الجزيرة 360 تروي قصة اختفاء أميركي يقاتل مع الروس في دونيتسك
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
قالت زوجة المواطن الأميركي – الروسي راسل بنتلي (64 عاما)، الذي يقاتل بجانب الانفصاليين المؤيدين للروس في دونيتسك شرقي أوكرانيا، إن زوجها اختفى منذ 8 أبريل/نيسان الجاري، موضحة أن الشرطة المحلية تقوم بعملية تحقيق في محاولة الكشف عن مصيره.
وحول تفاصيل الاختفاء، قالت لودميلا بنتلي في مقابلة خاصة للجزيرة إنها وصلت مع زوجها راسل الساعة الثالثة والنصف مساء تقريبا إلى مبنى بلدية بيتروفسكي في مقاطعة دونيتسك التي تسيطر عليها القوات الروسية.
وسمعا حال وصولهما أنباء عن تحركات مكثفة إثر وقوع قتلى وجرحى بسبب عمليات القصف، مما "دفع راسل للتطوع ومساعدة الضحايا بعد ذلك بقليل، بينما خفت من مرافقته وبقيت أنتظره في المبنى حين غادر الساعة الرابعة والربع تقريبا".
وأضافت لودميلا الأوكرانية المنحدرة من دونيتسك، إنها فقدت الاتصال مع زوجها، المعروف أيضا باسمه الحركي "تكساس"، بعد الساعة الخامسة بقليل وظنت أن هذا ناجم عن انشغاله بإخلاء الضحايا، لكن انقطاعه عنها حتى الساعة السادسة أصابها بالقلق، فقررت البحث عنه.
وحال وصولها إلى مكان القصف، أكد لها شهود على أن شخصا لا يتحدث الروسية جيدا ولا يملك وثائق تم اختطافه بالقوة، بعد وضع قطعة قماش سواء على رأسه وتقييد يديه، وأخذه لوجهة غير معروفة ولأسباب ودوافع غير واضحة.
وتابعت لودميلا إنها وجدت سيارتهما في منطقة آفتوبازا، وبجانبها هاتف راسل محطما تماما وقبعته ونظارته، ولعدم امتلاكها المفاتيح، قررت أن ترجع في صباح اليوم التالي لأخذ السيارة، إلا أن شهود عيان أخبروها حال وصولها بأن شخصين كانا يرتديان زيا عسكريا أخذا السيارة قبل ذلك.
وبجانب الهاتف، كان مع راسل حقيبة تضم كل وثائقه: جوازه الروسي، وهويته العسكرية، ورخصة القيادة، وبعض بطاقات البنك الشخصية، بجانب سلاحه الفردي ورخصة حمله، بحسب لودميلا.
وفي وقت سابق، نشرت لودميلا على قناة راسل التي كان يديرها قبل اختفائه أنه اختطف من قبل جنود روس يتبعون لكتيبة دبابات، مطالبة بإطلاق سراحه.
وكان راسل الذي يعد نفسه شيوعيا قد انضم لجانب القوات الروسية لقتال أوكرانيا عام 2014، إلا أنه بعد ذلك قرر الانتقال للعمل الصحفي، وعمل مع وكالة "سبوتنيك" الرسمية وحصل على الجنسية الروسية.
وحول البحث عنه، قالت لودميلا إنها تواصلت مع الشرطة التي فتحت محضرا بقضية جنائية، نُقلت الآن إلى لجنة تحقيق عسكرية، كما سلمتهم هاتف راسل بعد إصلاحه واستعادة محتوياته بشكل كامل، مؤكدة أنهم لم يتواصلوا معها بعد وما تزال تنتظر معلومات حول مصير زوجها ومكانه الآن.
وأكدت لودميلا أن المنطقة التي اختفى بها راسل منطقة مدنية مع بعض الوجود العسكري بكونها واقعة في دونيتسك التي سيطرت عليها القوات الأوكرانية وأصبحت أحد خطوط القتال الرئيسية في الحرب الروسية – الأوكرانية.
وأضافت "أنا أنحدر من دونيتسك وعشت كل حياتي بها، وكان راسل يعيش معي منذ وصوله في ديسمبر/كانون الأول 2014، وقد عشنا في بيتروفسكي مرتاحين ومستقرين، وكان راسل يؤكد لي دوما على أن هذا وطنه ولا يريد أن يعيش بأي مكان آخر".
من جانب آخر، قالت رئيسة تلفزيون "روسيا اليوم" التابع للكرملين مارغريتا سيمونيان إن "راسل بنتلي، المعروف بـ"تكساس"، الأميركي الحقيقي المنحدر من تكساس قد قتل في دونيتسك وهو يقاتل مع رجالنا"، دون أن تقدم أي معلومات إضافية حول تفاصيل مقتله.
بدورها، أكدت كتيبة "فوستوك" التي كان راسل يقاتل في صفوفها مقتل راسل، داعية "للانتقام من أولئك الذين قتلوه"، في إشارة إلى أنهم لم يكونوا من القوات الأوكرانية الذين كان "تكساس" يقاتلهم.
وكانت منصة الجزيرة 360 صورت وثائقيا مطولا مع راسل بنتلي ضمن برنامجها الجديد "يوميات مقاتل"، متتبعة مسيرته وتحولاته وأسباب اختياره القتال بجانب القوات الروسية.
وحول أسباب انضمامه للقتال في أوكرانيا، يقول راسل، الذي يصف نفسه بـ"الشاعر"، في الفيلم الذي تبلغ مدته ساعة تقريبا، إن الولايات المتحدة اليوم "محكومة بمجموعة من الفاشيين الأصليين والشركات الأوليغاركية، أعداء روسيا والإنسانية ككل"، ولذا كرس حياته للقتال ضدهم خصوصا بعد الغزو الأميركي في أفغانستان والعراق "بناء على كذبات، وارتكابهم جرائم ضد الإنسانية هناك"، بحسب تعبيره.
ويتتبع الفيلم حياة "تكساس" الصاخبة، منذ ولادته ونشأته في تكساس الأميركية لعائلة ثرية محافظة ومتدينة، وأثر التطورات التي مرت بها البلاد كحرب فيتنام واغتيال جون كينيدي، ثم قتاله مع الجيش الأميركي، وبعد ذلك سجنه لـ5 سنوات إثر عمله كمروج للمخدرات، وأخيرا وصوله إلى روسيا نهاية عام 2014، "لقتال الشر الحقيقي ونازيي القرن الحادي والعشرين" كما يقول.
من جانبه، قال ألكساندر كوروبكو، صديق راسل والمنتج في فريق التصوير، إنه تواصل مع راسل قبل اختطافه ببضعة أيام لتصوير مزيد من المشاهد معه ومع زوجته، مضيفا أنه -باستثناء الحرب المستمرة- لم يكن هناك تهديد محدد يحيط براسل.
وتابع كوروبكو بأن اختطاف راسل يظهر التحديات التي تواجه فرض النظام والقانون في منطقة دونيتسك التي اختطف بها بكونها "إحدى المناطق الرمادية" التي لا توجد بها سيطرة محددة، مؤكدا أنه وجميع من يعرف راسل يشعرون بالقلق الشديد تجاه اختطافه، بكونه "شخصية غير عادية"، ويحملون مشاعر الإعجاب والتقدير لـ"عمله الإنساني ومشاعره التي قام بها والأكثر الأهمية من عمله العسكري".
ويأتي "يوميات مقاتل" ضمن البرامج الأولى الأصلية لمنصة "الجزيرة 360" الرقمية الجديدة، والتي تدخل بها عالم منصات "الفيديو تحت الطلب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات فی دونیتسک کان راسل
إقرأ أيضاً:
لويزا الألمانية.. تروي للجزيرة نت كيف أسلمت ورابطت في المسجد الأقصى
عندما بدأت التسجيل مع لويزا لورانزن وجدت فيها حماسة للتعبير عن رحلتها إلى الإسلام والرباط بالمسجد الأقصى، وانطلاقا نحو سرد تفاصيل دقيقة شكّلت انعطافات كبيرة في مسيرات حياتها المهنية والأكاديمية والدينية، وتدفقت العبارات لتروي للجزيرة نت تفاصيل هذه الرحلة.
فتقول لويزا عن نفسها: "عندما بلغت 20 عاما من عمري لم أكن أعرف عن الإسلام شيئا، ولم ألتق مسلما من قبل، حتى المنطقة التي أسكنها والأسرة الكبيرة التي أنتمي إليها لم يكن فيها مسلم واحد، واستمر ذلك حتى انتقلت لمتابعة دراستي في مدريد بإسبانيا".
ولويزا نشأت في فرانكفورت بألمانيا لأب أسترالي وأم ألمانية، وهي باحثة في السلام والصراعات الدولية، وكان موضوع أطروحتها لنيل درجة الماجستير عن المرابطات في المسجد الأقصى، وأنشأت مع زوجها براء أبو الخير مؤسسة في ألمانيا معنية بالدفاع عن القضية الفلسطينية.
وبراء أيضا وُلد في ألمانيا أيضا، ولأبوين فلسطينيين، ويعمل في مجال الهندسة الصناعية والطاقة المتجددة وحماية المناخ.
إسلام لويزا
شكّل وصول لويزا إلى إسبانيا نقطة تحول عظيمة في حياتها كلها، إذ للمرة الأولى تلتقي مسلمين عن قرب وتتعامل معهم، وكان تطوعها في منظمة إنسانية المدخل الأول الذي جعلها تعيد حساباتها، ولم يستغرق الأمر طويلا لاتخاذ قرار بأن الإسلام هو الطريق الصحيح الذي ينبغي السير فيه.
إعلاناستمرت لويزا في إسبانيا عامين، بدأت فيها دراسة العلوم السياسية، وركزت دراستها على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن المفارقة أن فلسطين لم تكن موضوعا رئيسيا في دراستها آنذاك، ولم تكن تعرف الكثير عنها، حتى عندما يرد ذكرها في الدراسات الجامعية لديها تكون وجهة النظر أحادية.
ويشاء الله تعالى أن تصبح فلسطين محور دراستها في الماجستير والأبحاث الأخرى التي توالت بعد إسلامها، فتروي لويزا أنه رغم عدم معرفتها بأي فلسطيني عن قرب قبل إسلامها، فإنها شعرت برابطة الإسلام التي تجمعها مع المسجد الأقصى، وتحديدا عندما بدأت التعرف على الفلسطينيين.
بين إسطنبول والمدينةوتجسد هذا التعارف في زوجها براء وعائلته الفلسطينية، فأجداده من الذين عاشوا ويلات نكبة عام 1948، ووالداه ولدا مباشرة بعد النكبة في مخيم للاجئين الفلسطينيين، وهذا التعارف شكّل الباب الواسع الذي قدم مادة علمية أمام لويزا لكتابة أوراق بحثية عن القضية الفلسطينية على نحو يغاير انحياز الدراسات الألمانية تجاه الرواية الإسرائيلية.
وربما لعبت الصدفة دورا في تعرف لويزا على هذه الأسرة الفلسطينية، ففي مطار إسطنبول قابلت لويزا فتاة ألمانية من أصل فلسطيني أثناء توجهها إلى أداء مناسك العمرة، ولم يدم اللقاء كثيرا وذهبت كل واحدة في طريقها.
وفي اليوم الأخير من العمرة في المسجد النبوي بالمدينة المنورة قابلت لويزا الفتاة الفلسطينية نفسها، ولكن اللقاء هذه المرة امتد لوقت أطول، وتعمقت المعرفة وأخذت أبعادا أخرى للدرجة التي رشحتها الفتاة إلى أخيها، وسرعان ما تمت الخطبة.
زواج لويزا من براء لم يكن لقاء بين شخصين مجردين أو أسرتين مختلفتين، لكنه انفتاح على قضية ستشكل محور دراساتها واهتماماتها، وستضع في طريق معرفتها كتبا أخرى وسردية جديدة للصراع غير تلك السائدة في المدارس والجامعات الألمانية، والتي بالطبع تكون منحازة للمنظور الإسرائيلي.
إعلان
المرابطات بالقدس
تقول لويزا "المرة الأولى التي حظينا فيها بفرصة زيارة فلسطين والمسجد الأقصى كانت في رمضان (2023)، أي قبل نحو نصف عام من بدء الحرب والإبادة الجماعية على قطاع غزة، وكانت هذه لحظة تحول في رأيي، سواء في حياتي الشخصية أو في حياتي المهنية أو الأكاديمية، حيث تعرفت على أحد أكثر الشعوب صمودًا، وهم المرابطات في القدس".
وتروي الباحثة الألمانية ما وقفت عليه بنفسها: "هؤلاء النساء ممنوعات من دخول المسجد الأقصى منذ أكثر من عقد، وتصدر ضدهن أحكام من المحاكم العسكرية تمنعهن من دخول المسجد الأقصى. والآن بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أصبح ذلك صعبًا للغاية عليهن ويكاد يكون مستحيلًا، ولكنهن ما زلن يمارسن مطالبهن بالتجمع عند أقرب نقطة يستطعن الوصول إليها قرب المسجد الأقصى".
ومن المفارقات التي وقفت عليها لويزا أن أغلب هؤلاء المرابطات يعشن في البلدة القديمة بالقدس، ومع ذلك يُمنعن من دخول المسجد الأقصى، "فكن يجتمعن عند البوابات الأقرب للمسجد ويصلين هناك ويفطرن ويتحدثن مع الناس".
كان التحدي الكبير أمام لويزا يتمثل في نقل القصص الإنسانية التي سمعتها في فلسطين إلى المشهد الأكاديمي الألماني، خاصة أن الأوساط الجامعية في ألمانيا لم تكن ترحب بدارسة يكون موضوعها "المرابطات في المسجد الأقصى"، ليس فقط بين الأساتذة، بل بين الطلاب أنفسهم.
نظرة لويزا للمرابطات تغيرت إلى حد ما بعد مشاركتها في الأنشطة التي يقمن بها، ونظرت إلى الرباط في رحاب المسجد الأقصى بوصفه "فعلا مقاوما" للاحتلال تقوم به ناشطات فلسطينيات، وكنوع من الإلهام الذي يغير مجرى دراساتها.
وهذا تحديدا ما دفعها إلى اختيار موضوع أطروحتها للماجستير ليكون حول ممارسات المرابطات اليومية، وكيف يقمن بأنشطتهن، وكيف يتكيفن مع القمع الذي يتعرضن له تحت الاحتلال الإسرائيلي، فهن يتعرضن للضرب والسجن باستمرار.
إعلانوتروي لويزا على لسان إحدى المرابطات أنها تخرج كل يوم من منزلها وهي تتوقع 3 سيناريوهات: إما أن تتعرض للضرب من قبل الجنود الإسرائيليين، أو يتم سجنها، أو تصبح شهيدة.
شهادة ألمانية
بعد عودة لويزا وزوجها براء من فلسطين، مارس الاحتلال الإسرائيلي "إبادة جماعية" على الفلسطينيين في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفجّر ذلك تعاطفا كبيرا من الأصوات الناقدة للسياسة الألمانية، لكن هذه الأصوات تم قمعها وبعنف من قبل الشرطة، خاصة المظاهرات التي جابت شوارع برلين.
وتقول لويزا وزوجها براء إن الأمر امتد إلى أن كثيرا من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية فقدوا وظائفهم وأعمالهم لمحاولتهم التعبير عن الإحباط والغضب من سلوك الحكومة الداعم للعدوان الإسرائيلي مما ولّد إحباطا عاما، لكنهم لم يتوقفوا عن الأنشطة التي تشرح قضيتهم حتى تغير المشهد الشعبي العام في ألمانيا.
ويقول براء أبو الخير إن ما بعد معركة السابع من أكتوبر غيّر الكثير من المسلمات التي كانت سائدة في ألمانيا، وعلى رأسها احترام القانون الدولي، بوصفه قوة لا يمكن تحديها أو تجاوزها، لكن ما تعلموه لاحقا أن هذه القدسية لها شروط ولا يتم تطبيقها على الجميع.
ويضرب أبو الخير مثلا بالأبرياء من أطفال غزة الذين يستمر قتلهم، والمزيد من المستشفيات والمدارس التي تدمر، لأن ألمانيا تحديدا تطبق القانون الدولي فقط "إذا لم تكن الضحية دولة أوروبية، أو لم تكن الضحية شخصًا أبيض، فإننا نتحدث عن قواعد مختلفة لا تنطبق على الفلسطينيين على الإطلاق أو على شعوب الجنوب العالمي".
وأشار أبو الخير ولويزا إلى أنهما أسسا معا مؤسسة في ألمانيا معنية بالدفاع عن السردية الفلسطينية، وعرض حقائق القضية باللغة الألمانية، وأنها تجد تجاوبا كبيرا من المجتمع الألماني الذي يحدث فيه تغيير إيجابي حاليا حتى في الساحة الأكاديمية، واستمرار المظاهرات في الشوارع الألمانية تعكس هذه المتغيرات، رغم التضييق الحكومي حتى الآن.
إعلان