نظم مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة ندوة حول صناعة السينما التونسية، بعد اختيار تونس ضيف شرف المهرجان في دورته الثامنة، وقدم الكاتب الصحفي حسن أبو العلا مدير المهرجان المشاركين في الندوة مشيداً بالقفزات التي حققتها السينما التونسية على مسارات متعددة.

وقالت الناقدة التونسية هندة حوالة التي أدارت الندوة  إن كل الأفلام التي تتحدث عن المرأة في تونس مرتبطة بالوضع السياسي بشكل مباشر أو غير مباشر، فالمجتمعات العربية بها عادات وتقاليد ليست في صالح المرأة، وتونس من الدول العربية التي قطعت شوطا كبيرا في وضع قوانين لصالح المرأة، وكانت معظم الأفلام في هذا الاطار.

 

وأشارت إلى أنه بعد ثورة 2011 وحرية التعبير، المخرجة التونسية أصبحت تنتقد الأوضاع الاجتماعية والاقتصادي والمرتبطة بالمرأة بشكل مباشر، ومنهن كوثر بن هنية التي قدمت أفلام كثيرة بعد الثورة وكذلك ليلى بوزيد، وهذه لمحة تقسم فترات سينما المرأة ومواقفها، وخاصة المواقف الواضحة التي تهم المجتمع التونسي.

 

وقالت المونتيرة كاهنة عطية : إن أسوان أرض طيبة، تعطي الإمكانية للنساء لتعمل في المجال الثقافي وفي السينما، وفي تونس قمنا بقفزة تاريخية منذ قوانين 1956 التي منحت الكثير من الحقوق للنساء، فهناك ثورة كبيرة في التعليم لجيلي للدفاع عن حقوق النساء، ومن المهم فهم ان السينما حين تكون لديها الامكانية تعطيك الفرصة للثورة وتحسين أوضاع المجتمع .

 

وأضافت: "وجد البعض من جيلنا أن لديهم طموحات لإنتاج أفلام مثل السينما المصرية والفرنسية والأمريكية، لطرح مشاكل تونس وفي هذا الوقت المدارس العليا في فرنسا وبلجيكا ساعدتنا في فهم الإخراج والصورة، لنقف في مجال السينما على خط متواز مع الرجال، وكانت المواضيع في الفترة الأولى مرتبطة بقضايا المجتمع بأكلمه.

وذكرت أن هناك نوعين من الإنتاج الأول في الجنوب مرتبط بأفريقيا وآخر في الشمال مرتبط بأوروبا، وأوضحت أنها عملت في الكثير من البلدان الافريقية والأوربية وفي مصر أيضا، وكانت المواضيع دائما مرتبطة بقضايا المرأة في المجتمع.

وتوجه نعمان الحباسي، مدير المركز الوطني للسينما والصورة التونسي، بالشكر لمهرجان أسوان وإدارته على اختيار السينما التونسية ضيف شرف هذه الدورة ، واعرب عن تمنيه مد جذور التواصل بين الدول العربية في الإنتاج السينمائي.

وحول الإنتاج والطفرة التي حدثت في تونس تحدث قائلا: فيلم مثل بنات ألفة ووصوله للترشيح في الأوسكار للمرة الثانية بعد فيلم الرجل الذي باع ظهره أمر مهم للسينما العربية وليس التونسية فقط وهناك عدة مدارس سينمائية في تونس منها سينما المؤلف وسينما المخرج وسينما الصورة، وقمنا بفتح المجال بعد الثورة للتعبير وسد فجوات أكثر ومعالجة القضايا الاجتماعية وهناك انفتاح في تقديم رؤى المخرجين والمخرجات، وقدمنا أفلام كثيرة قدمت تأريخا بسيطا عن الثورة ، وصنعت فكرة جديدة عن السينما من خلال الصورة والتقنية،  وأشار إلى دعم وزارة الثقافة للتوجهات الجديدة، بالإضافة لشراكات مع دول أخري مثل السعودية والإمارات وليبيا ومصر.

وقال الحباسي: من المهم حضور تونس في المهرجانات المصرية وحضور مصر في السينما التونسية، فلابد أن نكتشف مسارات عديدة في الرؤية المتحررة للسينما التونسية من خلال العديد من الأفلام بشكل عام .

وقالت المخرجة التونسية هبة الذوادي إنها على عكس جيل كاهنة عطية الذي كان يضطر للسفر للخارج وخصوصا أوروبا لتعلم السينما فقد تعلمت السينما في مدارس وأكاديميات حكومية في تونس ، وأوضحت أن فيلم بنت القمرة شارك في العديد من المهرجانات في السويد وبلجيكا وغيرها، وكان فيلما شاعريا ، أما فيلمي الثاني فكان عن قضايا عامة.

وأشارت مقدمة الندوة إلى أن القوانين التي كانت تربحها النساء في المجتمع كان يتم توظيفها، كما أن العمل الفني كان نوعا من المقاومة، فالحريات والخطوات التي تخطوها المرأة  للأمام يجب الاستفادة منها في الفن ويجب العمل على التأكيد عليها في الأعمال الفنية.

وأشارت الفنانة المصرية سلوى محمد علي إلى الدور المهم للسينما التونسية في السينما العربية والمصرية، واتفقت مع المونتيرة كاهنة عطية في أن الحرية المطلقة فخ، فبعض أفلام الستينيات كان سببها تشدد الرقابة، متساءلة: متى تستطيع الأفلام غير التجارية أن تحقق أرباحا؟ دون الاعتماد فقط على الدعم أو غيره، خاصة أن بعض الداعمين قد لا يتفقون مع توجه صناع السينما في وجهات نظرهم، وهو ما رد عليه سي نعمان قائلا إن هناك بالفعل أفلام تجارية تساهم في صناعة الأفلام بالإضافة إلى وزارة الشؤون الثقافية وغيرها من الجهات التي تدعم صناعة السينما.

وتساءلت المنتجة والكاتبة الفلسطينية ليال بدر عن مساحة الدعم وعلاقتها بالرقابة على الأفلام في تونس، ورد مدير المركز التونسي للصورة والسينما مؤكدا أن الرقابة تم إلغائها وأصبحت هناك فقط لجنة تصنيف وفرز، وهناك مساعدة على الكتابة والإنتاج بنسبة 35 % من قيمة المشروع ككل.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السینما التونسیة فی تونس

إقرأ أيضاً:

من المسؤول عن تردي المشهد السينمائي في سوريا.. ولماذا أغلقت دور السينما أبوابها..؟

أفلام مهمة أنتجت في الأزمة ولم تجد الرواج الكافي لها..!

الشغف وحب المهنة يدفع النجوم للسينما رغم الظروف الصعبة والمعوقات

قوشحة: غياب الجمهور والأنترنيت وتردي واقعها، أدى لأغلاق دور السينما

الذيب: يجب الاستفادة من نجومية الفنانين وتذليل العقبات كي تعود السينما لألقها

لم يكن وجود دور السينما في سوريا غريبا عبر العقود الطويلة الفائتة، كانت كل المحافظات السورية فيها العديد من الصالات من مغربها إلى مشرقها، ففي مدينة دير الزور التي تبعد عن العاصمة 450 كم شرقا أربع صالات تعج بالنشاط والحركة، وإذا توجهنا حيث أقصى الشرق نحو مدينة القامشلي البعيدة أكثر فيها صالتان مثلا، ولا استثني بقية المحافظات من وجود العديد من الصالات، والذاكرة تحفل بالكثير من الذكريات عنها حيث يخصص يوم في الأسبوع للنساء، وبقية الأوقات تزدحم بالوافدين.

عشت هذه الفصول الجميلة في تلك المدن "دير الزور والحسكة والقامشلي ورأس العين وحلب واللاذقية، بينما في دمشق كانت دور السينما تحف بي من كل الجوانب ووحده الشارع الذي يقع فيه مكتبي توجد ثلاث دور للسينما، وعلى امتداد الشارع صعودا ونزولا أكثر من سبع صالات أخرى.

مثلما كنت متابعا لألقها، كنت أيضا شاهدا على زوالها رويدا رويدا أمام عيني وكل عام تتوقف واحدة وتبقى مجرد صالة يخيم عليها الظلام وبعض الأنشطة الموازية من أجل سد نفقاتها، وسرعان ما تحول بعضها الى مقاهي علنية ومخفية يلوذ بها الباحثين عن الظلام وملاذ آمن!

أمر يومياً من أمام سينما الإهرام ودنيا وغيرها التي بقيت لفترة قصيرة تعرض بعض الأفلام القديمة لمن يود تمضية بعض الوقت، ورائحة الدخان المنبعثة منها تزكم الأنوف، ويتشابه وضعها مع وضع بقية الصالات التي باتت مجرد فسحة للهو.

وحدها سينما الكندي المواجهة لمكتبي تماما وسط دمشق بقيت تقيم نشاطها السينمائي على استحياء وتعرض الأفلام وتقام فيها بعض المهرجانات على استحياء، بينما استعادت سينما سيتي ألقها بعد تجديدها وأصبحت مهوى أفئدة من يقدم عرضه السينمائي الأول فيها، ومن يستطيع الدخول إليها وتتوفر لديه ثمن التذكرة الباهظة الثمن.

ضربات موجعة

حول هذا الموضوع يتحدث الناقد السينمائي نضال قوشحة قائلا: فيما يتعلق بدور العرض من المعروف أن دور العرض السينمائية في سوريا تراجع عددها بشكل متتالي وكانت في التسعينيات تنوف عن المئة صالة في عموم سوريا وبدأت في تناقص الى أن وصلت الى هذا الحال، فمثلا دمشق العاصمة فيها اقل من عشر صالات ومنها اثنتان للقطاع العام.

والسبب في هذا عزوف الجمهور عن ارتياد الصالات السينمائية لحضور الأفلام لظروف عديدة منها: دخول مرحلة الفيديو في الثمانينات ثم عصر "الستيلات" والفضائيات وشبكة الأنترنيت، وهي ثلاث ضربات موجعة للجمهور والطقس السينمائي فكانت الجفوة.

وهذا ليس معناه إعفاء بعض الجهات العامة من المسؤولية عن هذا العزوف الجماهيري بأداء سينمائي وثقافي غير متزن أدى الى فجوة مع الزمن بين السينما كصالات وجمهورها وتحاول المؤسسة العامة للسينما منذ سنوات، وبعض الجهات الأهلية ردم هذه الهوة الآن، لكن الموضوع صعب جدا ويحتاج لجهود مضاعفة لإعادة الثقة بين الجمهور والصالات السينمائية.

ويتابع قوشحة مبررا أغلاق أبواب صالات السينما بقوله: تقلص عددها يعود لتراجع المردود المالي لأصحابها، وبالتالي غياب الصيانة واستقدام المعدات الحديثة، وأصبحت أشبه بالخردة، ومنذ أكثر من 20 سنة ساعدت الدولة أصحاب الصلات وألغت رسوم الجمارك عمن يريد استيراد تقنيات السينما من أصحاب الصالات، ولكن بقي موضوع ترميم وإصلاح الصالات مكلف جدا، وأصحابها غير مقتنعين باستعادة هذه الأموال من خلال الطقس الجماهيري السائد، لذلك لم يحقق هذا الإجراء القانوني الفائدة، وتراجع مستوى الصالات العمراني مما اضطر أصحابها إلى التوقف نهائيا عن العمل.

ويرى قوشحة انه من أجل إعادة الروح للمشهد السينمائي أنه يجب أن تنظر إليه الدولة بإهتمام بالغ، وكذلك من أولي الأمر في القطاع الخاص لإيجاد حل جذري لهذا الموضوع ولإعادة حالة التفاعل بين الجمهور والسينما كي يعود إلى سابق عهده.

وعن غياب الأفلام السينمائية تأثير الدراما عليها، ودور المؤسسة العامة للسينما أجاب قوشحة الذي يعرف أجواء المؤسسة من الداخل قائلا: الإنتاج السينمائي ليس محصورا في المؤسسة العامة للسينما، وهي أستوديو حكومي لايحتكر الإنتاج له، للإنتاج السينمائي ودليل ذلك أن الإنتاج السينمائي يسير بالتوازي مع القطاع الخاص، وفي سنة1974 كلاهما انتجا ثمانية أفلام مناصفة وهو رقم قياسي ولم يتكرر إلا في عام 2012 بالمؤسسة حيث تم إنتاج خمسة أفلام طويلة ونتحدث عن الفيلم الروائي الطويل وليس القصير ولا الوثائقي.

السبب الحقيقي هو قلة المردود الجماهير ي وتراجع أداء القطاع الأهلي في الإنتاج السينمائي، وكانت أخر المحاولات للفنانة إغراء التي بغيابها غاب تماما الإنتاج الخاص في علاقته مع الجمهور كونها معروفة لدى الجمهور السوري إلا من بعض المحاولات البسيطة التي صارت نادرة...وهذا إنتاج أقل من الشحيح بالنسبة لبلد لديه عراقة ثقافية وحضارية وعرفت السينما قبل مئة عام.

وأوضح قوشحة الذي يشغل المكتب الصحفي في المؤسسة أيضاً: أن ما تقوم به المؤسسة هو الجهد السينمائي الوحيد في سوريا لكن حتى الإنتاج الحكومي تأخر نتيجة أوضاع الحرب فيها، كنا ننتج أربعة أفلام سنويا ثم ثلاثة ومنذ عامين ننتج فيلمين روائيين طويلين فقط، وعشرات الأقلام القصيرة المتنوعة، وهذا أقل ما يجب، ولكن ليس بالإمكان أكثر مما كان، ونأمل في قادم الأيام أن تتغير الأمور طبعا. أما عن الآفاق فهذا مرهون بظروف سياسية واقتصادية كبرى في المنطقة والعالم، والخروج من فوهة الأزمة.

تعددت الأسباب

من الذي تسبب بخسارة الآخر..ومن الذي تووقف قبل الآخر؟ سؤال تبدو الإجابة عليه واسعة وتحتاج للخوض في تفاصيل عديدة، فهل كان لتردي واقع الإنتاج السينمائي السبب المباشر في إنقطاع الجمهور عن السينما مما أدى لإهمال الصالات من قبل أصحابها، ولم تعد هناك أفلام حديثة، ولا إنتاج سينمائي زاخر يجذب الجمهور..؟

أم أن أصحاب الصالات كانوا هم البادئين في هذا الإهمال وبقيت الصالات ومرافقها قديمة لا يطالها التحديث ولا العناية مما تسبب بعزوف المنتجين الذين يهمهم تسويق أفلامهم واستعادة المردود المادي الذي صرفوه..؟

وهل نهضة الدراما التلفزيونية هي السبب الحقيقي التي سرقت الجمهور والاهتمام الذي أدار ظهره عن السينما، كما أدار الفنانين والمنتجين اهتماماتهم عنها، وأصبح الفيلم السينمائي نادرا..؟

العودة تحتاج لمحفزات

للمزيد من الإيضاح أخذنا رأي المستشار الدرامي منصور الديب الذي يهتم بالواقع السينمائي فقال: كانت سنوات السبعينات من القرن الماضي هي العصر الذهبي للسينما في سوريا، فقد كان الجمهور يملأ الصالات والعروض متعددة وبعض الأفلام تبقى معروضة لأشهر وتحقق إيرادات كبيرة جعلت القطاع الخاص السوري يتشجع لإنتاج العشرات من الأفلام سنويا، وتأسس جمهور متابع لنجوم السينما العالميين وكل ماهو جديد.

وكانت الإيرادات تسمح بتحقيق أرباح للفيلم السوري من السوق السورية فقط، دون الحاجة لأسواق أخرى. شهر العسل بين الجمهور السوري والسينما لم يمتد لفترة طويلة فعندما بدأ الحصار الاقتصادي على سوريا في بداية الثمانينات لأسباب سياسية، وطال الأفلام السينمائية أيضا فلم تعد الأفلام الحديثة تعرض في الصالات، ولم تستطع المؤسسة العامة للسينما أن تكون مرنة بشكل كاف لاستيعاب ما جرى وتتخلى عن مرسوم حصر الاستيراد بها الذي جفف إمكانية استيراد الأفلام التي كان الجمهور معتادا على متابعتها مع ملاحظة أن السينما لم تكن أولوية أمام الحكومات السورية المتعاقبة أمام حاجات الفرد اليومية التي تراها أكثر أهمية، ولأن العالم يكره الفراغ فقد نشط سوق الفيديو بشكل كبير وبات الجمهور وبالذات من فئة الشباب يتابعون الأفلام السينمائية الحديثة عن طريق جهاز الفيديو، دون أن يضطر للذهاب إلى صالات السينما التي لا تعرض هذه الأفلام أصلا، ولم تعد صالة السينما في وعي هذا الجمهور هي المكان الذي يحتوي هذا العرض فحدثت قطيعة مكانية بين الأفلام وصالة السينما، وانصرف الجمهور نهائيا عنها لأنها تعرض بالأفلام القديمة وبعض الأفلام المسربة التي لم تكن كافية لاستعادة هذا الجمهور، وبالرغم من محاولة إيجاد حل عن طريق منح القطاع الخاص حق استيراد الأفلام بشكل محدود في صالتي سينما الشام في تسعينات القرن الماضي إلا أن سعر البطاقة العالي ومرونة سوق الفيديو جعلت عودة الجمهور صعبة كثيرا، ولم يعد الفيلم السوري في القطاع الخاص يحقق إيرادات تذكر من السوق السورية بالرغم من وجود أكثر من 90 صالة سينما في سوريا لكنها كانت فارغة ومهملة بفعل مرور السنوات مما اضطرها للإقفال في معظمها، ولم يبق من منتج غير القطاع العام السوري المتمثل في المؤسسة العامة للسينما والتي لم تكن مهتمة حقيقة في صنع أفلام تصل إلى الجمهور، وما كان يحدث لبعض الأفلام من جماهيرية معقولة كانت تعرض في صالات الكندي المملوكة للقطاع العام كان بفعل الصدفة وليس بسبب العمل الممنهج لاستعادة جمهور للصالات، وباتت صناعة الأفلام هي جزء من الصناعة الثقافية ولا تزيد عن فيلم أو فيلمين سنويا، وبالرغم من إنتاج أفلام مهمة على هذا الصعيد ولكنها كانت خاسرة تجاريا بشكل كامل، وتحتاج لدعم مستمر من ميزانية الدولة، وانسحب القطاع الخاص بشكل نهائي من السوق ما خلا عدد من أفلام الفنان دريد لحام والتي لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة خلال ثلاثة عقود من الزمن.

ويتابع الديب قائلا: كان مهرجان دمشق السينمائي فسحة تمتد لأسبوعين كي يتعرف الجمهور كل سنتين مرة على عدد كبير من الأفلام حيث كانت السينما العربية من المحيط للخليج حاضرة ومن آسيا وأوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية وأفريقيا وبعد انقضاء المهرجان يعود لأشرطة الفيديو وأقراص الـ C.D والفضائيات والأنترنيت، وغابت طقوس السينما كما أثرت الأزمة الحالية في إيقاف مهرجان دمشق السينمائي أيضا.

كل تلك الأسباب أدت إلى تردي واقع السينما وإغلاق الصالات، هكذا يقول الديب ودون تلك المقومات لن يتحسن المشهد السينمائي، والأمل موجود بولادة أجيال من المخرجين والفنانين الذين لم ييأسوا من هذا الواقع واستطاعوا نقل لغتهم السينمائية إلى الدراما التلفزيونية وتحقيق نجاحات كبيرة ونجومية ممتدة على مساحة الوطن العربي هذه المجموعة تهجس دائما في تقديم مشاريع سينمائية وكلهم أمل أن يعود القطاع الخاص السوري إلى الصناعة السينمائية مستغلا نجومية هؤلاء الفنانين السوريين وقدرتهم على التواصل مع جمهور متوفر ولكنه يحتاج إلى محفزات كبيرة للعودة لمشاهدة الأعمال السينمائية في مكانها الطبيعي في صالات السينما.

بارقة أمل وشغف النجوم

لم يتسن لنا حوار أحد من أصحاب صالات السينما كونهم هجروها دون رجعة كما يبدو أيضا وباتت بيد مستثمرين لها كمكان ليس إلا، ومن خلال تجوالنا على ما يمكن رؤيته مما هو مسموح، لمسنا مدى تردي واقع هذه الصالات، حتى أن بعضها لايزال يضع ملصقات لأفلام قديمة جدا من باب التذكير أنهم موجودين فقط.

وكما علمنا من متابعين وجيران هذه الصالات أنها باتت مهجورة وأن أصحابها لا يستطيعون تغيير أوصافها لعمل آخر، والبعض أشتكى من الإهمال الذي يصيبها، ومن الأجواء التي تحيط بها.

وفيما يتعلق بالأفلام السينمائية ومن خلال متابعتنا لمسنا وجود عدد من المخرجين الشباب يحملون على كاهلهم إنتاج أفلام سينمائية عديدة منهم جود سعيد والمهند كلثوم ونجدت أنزور وغيرهم ويشاركون فيها بالمهرجانات الدولية حيث وجهتهم هناك ويحصدون الجوائز التي تمكنهم من سد نفقات الإنتاج، ويقدمون رؤيتهم البصرية والإخراجية بطريقة منمقة وجميلة.

كما لازالت السينما هاجس النجوم الكبار أمثال الفنان أيمن زيدان الذي لم يتخلى عن الشاشة الكبيرة عبر ومثل وأخرج وساهم بالكتابة في عدة أفلام لاقت القبول والاحترام وكان فيلمه الأخير "أيام الرصاص" أول فيلم سوري يعرض في السعودية، وسبق له أن قدم زيدان أفلام مميزة كثيرة منها "رحلة يوسف" فيما كان للفنان دريد لحام عدة أفلام خلال سنوات الحرب بالتعاون مع المخرج باسل الخطيب.

هناك مبادرات بين الحين والآخر لكي تبقى جذوة السينما مشتعلة ولا تنطفئ، ولكنها محاولات فردية تقوم على الشغف الذي يحمله نجوم الفن، بينما يعتمد البقية مما لايزال في جو السينما باحثا عن التميز الخارجي وما يرد منه.

ومع ذلك فأن كل هذه الإنتاجات السينمائية وغالبها أفلام صنعت بتقانة عالية وجهود كبيرة من قبل صانعيها الذين تحدوا كل المصاعب، لا تجد لها الرواج المطلوب داخل البلد ويقتصر عرضها على بضعة أيام بعد العرض الأول، وتحتاج لدور سينما جماهيرية لترويجها، وسيقبل عليها الجمهور بمحبة فيما لو لاقى التشجيع والمكان اللائق كما يحدث في المسرح عندما يعرض عمل مسرحي يكون الازدحام على أشده.

السينما تحتاج لعناية خاصة وجهود متضافرة بين الدولة والجهات الأهلية كي تنتعش من جديد.

ولعل سينما الخيام التي تتوس دمشق بمساحتها الشاسعة ومسرحها الكبير لازالت تتنفس بعض السينما على استحياء ببعض الأفلام القديمة وبشكل صوري فقط، فيما تغطي مصاريفها الكثيرة من المقهى الذي تم استحداثه فيها وكذلك من ريوع المسرح الذي يعج في مسرحيات الأطفال والفرق الخاصة، وعدا ذلك تبدو الحياة السينمائية متوقفة، ولولا بعض أنشطة مؤسسة السينما القليلة وبعض ممتهني الشغف السينمائي لما كان للسينما السورية حضورا مطلقا وهي التي تجاوز عمرها المئة عام.

مقالات مشابهة

  • 4 ورش للإخراج المسرحي بمهرجان آفاق تنطلق السبت المقبل
  • “السينما السعودية: المنجز والتطلع”
  • الحرب فى السينما المصرية
  • نجيب ساويرس: السينما كانت وما تزال قادرة على تحسين حياة الناس
  • فعاليات ملتقى سيني جونة لصناع الأفلام بمهرجان الجونة السينمائي
  • عرض ترميم فيلم قشر البندق لخيري بشارة بمهرجان الجونة
  • عمرو منسي: رغبتنا تقديم الدعم لصناع السينما
  • من "أريد حلا" إلى "برغم القانون".. مشاكل المرأة وقضاياها في عيون السينما والدراما
  • الثلاثاء.. انطلاق 7 ورش لمهارات الممثل بمهرجان آفاق
  • من المسؤول عن تردي المشهد السينمائي في سوريا.. ولماذا أغلقت دور السينما أبوابها..؟