جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-31@09:56:52 GMT

احترام حقوق الفلسطينيين هو السلام

تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT

احترام حقوق الفلسطينيين هو السلام

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

 

من المدهش والمزعج- في آنٍ واحد- أن تضج عقولنا بالكلام عن السلام مع اليهود، ونتناسى تاريخهم، وسيرورة أزمنتهم وصيرورة أمكنتهم، وتوجد أقفال على أبواب تفكيرنا عن جديد واقعهم وأحداثه، وتراكمات أدران قلوبهم، يمر بنا زمنهم المعاصر، لا يوجد من يُعيد أعناقنا إلى وضعها الطبيعي بعد أن لويت لقرون خلت.

تمر السنون، نعيش أحداثها الاستثنائية التي جاد بها زمننا، فترات منها ضَمِنت لنا مكانة بين الأمم، تعددت أنواعها، منها في يومنا هذا أحداث غزة العزة، التي سطر أبطالها فيها إبداعات قتالية ضد الصهاينة المحتلين، لم يسبقهم أحد إليها، ومن غاص في ملحمة غزة وجد فيها نفسه.

عمل المقاومة في غزة استثنائي ومختلف، زالت به عن العالم أقنعته، وأزاحت عنه أصباغه، أسقطت فيه جدران الوهم بين الزمان والمكان، فإذا بالماضي يصير بصيغة الحاضر، والحاضر يتلبس صيغة المستقبل، بدت لحظات الصمود فيه خيرا مطلقا للأمة العربية والإسلامية، تكشفت تحته طبقات سادية بني صهيون في معاناة الشعب الفلسطيني، ورغبتهم الأبدية في الإحساس بالقوة والتعالي.

وقفت سفينة الحياة في أرض فلسطين عندما تقاعست الأمة العربية والإسلامية عن القضية، وتركت الأرض في قبضة كيان اصطنعه المستعمر في زمن الاستسلام والخنوع، ثم جاء طوفان الأقصى عملا بطوليا شامخاً في البحث عن حرية الأرض والإنسان، في زمن تحكمه ازدواجية المعايير تخدم الصهاينة أعداء الإنسانية، في رحلة، لا يبحث فيها أصحاب الحق إلا عن أسمى الرسائل البشرية، رحلة تعمق فيها البحث عن العدل، عبر مراحل الزمان والمكان، رحلة حضارة مازالت تحتل الكينونة الإنسانية بكل توجهاتها، نضال يفرق بوضوح بين الحقيقة والوهم، وزمان يطرح أسئلة في الوجود البشري كله.

لقد حركت المقاومة الفلسطينية زرًا في الجهاز الأممي، وانطلقت في الكفاح عن قضية أتى تاريخها من زمن سحيق، رأى الزمان من خلالها حقول التين وأشجار الزيتون وعسل جبل الطور، شيء من تلك الأنسام أصاب قلوبنا برعشات من الإكسير تغزو العروق، حين دعت المقاومة أمتها التي لم تكن تقوى على الانتصاب، لكن استسلم الشعور بين سواعد أبطال المقاومة لاستعادة القوة، هكذا تابعت شعوب الأمة، توزعت طاقتها الإيجابية في كل أنحاء أرض فلسطين، حتى وجدتُها تسبق بتأييدها حقوق ضيعت مع الزمن؛ فسألت الأرض:

"ألا تحبين الحرية؟"، فأجابتها: "ومن ذا الذي لا يُحب الحرية؟".

ثم استدارت معها شعوب العالم الحرة خلف أصحاب الحق مثل أحجار القدس، وعادت لتضمهم كقبة الصخرة تقف عليها تلك الأعمدة قبل الآلاف من السنين، رحلت بهم إلى ما قبل الميلاد لتحكي لها حكاية الحق التي لم يقلها الصهاينة، كصاعقة زاغت العقول عند بابها! عبر الأزمان تطير! تعود بالزمن عشرات القرون لكي تستجدي تلك الحضارة الإنسانية القديمة، من أجل أن تستقيم الحياة على أرض فلسطين، التي دنستها حضارة الحرب والظلم ولذة القتل.

إنِّه العُوار العظيم في حياة الصهاينة، كلها رذيلة، وكلها افتراس، وكلها قتل وتنكيل بأصحاب الحق!، جعلهم ينادون بالعودة إلى العقيدة لنسألها فيما لو كان اليهود يوما أصحاب عهد أو ذمة، لأنهم الناكثون الماكرون، قتلة أنبياء الله ورسله!، لنعود إلى تاريخهم وسيرورة أزمنتهم الغابرة، وصيرورة أمكنتهم، لكي يقولوا لنا إن كانوا أصحاب عهد أو ذمة!، رغم أننا نعرف  أننا مهما طالبناهم بحقوقنا، نحن مرفوضون!، هذا هو قانونهم، وكل قانون غير هذا عندهم، هو معاداة لساديتهم!، إذن، حتى الآن، يبقى كل ماعدا العمل المقاوم لاسترداد الحق، هو سراب!، ونحن نعلم أن السراب في قانون الظلم يبقينا في انتظار ذاك السراب الذي نراه، ونحن في صحراء العطش منذ أن سلبت أرض فلسطين.

تمسكي يا أمتي في حبل مشيمة رحم الإسلام، إنه ذاك الحبل الذي يعيدنا إلى جذر الجذور، عندما يكون كل شيء في عالمنا مسموحًا، القوي هو من يكتب فيه ما يشاء! حتى إذا ما أسودت صفحات الحق بقانون الظالم، جاء الضعيف لكي يرى نفسه فيها ضحية! يرى في لحظة ظنَّ فيها أن الآمال قريبة، تجسدت في كلام عن سلام منشود، وإذا بمفاوضاته تحطم صخور القدس والأقصى، ونابلس، وجنين، ورام الله، وتقتلع غزة بمن فيها، وبقي الفلسطيني، مثل شعوب الأمة، يحلم بين ضياع الأرض وأنشودة السلام مع من لا يحترم حقوق الآخر ولا يعترف بوجوده، ناظرًا؛ بل ولا يعترف بإنسانيته.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خالد عمر يوسف يكتب: قصة قصيرة “بعض الشيء”

خالد عمر يوسف في مثل هذا اليوم قبل ستة أعوام فقط، انقضت القوات المسلحة والدعم السريع وكتائب الحركة الإسلامية على ساحة الإعتصام لتفتك بالمعتصمين السلميين أمام “القيادة العامة” قتلاً وسحلاً وحرقاً واغتصاباً، وخرج البرهان ليلاً ليعلن عبر بيان “قررنا وقف التفاوض مع الحرية والتغيير والغاء كل ما اتفق عليه وسنعين حكومة تكنوقراط” وبالطبع أنا الرئيس نقطة سطر جديد. لم يستسلم الشعب وخرج في مليونيات مقاومة باسلة تحدت إرهاب العسكر وبطشهم، لينتهي الأمر باتفاق سياسي بين المجلس العسكري والقوى المدنية ممثلة في الحرية والتغيير، التي رأت أن طريق السلم والتفاوض هو الطريق الأقصر لحقن دماء الناس وتحقيق غاياتهم دون موت أو دمار، في حين رأى ثوار آخرين بأنه خيانة ومصافحة للقتلة وشراكة دم مع “القوات المسلحة والدعم السريع” الذين لا تجوز مصافحتهم، ولكل رأي هنا حجته ومنطقه على كل حال. بعد عامين فقط من هذا الاتفاق نكث العسكر عهدهم وانقلبت “القوات المسلحة والدعم السريع” على الفترة الانتقالية، عقب هتاف قادة اعتصام القصر “سابقاً”، وقادة المشتركة والقوى الوطنية “حالياً”، “الليلة ما بنرجع الا البيان يطلع”، وخرج البرهان عليهم بالبيان “قررنا شطب اسم الحرية والتغيير من الوثيقة الدستورية والغاء بعض ما اتفق عليه وسنعين حكومة تكنوقراط” وبالطبع أنا الرئيس نقطة سطر جديد. لم يستسلم الشعب وخرج في مليونيات مقاومة باسلة تحدت ارهاب العسكر وبطشهم، تفنن قادة الانقلاب في قتل الثوار وسحلهم في بحري وامام القصر وشروني وغيرها، رأت القوى المدنية ممثلة في الحرية والتغيير وقوى أخرى أن البلاد ستسير إلى حرب وخرجت ونبهت بذلك، واختارت طريق السلم والتفاوض كأقصر طريق لحقن دماء الناس وابتدرت العملية السياسية وتم توقيع الاتفاق الاطاري، في حين رأى ثوار آخرين بأنه خيانة ومصافحة للقتلة وشراكة دم مع “القوات المسلحة والدعم السريع” الذين لا تجوز مصافحتهم، وأن الحديث عن اقتراب الحرب ما هو إلا فزاعة، ولكل رأي هنا حجته ومنطقه على كل حال. اختلفت القوات المسلحة والدعم السريع وتباينت طرقهم عقب الانقلاب وتصاعد الأمر حتى انفجرت حرب ١٥ ابريل، مات مئات الآلاف، تشرد الملايين وفقدوا حياتهم، ارتكب المتقاتلون كل الموبقات في حق المدنيين العزل، قتل وتشريد واغتصاب ونهب وسلب وقصف مدفعي وجوي، احترقت العاصمة ومدن الأقاليم وأريافها، احترقت القيادة العامة والقصر الجمهوري وساحات بحري وشروني وغيرها. دخل البرهان القصر فاتحاً، وكان قبلها قد أعلن تعديلاته على الوثيقة الدستورية وخلاصتها “قررنا شطب اسم الحرية والتغيير والدعم السريع من الوثيقة الدستورية وقيادة البلاد بمجلس سيادة من القوات المسلحة والحركات وسنعين حكومة تكنوقراط” وبالطبع أنا الرئيس نقطة سطر جديد. عقب عبور بحور الدماء هذه وحريق البلاد، أخرج البعض “استيكة” لمسح وقائع الأمس القريب، وكتابة رواية جديدة للتاريخ من سفك الدماء هو “المخلص والبطل”، ومن تمسك بحقن النزيف وبالسلام هو “الخائن والعميل”. خرج أحد العسكر ليقول انفضوا عن اذهانكم أحلام المدنية والديمقراطية سنستمر في الحكم لأربعة دورات انتخابية، ولو اجتمعتم جميعاً على انتخاب شخص “عميل” سننقلب مرة أخرى!! كيف لا فهم الملوك والشعب رعية “وبلاش مدنية وكلام فارغ” .. حكم العسكر السودان لستة وخمسين عاماً منذ استقلال السودان وبفضل حكمهم “الرشيد” ها نحن نعيش الآن في “سباب ونبات” .. انقسم السودان لبلدين وقد ينقسم لأكثر من ذلك، دمار وموت وحريق وفقر وجوع وتشرد، لكن يقول البعض لا بأس لا بد من المزيد من حكم العسكر، فلا زال في بلوغ الحضيض متسع، فهيا بنا لنبلغه. هنيئاً لمن أراد الاستسلام لروايات تزييف التاريخ القريب التي تزين الباطل وتشوه الحق، أما نحن فقد اخترنا طريق السعي نحو الحرية ومواجهة الحقائق كما هي لا كما يريد البعض تزييفها، هو طريق شاق ومرهق ولكنه يحمل في آخره الانعتاق والخلاص، سار شعب السودان هذا الطريق من قبل وبلغ منتهاه في اكتوبر وأبريل وديسمبر، وبإذن الله ستكون حرب البشاعة التي تحرق بلادنا هذه آخر الأحزان والآلام، ستكون كذلك بمواجهة الحقائق كما هي لا باتباع دعايات الكذب التي تدغدغ المشاعر وتحتقر العقول. تستهدف صرخات وضجيج من يزيفون التاريخ القريب، أن تخرس أصوات الذين يفضحون أباطيلهم بقول الحق ولا شيء غير الحق، نقول لهم استعدوا لمزيد من الضجيج فلن نسكت عن قول الحق ما دام فينا قلب ينبض، وفي نهاية المطاف نؤمن بأنه لن يصح إلا الصح وأن الحق باقٍ لا محالة. الوسومخالد عمر يوسف

مقالات مشابهة

  • أهالي القليوبية يرفعون أعلام فلسطين رفضًا لتهجير الفلسطينيين
  • مسيرات بإسبانيا تضامنا مع فلسطين بذكرى يوم الأرض
  • على الباغي ستدور الدوائر.. البرهان يوجه رسالة لدقلو إن لم تضع الميليشيا السلاح
  • خالد عمر يوسف يكتب: قصة قصيرة “بعض الشيء”
  • جوهر خلافنا مع جماعة أبو شريحتين
  • الجنجويدي هو من امتنع عن توصيف الحرب وساوى بين صاحب الحق والمُعتدي
  • يوم الأرض.. روان أبو العينين تستعرض نضال الفلسطينيين عبر التاريخ | فيديو
  • مفتي الجمهورية: راتب الزوجة حق لها والنفقة واجبة عليها حتى لو كانت غنية
  • رئيس "دعم حقوق الفلسطينيين": القضاء الإسرائيلي يشرعن جرائم الاحتلال
  • رئيس دعم حقوق الفلسطينيين: القضاء الإسرائيلي يشرعن جرائم الاحتلال