التمويل الجماعي.. فرصة للمستثمرين وروّاد الأعمال
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
سهام بنت أحمد الحارثية
harthisa@icloud.com
في عصر التكنولوجيا والابتكار، يُشكِّل التمويل الجماعي أنموذجًا جديدًا لجمع الأموال ودعم المشاريع والأفكار الإبداعية ويقوم هذا النوع من التمويل على مبدأ جمع الأموال من مجموعة واسعة من الأفراد أو المستثمرين الصغار الذين يرغبون في استثمارات قليلة مما يتيح الفرصة لأكبر عدد من الناس للاستثمار وتثمير أموالهم وذلك بغرض دعم مشاريع محددة وتحقيق أهداف مُحددة.
ويعتمد التمويل الجماعي على منصات متخصصة عبر الإنترنت تكون مرخصة من هيئات الأسواق المالية والكثير منها يتوافق مع الشريعة الإسلامية وهذا النموذج من التمويل يتميز بالشفافية والوضوح؛ حيث يتيح للمستثمرين الاطلاع على المشاريع المعروضة في المنصة ودراستها قبل الاستثمار ومتابعة سير هذه المشاريع بعد الاستثمار حيث يقوم رواد الأعمال والمبتكرون بالتسويق لمشاريعهم وطرح المميزات فيها لاستقطاب المساهمات من المهتمين والمستثمرين.
ويمثل التمويل الجماعي فرصة مثيرة للاستثمار في مجموعة متنوعة من المشاريع والأفكار، بدءًا من الشركات الناشئة وحتى المشاريع الاجتماعية وتصل الى مشاريع التطوير العقاري ويتيح هذا النموذج للمستثمرين الصغار الفرصة للمشاركة في الاقتصاد بشكل مباشر، مما يمنحهم تجربة فريدة وقيمة في عالم الاستثمار.
على الجانب الآخر، يعد التمويل الجماعي أداة حيوية لرواد الأعمال لجمع التمويل اللازم لتنفيذ أفكارهم وتحقيق أحلامهم الريادية بدلًا من الاعتماد على التمويل التقليدي الذي يمكن أن يكون صعب الحصول عليه، يمكن لرواد الأعمال استخدام منصات التمويل الجماعي للوصول إلى مجموعة واسعة من المستثمرين المحتملين.
كما يمكن أن يكون للتمويل الجماعي تأثير إيجابي على المجتمع؛ حيث يمكن أن يدعم مشاريع تركز على حل مشاكل اجتماعية أو بيئية بالتالي، يصبح التمويل الجماعي وسيلة فعَّالة لتحقيق التنمية المستدامة وتحقيق الأثر الاجتماعي الإيجابي في المجتمعات.
ومن القصص الناجحة للتمويل الجماعي قصة "شركة تجارة الساعات"؛ ففي عام 2013، أثناء مناقشتهما لشراء الساعات، أدرك الشريكان لابلانت وكرامر أن الساعات الأنيقة غالية التكلفة جدًا وغير متاحة للجميع، فقاما بأبحاث مكثفة وتواصلا مع موردي الساعات لفهم تكاليف الإنتاج، فاكتشفوا أن وجود وسطاء التجزئة يزيد من تكلفة الساعات بشكل كبير، ولحل هذه المشكلة، قررا بيع الساعات مباشرة للعملاء بأسعار معقولة، ولجذب التمويل اللازم لبدء عملهما، تقدما إلى منصة التمويل الجماعي كيك ستارتر، لكنهما تعرضا للرفض مرتين ومع ذلك، لم يستسلما واستمرا في العمل على فكرتهما وقررا أن يبحثا عن خيارات أخرى حتى لاحظا أن منصة التمويل الجماعي في حاجة إلى تحسينات، فتم تغيير المنصه فتوجها إلى منصة أخرى تدعى إنديغوغو؛ حيث نجحا في جمع 300000 دولار خلال 50 يومًا عبر حملتين متتاليتين، واستمر نجاحهما وبناء علامتهما التجارية بعد الحصول على التمويل. في النهاية، تم بيع شركتهما مفمت بمبلغ 300 مليون دولار لمجموعة موفادو في عام 2018. وقصص اخرى كثيرة مشابهه يمكن الاطلاع عليها في منصات التمويل الجماعي.
باختصار.. إن التمويل الجماعي يمثل فرصة ممتازة للمستثمرين للمشاركة في الاقتصاد بشكل مباشر، ولرواد الأعمال للحصول على التمويل اللازم لتحقيق أفكارهم وتحقيق أحلامهم الريادية. وقد اثبتت التجارب المختلفة في دول كثيرة أنه من خلال الجمع بين الرأسمال والابتكار والأثر الاجتماعي، يمكن للتمويل الجماعي أن يؤدي دورًا مُهمًا في دعم الاقتصاد وتعزيز التنمية المستدامة فهو ليس اداه التمويل وخلق شركات وتعزيز فرص الاستثمار، وإنما خلق ثقافة المشاركة وتعزيز فكرة الجرأة في الاستثمار في الشركات الناشئة.. لذلك ينبغي توخي الدقة في اختيار شركة التمويل الجماعي ودراسة المشاريع المطروحة ونسبة نجاحها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مدبولي: مؤتمر المناخ فرصة للتأكيد على التزام الدول بتعهدات الاتفاقية الإطارية وتوفير التمويل لدعم الدول النامية.. وخبراء: نطالب بتنفيذ وعود COP28 ومصر فعلت صندوق الخسائر والأضرار بـCOP27 بشرم الشيخ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يُعد تغير المناخ قضية عالمية حرجة، تتطلب توحد الجهود العالمية للحد من تأثيراته التي تطال البشر والبيئة والأمن الغذائي والمائي وتهدد أرواح السكان في الدول الأقل تسببًا في الأزمة "النامية" عن المتسببة " المتقدمة" ما يدفع بلدان العالم لعقد مؤتمرات الأطراف المناخية COP سنويًا لمتابعة سير تطورات الأزمة وما جري من حلول .
جدير بالذكر أنه نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، شارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء- ضمن قادة العالم ورؤساء الحكومات بأذربيجان COP29.
وذكر بأن مُؤتمر باكو لتغير المناخ يُعقد في ظل أزمات وحروب إقليمية ودولية، وفي خضم أحداث مناخية جسيمة، تتزايد في عددها وآثارها وصعوبة التنبؤ بها، بما يُرتب خسائر اقتصادية وبشرية، تفرض ضغوطاً إضافية على دُولنا.
وأكد "مدبولي" حرص مصر دوماً على التركيز على مسألة "التنفيذ" فيما يتعلق بأجندة التغيرات المناخية، مع العمل على سد الفجوة المتعلقة بالتعامل مع الخسائر والكوارث المناخية التي لا تمتلك الدول النامية القدرة المالية والتقنية للتعامل معها، وما يترتب عليها من خسائر اقتصادية وبشرية.
وهنا يقول أستاذ علوم المناخ، الدكتور هشام عيسي، التمويل المناخي هو كلمة السر للدول النامية والافريقية في التوسع في مشروعات التكيف التي تساعدها على التصدي لتأثيرات التغيرات المناخية، وقد تبنت مصر مطالب الدول الأكثر تضررًا خلال مؤتمر شرم الشيخ COP27 من خلال حشد التأييد الدولي على نطاق واسع في إنشاء صندوق للخسائر والأضرار تلاها تحديد آلية في مؤتمر دبي في COP28.
ويضيف"عيسى": أطلقت مصر العديد من المبادرات المعنة بمشروعات التكيف في الدول الافريقية وأيضًا المبادرات التي تستهدف الطاقة والمياه والأمن الغذائي وحياة كريمة وعيرها وبذلك تراعي الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لاجراء التحول المتفق عليه فق للإتفاقية الإطارية بباريس، علاوة عن رؤية مصر المستدامة لـ2030 والتحول نحو الطاقة الجديدة والمتجددة .
وتابع رئيس الوزراء: يأتي مؤتمرنا هذا كفرصة لإعادة التأكيد على التزام مختلف الأطراف بتنفيذ تعهداتها، وفقاً للاتفاقية الإطارية واتفاق باريس، وبصفة خاصة ما يتعلق بتوفير التمويل لدعم الدول النامية، حيث تُشير تقارير اللجنة الاقتصادية لأفريقيا إلى أن الدول الأفريقية تُوجِّه بالفعل ما يصل إلى 5% من ناتجها الإجمالي للتعامل مع تغير المناخ.
وأكد تبني نهج وطني مُتكامل، يهدف إلى التحول إلى التنمية المستدامة المُتوافقة مع البيئة، حيث تم إطلاق استراتيجية المناخ حتى عام 2050، واستراتيجية التنمية المستدامة حتى عام 2030، وتوجيه الاستثمارات لمشروعات التحول الأخضر، وتعزيز التعاون مع شركاء التنمية، بالإضافة إلى زيادة إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة لتصل إلى 42٪ من مزيج الطاقة عام 2030.
وفي السياق ذاته، يقول الدكتور وحيد إمام، رئيس الاتحاد النوعي للبيئة، نطالب الدول المتقدمة بتوفير قروض مناخية بفوائد أقل بحيث لا تمثل عبء على الدول المقترضة حتي يتم التوسع في المشروعات الخاصة بالتكيف مع ضرورة الحفاظ على دعم السكان المحليين واعتبارهم شركاء في مثل هذه المشروعات لضمان نجاحها .
ويضيف"إمام": فاتورة التغيرات المناخية يدفعها من لا ذنب له، حيث تعاني هذه المناطق من عواقب وخيمة، تشمل خسائر في الأرواح والمنازل والقوى العاملة بسبب تفشي الأمراض أو الوفاة، مع وجود وسائل محدودة للتعامل مع هذه التحديات، ويُعتبر إنشاء صندوق الخسائر والأضرار (LDF) في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) خطوة هامة نحو تقديم المساعدة المالية للدول والمناطق الأشد قابلية للتأثر
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي أن مصر أطلقت منصة وبرنامجاً وطنياً للمشروعات تحت اسم منصة "نوفي" التي تضم المشروعات ذات الأولوية للتنفيذ، بما فيها مشروعات المياه والطاقة، بجانب تنفيذ عمليات توسع في مشروعات النقل المستدام في المدن الرئيسية بدعم من عدد من شركاء التنمية. وأشار إلى أن مصر والدول الأفريقية بصفة عامة تواجه تحدي توافر التمويل المناسب، وصعوبة النفاذ إلى التمويل، وربط هذا النفاذ بمشروطية تنفيذ إجراءات متسارعة لا تراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية في دولنا.