الدموي على أشقائنا في غزة".

القيادي في حزب "العمل الجديد"، أوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذا يعني أنه سيفرز مجموعة من التصريحات المخدرة".

ويرى أنه "إذا بدأت عملية رفح؛ فاليقين أنه تم التنسيق تماما معه (السيسي)"، مشيرا إلى أن "موضوع تهديد الأمن القومي المصري هي بالنسبة له مجموعة خزعبلات"، لافتا إلى أن "الأمن القومي الحقيقي عنده هو التخلص من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ليس إلا".

"من الفرات لا من غزة"
وفي قراءته، قال السياسي المصري الدكتور عمرو عادل، إن "الخط يمتد على استقامته، فلا جديد في موقف النظام المصري الحاكم في تعامله مع القضية الفلسطينية وعدائه التام لها منذ اللحظة الأولى للانقلاب العسكري في 2013 ودعمه الكامل للكيان الصهيوني".

رئيس المكتب السياسي لـ"المجلس الثوري المصري" أكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "الأمن القومي المصري يبدأ شرقا من نهر الفرات، وليس في غزة، والنظام المصري منذ اتفاقية (كامب ديفيد) 1978، وهو مستسلم تماما للمشروع الصهيوني مع بعض اللقطات لحفظ ماء الوجه".

ويرى أن "النظام المصري فرط في أمنه القومي منذ المعاونة في اجتياح العراق 1990، وإدخاله في دوامة الفوضي، والآن يدعم بلا حدود الكيان الصهيوني".

عادل، خلص إلى التأكيد على أنه "لا يمكننا توقع غير الاستسلام للإرادة الصهيونية، والتي تخطط منذ اليوم الأول تفريغ قطاع غزة، وإعادة السيطرة التامة عليه، والقضاء على المقاومة الشعبية في كل القطاع".

وقال إن "ما يفعله النظام المصري منذ طرحه لصفقة القرن عام 2018، هي خيانة مؤلمة لأمن أرض مصر وشعبها"، مشيرا إلى أن "غزة كانت خط دفاع متقدم عن مصر، وسقوطها كما أرى هو بداية انتقال الفوضى لمصر".

ويعتقد أن "الشعب الفلسطيني من تجربته المأساوية، وخيانة العرب له، هو شعب مقاوم من ولادته حتى مماته، رجاله ونساؤه، وانتقال الشعب الفلسطيني الإجباري في النكبة الثالثة المتوقعة عند اجتياح رفح إلى سيناء، لن تنقل فقط بشرا بل ستنقل روحا مقاومة في أرض مصر كلها".

وحول خيارات مصر للتعامل مع الاجتياح الإسرائيلي المحتمل وتهديد الأمن القومي المصري، ختم السياسي المصري، بالقول إن "النظام المصري ليس له خيارات، هو فقط يتبع المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، والذي يسعى لتخريبها قيميا، وإعادة تشكيلها طبقا لإرادتهم، وأعتقد أن هذا لن يحدث".

"أي الأمنين؟.. مصر أم النظام؟"
وحول مؤشرات اقتراب عملية اجتياح رفح ورد فعل النظام المصري، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور عصام عبدالشافي، إن "عملية اجتياح رفح أحد السيناريوهات المطروحة بقوة، لكنها ليست السيناريو الوحيد، حيث يمكن أن تكون هناك بدائل أخرى يستخدمها جيش الاحتلال في ظل السياقات الإقليمية والدولية".

مدير "المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية"، لفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى "دخول إيران على خط المواجهات المباشرة مع الكيان الصهيوني، وكذلك تصاعد حدة العمليات التي يقوم بها حزب الله اللبناني في شمال الأراضي المحتلة، وأيضا تصاعد حدة الضغوط الداخلية التي تواجه حكومة الكيان".

واستدرك قائلا: "لكن بافتراض تحقق سيناريو الاجتياح، وخاصة مع تعدد التصريحات الرسمية لحكومة الكيان، وتراجع حدة الضغوط، ولو شكليا التي تمارسها الإدارة الأمريكية على نتنياهو، بل وربط تمرير عملية الاجتياح، فإن التداعيات البشرية ستكون كارثية، على الفلسطينيين، في ظل نزوح مئات الآلاف خلال الأشهر الستة الماضية بعد عمليات طوفان الأقصى".

ولا يتوقع الأكاديمي المصري، "أن يكون للنظام المصري أو الجيش المصري، ردود فعل حقيقية أو جادة لمنع الاجتياح، وخاصة في ظل التنسيق الأمني والعسكري والاستخباراتي بين النظام وحكومة الكيان الصهيوني وأجهزته الأمنية والعسكرية".

وأكد أن "هذا التنسيق ليس وليد اليوم فقط، لكنه قائم ومتجذر منذ الانقلاب العسكري الذي شهدته مصر في تموز/ يوليو 2013، وكان الكيان أهم داعميه والمخططين له".

وخلص للقول إنه "هنا يجب التمييز بين الأمن القومي المصري، وأمن النظام المصري، فاجتياح رفح هو تهديد مباشر للأمن القومي المصري، استنادا إلى أن الكيان الصهيوني هو العدو الاستراتيجي الأول للدولة المصرية، وتمدده عسكريا يهدد أمنها واستقرارها، ويعزز من قدرات الصهاينة على اختراق هذا الأمن".

أما عن أمن النظام المصري، فيرى أن "اجتياح رفح يعزز من أمن واستقرار هذا النظام، باعتباره شريكا استراتيجيا للكيان الصهيوني من ناحية، ويستفيد اقتصاديا وتسليحيا وسياسيا وإعلاميا من استمرار العمليات العسكرية وتمددها، من ناحية ثانية".


ولفت إلى أن "أحد الأهداف المعلنة للنظام المصري الراهن هو التخلص من كل حركات المقاومة الفلسطينية التي يرى فيها عدوا استراتيجيا وامتدادا للإخوان المسلمين الذين يصنفهم كجماعة إرهابية".

عبدالشافي، أضاف: "ومن ناحية ثالثة، ورابعة فإن اجتياح رفح وتشديد الضغوط على النازحين يساهم بشكل كبير في ملف التهجير وإعادة التوطين الذي يتبناه النظام في مصر، ويسعى إليه منذ 2017 في إطار ما أسماه صفقة قرن تقوم على تصفية القضية الفلسطينية لصالح حليفه الاستراتيجي، الكيان الصهيوني".

الأكاديمي المصري ختم بالقول: "وإذا كانت هذه توجهات النظام المصري، والجيش المصري اليوم ما هو إلا أداة لتنفيذ سياسات هذا النظام، فلا أعتقد أنه يمكن الرهان على أي دور إيجابي يقوم به الجيش لمنع الاجتياح والدفاع عن الحق الفلسطيني، أو حماية الأمن القومي المصري".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال رفح الجيش المصري تهجير الجيش المصري الاحتلال تهجير رفح المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمن القومی المصری للأمن القومی المصری عملیة اجتیاح رفح الکیان الصهیونی النظام المصری الجیش المصری المصری من إلى أن فی رفح

إقرأ أيضاً:

مخاوف إسرائيلية من زيادة تسلح الجيش المصري.. ما علاقة ذلك بفضيحة الغواصات؟

كشف تحقيق أجراه الصحفي رافيف دراكر في برنامجه "هامكور" في 2016 ما أصبح يُعرف بـ"فضيحة بيع الغواصات"، المعروف بالملف 3000 الذي يتم التحقيق فيه مع بنيامين نتنياهو في قضايا الفساد، وتتعلق بشراء الغواصات والطرادات وسفن الصواريخ متوسطة الدفع من شركة "تيسنكروب" الألمانية، ومن الأحداث المرتبطة بها، ولا يُخطط لمناقشتها في المحكمة، الموافقة التي منحها نتنياهو في 2014 على بناء سفينة شحن إسرائيلية في ميناء "كيب تاون".

هاغاي أولشنيتسكي، باحث التاريخ العسكري والسياسي، ويعمل محاضرًا بجامعة وارسو، أكد أن "المستشارة الألمانية آنذاك، أنغيلا ميركل، طلبت من شركة تيسن كروب توريد أربع غواصات متطورة إلى مصر، وطلبت الموافقة الإسرائيلية، لأنه بعد الهولوكوست، لم ترغب ألمانيا بخلق توازن قوى من شأنه أن يعرض دولة الاحتلال للخطر، وبما أن الغواصات المذكورة تشبه في نوعها ما تستخدمها البحرية الإسرائيلية، فإن الموافقة التي أعطاها نتنياهو خطيرة، لأنها صدرت دون موافقة المؤسسة الأمنية، بما في وزير الحرب".



موافقة أم خيانة؟
وأضاف في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أنه "في تلك الأثناء كان موشيه يعلون على علم بالأمر، وفي المظاهرات ضد حكومة نتنياهو، قرأ كثيرون وحملوا لافتات تزعم أن تلك الموافقة بمثابة خيانة، لكن قضية الغواصات المصرية تحتاج لدراسة في سياق أوسع، سواء من حيث تسليح القاهرة، أو أهميتها للعلاقات الإسرائيلية المصرية الألمانية، خاصة فيما يتعلق بصفقات الأسلحة واسعة النطاق التي تمت في السنوات الأخيرة، وليس من الواضح ما إذا كانت إسرائيل أعطت موافقة على تنفيذها".

وأوضح أن "أهم ما في الأمر عملية تجهيز الجيش المصري منذ سبعينيات القرن العشرين، ففي 1973 قرر أنور السادات خوض الحرب ضد الاحتلال، رغم أن صفقات الأسلحة المهمة بين مصر والاتحاد السوفييتي لم تكتمل بعد، وبالنسبة له، كان النجاح السياسي سيتحقق حتى بدون تحقيق نصر عسكري كامل في ساحة المعركة، وهكذا قرر التحرك دون الحصول على أسلحة إضافية، وانتهت الحرب بهزيمة عسكرية، لكنها تحولت نصرا سياسيا عبر اتفاق السلام 1979، ووفق تعريفات الحرب للمفكر العسكري كارل فون كلاوزفيتس فإن هذا انتصار مصري، لأن استخدام الأسلحة هدف لتحقيق إنجاز سياسي، وتغيير طويل الأمد في الوضع".

وأشار إلى أن "مصر بعد الحرب استعادت السيطرة على سيناء، وانتقلت من النفوذ السوفييتي للشراكة مع الولايات المتحدة، وتلقت مساعدات عسكرية كبيرة منها، رغم أنها نصف المبلغ الممنوح لإسرائيل، لكنها تمتنع عن تزويد مصر بأسلحة حاسمة، خاصة الطائرات والصواريخ جو-جو المتطورة، ورغم الالتزام الوارد في اتفاق كامب ديفيد بنزع السلاح في سيناء بالكامل، فقد سعت مصر باستمرار لإدخال قوات هناك، فيما ظل الاحتلال صامت بوجه عام في مواجهة ذلك".

نزع سلاح سيناء
وأوضح أن "مصر بنت طرقا سريعة تحت قناة السويس لنقل القوات بسرعة لسيناء، ونشرت البنية الأساسية لأنابيب الوقود والمياه تمتد لعمق ألف متر، وكل ذلك في نهاية المطاف يمكن أن يؤول لصالح قواتها في حالة الحرب، مع الإشارة إلى أن نموّ الجيش المصري في عهد الرئيس مبارك كان كبيراً، دون أن يكون عاملاً حاسماً في تحديد المنتصر في أي حرب قد تندلع، لأن قوة المناورة التي امتلكها جيش الاحتلال كانت هائلة أواخر الثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن العشرين، ولكن منذ ذلك الحين، طرأ تقليص مستمر في حجم قواته، وبات جيش المشاة اليوم ظلّ باهت لماضيه".

واستدرك أنه "عندما تولى عبد الفتاح السيسي السلطة في 2013، كان الجيش المصري أكبر حجماً وأفضل تجهيزاً بكثير، صحيح أن الفارق لصالحه كان ضئيلا، لكن السيسي لم يكتف بذلك، فبدأ حملة شراء عسكرية عالمية من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وروسيا والصين، واشترت في العقد الماضي أسلحة أكثر مما اشترته خلال الأربعين سنة الماضية، وتم تضمين الصفقات الألمانية الثلاث محور هذه المناقشة في هذه المشتريات".

وأضاف أن "مشتريات مصر العسكرية متنوعة للغاية، وعلى الصعيد البحري، بنت أسطولاً بحرياً ضخماً ينافس أكبر الأساطيل البحرية في البحر المتوسط: التركية والفرنسية والإيطالية، ومن بين المعدات التي حصلت عليها من صفقات الأسلحة الفرقاطات الإيطالية العملاقة، واستلام 6700 طن من حاملات الطائرات المروحية الفرنسية".

حرب أكتوبر 73
وزعم أن "وتيرة التسليح المصرية المتسارعة تثير مخاوف من أن يؤدي ذلك لتفاقم الأزمة مع الاحتلال، وإثارة تساؤلات حول نواياها، لأن تبرير بناء أسطول كبير، وشراء مئات الطائرات من فرنسا والصين وروسيا بالحاجة المحتملة للتحرك ضد إثيوبيا عقب انقطاع إمدادات مياه النيل بسبب بناء سد النهضة، فإنه على النقيض من ذلك، فإن الكثير من المشتريات الأخرى، والحاجة لاستخدامها، مثيرة للجدل".

ونقل عن أوساط عسكرية إسرائيلية تساؤلاتها بشأن "السبب وراء امتلاك مصر لهذا الكمّ من المعدات الأرضية والأسلحة المضادة للطائرات، رغم أن جيوش جيرانها في السودان وليبيا فقيرة جدًا في الحجم والقدرات، ولماذا تحتاج لمئات المدافع ذاتية الحركة، وما الهدف من الإنفاق الضخم على هذه الأسلحة، ولماذا يفوق عدد دباباتها عدد كل الذي بحوزة جيرانها مجتمعين، بما فيها إسرائيل، بثلاثة أضعاف؟".



وأشار إلى أن "مصر تمتلك أسلحة مضادة للدبابات لتسليح مائتي مروحية هجومية، وهو أسطول مصري أكبر بأربع مرات من أسطول كل جيرانها مجتمعين، وظهرت في الأسابيع الأخيرة صور لبعض البطاريات الألمانية المضادة للطائرات المتقدمة التي اشترتها مصر قبل سنوات متوقفة على الطريق الرئيسي في سيناء، مع العلم أنه بعد صفقة الغواصات وقعت القاهرة عدة صفقات شراء إضافية مع برلين، أكبرها صفقة شراء أربع غواصات على الأقل، و16 بطارية".

ووصل إلى القول إلى أن "الفساد الفاضح في صفقة الغواصات يطرح تساؤلات عن حقيقة موافقة نتنياهو عليها، وفي مثل هذه الحالة، فإن السؤال الواضح موجه لكبار المسؤولين في أجهزة الدولة وفروع الخارجية والأمن، ونصّه: هل كانت الموافقة على التسليح المصري، الذي قد يشكل في المستقبل خطراً وجودياً على أمن دولة الاحتلال، نابعة من اعتبارات عملية عسكرية، أم دوافع شخصية وخارجية".

مقالات مشابهة

  • مؤشرات متصاعدة على فوضى سياسية وقانونية في أوساط الاحتلال
  • مخاوف إسرائيلية من زيادة تسلح الجيش المصري.. ما علاقة ذلك بفضيحة الغواصات؟
  • «هيرميس» للأوراق المالية تتوقع مواصلة ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة
  • ما السبب الحقيقي وراء ارتفاع قتلى جيش الاحتلال شمالي غزة؟ محللون يجيبون
  • إبراهيم عيسى يخوف الشعب المصري من التظاهرات
  • خبراء عن مقترح نظام البكالوريا الجديد: يحتاج لمزيد من الدراسة
  • وفاة معتقل جراء التعذيب وتجديد حبس آخرين دون حضورهم.. النظام المصري يواصل الانتهاكات
  • نائب رئيس الوزراء: مقترح البكالوريا المصرية يمس الأمن القومي
  • تباين مؤشرات البورصة المصرية بمنتصف تداولات جلسة الثلاثاء
  • ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية في مستهل تعاملات اليوم الثلاثاء 14 يناير 2025