قال عادل الانصاري، المدير الأول لشركة دل تكنولوجيز في مصر وليبيا وبلاد الشام، إن الذكاء الاصطناعي التوليدي فيما يتعلق بالأمن السيبراني يمثل سلاحاً ذو حدين. فعلى الرغم من قدرته على أن يكون أداة قوية لحماية أوساط تكنولوجيا المعلومات، إلا أنه يجلب تحديات جديدة للشركات، يمكن أن يستغلها مرتكبو الجرائم الإلكترونية لإعداد ناقلات هجوم جديدة.

وفي ظل تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي، يتطور أيضًا تأثيره على كل من الأمن السيبراني والجرائم السيبرانية.
كما يدرك قادة تكنولوجيا المعلومات قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي في فرض أنظمتهم ومهاجمتها، فوفقًا لتقرير مؤشر حماية البيانات العالمي (GDPI) الصادر عن شركة دل، يعتقد 53% من المشاركين أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيعزز من قدرات الأمن السيبراني لشركاتهم، بينما يؤمن 27% منهم بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيقدم مزايا في البداية لمرتكبي جرائم الإنترنت.
ومما لا شك فيه أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيكون له تأثير عميق على التهديدات السيبرانية والمتطلبات المستقبلية لحماية البيانات، ويبحث موردو الأمن السيبراني بالفعل في تعزيز حلول الأمان في المستقبل. ومن المتوقع أن ينمو الذكاء الاصطناعي العالمي في سوق الأمن السيبراني إلى 60.6 مليار دولار بحلول عام 2028. ويعني النمو في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي أن القطاع يخضع لتغيير سريع، لذلك يحتاج مدراء تكنولوجيا المعلومات وقادة الأمن إلى التصرف بسرعة لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الأمن السيبراني. وإن لم يفعلوا ذلك سيواجهون خطر التعرض لموجة عارمة من الجرائم الإلكترونية التي يغذيها الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ومن الواضح أن العواقب وخيمة، فكيف يمكن لمدراء تكنولوجيا المعلومات الاستفادة من قيمة الذكاء الاصطناعي التوليدي لتعزيز استراتيجية الأمن السيبراني؟
أهمية الذكاء الاصطناعي التوليدي لمواجهة الهجمات 
لدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي كمصدر قوة للأمن السيبراني وليس لمرتكبي جرائم الإنترنت، يجب أن يكون جزءًا مهمًا من استراتيجية مدير تكنولوجيا المعلومات، إذ يجب أن يفهم كيف تُنفّذ الهجمات الإلكترونية وكيف يمكن تعزيز الأمن باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدءًا من الجهاز ووصولاً إلى البيانات والمستخدم.
وتركز الأساليب التقليدية للأمن السيبراني الوقائي إلى حد كبير على النهج "المرتكز على المحيط"، وذلك باستخدام إطار أمني يعتمد على "معروف موثوق به" داخل المحيط (الموظفين والشركاء)، و"مجهول غير موثوق به" خارج المحيط (المتسللين وغيرهم من المجرمين). ومع ذلك، فإن أساليب الهندسة البشرية المتطورة، والتي يعززها الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل التصيد الاحتيالي والتزييف العميق، تسمح لمرتكبي جرائم الإنترنت بدخول الشبكة تحت ستار "معروف موثوق به" والوصول إلى نظام الشركة بأكمله.
ويمكن أن تؤدي إزالة الثقة الضمنية باستخدام نموذج الثقة المعدومة إلى منع المتسللين من التسلل إلى شبكة الأعمال وتنفيذ نماذج تعلم آلي، مما يعزز قدرة الشركة على اكتشاف تلك الحالات والتهديدات المحتملة في الوقت الفعلي. فعلى سبيل المثال، قد يُطلب من الموظف الذي يصل إلى رسائل البريد الإلكتروني إكمال خطوة المصادقة الثنائية لاستعادة الوصول بعد وقت معين، مما يعني أنه يمكن رفض وصول أي مستخدم بشكل فردي إلى نظام معين في الوقت الفعلي.
ومن خلال المراقبة المستمرة لسلوك المستخدم ونشاط الشبكة، تعمل نماذج الثقة المعدومة المستندة إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي على تعزيز الحالة الأمنية العامة للشركة، مما يضمن تعديل امتيازات الوصول بناءً على تقييمات المخاطر في الوقت الفعلي.
استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي للحد من الهجمات المحتملة وتعزيز الاستجابة للحوادث والتعافي منها
يتجاوز الذكاء الاصطناعي التوليدي والأتمتة في مجال الأمن السيبراني الأنظمة القائمة على القواعد، مما يوفر قدرات تكيفية وتنبؤية. وفي ظل تعلم الذكاء الاصطناعي التوليدي المستمر من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات الأمنية، وخوارزميات التعلم الآلي التي تحدد السلوك الخارج عن المألوف والتنبؤ بالتهديدات المحتملة في الوقت الفعلي، يمكن لفرق الأمن السيبراني أن تكون استباقية في استجابتها للتهديدات. وعندما يكتشف الذكاء الاصطناعي التوليدي حالات خارجة عن المألوف في حركة مرور الشبكة أو محتوى البريد الإلكتروني المشبوه، يمكنه التعرف على نوع التهديد للتنبؤ بالتهديدات المستقبلية وتحديد نقاط الضعف.
ومع ذلك، يتعين على مدراء تكنولوجيا المعلومات أن يدركوا جيداً أن هذا ليس حلاً جذريًا، وأن الهجمات الإلكترونية يمكن أن تحدث. ولكن إذا نجح أحدها، فإن الأتمتة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي من الممكن أن تحد من تأثيرها. ومن خلال تبسيط الكشف عن التهديدات والاستجابة لها، تتيح أتمتة الذكاء الاصطناعي التعافي من الأزمات بشكل أسرع وأكثر شمولاً، مما يحد من الآثار السلبية. ويمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي أن تضمن للشركات استعادة بياناتها وأنظمتها الهامة بسرعة وثقة عقب الهجوم الإلكتروني، واستئناف العمليات العادية. ويتم تحقيق ذلك من خلال اكتشاف وتشخيص وتسريع استعادة البيانات باستخدام مستودع الاسترداد السيبراني (Cyber Recovery vault)، وهو مستودع معزول لجميع بيانات وأنظمة الأعمال الأساسية.
وبحسب تقرير مؤشر حماية البيانات العالمي، تعتقد 47% من الشركات التي شملتها الدراسة أن تدابير حماية البيانات الحالية لا يمكنها التعامل مع تهديدات برامج الفدية، كما أن 65% منها غير واثقة من قدرتها على التعافي من هجوم إلكتروني مدمر. ومن هنا يجب على مدراء تكنولوجيا المعلومات الاستفادة من التحليلات المستندة إلى الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدرات الاستجابة للهجمات، مما يتيح التعرف بشكل أسرع على مصدر الهجوم ونطاقه وتسريع عملية التعافي.
توعية العاملين لتعزيز أمن الشركة
عندما يتعلق الأمر بالهندسة البشرية والهجمات القائمة على الاحتيال، يعد الموظفون أحد أقوى خطوط الدفاع. ويعد الخطأ البشري سببًا رئيسيًا لحوادث الأمن السيبراني، ولهذا يجب على قادة تكنولوجيا المعلومات ومديري تقنية المعلومات الاستثمار في برامج تدريب شاملة على الأمن السيبراني لتزويد الموظفين بالمعرفة والمهارات اللازمة لتحديد التهديدات المحتملة والاستجابة لها. ويتضمن ذلك نصائح حول اكتشاف محاولات الاحتيال التي يدعمها الذكاء الاصطناعي التوليدي. وعلى صعيد آخر، يمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي داخل الشركة لتعزيز تدريب الموظفين.
وفي ظل ظهور عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي، ستستمر العلاقة التكافلية بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في التطور. وللتصدي للتهديدات المتغيرة باستمرار، يجب على مديري تكنولوجيا المعلومات وغيرهم من قادة تكنولوجيا المعلومات تبني إمكانات الذكاء الاصطناعي التوليدي ومواجهة التهديدات التي قد تنتج عنها. وسيكون على الشركات الاستفادة من التكنولوجيا والأفراد والعمليات لتعزيز المرونة السيبرانية على مستوى الشركة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی التولیدی تکنولوجیا المعلومات الأمن السیبرانی فی الوقت الفعلی من خلال

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يساعد في الحفاظ على الحشرات

يقوم فريق من علماء الحشرات في مونتريال بدعم من مهندسين، لتوثيق الانخفاض غير المسبوق لهذه الأنواع المنتشرة بالملايين حول العالم وتحسين سبل مواجهته بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
تحت قبة شفافة كبيرة، تعيش حشرات من شتى الأنواع، بينها آلاف الفراشات من مختلف الألوان، ونمل وشرانق... ففي هذا الموقع المسمى "إنسيكتاريوم مونتريال"، انطلقت هذه المبادرة، ولا سيما من جانب مكسيم لاريفيه مدير المنشأة.
يشرح لاريفيه أنه بالمقارنة مع "كل حالات الانقراض الجماعي التي شهدناها في الماضي، فإن ما يصيب الحشرات يحدث أسرع بألف مرة".
ويضيف عالم الحشرات أنه حتى بهذه السرعة في الزوال "نعجز عن متابعتها بشكل مناسب لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإبطائها".
ومن المعلوم أن المبيدات الحشرية اختفاء الموائل وتغير المناخ هي الأسباب وراء هذا الزوال المتسارع، لكن ثمة قليل من البيانات حول الحجم الدقيق لهذه المأساة البيئية.
هذه الفجوة يرغب في سدها مشروع "أنتينا" Antenna الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي عبر خوارزمية تحدد الحشرات باستخدام الصور.
يتم تشغيل كل شيء بواسطة محطات الطاقة الشمسية الموجودة في أقصى الشمال الكندي ولكن أيضا في الغابات الاستوائية في بنما. وهي مصممة لالتقاط صورة كل عشر ثوانٍ للحشرات التي تنجذب إلى الأشعة فوق البنفسجية.
ويقدّر الباحثون أن هذا الابتكار سيضاعف كمية المعلومات عن التنوع البيولوجي التي جُمعت على مدى السنوات الـ150 الماضية في غضون سنتين إلى خمس سنوات.
ويقول مكسيم لاريفيه باسما "حتى بالنسبة لنا، يبدو الأمر مثل الخيال العلمي".
في نهاية المطاف، يُتوقع أن تتيح هذه البيانات إنشاء "أدوات دعم لمساعدة الحكومات وعلماء البيئة في اتخاذ القرارات"، بغية تحديد أفضل برامج الحفاظ على البيئة التي يمكن اعتمادها و"استعادة التنوع البيولوجي".
- تقدم كبير
تمثل الحشرات، التي تنقص المعلومات عنها في كثير من الأحيان، نصف التنوع البيولوجي في العالم وتؤدي دورا حاسما في توازن الطبيعة، سواء من خلال التلقيح أو تحويل النفايات إلى أسمدة أو من خلال تشكيل أساس السلسلة الغذائية للعديد من الحيوانات.
ويقول دافيد رولنيك، الباحث في معهد "ميلا" للذكاء الاصطناعي في كيبيك "هذا هو التقدم الكبير التالي في مجال مراقبة التنوع البيولوجي".
يخضع هذا الابتكار للاختبار منذ أسابيع، والنموذج "مفتوح المصدر" ويركز حاليا فقط على حشرات العث.
مع وجود أكثر من 160 ألف نوع مختلف، فإن هذه الحشرات تمثل مجموعة "متنوعة للغاية"، "يسهل التعرف عليها بصريا" وتشكل "قاعدة السلسلة الغذائية"، وفق دافيد رولنيك، الخبير في الذكاء الاصطناعي والمولع منذ صغره بالحشرات.
في نهاية المطاف، يرمي المشروع إلى السماح للجميع بالمساهمة في إثراء المنصة، ولكن أيضا في تدريب الذكاء الاصطناعي على التعرف على أنواع جديدة من الحشرات. ففي حين ثمة أكثر من مليون نوع معروف بالفعل، قد يكون العدد الفعلي عشرة أضعاف ذلك.
يوضح الباحث أن "التقديرات تشير إلى أن 90% من الحشرات لم يتم التعرف عليها بعد من جانب العلماء".
في أسبوع واحد، اكتشفت محطة مقامة في غابة بنما "ثلاثمئة نوع جديد"، وفق دافيد رولنيك الذي يوضح أن "هذا ليس سوى غيض من فيض".
يأمل الباحثون أيضا أن يتمكنوا من استخدام هذا النموذج الحاسوبي لتحديد الأنواع الجديدة في أعماق البحار، أو حتى الأنواع الضارة في الزراعة.
في مونتريال، يستخدم "إنسكتاريوم" Insectarium التكنولوجيا بالفعل للأغراض التعليمية.
يمكن لزوار هذا المتحف، المخصص للحشرات، التقاط صور للفراشات التي تتجول بحرية في الحظيرة ومعرفة أنواعها عبر التطبيق.

أخبار ذات صلة تحدث 9 لغات بصوتك مع تقنية ثورية من "مايكروسوفت تيمز" «أوبن إي آي» تطلق ميزة الصوت المتقدم في «شات جي بي تي» المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي التوليدي يستعين بالكتب لتطوير برامجه
  • جامعتا الأقصر وبكين تبحثان التعاون المشترك في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
  • طحنون بن زايد يبحث مع بيل غيتس دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز التنمية المستدامة
  • الذكاء الاصطناعي يساعد في الحفاظ على الحشرات
  • محافظ المنيا يمنح للعاملين 72 شهادة معتمدة في تكنولوجيا المعلومات
  • اليمن تشارك في منتدى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 2024
  • منح 146 ألف شهادة تدريبية في تكنولوجيا المعلومات للعاملين بالجهاز الإداري للدولة
  • مركز تقنية المعلومات بالتعليم العالي يدشن بالشراكة مع بنك اليمن والكويت فعالية إشهار نموذج قياس تأثير الذكاء الاصطناعي على البنوك
  • كيف يواجه الذكاء الاصطناعي أزمة نقص الكوادر في الأمن السيبراني؟
  • «الأمن السيبراني»: 31% من أولياء الأمور تعرضوا لخسائر مالية بسبب مشتريات غير مصرح بها من الأطفال