بعد 285 يوما من المشي.. كواليس مثيرة في رحلة السائح الإفريقي إلى برج القاهرة
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
بالرغم من التعب والإرهاق الذي سيطر على ملامح السائح الإفريقي، فأن سعادته لا توصف باستكمال رحلته التي استمرت شهورًا طويلة، بدأها من كيب تاون بجنوب إفريقيا، وانتهت بالوصول إلى برج القاهرة، وتحطيم الأرقام القياسية سيرًا على الأقدام، في غضون 285 يومًا.
شرارة انطلاق الرحلةقبل 26 عامًا، خاض أحد الأشخاص في كيب تاون الرحلة ذاتها في الوصول إلى مصر خلال فترة تجاوزت 308 يومًا، هنا كانت الشرارة التي اشتعلت في عقل السائح كيث بويد، صاحب الـ57 عامًا، ودفعته بالإقدام على رحلته من مسقط رأسه في جنوب إفريقيا حتى برج القاهرة، أحد أشهر المعالم السياحية في مصر.
«الرحلة كانت ممتعة، لم يشوبها سوى المعوقات الأساسية من ناحية المبيت فقط»، هكذا علق السائح الإفريقي عن رحلته إلى القاهرة سيرًا على الأقدام، خلال حديثه مع «الوطن».
وخلال الرحلة رافق السائح الإفريقي المرشد السياحي محم على، والذي قال لـ«الوطن»: «إحنا كنا برفقة مستر كيث بداية من معبر أركين، حتى وصلنا إلى برج القاهرة، وهو كان مبسوطا جدًا أنه بيمشي وسط الزرع، لأننا خدنا الطريق الزراعي لحد ما وصلنا القاهرة ومصر ليها مكانة كبيرة عنده وبيحبها جدًا».
ومن أصعب اللحظات التي مرّت على السائح الإفريقي ورفاقه في رحلة الوصول إلى القاهرة سيرًا على الأقدام، عدم الحصول على مكان للمبيت، مما اضطرهم إلى اللجوء لأحد المنازل، مستعينين بخيمهم الخاصة وفق «علي»، مشيرًا إلى أن «كيث» تعرض إلى إصابة في قدمه خلال الرحلة، إلا أنه رفض التوقف عن استكمالها رغبةً منه في نشر ثقافة المشي للجميع، وخاصة لكبار السن، فضلًا عن زيارة المعالم الأثرية في الدول الإفريقية التي مرّ عليها خلال رحلته، والتي تجاوز عددها 9 دول.
ما يقرب من 50 كيلومترًا، كان السائح الإفريقي يقطعها في اليوم الواحد، بعدما يبدأ يومه من الساعة الخامسة صباحًا، و يستمر في المسير حتى 12 منتصف الليل، في رحلته للوصل إلى برج القاهرة، محققًا الرقم القياسي 11753 كيلومترًا.
يقول المرشد الذي رافق السائح الإفريقي: «هو كان بيحكيلنا عن رحلته من البداية والاستمتاع اللي حس بيه، وخاصة في فصل الشتاء وممكن يكمل مشي إلى أثيوبيا».
وحينما جاءت لحظة الوصول، كان في استقبال «كيث» أمام محطته الأخيرة في الرحلة، عائلته التي جاءت لرؤيته بعد غياب 7 أشهر ونصف، فضلًا عن مشاركة ابنيه اللحظات الأخيرة في الرحلة: «أولاده حبوا يشاركوه في نهاية الرحلة ومشوا معاه حوالي 15 كيلو»، هكذا عبر «علي».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: برج القاهرة جنوب أفريقيا إلى برج القاهرة
إقرأ أيضاً:
من العوجة إلى ميسان رحلة تحول الحكم الكبرى
بقلم : فراس الغضبان الحمداني ..
على مدى قرون من الزمن رزح الجنوب العراقي تحت حكم السطوة السياسية المحكومة بالجذور الأولى لقيام الدولة العربية الإسلامية في بغداد وما تبعها من أنظمة حكم مختلفة كانت سبباً في تكريس مفهوم السلطة الغالبة والمهيمنة على القرار السياسي والإقتصادي وتفاعلات السطوة على الثقافة والنسيج الإجتماعي الذي تصنعه أياد بتوجهات معينة ثابتة مستقرة غير قابلة للتحول والإنهيار لتلك الإعتبارات التي رسخها الوجود العثماني في العراق على مدى قرون من الزمن والذي كرس هو الآخر سلطة متفردة واحدة غالبة غير قابلة للتصدع مدعومة من هيمنة عثمانية في غالب الدول العربية حتى شمال افريقيا والمناطق الداخلية البعيدة نسبياً عن البحر المتوسط ومدن الساحل المتوسطي الذي يطبعه وجود ديني وطائفي متجذر وممتزج بالوجود التركي الذي كان يقاوم في البداية وفقاً لقاعدة الصراع القومي بين العرب والأتراك الذين مارسوا سياسة التتريك في المناهج العلمية والثقافية العامة وحتى إشتراطات الدين والمذهب من خلال تكريس الفكر الصوفي المتماهي مع الدولة وغير الراغب في المواجهة لأنه يعتمد الروحانية الخالصة البعيدة عن المنافسة والتي تقترب وتبتعد وفقاً لمزاج خاص مع المذاهب الدينية في الجسد الإسلامي ما سمح بتهدئة الأوضاع بين جماعات فكرية والسلطة العثمانية مع أن الوازع القومي كان يتصاعد في الجغرافيا التركية حتى إنهيار الخلافة العثمانية وصعود التيار الأتاتوركي الذي دفع بالدين خارج مساحة التاثير ودعم الثقافة التركية القومية الممتزجة مع العلمانية الحديثة المتأثرة بأوربا وتداعيات التحولات الكبرى فيها منذ الثورة الفرنسية التي غيرت وجه العالم .
ومع إنهيار الوجود التركي ودخول القوات البريطانية من جنوب العراق في العام 1916 وترسخه عام 1917 بإحتلال بغداد وقيام المملكة الهاشمية التي كرست هيمنة دينية خالصة لم تسمح لجغرافيا الجنوب العراقي من النهوض لكن بمرور الوقت وتجذر الثقافة الدينية والإنفتاح الثقافي وظهور الإعلام بشكله الجديد وتأسيس برلمان ونظام حكم ملكي ووزارات راعية لشؤون الدولة .
كانت هيمنة بغداد على الجنوب تتآكل ببطء رهيب يشبه التحولات المناخية أو ذوبان الجليد في القطبين وإرتفاع درجة حرارة الكوكب رويداً رويداً وهنا كان صعود الجنوب من خلال زيادة السكان ونزوحهم نحو المركز ومدن الفرات الأوسط وقيام ثقافة متجذرة من خلال نشوء الحوزات الدينية وظهور فئات إجتماعية تشتغل في التجارة والسياسة والثقافة وكان الثقل السكاني في بغداد يتحول تدريجياً رغم محاولات نظام صدام حسين منع ذلك وإصدار قوانين وتشريعات لا تتيح الإنتقال أو التملك في بغداد وبرغم أن القانون كان شاملاً للمحافظات كافة لكنه كان واضحاً في قصديته لسكان الجنوب والفرات الأوسط الذي يتمثل فيه ثقل السكان الذين تمكنوا من الإنتقال بنسبة كبيرة إلى ضواحي العاصمة وما إن إنهار نظام صدام حسين حتى وجدنا أن الحكم والنفوذ والهيمنة السياسية والإقتصادية تحول من شمال وغرب ووسط العراق إلى الجنوب الفاعل والمتحفز والمنتظر لتلك اللحظة التاريخية .
بدأ الصعود السياسي والإقتصادي والثقافي المدعوم من اغلبية سكانية متصاعدة ونسبة إنجاب عالية أدت إلى سطوة وهيمنة كبرى للجنوب العراقي على بقية الجغرافيا العراقية .
كان صدام حسين يتعمد في مناسبات عدة أن يتوجه إلى تكريت مملكته الخاصة وعاصمتها قرية العوجة ليمارس رقصة الجوبي في المناسبات المختلفة وكان يبعث بإشارات الإهتمام والأفضلية من خلال تغليب تكريت والعوجة إقتصادياً وسياسياً وثقافياً وحتى من خلال اللهجة التي بدأ العديد من العراقيين بنطقها على قاعدة : ( عجل يابا .. هينه .. يولو ) وبدأت سلطة القرية تتكرس في العاصمة العتيدة بغداد التي تمتزج فيها اللغات واللهجات والثقافات ، لم يجرؤ أي رئيس وزراء على إرسال إشارات التحدي والنظرة بإعتزاز بمحافظات الجنوب كما فعل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي جال بلباس عربي تقليدي على مضايف محافظة ميسان وصلى صلاة عيد الفطر وزار أسرها وتوغل في نواحيها ومعروف عن ميسان أنها المحافظة الأكثر معاناة من سطوة البعث والسلطة المهيمنة التي جعلت الجنوب يتراجع ويتخلف ويتحول إلى نكتة وسخرية ونوع من القمع غير المسوق .
التحولات السياسية الكبرى في العراق في هذا القرن تنسف أربعة عشر قرناً من هيمنة الرأي الواحد والفكر الواحد ولعل زيارة السوداني إلى ميسان مسقط رأسه دليل على نوع التحول ومداه وإلى أين يذهب .
Fialhmdany19572021@gam