الموافقة على الاستثمار في 4 محميات طبيعية.. والثديات البرية الكبيرة تمثل 38% من الأنواع المهددة بالانقراض في عُمان
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
◄ "البيئة" تعكف على إعداد خطة إدارية للمحميات تستهدف الحفاظ على التنوع الأحيائي
◄ الفرص الاستثمارية تتضمن إنشاء مراكز للزوار ونزلًا بيئية
◄ تسجيل 17 نوعًا من الطيور البرية في محمية الظاهرة الطبيعية
◄ انتشار ملحوظ للضب العُماني في الظاهرة.. ورصد للوعل والغزال العربي
◄ واحة البريمي الطبيعية تقع في 3 محافظات.
. وتضم أنظمة بيئية مختلفة
◄ 80 نوعًا من النباتات و17 من الطيور وبعض أنواع الزواحف في محمية واحة البريمي الطبيعية
الرؤية- ريم الحامدية
كشفت المهندس سليمان الأخزمي مدير عام المديرية العامة لصون البيئة أن الهيئة أصدرت موافقات على الاستثمار في 4 محميات طبيعية، وأنه من المقرر التوقيع على هذه الاتفاقيات قريبًا.
وقال الأخزمي- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إن من بين هذه المحيمات: محمية الجبل الأخضر، ومحمية أضواء النجوم في الجبل الغربي، ومحمية خور المغسيل بظفار، ومحمية الديمانيات، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المحميات في طور دراسة طرحها للاستثمار وسيُعلن عنها قريبًا.
وعقدت هيئة البيئة اليوم الأحد مؤتمرًا صحفيًا لتسليط الضوء على المراسيم السلطانية الصادرة مؤخرًا وتتعلق بإنشاء 3 محميات جديدة وهي: محمية الجبل الغربي، ومحمية الظاهرة الطبيعية، ومحمية واحة البريمي الطبيعية؛ ليرتفع عدد المحميات الطبيعية في سلطنة عُمان إلى 30 محمية طبيعية، على مساحة تقارب 15 ألف كيلومتر مربع، وأن الهيئة تطمح لزيادة مساحة المحميات الطبيعية إلى 54 ألف كليومتر مربع. وأوضحت الهيئة أن هذه المراسيم السلطانية تعزز من أهمية المحميات ودورها في حماية الحياة الفطرية الحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض، إلى جانب الحفاظ على مكوناتها وتنوع تضاريسها وتشكيلاتها الجيولوجية الثرية؛ سواءً البرية منها أو البحرية، مُشكِّلةً توازنًا طبيعيًا للمنطقة وحمايةً للمعالم الطبيعية التي بدأت تدريجيًا في الاندثار، علاوة على أنها تُسهم في تعزيز السياحة البيئية.
وذكر الأخزمي أن صدور المراسيم السلطانية بإنشاء المحميات الثلاثة تحمل في جنباتها العديد من التجمعات السكانية؛ وذلك لقربها من ضفاف الأودية، وأن هذه المحميات تتكون من تنوع إحيائي ثري في كونها مناطق ذات أهمية بيئية وأهمية سياحية، موضحًا أن الإعلان عن المحميات يستهدف الحفاظ على التنوع الاحيائي الفريد.
وأضاف الاخزمي أن المحميات تنطوي على جوانب اقتصادية أخرى؛ كالاستثمارات البيئية السياحية في العديد من المحميات، مشيرًا إلى أن المحمية ليست مجرد قطعة أرض محمية؛ بل هي محمية قابلة للاستثمار والتنمية.
وأوضح مدير عام المديرية العامة لصون البيئة أن الخطوة المقبلة للهيئة تتمثل في إعداد خطة إدارية للمحميات؛ والتي من خلالها سيبدأ العمل على كيفية الحفاظ على التنوع الموجود والاحتياجات الفعلية للمحمية، وستكون بالشراكة المجتمعية مع مكاتب السعادة المحافظين والولاة لكي يتم التعريف بهذه الخطة على كافة القطاعات؛ حيث تعد شراكة مجتمعية بيئية في الحفاظ على المحميات، وستكون هناك فرص استثمارية قريبة، بحيث لا تأخذ منحنى آخر غير الذي خطط له بحيث أن الاستثمار لا يطغى على الجانب البيئي ويكون هناك توزان بين الاستثمار السياحي البيئي والحفاظ على ما تزخر به المحمية من تنوع إحيائي فريد.
وخلال المؤتمر الصحفي، كشف سالم بن نصير الربيعي مدير دائرة المحميات الطبيعية بهيئة البيئة عن تفاصيل المحميات الطبيعية الثلاثة الجديدة، والتي تقع في شمال سلطنة عُمان، وتغطي هذه المحميات جزءًا مهمًا من جبال الحجر الغربي وتشمل محافظات شمال الباطنة والبريمي والظاهرة، مما يعزز جهود الحفاظ على البيئة ويسهم في الأهداف الاستراتيجية للسلطنة. وأضاف أن المحميات الجديدة تشمل تضاريس البيئة الجبلية وبها تنوع فريد يضم أنواعًا نباتية وحيوانية مختلفة، على رأسها الوعل العربي والغزال العربي، إضافة إلى تنوع كبير في الطيور البرية، وتضمن تلك الحماية استمرارية هذه الأنواع وحمايتها من الانقراض، وجاءت تفاصيل الانواع الحية المهددة بالانقراض في تلك المحميات كالتالي: الثدييات البرية الكبيرة (Mammals) = 38%، الطيور (Birds)=7%، الزواحف (Reptile)= 17%، النباتات (Plants)= 6%، والحفاظ على الموارد المائية والأراضي: الأنشطة البشرية مثل الزراعة والرعي تخضع لقيود بيئية صارمة داخل المحميات لضمان عدم إضرارها بالتنوع الاحيائي والموارد الطبيعية.
وأوضح أن من شأن هذه الإجراءات أن تساهم في الحفاظ على الأودية والمناطق المائية التي تعتبر حيوية للثروة الحيوانية والحياة البرية؛ حيث إن مساحة المحميات البرية في سلطنة عمان شهدت ارتفاعًا وصل إلى 4.8% بعد أن كانت 3.7% من اجمالي المساحة الوطنية، كما تساهم جبال الحجر الغربي في توفير المياه للأودية والزراعة، وتعد من أهم مصادر المياه الجوفية في محافظات شمال الباطنة والبريمي والظاهرة، وكونت حاجزًا طبيعيًا ذو أثر بيئي كبير يحافظ على نمط الحياة الرعوية وتوفير مواطن للحياة البرية المحلية.
وبيّن الربيعي أن هذه المحميات تساهم في دعم الاقتصاد الوطني، من خلال السياحة البيئية؛ حيث تجد في هذه المحميات بيئة غنية بالمعالم الطبيعية والجيولوجية تجذب الزوار؛ مما يعزز الاقتصاد المحلي ويخلق فرص عمل في المناطق المحيطة. وأكد الربيعي أنه بعد الانتهاء من إعداد خطط الادارة للمحميات الطبيعية الثلاثة، سيتم تطوير فرص استثمارية بها وفق ما هو معمول به حاليًا على أن تشمل مراكزَ للزوار ونُزلًا بيئية.
وأشار كذلك إلى أن المحميات تساهم في التعليم والبحث العلمي؛ إذ إن المحميات توفر فرصًا للبحث العلمي والدراسات البيئية؛ حيث يُمكِن للباحثين والطلاب دراسة النظم الإيكولوجية والعمليات الطبيعية، وتسهم في رفع الوعي بأهمية الحفاظ على التنوع الاحيائي، وذلك بالتنسيق مع الجامعات والكليات بالمحافظات الثلاثة. وأوضح أن المحميات تساعد في التخفيف من التغير المناخي، من خلال حماية الاشجار والمساحات الخضراء داخل المحميات التي تساهم في امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتخزين الكربون، مما يعزز جهود التخفيف من الآثار السلبية للتغير المناخ، حيث تسعى سلطنة عمان للوصول إلى الحياد الصفري بحلول العام 2050.
يُشار إلى أن محمية الجبل الغربي الطبيعية تقع في شمال سلطنة عُمان بين محافظتي شمال الباطنة والبريمي، وهي عبارة عن سلسلة جبلية ممتدة يفصلها من الجنوب وادي الجزي ومن الشمال وادي رجمي، وتبلغ مساحتها قرابة 485 كم2. وتتميز المحمية بتنوع أحيائي واسع، حيث رصد فيها 58 نوعًا نباتيا منها الشوع والعسبق والحبن والهندبوب، و5 أنواع من الثديات حيث أثبتت الدراسات الميدانية البيئية وجود الوعل العربي (الطهر)، وأنواع متعددة من الزواحف، بالإضافة إلى تسجيل 13 نوعًا من الطيور المهاجرة والمستوطنة منها الحجل الرملي وحمام الجبل.
أما محمية الظاهرة الطبيعية فتقع في محافظة الظاهرة، وتحديدًا ضمن السلسلة الجبلية الممتدة من جنوب وادي الفتح بولاية ينقل وحتى منطقة المازم شمال غرب ولاية عبري؛ حيث تعتبر منطقة المازم من المواقع الهامة لطائر الحبارى أثناء هجرته في موسم الشتاء، وتبلغ مساحة المحمية أكثر من 860 كم2.وتمتاز المحمية بوجود السلسلة الجبلية التي تقطعها بعض الأودية الرئيسية بالمحافظة والتي تتجه إلى الجنوب الغربي لتصب في صحراء الربع الخالي وأشارت هيئة البيئة إلى أن المسوحات الميدانية أثبتت تسجيل أكثر من 70 نوعًا من النباتات البرية، أبرزها الغاف والراك والسلم والسدر، وأنواع من الثديات الكبيرة فقد رصد الوعل العربي (الطهر) والغزال العربي والوشق والثعلب الجبلي والأرنب البري والقط البري، كما تم تسجيل 17 نوعًا من الطيور البرية، إضافة إلى انتشار الضب العُماني بشكل ملحوظ.
أما محمية واحة البريمي الطبيعية فتقع في 3 محافظات وهي: محافظة البريمي، ومحافظة شمال الباطنة، ومحافظة الظاهرة، وبالتحديد ضمن السلسة الجبلية من شمال الشوعية بولاية عبري بمحافظة الظاهرة تحدها قرية العقير بولاية صحم بمحافظة شمال الباطنة من جهة الشرق وقريتي الخد وخضراء المكاتيم بولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة من جهة الشمال وحتى وادي صاع بولاية البريمي بمحافظة البريمي من الشمال الغربي. وتضم المحمية أنظمة بيئية مختلفة وتنوعًا أحيائيًا حيوانيًا ونباتيًا غنيًا؛ حيث سُجِّل 80 نوعًا من النباتات، و17 نوعًا من الطيور، ورصد بعض أنواع الزواحف، بالإضافة لرصد الوعل العربي (الطهر) والغزال العربي والوشق والثعلب الجبلي والثعلب الأحمر. كما يطلق السكان المحليون على هذه المنطقة بحصن الوعل نظرًا لوعورتها وارتفاعها وتضم في جنباتها مجموعة مُهمة من الوعل العربي المهدد بشدة لخطر الانقراض.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
التطرف والإرهاب.. ومعاناة العالم الكبيرة
يمثل اليوم العالمي لمنع التطرف نقطة مضيئة للبشرية والذي يصادف اليوم 12 فبراير من كل عام، عندما تداعت له الدول تحت قبة الأمم المتحدة في 8-9-2006م وتوحدت في إصدار قرارها (77/ 243) الهادف إلى رفع مستوى التوعية والإدارك بخطورته وفصل هذا المسار وتحييده عن باقي المسارات التي تخدم الحضارة الإنسانية.
سلطنة عمان التي ما زالت تشارك العالم في احتفالية هذا اليوم، تعبر بروح المسؤولية عن نهج حميد لتضيف جهودها إلى دول العالم الساعية إلى نبذ التطرف والإرهاب ومنع منابته من النمو فيها وتطهير المجتمعات البشرية من هذه الآفة التي خلفت مآسي إنسانية خلال النصف قرن الماضية.
وفي مفهوم الجميع أن التطرف ليس فقط ما يقوم به الأفراد من أفعال منافية لتحقيق غايات ذاتية من منطلقات دينية أو عقائدية أو دوافع شخصية، بل ما تقوم به كيانات لتنظيمات مسلحة خارجة عن القانون ويمتد، أحيانًا، لما تقوم به بعض الدول حينما تقوم بأفعال منافية للقيم الإنسانية والقوانين الدولية مثل الاضطهاد والإبادة.
ولا شك أن وراء تطرف الأفراد في الغالب أسباب كبيرة تتمثل في قلة الوعي والتعليم وعدم إدراك العواقب والشحن الفكري والتوجهات المتشددة بهدف تحقيق مآرب عبر استخدام العنف كما ظهر في دول كثيرة مثل: الصومال وأفغانستان والعراق وسوريا والسودان وبورما (ماينمار) والبوسنة والهرسك وبوروندي وعدد من دول أوروبا الغربية في مراحل مختلفة، وأدى التطرف وما صاحبه من عنف إلى قتل الملايين وتشريد مواطني هذه الدول، وخلّف الكثير من الدمار والعذاب والتشرد والمجاعه والخوف وعدم الاستقرار والإبادة الجماعية والتصفيات العرقية.
وحصنت سلطنة عُمان أرضها الطاهرة من مثل هذه الأعمال منذ وقت مبكر، وتحدث السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- في خطاب موح وله دلالة في عام 1994 وقال: «إن التطرف مهما كانت مسمياته، والتعصب مهما كانت أشكاله، والتحزب مهما كانت دوافعه ومنطلقاته، نباتات كريه سامة ترفضها التربة العمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبًا، ولا تقبل أبدا أن تُلقى فيها بذور الفرقة والشقاق».
وهذا النهج رسّخ مكانة سلطنة عمان عالميًا وعزز من دورها في النهضة المتجددة، حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي يؤمن أن التطرف أكبر مهدد لاستقرار الحياه البشرية، التي عانت منه. ويكفي الإشارة إلى أن مؤشر الإرهاب ارتفع بنسبة 22% وسقط بسببه 8352 بريئًا حول العالم في عام 2023 مرتفعا عن عام 2017، وبلغ الارهاب ذروته في عام 2014 م على مستوى العالم، إلا أنه تراجع بعد ذلك بفضل الجهود التي بذلت لتحييده مع انتقال مركز الصدارة من الشرق الأوسط إلى بوركينافاسو .
وخلال أعوام (2023-2024-2025) تضاعفت الأعداد بسبب سقوط قرابة 50 ألف شهيد في قطاع غزة، وفي كل الحروب التي قامت في القرن بين 19 و 20 و 21 فإنها ضاعفت أرقامًا مخيفة بسبب جبروت وطغيان بعض الدول على بعضها منذ الحرب العالمية الأولى والثانية في القرن العشرين والتي خلفت أكثر من (60) مليون قتيل يشكلون أكثر من 2.5% من تعداد السكان العالمي، ويتوقع أن يرتفع مؤشر العنف بزيادة نسبة الحوادث إلى 5% سنويًا.
وآمنت القيادة العمانية منذ عقود بعيدة بضرورة إيجاد منظومة تشريع ضمن النظام الأساسي للدولة لمنع التطرف الذي يمثل حاضنة الإرهاب داخل المجتمع، وشددت على ذلك من خلال العقوبات في تشريعاتها التي يتم تحديثها بين الفنية والأخرى، وهو ما عزز مكانة سلطنة عمان عالميًا.
كما عملت سلطنة عمان مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات بهذا الشأن واستضافت العديد من المنتديات والمؤتمرات الدولية الهادفة إلى تقييم تلك المخاطر المحدقة بنا، هادفة إلى منع انتشار التطرف العنيف وتحييده ومحاصرته والعمل على القضاء عليه بجهود مشتركة، وقد نجح العالم إلى حد كبير في الحد من هذا الخطر الذي يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وعزز ذلك الجهد إصدار قانون مكافحة الإرهاب رقم 8/ 2007 الصادر في 22 يناير 2007 والذي اشتمل على فصلين و27 مادة، وإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب التي كلفت بمتابعة هذا الأمر، ليضيف ذلك بعدًا مهمًا، ويعكس حرصًا كبيرًا على استقرار وأمن المجتمع العماني.
كما انخرط العالم أيضًا في المسار نفسه بهدف تقليل مستويات العنف الناتج عن الإرهاب مع جهود كبيرة في تبني المساواة والعدل بين أطياف المجتمعات في دول العالم، وكذا مع التقدم التقني وتعاون أجهزة المخابرات الوثيق في تبادل المعلومات والجهود الأمنية الاستباقية، والدعوة إلى تبني سياسة اجتماعية أكثر عدلا في الدول، وتوسع دور لجان مكافحة الإرهاب، وأدى ذلك إلى تراجع ملحوظ لكنه لم يمنع كليًا وقوعها بين فترة وأخرى وإن كان بشكل أقل بكثير وهذا أحد الأهداف المراد تحقيقها.