بخطٍ مُتعجل مُرتجف خُطت أسماؤهم مؤذنة بالرحيل القاسي، وبحزنٍ كثيف سمعنا صوت الجدّ الذي فقد أحفاده يرتعش، ليُزلزل كياننا من مسندم إلى ظفار.
لقد لمسنا الوجع عميقا، كأنّهم أبناؤنا الذين خرجوا في الصباح الباكر ذاته حالمين بتفاصيل يومهم الجديد. بقينا عاكفين على هواتفنا في انتظار خبر يُكذب اليقين، لكن الخبر لم يأتِ إلا بالخيبات والدمع الجارح!
غريبة هذه الطبيعة التي تتقلبُ أحوالها من النُدرة الحادة للمطر إلى التدفق الساحق واللامحدود للسيول! غريبة هذه الطبيعة التي تُخادع مياهها فتلتهمُ أبناءها كما تفعل الوحوش الضارية.
عندما نظرنا إلى وجوههم في الصور المتداولة، تأكدنا أنّهم الحكايات الطازجة التي خُطفت باكرا، والطفولة التي حثت خُطاها نحو نهايات بدت كتمزق نازف، وآنذاك -في تلك اللحظة الشرسة- أردنا كلنا أن يكون هنالك من نُدينه ومن نُحمّله المسؤولية كاملة!
لكن.. وكما لا يُمكننا أن نُنكر القدر الإلهي الذي ليس لنا فيه حول ولا قوة، لا يُمكننا أن ننكر أيضًا أنّ المسألة شديدة التعقيد، ذلك التعقيد الذي لا يُعفي فتح القضية لنقاشٍ جادٍ وعميق، دون تبرؤ ساذج بإلقاء اللوم على ولي الأمر، الضحية الأخرى التي تحتاج إلى مواساتنا في ظرفٍ قاسٍ من هذا النوع!
لكن سواء أكانت الحادثة هي نتاج قرارات وزارة التربية والتعليم المرتبكة إزاء التغير المناخي الذي قضى على فرصة الدراسة المنتظمة في الفصل الدراسي الثاني، أو سواء أكان بسبب القرارات المرتبكة إزاء التعليم عن بُعد الذي لم يُستثمر كما ينبغي، إمّا لأنّ الطلبة يُشكلون ورقة ضغط هائلة بعدم الالتزام، أو بسبب ضعف الشبكة في بعض القرى أو لعدم توفر الأجهزة.. كل هذه الظروف جعلت التعليم مُلاما عندما يصرفون إجازة فتشرق الشمس، ومُلامًا أيضا عندما يمنعون تعليق الدراسة فتأتي الكوارث التي لا تُحمد عقباها!
إننا نختبرُ ظرفا جديدا يؤكد أهمية التنسيق بين خطاب الأرصاد الجوية وتحذيراته المستمرة والجادة وبين التدابير التي تتخذها الوزارة، لا أن يُغني كُلٌ على ليلاه! نختبر ظرفًا يُرينا أهمية أن ندرب الطلبة كيف يتصرفون عندما تُحدق بهم المياه من كل اتجاه! يدفعنا أيضًا لأن نسن القوانين التي تحمي جميع الأطراف.
من جهة أخرى: لماذا لا نُفكر بالبنى الأساسية الهشة أيضا؟ لماذا لا نفكر بالأراضي التي توزع في مجرى الأودية؟ لماذا لا نقتلعُ الجذر الأكثر عفنا؟ لا سيما أنّ المناخ -كما يتبدى لنا الآن- يكتبُ قصّته الأخرى؟ فها نحنُ نرى تتابعًا لافتًا لموجات من المنخفضات في فصل الصيف! لقد عرف العالم أنظمة التصريف منذ ستة آلاف عام تقريبا، فلماذا لا نتعلمُ من البلدان الممطرة التي لا نجد قطرة ماء واحدة في شوارعها عقب العاصفة؟
منذُ مائة عام تقريبا كتب الطبيب هاريسون عن نُدرة المطر في بلادنا، لكنه قال أيضا إنّ مجیئه «یُنذر بأن ترشح أسقف المنازل»، ورد ذلك في كتابٍ له بعنوان: «رحلة طبیب في الجزیرة العربیة»، وأكاد أجزم بأنّ هذا الشعور بالنُدرة هو ما يُقلل من إدراكنا بالخطر العارم من توزيع الأراضي أو بناء مؤسسات الدولة فوق مجرى الأودية، وهو ما يُؤجل اتخاذنا للتدابير اللازمة.
هكذا يحملُ الماء في طياته ثنائية الحياة والموت في الذاكرة الجمعية العُمانية، لكن الماء في حقيقته ليس وحشًا أسطوريًا غامضًا، كل ما في الأمر أنّه يريدُ طريقًا آمنا ليعبر بعد أن تعدينا على مساراته التي مهدتها الحياة له باكرا.
الماء ثروة لا تُقدر بثمن ولذا تغدو السدود حلًا أساسيًا لحمايته من الهدر، لجعله رصيدًا لوقت الجفاف المؤكد.
علينا أن نحمي البلاد من هذا الاستنزاف المستمر منذ جونو ٢٠٠٧، فالتدابير الوقائية ستكون أقلّ كلفة من المال الذي يُصرف لإعادة البناء بعد كل هبة سماوية.
تأكلنا الحسرة على البراءة التي قضت نحبها بتلك الصورة العبثية، ورغم فداحة ما حدث، فإنّ هذه الحادثة ينبغي أن تغدو نقطة تحول جديدة لإعادة الثقة بين الإنسان العُماني ومؤسساته الرسمية من جهة وبينه وبين الطبيعة من جهة أخرى.
كل شيء يبدأ من اللحظة التي يُعاد فيها رسم المدن والقرى حتى لا نُجابه شعورا متوهما بأننا جميعا نسكنُ فوق مسطح مائي شاسع!
هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
برشلونة يريد بيع خزانة ميسي في الكامب نو
يسعى نادي برشلونة الإسباني لجني بعض الأموال في ظل ظروفه الاقتصادية الصعبة، عبر بيع بعض المقتنيات الخاصة بنجومه السابقين، وعلى رأسهم الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي.
وغادر ميسي برشلونة عام 2021 بشكل مفاجئ بعد نهاية عقده وقتها حيث انتقل إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، تاركا خلفه إرثا مذهلا ومسيرة حافلة بالبطولات.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بينهم رونالدو وميسي.. اللاعبون الأكثر اكتمالا في تاريخ كرة القدمlist 2 of 2مانشستر يونايتد يعادل رقما سلبيا عمره 132 عاماend of listودافع "البرغوث" عن ألوان الفريق الأول لبرشلونة بين عامي 2004 و2021، وهو الهداف التاريخي للنادي وأيقونته.
وذكرت صحيفة "آس" الإسبانية أن إدارة برشلونة عرضت للبيع بعض المقتنيات ومن بينها الخزانة الخاصة بميسي والتي استخدمها طوال مسيرته مع الفريق.
وأشارت إلى أن العرض الأعلى لشراء خزانة ميسي وصل إلى رقم كبير، بلغ 300 ألف دولار، مع رسوم إضافية بنسبة 22% للمزايدين سيتحملها الفائز المحظوظ، وهذا يرفع التكلفة الإجمالية إلى 366 ألف دولار.
View this post on InstagramA post shared by FC Barcelona (@fcbarcelona)
ومن المؤكد أن الرقم سيرتفع أكثر من ذلك، كون المزاد سيستمر حتى يوم 13 فبراير/شباط المقبل، وحتى الآن قُدمت 6 عروض رسمية لاقتناء الخزانة.
وبحسب الصحيفة فإن الخزانة المذكورة تتميز بصورة ضخمة لميسي وتأتي كاملة مع المقعد، فيما حاولت دار المزادات "غولدين" إغراء المهتمين وكتبت أن القطعة تحتوي على "بقايا علامات ميسي".
إعلانوخزانة ميسي هي الأبرز من بين 28 قطعة أخرى معروضة للبيع في مزاد ضخم على مستوى النادي يسمى "مشروع التذكارات" والذي يأتي مع اقتراب برشلونة من نهاية تجديد كامب نو.
ويبرز من بين تلك المقتنيات خزائن أخرى أقل شهرة، مثل تلك التي استخدمها سابقا النجم الأرجنتيني الراحل دييغو مارادونا وبيب غوارديولا وجيرارد بيكيه المركز الثاني حاليا، حيث جاءت ثانية في الترتيب بسعر إجمالي يبلغ 158.600 دولار.
وهناك أيضا خزائن استخدمها رونالدينيو ونيمار جونيور ولويس سواريز في المجموعة، بالإضافة إلى قطعة من العشب الصناعي من المنطقة الفنية بجانب الملعب ومجموعة من أعلام الزوايا المستخدمة في المباريات.
???????? pic.twitter.com/MIxI2OS8Ob
— Leo Messi ???? Fan Club (@WeAreMessi) February 4, 2025
عودة ميسي إلى برشلونةوراجت مؤخرا أنباء عن نية ميسي العودة إلى النادي الكتالوني بعد انتهاء عقده الحالي مع فريقه الحالي إنتر ميامي الأميركي.
وينتهي عقد ميسي مع إنتر ميامي نهاية العام الجاري، لذا ازدادت التكهنات بشأن مستقبله، ففي الوقت الذي يتوقع فيه كثيرون تمديد عقده مع الفريق الأميركي أكد موقع "وورد سوكر توك" أن "البرغوث" لديه قرار وصفته بـ"التاريخي والعاطفي" في آن واحد.
ونقل الموقع عن شخصية مقربة من عائلة ميسي -وهي إعلامية أرجنتينية تدعى يانينا لاتوري- قولها إن أفضل لاعب في العالم 8 مرات قد اتخذ قراره بالفعل بشأن وجهته التالية، وهو العودة إلى برشلونة.
وسألت لاتوري ميسي "السعيد" في ميامي عن بقائه مع الفريق بعد انتهاء عقده فأجابها "لا، سأعود إلى برشلونة، مكاني هناك".
ولم يُعرف على وجه التحديد المهمة التي يتطلع إليها ميسي في برشلونة في حال عودته، إن كانت إكمال مسيرته كلاعب أو تقلد منصب آخر في حال اعتزاله قبل ذلك.