شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد في فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العلمي لكلية اللغات والترجمة والذي يعقد تحت عنوان: "التكنولوجيا والترجمة وتعليم اللغات : آفاق وتحديات"، وذلك بحضور د. محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، د سلامة داود رئيس جامعة الأزهر، الشيخ أيمن عبد الغني رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، السادة نواب رئيس جامعة الأزهر الشريف، د خالد محمد عباس عميد كلية اللغات والترجمة رئيس المؤتمر، وعدد من عمداء ووكلاء وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر.


وقال الأمين العام خلال كلمته التي ألقاها إن هذا المؤتمر يأتي في سياق مُتَّصل مع مؤتمرات متعددة ومتنوعة تقِيمُها كليات جامعةِ الأزهر؛ لتؤكِّد إسهامات الجامعة الأزهرية في العلوم الإنسانية والفلسفية، وتَسْعى إلَى أن تُقدم حلولًا ناجعة لمشكلات البحث والمناهج العلمية لهذه العلوم وتلك الفنون؛ حيث يتناول هذا المؤتمر فرص وتحديات الترجمة في عصر التكنولوجيا كترجمات الذكاء الاصطناعي والوسائط المتعددة، وتوظيف التكنولوجيا في تعلم اللغات الأجنبية، وانعكاسات العالم الرقمي على القضايا الراهنة لتعلم اللغات، والطرق المستحدثة في تدريس الترجمة، والترجمة والتواصل بين الثقافات، ويهدف المؤتمر إلى تحليل وتقييم طرق وأساليب استخدام التطبيقات التكنولوجية في تعليم اللغات والترجمة والمشكلات التي تواجهها في الترجمة وتعليم اللغات والإسهام في تقديم حلول لها، إضافة إلى الوقوف على واقع تعليم اللغات والتحديات التي تواجه متعلمِيها، وكذا إتاحة الفرصة للباحثين في مجال التكنولوجيا والترجمة للتحاور وتبادل المعارف والخبرات والتجارب العملية.
أضاف عياد أنه على الرّغم من أهمية الترجمة وضرورتها باعتبارها وسيلةً من وسائل الاتصال الحضاريّ والتأثير الثقافيّ بين الأمم، وسبيلًا من سبل نقل المعارف والعلوم والخبرات المختلفة من حضارةٍ إلى أخرى، فقد كانت الترجمة في الحضارة الإسلاميّة أهمّ عوامل الحفاظ على التّراث العلميّ والثقافيّ للعالم القديم وتنقيحه وتطويره، موضحًا أنه لمّا شرع الغرب في تلمّس مخرجٍ من ظلام عصوره الوسطى يمّم وجهه شطر العالم الإسلاميّ يستلهم حضارته ونظمه عبر واحدةٍ من أوسع حركات التّرجمة التي شملت جميع المجالات، ومن خلالها تركت الحضارة الإسلاميّة بصماتها على جميع المستويات، وأسهمت بقدرٍ غير منكور في تنوير القارّة الأوروبّيّة المظلمة.


أوضح الأمين العام أن عصرنا الذي نعيش فيه يشهد تغيُّرات هائلة في العلم والثقافة والاجتماع والأدب، وكثير من هذه التغيُّرات كانت في الغالب انعكاسًا للعولمة، التي جعلتْ من العالم قرية إليكترونيَّة صغيرة، تترابط أجزاؤها عن طريق الأقمار الصناعيَّة والاتصالات الفضائيَّة والقنوات التليفزيونيَّة، وقد ظهرت تلك التطوراتُ الهائلة في مجال تكنولوجيا التواصل والاتصال، وصار الفضاء الإلكتروني الجديد هو الأرض الخصبة لنشر الأفكار والآراء والمعتقدات والفلسفات، التي اقتحمت على الناس بيوتهم، من خلال هذه الهواتف الذكيَّة وما تشتمل عليه من تطبيقات وبرامج، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا الرقمية تداخلت في كل تفاصيل الحياة المادية والعلمية والإدارية وغيرها، وأن الاستخدام غير المنضبط لهذه التكنولوجيا يعيق التنمية ويَحُول بين الإنسان وبين النهضة والعمران، وأنه في ظل هذه التحديات صارت الحاجة مُلحة لاستخدام استراتيجيات جديدة لنشر الوعي الديني الصحيح، وتبصير الناس بدين الله تبارك وتعالى، وِفق رؤية مستنيرة، وفكر مستقيم، فضلًا عن تقديم خطابات تواجه خطابات العنف والكراهية والتشدد والإرهاب والشذوذ؛ لـذا كانت الحاجة ماسَّة إلى ضرورة مواكبة الواقع والاستفادة من العالم الرقمي؛ نظرًا لما يُحدثه من آثار وقوة تأثير في الواقع.


أكد عياد على أهميّة التّرجمة الصحيحة لمعاني القرآن الكريم، وضرورة الاستفادة منها، واستثمارها في عرض الإسلام بعقائده وشرائعه وأخلاقه؛ باعتبار أنّ ذلك يساعد على تبليغ الدعوة إلى العالم أجمع، وفي الوقت ذاته يكشف عن فهمٍ سليمٍ يؤدّي إلى دعم التماسك الاجتماعيّ، والمشاركة في عملية العمران، والإسهام في بناء الحضارة الإنسانيّة المعاصرة، بما يؤكّد عظمة هذا الكتاب، وصلاحيته لكلّ زمانٍ ومكانٍ بما جاء به من أحكامٍ، وبما دعا إليه من أخلاقٍ وسلوكٍ، والعمل على الالتزام بالمنهجيّة العلميّة والفهم السليم عند ترجمة النّصّ القرآنيّ باعتباره نصًّا مقدسًا محكمًا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.


وختم الأمين ببيان أنّ ترجمة معاني القرآن الكريم في هذا العصر على وجه الخصوص ترجمةً منضبطةً تعكس عظمة القرآن وجلالة مقاصده ضرورةً حياتيّةً، وفريضةً دينيّةً باعتبارها نافذةً مهمّةً جدًّا في تعريف الآخر بحقيقة الإسلام ومحاسنه، ولا شكّ أنّ هذا يمنح الآخر فرصة التعرّف على كلام ربّه العزيز الحكيم، فينشرح صدره بقبوله والاستسلام له، والعمل بما جاء فيه، أو على الأقلّ ينصفه ويحترمه ويقدّره حقّ قدره، خصوصًا مع وجود مقالاتٍ تعطي خطابًا مفزعًا مقعّرًا نتيجة تلك القراءات الانتقائيّة للنصّ الدينيّ وتفسيرها بعيدًا عن سياق اللغة وأدواتها، ومن ثمّ تكون مخاطرة الترجمة خطيرةً؛ لأنّه إذا لم يراع فيها ضوابط التعامل مع النصّ القرآنيّ وخصائص نظمه المعجز، أدّى ذلك إلى إبعاد الناس عن المعاني العظيمة، والقيم السّامية التي يحملها القرآن الكريم، فضلًا عن تعميق المفاهيم المغلوطة حول الإسلام.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

الأزهر يطلق المستوى الثاني من البرنامج العلمي للوافدين في الفقه الشافعي

انطلقت في الجامع الأزهر، اليوم، فعاليات الدراسة بالمستوى الثاني تخصص الفقه الشافعي، ضمن البرنامج العلمي النوعي للطلاب الوافدين.

وفي هذا المستوى سيتم شرح كتاب «كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار» للإمام تقي الدين الحصني، ويحاضر في هذا المستوى الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، والدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة وعضو لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر، والدكتور علي منصور، أستاذ الفقه المساعد بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة.

تعزيز قدرات الطلاب

وتهدف الدراسة إلى تعزيز قدرات الطلاب على التعامل مع كتب التراث في مختلف المجالات، ومن خلال الدراسة في برنامج الفقه الشافعي، يستطيع الطلاب فهم المسائل الفقهية فهماً مستقيماً وغرسها في نفوس أبناء الأمة الإسلامية، ما يتيح فرصة استكشاف مبادئ الفقه الشافعي وتطبيقاته في الحياة اليومية.

وأكد الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، أن البرنامج العلمي النوعي للطلاب الوافدين سينعقد على هيئة مستويات لكل تخصص، يتم شرح كتاب واحد في كل مستوى على يد نخبة من أساتذة جامعة الأزهر، وأن مدة الدراسة في كل مستوى تختلف باختلاف الكتاب المقرر، تعتبر هذه الخطوة جزءًا من رؤية الجامع الأزهر في نشر المعرفة والعلم، وتعزيز الروابط الثقافية والأكاديمية مع الطلاب الوافدين من مختلف أنحاء العالم، ويأمل المنظمون أن يسهم البرنامج في إثراء المشهد التعليمي والثقافي وتعزيز التفاهم بين الشعوب والثقافات المتنوعة.

البرنامج يستهدف الطلاب الوافدين

وفي ذات السياق، أوضح د. هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، أن هذا البرنامج يستهدف الطلاب الوافدين بحيث يقدم لهم برنامجًا يتناسب مع متطلباتهم العلمية من كتب التراث كلٌّ وفق ميوله ورغباته؛ إذ إن الالتحاق مقيد بتخصص واحد، وعليه يختارُ الدارس واحدًا من التخصصات الخمسة ليلتحق بالمستوى الأول به، وتكون الدراسة ثلاثة أيام في الأسبوع وفي نهاية المستوى يُعقد اختبار يَحصل الدارس من خلاله على شهادة بهذا المستوى لينتقل إلى المستوى الذي يليه.

ولفت إلى أن جميع التفاصيل الخاصة بالجدول والكتب والمستويات وعدد المحاضرات المخصصة للمرحلة الأولى في كل تخصص، ستكون متاحة على الصفحة الرسمية للجامع الأزهر.

مقالات مشابهة

  • "العُلا" بحث استراتيجيات الوقاية من الحرائق في المواقع التراثية
  • تعرف على الإعجاز العلمي في سورة «النمل» والإبداع في خلق الكائنات
  • أزهر أسيوط تحتفل باليوم باليوم العالمي للغة العربية
  • الثلاثاء.. انطلاق النسخة الرابعة لـ«منتدى البحوث الإسلامية للحوار» حول أُسُس البناء العقلي
  • البحوث الإسلامية يعلن انطلاق الموسم الثاني لمسابقة ثقافة
  • فرع جامعة الأزهر بأسيوط يحتفل باليوم العالمي للغة العربية
  • كلية اللغة العربية بأزهر أسيوط تحتفل باليوم باليوم العالمي
  • أمين البحوث الإسلامية : المخطوط العربي ذاكرة حيَّة للأمَّة وأحد أعظم كنوزها الثقافية
  • الأزهر يطلق المستوى الثاني من البرنامج العلمي للوافدين في الفقه الشافعي
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يختتم برنامج الاحتفال “بعالمية العربية” بالأمم المتحدة