«أعيدوا روح عبدي إليه».. هل يشعر الميت بمن يزوره؟
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
خبايا ما بعد الموت من أكثر الأفكار التي تراود الإنسان، إذ يتساءل البعض عما يحدث للميت بعد الموت وإلى أين تذهب الروح؟، وعلى صفحة دار الإفتاء المصرية، أسئلة كثيرة تدور حول الموت وما يحدث للروح بعد انفصالها عن الجسد، وأجاب أعضاء لجنة الفتوى بدار الإفتاء على كثير من هذه الأسئلة لتوضيح الصورة بشكل كامل.
أين تذهب الروح بعد الموت؟في بث مباشر على صفحة دار الإفتاء، أكد الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى أن الإنسان بعد الموت ينتقل من حياة إلى حياة وليس إلى عدم أو فناءً، فروح الإنسان لا تفنى حين تخرج من الجسد لفترة معينة، وورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن روح المؤمن تصعد إلى السماء فتقابلها الملائكة بالروح والريحان والروائح الطيبة والكلام الطيب، ثم تذهب إلى السماء السابعة ثم ينادي الله في ملائكته أعيدوا روح عبدي إليه.
أما إذا كان المتوفى غير صالح بحسب «عبد السلام»، فإن روحه تقابل بروائح خبيثة وكلام غير طيب، ويقول الله للملائكة أعيدوا روحه إلى جسده، مشيرًا إلى أن خروج الروح من الجسد تكون على مراحل، وعندما يدفن الإنسان تكون روحه معلقة في القبر الموجود به جسده، مثل الشعاع الذي يصل بين الجسد في الأرض والروح في السماء، لذا يشعر الإنسان بمن يزوره ويرد عليه السلام.
ماذا يحدث بعد الموت؟وعلى صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك»، تحدث الشيخ محمد عبد العظيم الأزهري، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، عن الموت، قائلا: «عندما يموت الإنسان وبعد سكرات الموت الشديدة تأتي له ملائكة باللون الأبيض يأخذون روحه إلى السماء السابعة، ثم تحدث (ضمة القبر) التي تأتي على المؤمن جميلة ويكاد لا يشعر بها».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الموت موت الإنسان روح الإنسان بعد الموت
إقرأ أيضاً:
مصر: السُّلطوية ونفي المواطنة عن الجسد السياسي (3)
هذا هو المقال الثالث، ضمن أربعة مقالات أناقش فيها كيف استخدمت الدولة المصرية، تاريخيا وإلى الآن، التقنيات الحداثية في إيجاد ونفي أجساد وأسماء المصريين من أجل بقائها وهيمنتها.
نفي الجسد ومحو الاسم
من بعد تموز/ يوليو 2013، أي بعد الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي، هرب كثيرٌ من المصريين خارج البلاد، لتفادي القمع أو حتى خوفا من عودته، أي تكرار اعتقالهم واختفائهم، وتعذيبهم، وحتى من احتمالية قتلهم. وبمجرد خروجهم من مصر، كانوا يظنون أنهم قد ارتاحوا من القمع الجسدي المباشر على أجسادهم. لكن مع الوقت اتضح لهم أن هناك قمعا آخر، تستخدمه السُلطوية ضد المواطنين، لأنهم مواطنون مصريون لا أكثر، يجب عليهم تخليص أوراقهم في البلاد الجديدة التي وصلوا إليها من خلال السفارات والقنصليات المصرية.
لكن هذه السفارات والقنصليات، التي من المفترض دستوريا أن دورها هي مساعدة المواطنين خارج البلاد، في تخليص أوراقهم الدراسية والعملية وحل إشكالياتهِم القانونية والأمنية وغير ذلك، تكون هي عبئا عليهم، وسُلطوية قمعية ممتدة للنظام الأمني، إذ تراقبهم وتتجسس على أنشطتهم، بهدف السيطرة والإخضاع لكلِّ ما لا يتماهى مع سياسات النظام، كما تعرقل تخليص أوراقهم وممارسة حقوقهم السياسية.
لكن هذه السفارات والقنصليات، التي من المفترض دستوريا أن دورها هي مساعدة المواطنين خارج البلاد، في تخليص أوراقهم الدراسية والعملية وحل إشكالياتهِم القانونية والأمنية وغير ذلك، تكون هي عبئا عليهم، وسُلطوية قمعية ممتدة للنظام الأمني، إذ تراقبهم وتتجسس على أنشطتهم، بهدف السيطرة والإخضاع لكلِّ ما لا يتماهى مع سياسات النظام، كما تعرقل تخليص أوراقهم وممارسة حقوقهم السياسية
منذ سنوات كثيرة، حسب منظمة هيومن رايتس ووتش، يعاني مصريون كُثر في الخارج من استخراج أوراقهم ومُستنداتهم، إذ تخضع كل الإجراءات اللازمة للمُوافقات الأمنية سواء داخل السفارة أو حتى بإرسالها لأخذ الموافقة من جهاز الأمن الوطني داخل مصر. تُرسل صفة المعاملة للمواطن المغترب المصري، وتصدر التعليمات إما بالموافقة أو الرفض أو عدم الإجابة، وهذا ما تجلَّى بشكل واضح في استخراج جوازات السفر للمصريين في الخارج، حيث واجه الآلاف إشكالية في تجديد جوازات سفرهم، ودائما ما كان يأتي الرد على المتقدمين أنه لم يُستخرج بعد، وأن كل ما تستطيع السفارة تقديمه هو وثيقة سفر للعودة إلى مصر.
في ذات السياق، يحكي إبراهيم (اسم مستعار)، وهو أحد المعارضين السياسيين خارج مصر، تجربته مع السفارة المصرية، فيقول: "في البداية، أُراسل السفارة وأعطيهم بياناتي، وبعد استعلامِهم عني أمنيا، يوافقون أو لا يوافقون لذهابي إلى السفارة. وبعد أن ماطلوا شهورا في الرد عليّ، ذهبت إليهم وقدَّمت أوراق طلب تجديد جواز سفري إلى موظفي السفارة، بالإضافة إلى الرسوم اللازمة، وانتظرت. ويفوت شهر تلو الآخر، وحين أذهب للسؤال، يقول إن الورق ما زال في مصر، ولم يأت رد بإصدار جواز سفر جديد، وحين تتكرر الزيارات والأسئلة والمشادات الكلامية عن السياسة والمعارضة في مصر، يخبرني موظفو السفارة أن كل ما لديهم هو إعطائي وثيقة سفر للرجوع إلى مصر، وهذا بالطبع مُستحيل، فهم يعطوني وثيقة سفر للرجوع إلى السجن مرة أُخرى".
لا تكتفي السفارات والقنصليات المصرية في الخارج بممارسات المُمَاطلة فحسب، بل حتى وصل الأمر إلى محاولة احتجاز إحدى الشباب خلال سؤاله عن تجديد جواز سفره. إذ في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2020، وثَّق المواطن المصري عمرو حشاد، المقيم في تركيا، محاولة موظفي القنصلية التركية احتجازه دون أي سند قانوني، وهذا أثناء محاولة استخراج جواز سفره، قبل أن يتمكّن من الهرب، وقد رفع دعوى ضد موظفي القنصلية في إسطنبول أمام المحكمة العليا، ما دلَّ على أن القنصليات لا تعطّل وترفض استخراج أوراق المواطنين فقط، بل في أوقات تُصبح مقرَّات للتحقيق والاحتجاز وربما الترحيل إلى مصر. [16]
تعطيل ممارسة الحق السياسي
أما فيما يخص ممارسة المواطنين لحقّهم السياسي والدستوري، فهذا إجراء روتيني يقوم به المغتربون، إذ يتوجهون إلى مقرات السفارات والقنصليات المصرية حول العالم، بهدف ترشيح مرشح للرئاسة والتصويت على انتخابه فيما بعد. في الانتخابات الرئاسية الماضية أواخر عام 2023، شهد المواطنون المصريون في الداخل وفي الخارج تضييقا في استخراج توكيلات باسم المرشح أحمد الطنطاوي، حيث كانت السفارات تُغلق في وجوههم، ويتعنّت الموظّفون في عمل إجراءات التوكيلات، من خلال الأسئلة الكثيرة ذات الطابع التحقيقي، أو بتأجيل ميعاد العمل من خلال مقولات مثل "تعالوا بكرا"، أو برفض عمل التوكيل بشكل مباشر، بهدف منع عمل التوكيلات لمرشح آخر غير مرشح السُلطة وهو الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
هنا السُلطة تتحكم في رأي المواطنين السياسيين، فإن كان يتماشى مع زعيمها السياسي، تعتبرك مواطنا صالحا مُطيعا وتسمح لك بممارسة حقك الدستوري، أما إن كنت تمارسه بما لا يتوافق معها أو يعارضها، فتمنع عنك مواطنتك، وتقول لك حُججا كثيرة لمنعك من ممارسة حقك كمواطن مصري حرّ.
تُعطي هنا السُلطوية في مصر، أمثلة كثيرة لانتقالها من امتلاك أجساد المصريين، وممارسة كافة أنماط حالة الاستثناء غير القانونية بحق المواطنين، إلى امتلاكها سمة مواطنتهم، وتستطع عبر هذا الامتلاك نفي المواطنة كلّية أو تعطيلها في أوقات بعينها أو إثباتها إن أرادت، فكل شيء بيدها
يقول محمد (اسم مستعار)، وهو أحد المواطنين الذين توجَّهوا إلى السفارة المصرية في بيروت بهدف عمل التوكيل: "تعرضنا لبضعة مضايقات، مثل سؤال الموظف لأي مرشح تريدون عمل التوكيل، وعندما قلت لأحمد الطنطاوي ردَّ بأن التوكيلات ليس عملها اليوم، وعندما أصررت ومن معي على عمل التوكيل، جرت محادثات بين ضابط الأمن وموظف السفارة، ثم سمح لـي الثاني بعمل التوكيل، لكن بامتعاض وبنظرات مريبة، بهدف الذعر والترهيب. وأخيرا تمكنت من عمل التوكيل وخرجت بسلام، بالرغم من خوفي من التحقيق أو حتى انتهاك أي حق لـي داخل السفارة بواسطة الأمن".
هذا الرعب المترسِّخ في أرواح وأجساد المصريين أثناء التعامل مع مؤسسة مصرية، كون آرائهم لا تتفق وتنتقد سياسات النظام، ما هو إلَّا نتاج سنواتٍ من تنكيل السُلطوية بهم، واستمرارها على نهج قمع من لا يتفق معها بكل الطرق والوسائل سواء داخل مصر أو خارجها.
تُعطي هنا السُلطوية في مصر، أمثلة كثيرة لانتقالها من امتلاك أجساد المصريين، وممارسة كافة أنماط حالة الاستثناء غير القانونية بحق المواطنين، إلى امتلاكها سمة مواطنتهم، وتستطع عبر هذا الامتلاك نفي المواطنة كلّية أو تعطيلها في أوقات بعينها أو إثباتها إن أرادت، فكل شيء بيدها، وبيد رأسها الأعلى عبد الفتاح السيسي، إذ هي تسجن من تشاء، وتنفي من تشاء، سواء نفيا جسديا فحسب، أو جسديا وهُوية أيضا. إذ ترى السُلطوية حق منح المواطنة، فتمنحُها لمن يؤيدها في المُطلق، وتمنعها عن من يعارضها، حتى وإن عارضها بشكل جزئي أو لفترة زمنية محددة، وانتهت معارضته وهرب من البلاد، لكن بالنسبة لها لا غفران على هذه المعارضة السابقة، وتنفي عنه مواطنته، بعد أن تسببت في نقي جسده.
في المقال القادم، وهو الرابع والأخير، سوف أتناول مفهوميّ الاغتراب والاستلاب وعلاقتهما بالمواطنين، أسمائهم وأجسادهم، الذين تعرضوا لسياسات السلطوية القمعية.