نصب تذكاري لتكريم الضحايا
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
أحمد الرحبي
ما يخفف وطأة بعض الذكريات الأليمة هو مشاركتها، فمشاركة ألم الذكرى الحزينة وتقاسمها، يجعل القدرة على تحملها أسهل، فعندها تخرج هذه الذكرى على شدة ألمها، بالمشاركة والتقاسم من حيز الخاص إلى النطاق الجمعي المفتوح، ما يحقق بذلك التعاضد في الأحزان والملمات الذي يعتبر من السمات الإنسانية للمجتمعات، في تقاسم الأحزان ومشاركتها في المجتمع الواحد، الأمر الذي يجعل الحزن مثل نقيضه الفرح مشتركا إنسانيا بين أفراد المجتمع.
وبين بعض المعالم العامة في المدن العالمية والمرافق الشهيرة فيها، تبرز النصب التذكارية كجزء من السجل المادي الذي يحفظ ذاكرة هذه المدن، ويؤرخ لأحداث تاريخية مرَّت بها، ومن بين هذه النصب ما يُعد سجلًا لأسماء بعض الضحايا الذين سقطوا جراء أحداث عسكرية أو نتيجة كوارث طبيعية حدثت في هذه المدن.
وبناء نصب للضحايا بمثابة تقدير لهم يحفظ ذكراهم في الوعي الجمعي، ومنذ إعصار جونو وفت وشاهين، والحالة الجوية الأخيرة التي تعرضت لها السلطنة، هناك خسائر في الأرواح، مرّت ذكراهم مرور الكرام، واختفت في طي النسيان.
ولا شك أنَّ إقامة نصب لضحايا الكوارث يعتبر طريقة حضارية في تكريم الضحايا والحفاظ على ذكراهم حاضرة في وعي المجتمع، فهذه النصب تعتبر على المدى البعيد، سجلا ماديا لحفظ الذاكرة الاجتماعية.
لقد اعتاد العمانيون قديمًا على توثيق بعض الأحداث التي مرت بهم سواء كانت أحداثاً تتعلق بالكوارث الطبيعية مثل جرفات السيول، أو الوفيات أو حتى المناسبات الاجتماعية، بالكتابة عنها بشكل مقتضب ومؤرخة بسنة حدوثها، ودائماً ما تكون مخطوطة في الصخر أو على جدران البيوت، ما جعلها تشكل سجلا ماديا حيَّا لذاكرة المجتمع رغم مرور القرون والسنوات عليها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مسقط تحتفي بيوم المدينة العربية
احتفلت محافظة مسقط اليوم السبت بيوم المدينة العربية الذي يصادفُ ذكرى تأسيس منظمة المدن العربية في دولة الكويت عام ١٩٦٧، ويأتي الاحتفال هذا العام تحت شعار "مدن مرنة قادرة على الصمود" في ظل التحديات المعاصرة.
وفي كلمته بهذه المناسبة، قال الأمين العام للمنظمة المهندس عبدالرحمن هشام العصفور، إن الحاجة اليوم تستدعي أهمية تبني نموذج عمراني أكثر مرونة لمواكبة التوسع السكاني العالمي حيث إن النمو السكاني المتسارع يفوق قدرة المدن على توفير بيئات سكنية ملائمة، أدى إلى انتشار الأحياء التي تحتاج إلى تطوير. وأوضح أن السنوات القادمة ستشهد تمدداً حضرياً واسع النطاق، وأن العديد من المدن غير مستعدة لهذا التوسع السريع بسبب وتيرة تطوير الإسكان غير المتناسبة مع النمو السكاني.
وأضاف العصفور أن التحديات المعاصرة التي تواجهها المدن العربية، مثل التغير المناخي والزحف العمراني والأزمات الصحية وتأثيرات الحروب، تستدعي تعزيز المرونة الحضرية للمدن وقدرتها على الصمود، وشدد على ضرورة التخطيط الحضري المستدام والاستفادة من التكنولوجيا الذكية لمواكبة هذه التحديات.
وتُعد مسقط من الأعضاء الفاعلين في منظمة المدن العربية منذ انضمامها عام ١٩٧١، أتاح لها فرصة تبادل الخبرات والمعارف مع بقية الأعضاء في مجالات تصميم المدن والتنمية الحضرية والخدمات البلدية، والتي أسهمت في تبني أفضل الممارسات في التخطيط الحضري المستدام.
وفي السياق ذاته، حرصت محافظة مسقط على تعزيز علاقاتها مع المؤسسات والشركاء الدوليين، وانعكس ذلك إيجاباً على مشاريع التخطيط الحضري والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في تطوير الحواضر، ومن الأمثلة البارزة على هذا النهج مدينة السلطان هيثم، التي تُعد من المدن الذكية المستدامة في المحافظة. فقد صُممت بنيتها الأساسية بمرونة هندسية تُشجع على المشي في ظل توفر جميع الخدمات في نطاق يسهل الوصول إليه، وصممت المدينة لتستوعب وسائل نقل متنوعة، وتتيح تدفق الهواء بين مبانيها، مما يقلل من تكاليف الصيانة ويعزز جودة الحياة.
إلى جانب مدينة السلطان هيثم، تضم محافظة مسقط مدينة يتي المستدامة، التي تشمل ١٦٥٧ وحدة سكنية، منها ٣٠٠ فيلا صديقة للبيئة بتصاميم ذات كفاءة. تعتمد بالكامل على مصادر الطاقة المتجددة لتقليل الانبعاثات الكربونية، من خلال استخدام المركبات الكهربائية وذاتية القيادة، بالإضافة إلى توفير محطات شحن لهذه المركبات. ويجسد هذا المشروع نموذجاً متقدماً للتنمية الحضرية المستدامة التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة لتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية.
والجدير بالذكر أن منظمة المدن العربية هي منظمة إقليمية غير حكومية متخصصة في شؤون المدن والبلديات، وتهدف إلى تعزيز التعاون بين المدن العربية في مجالات التخطيط العمراني والتنمية المستدامة وتبادل الخبرات. ويُعد يوم المدينة العربية مناسبة سنوية للتأكيد على أهمية العمل المشترك لبناء مدن عربية تحافظ على تراثها وتواكب تطلعات المستقبل.