عواصم " وكالات": في الوقت الذي تتوقع فيه كييف أن حزمة المساعدات العسكرية التي تبلغ قيمتها نحو 61 مليار دولار والتي وافقت عليها الولايات المتحدة، امس، ستعزز دفاعها ضد موسكو، حذر نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي اليوم الاحد، من أنه "سيتم نهب" الأموال وأن "عشرات الآلاف من الأوكرانيين سيذهبون إلى الموت".

ووافق مجلس النواب الأمريكي أمس على تمرير حزمة مساعدات طال انتظارها تبلغ قيمتها نحو 61 مليار دولار لأوكرانيا إلى مجلس الشيوخ، حيث من المتوقع أن يتم إقرارها وتوقيعها من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة في نيويورك، ديمتري بوليانسكي، عبر تليجرام اليوم الأحد، أنه " لا يوجد شيء للاحتفال به هنا".

وأضاف بوليانسكي أن الحرب ستستمر و"سيتم نهب المزيد من الأموال، وستتم سرقة المزيد من الأسلحة".

وقال بوليانسكي إن هزيمة أوكرانيا "أمر لا مفر منه".

ومن ناحية أخرى، قال رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إنه سيتم إنفاق نحو 50 مليار دولار من حزمة المساعدات على الدفاع عن أوكرانيا، ما يعني توفير المزيد من الأسلحة لأوكرانيا، بما في ذلك المزيد من الدفاعات الجوية والصواريخ بعيدة المدى.

وأضاف شميهال أنه سيتم تخصيص 7.8مليار دولار أخرى لدعم الميزانية الوطنية لأوكرانيا، حيث سيتم تخصيص1.57مليار دولار كمساعدات اقتصادية و400 مليون دولار لحماية الحدود وإزالة الألغام.

وقال شميهال إنه سيتم استخدام الأموال كذلك في تمويل استعادة البنية التحتية الحيوية. وكثيرا ما تعرضت منشآت الطاقة في البلاد لهجمات الصواريخ والطائرات المسيرة الروسية.

وقال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، عبر موقع "إكس"، تويتر سابقا، مشيرا إلى القرار الأمريكي، "إنه يوم سيء بالنسبة لبوتين. يوم سيء لأي شخص يجرؤ على الاعتقاد بأن أمريكا يمكن أن تتردد عندما يتعلق الأمر بالدفاع عما وعمن تمثله".

وتدافع أوكرانيا، التي تسعى جاهدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، عن نفسها ضد الغزو الروسي بدعم غربي هائل منذ أكثر من عامين.

زعماء غربيون يرحبون بحزمة المساعدات العسكرية الأمريكية

وفي السياق، رحب زعماء اوربيون اليوم بقرار مجلس النواب الأمريكي بالموافقة على تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا معتبرين هذه الخطوة تشكّل "منعطفا حاسما"، وقال رئيس وزارء التشيك، بيتر فيالا إنه يقدر بشكل كبير الخطوة، مشيرا إلى أنه بحث القضية، قبل أيام فقط في واشنطن مع رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، حسب "إذاعة براغ" التشيكية اليوم الأحد.

وقال وزير الشؤون الخارجية التشيكي، يان ليبافسكي إن قرار المشرعين الأمريكيين، جاء في الوقت المناسب.

وأضاف على وسائل التواصل الاجتماعي أن الحرب الروسية على أوكرانيا والحرية والديمقراطية، يمكن فقط وقفها من خلال العمل المشترك، مشيرا إلى أنه يتعين على أوروبا أيضا أن تفعل ذلك.

ولا تزال الموافقة اللازمة من مجلس الشيوخ معلقة ولكنها تعتبر مؤكدة.

وتم تمرير مشروع القانون في مجلس النواب، الذي يتمتع فيه الجمهوريون بأغلبية ضئيلة، بأغلبية 311 مقابل.112

من جهته، صرح وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني اليوم الأحد أن حزمة المساعدات التي أقرّها مجلس النواب الأميركي لصالح أوكرانيا جاءت لتؤكد على الدعم الغربي لكييف في مثل هذا الوقت الحساس.

وكتب تاياني على "إكس" أن "ستين مليارا من المساعدات الجديدة من الكونجرس الأميركي إلى أوكرانيا يشكّل منعطفا ايجابيا. وبعد اجتماع مجموعة الدول السبع في كابري برئاسة إيطالية، بات اتّحاد الشركاء خلف كييف أقوى".

وترأس وزير الخارجية الإيطالي اجتماعا مع نظرائه في مجموعة الدول السبع (الولايات المتحدة واليابان وكندا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا) استمرّ حتى الجمعة في كابري بالقرب من نابولي (الجنوب) خصّص لأبرز الأزمات في العالم.

وتعهد وزراء الخارجية في ختام الاجتماع "بتعزيز سبل الدفاع الجوي" لكييف.

بدوره، سارع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الترحيب بالخطوة التي قال إنها "ستنقذ آلاف الأرواح"، فيما اعتبر الكرملين أن المساعدات "ستقتل مزيدا من الأوكرانيين بسبب نظام كييف".

ورحّب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بقرار مجلس النواب الأمريكي، معتبرا أنه "يوجه إشارة واضحة إلى الكرملين".

كذلك، رحّبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بالقرار ووصفته بأنه "يوم يبعث على التفاؤل بالنسبة إلى أمن أوكرانيا وأوروبا".

الاكرانيون يشعرون بالارتياح للمساعدات الامريكية

من جهة ثانية، يشعر أوكرانيون في كييف بالارتياح بعد تصويت مجلس النواب الأمريكي على تقديم مساعدات عسكرية جديدة لبلدهم بينما يواجه الجيش الأوكراني صعوبة في التصدي للقوات الروسية.

وفي شوارع وسط العاصمة الأوكرانية وعلى الرغم من طقس سيء في بداية الربيع، ساهمت الأخبار على ما يبدو في رفع معنويات العديد من السكان.

وقالت الممرضة الخمسينية أوكسانا بارتياح لوكالة فرانس برس التي التقتها في وسط المدينة "وأخيرا حصل الأمر". مؤكدة أن "ذلك سيساعد كثيرًا".

وحزمة المساعدات هذه التي تبلغ قيمتها نحو 61 مليار دولار "حيوية" للجيش الأوكراني، باعتراف الرئيس فولوديمير زيلينسكي بينما تواجه أوكرانيا على الأرض نقصا في الذخيرة وتحاول مواجهة الهجمات الروسية المتعددة باي طريقة في أماكن مختلفة على الجبهة.

واضافت أوكسانا "سيكون لدينا ما ندافع به عن أنفسنا". وأضافت "كنا ننتظر (المساعدة) بفارغ الصبر، فهذا سينقذ أرواحا".

وبعد التصويت في مجلس النواب الأميركي، قال فولوديمير زيلينسكي إن هذه المساعدة العسكرية والمالية التي تطالب بها كييف بإلحاح منذ أشهر، ستنقذ "آلاف وآلاف الأرواح"، من المدنيين والعسكريين.

وقال دميترو (19 عاما) وهو مصفف شعر إنه يشعر بالارتياح لأن الجمهوريين والديموقراطيين الأميركيين توصلوا إلى اتفاق لمواصلة دعمهم العسكري لبلاده، بعد أكثر من عامين على حرب شاقة.

وأوضح لفرانس برس "لم يفت الأوان بعد"، مؤكدا أنه "في الحالتين، نحن بحاجة إلى مساعدة". وأضاف أنه مع المعدات العسكرية التي وعدت بها الولايات المتحدة "أعتقد أننا لن نتنازل عن مزيد من الأراضي، وبالتأكيد لن نتراجع".

وعبر عن الأمل في "مزيد من الأمن" في البلاد في الأشهر المقبلة، في وقت تقصف روسيا بلا هوادة العديد من المدن الأوكرانية والبنية التحتية للطاقة، حتى بعيداً من الجبهة.

في مواجهة استراتيجية موسكو هذه، واصلت كييف طلب الذخائر والأنظمة المضادة للطائرات من شركائها في الأسابيع الأخيرة لمواجهة هذه الضربات، لكن الانقسامات السياسية في واشنطن، في أوج عام الانتخابات الرئاسية، أبطأت جهود اتخاذ قرار في هذا الصدد.

على الجانب الأوروبي، تمنع القدرات الإنتاجية المحدودة في هذه المرحلة من تسليم القذائف الموعودة خصوصا.

إلا أن المعهد الأميركي لدراسات الحرب حذر من انه رغم الترحيب بأنباء التصويت الأمريكي من قبل جميع القادة الأوكرانيين الرئيسيين والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، يجب عدم توقع تغيير فوري في ميزان القوى في القتال.

وكتب المعهد في تقريره الأخير أن "الخدمات اللوجستية لنقل المعدات الأمريكية إلى خط المواجهة في أوكرانيا ستعني على الأرجح أن المساعدات الأمريكية الجديدة لن تبدأ بالتأثير في الوضع على خط المواجهة قبل أسابيع".

وتابع أن الوضع "سيستمر في التدهور خلال هذا الوقت على الأرجح لا سيما إذا كثفت القوات الروسية هجماتها للاستفادة من المهلة المحدودة قبل وصول المساعدات الأمريكية الجديدة"، متوقعا شهرا ونصف شهر من المعارك لمصلحة الروس.

في الانتظار، يريد سكان كييف التصديق أن المعدات والذخائر التي وعد بها الحليف الأمريكي ستتيح صد الجار الروسي الذي لا يزال يسيطر على نحو عشرين بالمائة من الأراضي الأوكرانية.

وقال ستيبان (61 عاما) الموظف في شركة السكك الحديد الحكومية إن "الذخائر ضرورية فعلا".

وأمل أن تصل "فورا" لأن "الرجال يعانون على الجبهة".

لندن: روسيا تعتزم السيطرة على "تشاسيف يار"

في هذه الاثناء، أفاد تقييم استخباراتي صادر عن وزارة الدفاع البريطانية بشأن تطورات الحرب في أوكرانيا، اليوم الأحد، بأن القائد العام الأوكراني الجنرال أولكسندر سيرسكي، صرح يوم الاحد الماضي بأن القوات الروسية تعتزم السيطرة على مدينة "تشاسيف يار" في شرق أوكرانيا بحلول التاسع من مايو المقبل، وهو تاريخ احتفالات "يوم النصر" الروسي.

وأشار التقييم الاستخباراتي اليومي المنشور على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، إلى أن القائد سيرسكي صرح بأن السيطرة على "تشاسيف يار" هي خطوة أولية نحو مدينة كراماتورسك الأكبر.

وكان قائد مجموعة "خورتيتسيا" العملياتية الاستراتيجية الأوكرانية، لاحظ يوم الخميس الماضي أن القوات الجوية الروسية تسقط يوميا كميات من الذخيرة تتراوح بين 20 و30، بحسب ما ورد في التقييم.

وأضاف التقييم أنه من المحتمل أن يتم إسقاط تلك الذخيرة بواسطة طائرات روسية من طراز "سو25-" تعمل بالقرب من خط الاتصال، كما تعمل طائرات من طراز "سو34-" على مسافة فاصلة باستخدام قنابل انزلاقية.

ويعد هذا قصف جوي منسق، وهو تكتيك متكرر من تنفيذ الحملة في أفدييفكا، بحسب التقييم.

زيادة الهجمات التي تشنها روسيا باستخدام الصواريخ والطائرات

الى ذلك، يتوقع خبراء عسكريون غربيون زيادة الهجمات التي تشنها روسيا باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة في أوكرانيا خلال الأسابيع المقبلة قبل وصول المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة التي وافق عليها مجلس النواب الأمريكي فعليا.

وكشف تحليل أجراه "معهد دراسات الحرب" الأمريكي في واشنطن أنه "من المرجح أن تزيد القوات الروسية من عدد العمليات الهجومية المستمرة والهجمات باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة في الأسابيع المقبلة من أجل استغلال القيود المفروضة على العتاد الأوكراني".

ومع ذلك، ذكر خبراء المعهد أن الروس لم يحققوا حتى الآن سوى نجاحات تكتيكية معزولة في العمليات الهجومية ولم يحققوا أي اختراق على الخط الأمامي.

وقال "معهد دراسات الحرب" إنه من المتوقع أن تستغل روسيا ضعف الدفاعات الجوية الأوكرانية بشكل خاص وتكثف هجماتها باستخدام القنابل الانزلاقية.

وأضاف المعهد أنه لا يزال هناك خطر من حدوث تقدم روسي عملياتي كبير في منطقة الحرب خلال الأسابيع المقبلة، مضيفا أنه بمجرد تحسين الدفاعات الجوية الأوكرانية، فإن الخطر على الروس سيزداد.

ولا تتوقع أوكرانيا أن تحصل من الغرب على أنظمة دفاع جوي وصواريخ مماثلة فحسب، بل تتوقع كذلك الحصول على طائرات مقاتلة أمريكية من طراز "إف16-".

وتهدف القيادة الأوكرانية إلى استعادة السيادة على مجالها الجوي. وتدافع البلاد، التي تسعى جاهدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، عن نفسها ضد التدخل الروسي بدعم غربي هائل منذ أكثر من عامين.

وعلى الارض، أعلنت قوات الدفاع الجنوبية الأوكرانية، في بيان، أن روسيا أطلقت، بعد ظهر اليوم الأحد، صواريخ باليستية على منطقة أوديسا في أوكرانيا، مما أدى إلى إصابة رجل مدني.

وجاء في البيان الذي أوردته وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية "يوكرينفورم"، أن " الجيش الروسي استهدف مجددا منشأة لوجستية تشكل جزءا من البنية التحتية للموانئ البحرية في أوكرانيا".

وقال البيان إن عددا من المنازل تضرر جراء موجة الانفجار وشظايا الصواريخ، كما انهار سقف أحد المنازل.

وبحسب التقارير الأولية، أصيب رجل مدني بجروح في الهجوم.

وذكرت وكالة "يوكرينفورم"، في وقت سابق، أنه "في 20 أبريل الجاري، استهدفت الصواريخ الروسية أحد الأحياء السكنية في أوديسا، مما أدى إلى إصابة ثمانية أشخاص بجروح، من بينهم طفلان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مجلس النواب الأمریکی حزمة المساعدات ملیار دولار الیوم الأحد فی أوکرانیا المزید من

إقرأ أيضاً:

روسيا تعرض السلام علي الغرب مرة أخري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

جيورجي بوريسينكو سفير روسيا في القاهرة

إن الأزمة الأوكرانية مستمرة منذ 11 عاما. لم تبدأ في 24 فبراير 2022، بل قبل 10 سنوات. ثم - في فبراير 2014 - حصل انقلاب في كييف، ونتيجة لذلك توصلت القوات القومية الموالية للنازية إلى السلطة. علاوة على ذلك، كانت تحظى بالمساعدة الفعالة من الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة التي رعتها حرفيا.
من قبل خطط الغرب لفصل أوكرانيا عن روسيا بالكامل. والواقع انها أصبحت مستقلة بالفعل منذ عام 1991 لم يكن كافي بالنسبة له. لقد تطلع الى تدمير القرابة العرقية والروحية بين الروس والأوكرانيين تمامًا، وتغيير وعي الأوكرانيين من أجل جعل الأراضي الأوكرانية قاعدة عسكرية لحلف شمال الأطلسي ضد روسيا الاتحادية.
كانت أوكرانيا جزءًا لا يتجزأ من روسيا في معظم تاريخها، لكنها وقعت تحت الحكم البولندي لعدة قرون. وتعد كييف أحد المركزين الرئيسيين في سياق ظهور الدولة الروسية الموحدة في القرن التاسع وكانت عاصمتها العريقة منذ ما يقرب من 400 عام. حتى كلمة "أوكرانيا" بنفسها فلم تكن أصليا اسمًا جغرافيًا محددًا، ولكن كانت تعني الحدود والأراضي النائية على حدودنا الغربية من بحر البلطيق إلى البحر الأسود. من القرنين السابع عشر والثامن عشر، تسلمت منطقة شاسعة محددة في المجرى الوسطى من نهر دنيبر هذا الاسم بصفتها إحدى المناطق الروسية حصرا مثل منطقة الفولغا أو جبال الأورال أو سيبيريا.
مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، بدأ موضوع "الأمة الأوكرانية المستقلة" في الترويج بنشاط من قبل ألمانيا والنمسا، اللتين حاربتا روسيا وحاولتا تنظيم الفوضة الداخلية في بلدنا. وعندما حدث ذلك في عام 1917، تبع الشيوعيون الروس نفس الخط، ولأسباب سياسية أنشأوا في إطار الاتحاد السوفياتي جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية. علاوة على ذلك، فقد أدرجوا في هذا الكيان من طرفه الشرقي منطقة دونباس الصناعية الروسية من أجل زيادة عدد الطبقة العاملة، والأراضي في الجنوب على طول البحر الأسود وبحر آزوف التي استولت عليها الإمبراطورية الروسية في تركيا في القرن الثامن عشر واستوطنها الفلاحون الروس. وفي عام 1939 تم دمج مناطق في غرب اوكرانيا كانت في السابق جزءًا من روسيا القديمة وبعد ذلك انضمت الى بولندا وفي عام 1954 تمت إضافة شبه جزيرة القرم الروسية. خلال وجود الاتحاد السوفيتي الموحد لم يلعب هذا دورًا كبيرًا، ولكن بعد انهياره تحولت أوكرانيا بهذا التكوين، بشكل غير متوقع بالنسبة للأغلبية الساحقة من سكانها، إلى الدولة ذات سيادة التي لم يسبق لها مثيل.
اعترفت روسيا الاتحادية، على الرغم من خسارة أراضيها، بدولة أوكرانيا في عام 1991 وبذلت قصارى جهدها لبناء علاقات حسن الجوار. علاوة على ذلك، دعمت اقتصادها من خلال بيع النفط والغاز بأسعار منخفضة ومنح قروض ميسرة كبيرة، ولم تسددها أوكرانيا عندما وقعت في فبراير/شباط 2014 بالكامل تحت تأثير الغرب وفقدت سيادتها فعليًا.
بدأت أوكرانيا تفقد أراضيها فقط بسبب خطأ القيادة القومية التي كانت تتصرف بناءً على أوامر غربية. وكانت شبه جزيرة القرم تظل جزءًا منها لو لم يقم النازيون الجدد بتنظيم انقلاب مسلح، واستولوا على كييف، وأعلنوا عزمهم على حظر اللغة الروسية وإخضاع الروس للاضطهاد، بل وحتى العنف الجسدي. في تلك الأيام، أقنعت روسيا الرئيس الأوكراني آنذاك بالموافقة على إجراء انتخابات مبكرة، وأقنعت الولايات المتحدة بعدم التحريض على الانقلاب لكن واشنطن راهنت تحديدا على الاستيلاء على السلطة بالقوة.
وكان من الممكن أن تضل منطقة دونباس أوكرانية أيضًا لو لم يبدأ نظام كييف الجديد في إعادة كتابة التاريخ، وتمجيد اعوان هتلر الدمويين، ولو لا عدم الوفاء باتفاقيات مينسك التي أبرمتها السلطات الأوكرانية بنفسها مع دونيتسك ولوغانسك في 2014-2015 بمشاركة روسيا وألمانيا وفرنسا. في الآونة الأخيرة، اعترف الزعماء الأوكرانيون والألمان والفرنسيون في ذلك الوقت علنا أنهم لم يكن يعتزمون الوفاء بالاتفاقيات المتعلقة بمنح للمناطق التي قاومت القوميين الأوكرانيين بحزم أي نوع من الحكم الذاتي، لكنهم أرادوا فقط كسب الوقت وتجميع الإمكانات العسكرية وحل المشكلة لصالح كييف بتشغيل القوة الغاشمة التي كانت تستخدمها بالفعل بشكل مفرط. 
وفي الوقت نفسه، كانت روسيا تقنع دونباس بالبقاء جزءا من أوكرانيا لمدة سبع سنوات. في فبراير 2022 فقط عندما شنت القوات الأوكرانية قصفا مدفعيا ضخما لعدة أيام على دونيتسك ولوغانسك في إطار الاستعداد لهجوم جديد ومذبحة للسكان المحليين اعترفت روسيا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين وبدأت ان تساعدهما. 
علاوة على ذلك، قبل شهرين من بداية هذه الاحداث – في ديسمبر 2021 حاولنا مرة أخرى تشجيع الغرب على مراعاة مصالح أمننا وعدم جر أوكرانيا إلى كتلة الناتو المناهضة لروسيا. لقد رفضت واشنطن وبروكسل عن قبول الاقتراحات بوقاحة، لأنهما كانتا عازمتين بالفعل على تاسيس قواعد عسكرية في شرق أوكرانيا، بما في ذلك التي تمتلك بالصواريخ  تستطيع ان تصل إلى موسكو وغيرها من المدن الروسية الكبرى.
وحتى بعد اطلاق العملية العسكرية الروسية الخاصة اقترحنا اجراء المفاوضات. وفي مارس 2022 تم الاتفاق بشكل كامل على نص اتفاقية مع وفد كييف قادرة على وقف إراقة الدماء على الفور والحفاظ على منطقتي زابوروجيا وخيرسون، التي سيطرت عليهما القوات الروسية، كجزء من أوكرانيا. وكان من المطلوب من السلطات الأوكرانية ان تتخلي عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ونزع السلاح وتدمير النازية في البلد. ولكنه سارع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على الفور إلى كييف وطلب بالتنسيق مع الولايات المتحدة من فلاديمير زيلينسكي بمواصلة الحرب وامتثل رئيس نظام كييف امره ونتيجة لذلك، قتل بالفعل مئات الآلاف من جنوده.
وكما النتيجة لذلك صوت سكان جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين وزابوروجيا وخيرسون في الاستفتاء الحر والمستقل الذي تم اجرائه في سبتمبر 2022 بأغلبية ساحقة للاصوات لصالح الانضمام إلى روسيا الاتحادية. وهي الآن مناطق روسية، مثل شبه جزيرة القرم، وهذا القرار لا يخضع للمراجعة.
ولكن، انطلاقا من الرغبة في الحفاظ على حياة الأوكرانيين، الذين ينتمون إلى العرق الروسي وببساطة يتحدثون لهجة مختلفة من نفس اللغة التي نتكلم بها، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 14 يونيو 2024 مبادرة السلام الجديدة. وفي الواقع، هذا هو الاقتراح الخامس للطرف الروسي منذ عام 2014 الذي يهدف إلى ضمان استمرار أوكرانيا في الوجود كدولة مستقلة وهو موجه إلى سلطاتها والغرب.
وستتوقف عمليات القتال بمجرد موافقة نظام كييف على سحب قواته من كافة الأراضي الروسية والبدء فعليا بهذا الانسحاب والاعتراف بملكية روسيا للمناطق الخمس المذكورة أعلاه وتأكيد موافقته على عدم الانضمام الاوكراني إلى أي تكتلات عسكرية والتدمير بقات الأسلحة الثقيلة ووقف انتشار الأيديولوجية النازية التي أصبحت جزءا من المناهج الدراسية. ولا بد من مناقشة الظلال الدقيقة في تنفيذ هذه الشروط في المفاوضات اللاحقة. وفي موازاة ذلك، يجب على الغرب أن يرفع العقوبات المفروضة علينا.
وان هذه المبادرة هي سبيل وحيد لحل الصراع. إن الاقتراح الروسي يتماشى مع سياستنا الطويلة الأمد المتمثلة في حسن الجوار مع أوكرانيا والتعايش السلمي مع الغرب، ولكنه يستند بطبيعة الحال إلى حقائق اليوم. وقد تتغير هذه الشروط في المستقبل حسب الحقائق على الارض، كما تغيروا بالفعل خلال السنوات العشر الماضية.
إن روسيا جادة في نية الى إنهاء المواجهة العسكرية التي أثارها الغرب والتي تخلف تأثيرا سلبيا ليس فقط على المشاركين المباشرين فيها، بل وأيضا على المجتمع الدولي بأسره. ولكننا لا نرجو السلام بل نقترحه. إذا لم يغادر المحتلون الأوكرانيون أرضنا واستمرت الولايات المتحدة وأتباعها في تزويد كييف بأسلحة فتاكة جديدة وتهديدنا بحرب نووية، فإن القوات المسلحة الروسية ستفي بواجبها في الدفاع عن الوطن.
وننطلق من أن تعبر دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، التي تمثل الأغلبية العالمية، عن موقفها أيضا وستطالب من الغرب، الذي لا تقتل سياساته العدوانية اليوم الروس فحسب، وبل أيضا الفلسطينيين في قطاع غزة، بالتوقف عن تقويض الاستقرار العالمي. ولا تزال مبادرة السلام الروسية مطروحة على الطاولة.

مقالات مشابهة

  • ضربات متبادلة تودي بحياة 12 شخصا في أوكرانيا وروسيا
  • كينيدي جونيور: العقوبات الأمريكية عززت الاقتصاد الروسي
  • بيسكاريوف: التقرير الأمريكي بشأن الحريات الدينية استفزازي ومليء بالمغالطات
  • مستثمر أمريكي يرجح رفع العقوبات الأمريكية عن روسيا
  • أمواج غزة تفكك رصيف بايدن البحري للمرة الثالثة
  • موسكو تهدد الغرب بـمواجهة مباشرة بسبب المسيرات الأمريكية في البحر الأسود
  • ترامب: «الكل كان يحترم أمريكا حتى جاء بايدن»
  • المناظرة الرئاسية الأمريكية|ترامب: حرب أوكرانيا لم تكن لتحدث لو كان لدى الولايات المتحدة "قائد"
  • روسيا تعرض السلام علي الغرب مرة أخري
  • رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأمريكي يطالب بإغلاق رصيف المساعدات بغزة