جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-22@04:46:41 GMT

احترام حقوق الفلسطينيين هو السلام

تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT

احترام حقوق الفلسطينيين هو السلام

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

 

من المدهش والمزعج- في آنٍ واحد- أن تضج عقولنا بالكلام عن السلام مع اليهود، ونتناسى تاريخهم، وسيرورة أزمنتهم وصيرورة أمكنتهم، وتوجد أقفال على أبواب تفكيرنا عن جديد واقعهم وأحداثه، وتراكمات أدران قلوبهم، يمر بنا زمنهم المعاصر، لا يوجد من يُعيد أعناقنا إلى وضعها الطبيعي بعد أن لويت لقرون خلت.

تمر السنون، نعيش أحداثها الاستثنائية التي جاد بها زمننا، فترات منها ضَمِنت لنا مكانة بين الأمم، تعددت أنواعها، منها في يومنا هذا أحداث غزة العزة، التي سطر أبطالها فيها إبداعات قتالية ضد الصهاينة المحتلين، لم يسبقهم أحد إليها، ومن غاص في ملحمة غزة وجد فيها نفسه.

عمل المقاومة في غزة استثنائي ومختلف، زالت به عن العالم أقنعته، وأزاحت عنه أصباغه، أسقطت فيه جدران الوهم بين الزمان والمكان، فإذا بالماضي يصير بصيغة الحاضر، والحاضر يتلبس صيغة المستقبل، بدت لحظات الصمود فيه خيرا مطلقا للأمة العربية والإسلامية، تكشفت تحته طبقات سادية بني صهيون في معاناة الشعب الفلسطيني، ورغبتهم الأبدية في الإحساس بالقوة والتعالي.

وقفت سفينة الحياة في أرض فلسطين عندما تقاعست الأمة العربية والإسلامية عن القضية، وتركت الأرض في قبضة كيان اصطنعه المستعمر في زمن الاستسلام والخنوع، ثم جاء طوفان الأقصى عملا بطوليا شامخاً في البحث عن حرية الأرض والإنسان، في زمن تحكمه ازدواجية المعايير تخدم الصهاينة أعداء الإنسانية، في رحلة، لا يبحث فيها أصحاب الحق إلا عن أسمى الرسائل البشرية، رحلة تعمق فيها البحث عن العدل، عبر مراحل الزمان والمكان، رحلة حضارة مازالت تحتل الكينونة الإنسانية بكل توجهاتها، نضال يفرق بوضوح بين الحقيقة والوهم، وزمان يطرح أسئلة في الوجود البشري كله.

لقد حركت المقاومة الفلسطينية زرًا في الجهاز الأممي، وانطلقت في الكفاح عن قضية أتى تاريخها من زمن سحيق، رأى الزمان من خلالها حقول التين وأشجار الزيتون وعسل جبل الطور، شيء من تلك الأنسام أصاب قلوبنا برعشات من الإكسير تغزو العروق، حين دعت المقاومة أمتها التي لم تكن تقوى على الانتصاب، لكن استسلم الشعور بين سواعد أبطال المقاومة لاستعادة القوة، هكذا تابعت شعوب الأمة، توزعت طاقتها الإيجابية في كل أنحاء أرض فلسطين، حتى وجدتُها تسبق بتأييدها حقوق ضيعت مع الزمن؛ فسألت الأرض:

"ألا تحبين الحرية؟"، فأجابتها: "ومن ذا الذي لا يُحب الحرية؟".

ثم استدارت معها شعوب العالم الحرة خلف أصحاب الحق مثل أحجار القدس، وعادت لتضمهم كقبة الصخرة تقف عليها تلك الأعمدة قبل الآلاف من السنين، رحلت بهم إلى ما قبل الميلاد لتحكي لها حكاية الحق التي لم يقلها الصهاينة، كصاعقة زاغت العقول عند بابها! عبر الأزمان تطير! تعود بالزمن عشرات القرون لكي تستجدي تلك الحضارة الإنسانية القديمة، من أجل أن تستقيم الحياة على أرض فلسطين، التي دنستها حضارة الحرب والظلم ولذة القتل.

إنِّه العُوار العظيم في حياة الصهاينة، كلها رذيلة، وكلها افتراس، وكلها قتل وتنكيل بأصحاب الحق!، جعلهم ينادون بالعودة إلى العقيدة لنسألها فيما لو كان اليهود يوما أصحاب عهد أو ذمة، لأنهم الناكثون الماكرون، قتلة أنبياء الله ورسله!، لنعود إلى تاريخهم وسيرورة أزمنتهم الغابرة، وصيرورة أمكنتهم، لكي يقولوا لنا إن كانوا أصحاب عهد أو ذمة!، رغم أننا نعرف  أننا مهما طالبناهم بحقوقنا، نحن مرفوضون!، هذا هو قانونهم، وكل قانون غير هذا عندهم، هو معاداة لساديتهم!، إذن، حتى الآن، يبقى كل ماعدا العمل المقاوم لاسترداد الحق، هو سراب!، ونحن نعلم أن السراب في قانون الظلم يبقينا في انتظار ذاك السراب الذي نراه، ونحن في صحراء العطش منذ أن سلبت أرض فلسطين.

تمسكي يا أمتي في حبل مشيمة رحم الإسلام، إنه ذاك الحبل الذي يعيدنا إلى جذر الجذور، عندما يكون كل شيء في عالمنا مسموحًا، القوي هو من يكتب فيه ما يشاء! حتى إذا ما أسودت صفحات الحق بقانون الظالم، جاء الضعيف لكي يرى نفسه فيها ضحية! يرى في لحظة ظنَّ فيها أن الآمال قريبة، تجسدت في كلام عن سلام منشود، وإذا بمفاوضاته تحطم صخور القدس والأقصى، ونابلس، وجنين، ورام الله، وتقتلع غزة بمن فيها، وبقي الفلسطيني، مثل شعوب الأمة، يحلم بين ضياع الأرض وأنشودة السلام مع من لا يحترم حقوق الآخر ولا يعترف بوجوده، ناظرًا؛ بل ولا يعترف بإنسانيته.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

توكل كرمان تسلم الأفغانية نيلا إبراهيمي جائزة السلام الدولية للأطفال 2024

سلمت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، جائزة السلام الدولية للأطفال للعام 2024 للأفغانية "نيلا إبراهيمي"، في حفل رسمي أقيم بالعاصمة الهولندية امستردام.

وتمنح جائزة السلام الدولية للأطفال التي تأسست في عام 2005 من قبل منظمة "KidsRights" لواحد من أكثر الأطفال (أقل من 18 عامًا) إلهاما في العالم، وتبلغ قيمتها 100 ألف يورو مع تقدير واعتراف.

وتنافس ثلاثة شباب على الجائزة، هم: "آدي دايف (18 عاما) من الهند"، و"سارة شيلك (16 عاما) من الولايات المتحدة"، و"نيلا إبراهيمي وهي فتاة أفغانية تبلغ من العمر 17 عاما، وتقيم في كندا".

ويعكس تسليم توكل كرمان جائزة السلام الدولية للأطفال، التزامها الأكبر بتمكين الشباب، لا سيما في مناطق النزاع، واهتمامها المستمر بحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الأطفال.

وألقت توكل كرمان التي كانت أحد أعضاء لجنة التحكيم لـ جائزة السلام الدولية للأطفال في العام 2017، كلمة خلال الحفل تطرقت فيها إلى ضرورة حماية الأطفال والعمل من أجل حصولهم على حقوقهم في مناطق الحروب، وتخفيف اثارها عليهم.توكل كرمان تسلم الأفغانية "نيلا إبراهيمي" جائزة السلام الدولية للأطفال 2024.

وقالت كرمان: لقد كانت نيلا مدافعة شجاعة عن حقوق الفتيات والنساء اللاتي يواجهن التمييز"، مشيرة إلى أنها تحدت حظر غناء الفتيات في المدارس من خلال إطلاق حركة الغناء في أفغانستان، مستخدمة في ذلك أغنيتها الاحتجاجية القوية وصوتها الجميل بوجه الحكومة والدفع بنجاح نحو إلغاء الحظر العنصري في غضون ثلاثة أسابيع. وإن لجنة الخبراء لتثمن شجاعة نيلا ووقوفها شامخة بوجه كل الصعاب، حتى بعد وصول طالبان إلى السلطة.

وتابعت كرمان: ورغم اضطرارها إلى الفرار من أفغانستان، لم تستسلم نيلا أو تفقد الأمل، بل أصبحت بفضل جهودها ومبادراتها المناصرة لقضيتها صوت وأمل كافة الفتيات والنساء الأفغانيات اللاتي تنتهك حقوقهن في التعليم والمشاركة.

وأضافت كرمان: إن نضال نيلا ليكتسب أهمية خاصة اليوم في ظل استحداث قوانين عنصرية في أفغانستان تحظر على الفتيات والنساء التحدث أو الغناء أو الظهور في الأماكن العامة. ولأجل مبادراتها الرائعة ودفاعها الشجاع عن حقوق ملايين الفتيات، فإنني، ونيابة عن لجنة الخبراء، أتقدم بالتهاني لـ نيلا إبراهيمي، على الفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال لعام 2024.

وأشارت كرمان إلى أن كل أشكال انتهاكات حقوق الإنسان تحدث في أفغانستان، والى جانبهم كذلك، هناك متطرفو إيران ـ وهم الملالي على وجه التحديد ـ الذين يحرمون النساء والشعب الإيراني من حقوقهم.

وقالت كرمان: وإنني كمسلمة أود أن أؤكد بأن هؤلاء المتطرفين لا يمثلون المسلمين ولا تعاليم الإسلام، بل على العكس من ذلك، فهم ينالون من القيم الأساسية للإسلام الذي هو دين السلام والمحبة والتعايش والاعتدال.

وعبرت كرمان عن أسفها بأن لكل دين نصيبه من المتطرفين على غرار طالبان أفغانستان وملالي إيران، معتبرة أن هذا ينطبق على كل دين وكل بلد، مستدركة بالقول: ولكن هؤلاء المتطرفين لا يمثلون أهل دينهم العظماء، فحركة طالبان لا تمثل المسلمين مثلما أن النظام الإيراني وملاليه لا يمثلون الشعب الإيراني.

وقالت كرمان: وبينما تكافح نيلا وزميلاتها التطرف من أجل تعليم الفتيات، علينا أن ندرك أن الكثير من الفتيات والنساء والأطفال في جميع أنحاء العالم يعانون من أشكال أخرى من القمع، بما في ذلك الحرب والاحتلال.

وأكدت كرمان أن هذه القضايا الثلاث ــ الحرب والقمع والاحتلال ــ لتنال من حياة النساء والفتيات في المقام الأول ثم من حقوقهن في التعليم والصحة. وللحروب والاحتلالات تأثير عميق على الناس، وغالباً ما يكون الضحايا من النساء والفتيات.

وأفادت كرمان أن الحروب تدور رحاها في غزة وفلسطين وأوكرانيا والسودان ولبنان واليمن والكونغو ــ إنها تدور في كل مكان. إن في الحرب والصراع والظلم والاحتلال والتطرف والإرهاب اعتداء في المقام الأول على حقوق الإنسان وعلى الحق في التعليم

 

مقالات مشابهة

  • مذاهب الفقهاء في تعدد المساجد التي تصحّ فيها الجمعة بالبلدة الواحدة
  • بوتين:لنا الحق بضرب الدول التي تستخدم كييف أسلحتها لمهاجمتنا
  • قيصر الحدود يرحب باستخدام الأرض التي منحتها تكساس لتنفيذ خطط الترحيل
  • توكل كرمان تسلم الأفغانية نيلا إبراهيمي جائزة السلام الدولية للأطفال 2024
  • أنواع المشقة التي أباح الإسلام الرخصة فيها أثناء الصلاة
  • محمود الهواري: التدين الحق هو الإصلاح وعمارة الأرض وليس الصلاة في المسجد فقط
  • «الثقافة الفلسطينية» تُحيي شجاعة أطفال فلسطين: يصنعون من الحجارة أغنيات
  • مراسل سانا: أصوات الانفجارات التي سمعت في مدينة تدمر ناجمة عن عدوان إسرائيلي استهدف أبنية سكنية والمدينة الصناعية فيها
  • ندوة توعوية لـ”خريجي الأزهر” بالصومال لشرح حقوق الطفل في الإسلام
  • العاهل الأردني مفتتحا مجلس الأمة: السلام العادل والمشرف هو السبيل لرفع الظلم التاريخي عن الفلسطينيين