باريس- لا يزال استشهاد الأسير الفلسطيني وليد دقة (قبل أسبوعين) بعد 38 سنة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، يشغل المنظمات الحقوقية وأنشطة الجمعيات المناصرة للقضية الفلسطينية حتى الآن.

فخلال هذا الأسبوع، قام نشطاء من شبكة "صامدون" للدفاع عن الأسرى بوضع لافتات طولها يزيد على 18 مترا وسط حي باريسي تسكنه الطبقة العاملة للإشادة بكفاح ونضال دقة وتكريم ذكرى استشهاده.

وتواصل الشبكة ومنظمة العفو الدولية التنديد بمعاناة الأسرى الفلسطينيين من الإهمال الطبي المتعمد في سجون الاحتلال. واليوم، يوجد أكثر من 400 سجين مريض أو جريح لا يحصلون على الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها، فيما يطلق عليه الفلسطينيون "سياسة الموت البطيء".

علاوة على ذلك، يوجد حوالي 20 سجينا مصابا بالسرطان أو أمراض المناعة الذاتية، وكان وليد دقة من بينهم وهذا ما أدى إلى استشهاده. وفي أغلب الأحيان تتطور هذه السرطانات في المعتقلات بسبب ظروف الاحتجاز، وفق المنظمتين.

وليد دقة قضى 38 عاما في السجون الإسرائيلية ويُعد من أبرز مفكري الحركة الأسيرة (الصحافة الفلسطينية) استثناء مرفوض

وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قال عضو شبكة "صامدون" في باريس عادل (فضل عدم ذكر اسمه كاملا) إنهم أرادوا أن يكسروا الجدران والعزلة التي يعاني منها الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال بشكل رمزي وإظهار أن قضيتهم ونضالهم وأصواتهم لا تزال مسموعة، فضلا عن إبقاء ذكرى الشهداء على قيد الحياة وربطهم بالنضالات الدولية والاجتماعية في فرنسا.

وحول سبب الاهتمام بقضية دقة، أكد عضو الشبكة "لقد شعرنا بأننا قريبون جدا منه وما زلنا نشعر بذلك حتى الآن، ونُكن احتراما وتقديرا هائلين لجميع أعماله الأدبية والتزامه السياسي البارز"، فضلا عن كونه من فئة السجناء الذي ظلوا محبوسين لأكثر من 30 عاما، أي قبل اتفاقيات أوسلو.

وتستثني جميع اتفاقيات أوسلو بشكل منهجي فئة فلسطينيي الـ48 التي ينتمي إليها وليد دقة ولا يتم الإفراج عنهم لأنهم غير معترف بهم رسميا كفلسطينيين، بل كعرب إسرائيليين، وهو ما يرد عليه عادل بقوله "بالنسبة لنا وللمقاومة الفلسطينية، فإن الشعب الفلسطيني وأرض فلسطين لا يمكن تقسيمها مهما توالت الحروب والاتفاقيات".

وتؤكد الشبكة استمرارها في تكريم دقة وباقي السجناء في مختلف المنصات والفعاليات، ومن خلال مشروع ترجمة قيد التنفيذ، يهدف إلى نشر كتابات الأسرى لفهم تحليلاته السياسية وربطها مع النضال التاريخي من أجل تحرير الأرض.

بدوره، يؤكد رئيس الفرع الفرنسي لمنظمة العفو الدولية جان كلود صامويي على ضرورة حصول الأسرى الذين يعانون من أمراض خطيرة وتتوجب حالاتهم العلاج على الرعاية اللازمة، وفق ما ينص عليه القانون الدولي.

واعتبر صامويي في تصريحات للجزيرة نت أن الضغط على إسرائيل أمر معقد للغاية "لذا نحن كمنظمات حقوق الإنسان سنواصل العمل وبذل الجهود بالتعاون مع منظمات غير حكومية أخرى ولن نستسلم".

تهديدات بالحل

وفي حين يراقب العالم حدوث إبادة جماعية في كل أنحاء قطاع غزة بعيون الشهود والنشطاء، ويواصل فرنسيون إسرائيليون الانضمام إلى صفوف جيش الاحتلال، لا يزال استهداف الجهات الداعمة لمقاومة الشعب الفلسطيني، لفظيا أو كتابيا قائما.

ففي يناير/كانون الثاني الماضي، كشفت مذكرتان من أجهزة المخابرات الفرنسية عن رغبة وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان حل 3 منظمات منخرطة في حركة التضامن مع فلسطين، وهي لجنة العمل الفلسطيني، وشبكة "صامدون" في ضواحي باريس و"كابجبو أوروبا فلسطين".

وفي هذا الصدد، أشار عضو شبكة "صامدون" في باريس إلى وجود تهديدات سابقة بحل شبكة "صامدون" قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، "لكنها أصبحت أكثر وضوحا مع بداية هذا العام".

وأكد "سنواصل نشاطنا السياسي مهما حدث وإذا دخلت تهديدات الحل حيز التنفيذ، سنبدأ معركة قانونية كاملة ونتقدم بالطعن إلى مجلس الدولة كما حدث مع منظمة "فلسطين ستنتصر" التي ربحت القضية في الأخير".

وقد تم استدعاء عدد من النشطاء من قبل أجهزة مكافحة الإرهاب لدعمهم المقاومة الفلسطينية، بمن فيهم نقابيون من النقابة اليسارية الكونفدرالية العامة للشغل "سي جي تي" وحركة تضامن الجنوب، وهي حركات نضالية اجتماعية معروفة وتحظى باحترام كبير في فرنسا، لكنها تواجه ضغوطا من أجهزة مكافحة الإرهاب والمخابرات.

من جهة أخرى، تواجه الشبكة، التي يتمركز نشاطها الأكبر في أوروبا، وضعا أصعب في ألمانيا حيث أصبح يُنظر إليها كمنظمة محظورة بعد قيام الحكومة الألمانية بمنع جميع أنشطتها في البلاد لأنها غير قانونية، فضلا عن اعتبار شعار "فلسطين حرة من النهر إلى البحر" معاديا للسامية.

تسليم الجثمان

وفي ظل مواصلة السلطات الإسرائيلية احتجاز جثمان وليد دقة ورفض تسليمه إلى عائلته، يرى رئيس منظمة العفو الدولية في فرنسا جان كلود صامويي أن ذلك يعد بمثابة "تذكير قاسٍ بالإهمال الطبي الممنهج الذي تمارسه إسرائيل وتجاهل واضح لحقوق السجناء الفلسطينيين".

وأكد صامويي أن العفو الدولية دعت إلى إطلاق سراح الأسير الفلسطيني لأسباب إنسانية منذ مدة طويلة، معتبرة أن تمديد اعتقاله لمدة عامين إضافيين "أمر غير مقبول لأننا نؤكد دائما ضرورة تعامل السلطات الإسرائيلية بطريقة كريمة مع الأسرى الفلسطينيين".

ورأى أن حقيقة وفاة دقة أثناء الاحتجاز "أمر مفجع" على الرغم من الدعوات العديدة للإفراج عنه بشكل عاجل لأسباب إنسانية منذ تشخيص إصابته بسرطان النخاع العظمي في عام 2022، وبعد أن قضى بالفعل عقوبته الأصلية.

وأكد أن احتفاظ إسرائيل به حتى نهاية العقوبة "مخز واستهتار بآلام أهل وأحباء الشخص ويُعد انتهاكا حقيقيا للقانون الدولي الذي ينص على إعادة جثمان الأسير إلى أسرته".

وتقوم شبكة "صامدون" بأنشطة وحملات مختلفة على مدار العام، بما في ذلك حملة من أجل إطلاق سراح الطلاب الفلسطينيين المضطهدين والمسجونين من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي، وحملة أخرى لاستعادة جثامين الشهداء المسجونين.

ويرى عضو الشبكة في فرعها بالعاصمة الفرنسية أن الاحتلال لا يقوم بسجن الأحياء فقط، بل الجثث أيضا، سواء كانوا مقاومين أسِروا ولم تتم إعادتهم إلى ذويهم، أو جثث أسرى سقطوا شهداء في السجون ويتم الاحتفاظ بجثثهم حتى تنتهي مدة عقوبتهم بالكامل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات العفو الدولیة ولید دقة

إقرأ أيضاً:

مصر تتحدى ترامب وإسرائيل والشعب والجيش خلف الرئيس.. لا تهجير ولا ابتزاز| شاهد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في هذا العالم، حيث ترسم الحدود بالحبر حينًا وبالدم أحيانًا، وحيث يحسب البعض أن المال سلاح أقوى من السلاح، جاءت الرسالة من القاهرة واضحة كالشمس، قاطعة كحد السيف: هنا لا تشترى المواقف بالدولارات، ولا ترسم خرائط الأرض على طاولات بعيدة فوق أشلاء الشعوب. عندما لوح ترامب بقطع المساعدات، وعندما همست تل أبيب بمخططات التهجير، كان الرد أبعد من مجرد كلمات… كان موقفًا صلبًا يعيد تعريف المعادلات، ويذكر الجميع أن في الشرق قلبًا نابضًا… اسمه مصر!

عندما يلوح الأقوياء بالعصا، يظنون أن الجميع سيخفض رأسه… لكن مصر رفعت صوتها، وقالت: لا. لا لابتزاز المساعدات، لا لتهجير الفلسطينيين، لا لصفقات ترسم في العواصم البعيدة على حساب الأرض والتاريخ. من واشنطن إلى تل أبيب، كانت الرسائل واضحة: هنا تقف دولة تعرف وزنها، تحسب خطواتها، وتدرك جيدًا أن هناك خطوطًا لا تمس… لا بالدولار، ولا بالبارود!

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر 2023، كانت مصر في طليعة الجهود الدولية والإقليمية لاحتواء الأزمة وحماية المدنيين الفلسطينيين، حيث أظهرت القيادة المصرية موقفًا ثابتًا ومتماسكًا تجاه العديد من القضايا أبرزها دعم حقوق الفلسطينيين ورفض التهجير القسري والدعوة إلى وقف إطلاق النار.

ومنذ تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف المساعدات لمصر والأردن، بسبب رفضهما تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، أبدت القاهرة موقفًا صارمًا في مواجهة هذه التهديدات، مؤكدة التزامها بدعم الحقوق الفلسطينية ورفض أي مخططات لتغيير خريطة المنطقة.

تحركات دبلوماسية مكثفة

شددت مصر منذ اللحظة الأولى على رفضها القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة، معتبرة أن الحل لا يكمن في ترحيل السكان، بل في تسوية سياسية عادلة تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وفي هذا السياق، كثفت القيادة المصرية اتصالاتها الدولية، حيث أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي محادثات مع قادة دوليين، مؤكدًا أن إعادة إعمار غزة يجب أن تتم دون المساس بحقوق سكانها أو إجبارهم على النزوح.

كما أبلغ وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي نظيره الأمريكي ماركو روبيو، خلال زيارته إلى واشنطن، أن الدول العربية تدعم الفلسطينيين في رفضهم لخطة ترامب.

 وشددت الخارجية المصرية في بيان رسمي على أن مصر لن تقبل بأي محاولات لفرض واقع جديد على غزة يخالف مقررات الشرعية الدولية.

رسائل مصر الحاسمة لإسرائيل وأمريكا

لم تقتصر التحركات المصرية على التصريحات الدبلوماسية، بل شملت رسائل مباشرة للولايات المتحدة وإسرائيل، ووفقًا لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، فقد أبلغ مسؤولون مصريون مدير المخابرات الأمريكية أن القاهرة قد تضطر إلى "إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل" إذا استمرت الضغوط لتهجير سكان غزة أو تم وقف المساعدات الأمريكية لمصر.

وأشارت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إلى أن مصر أوضحت للإدارة الأمريكية أن اتفاق السلام بات "معرضًا للخطر"، وأن هذه الرسالة وصلت إلى واشنطن وإلى حلفاء إسرائيل في أوروبا.

تعزيزات عسكرية ورسائل ميدانية

بالتوازي مع التحركات السياسية، شهدت الساحة المصرية إجراءات عسكرية لافتة، حيث بدأ الجيش المصري في تعزيز قواته بسيناء، وسط تأكيدات رسمية بضرورة الحفاظ على "أعلى درجات الجاهزية القتالية". وأوضحت تقارير إسرائيلية أن القاهرة نقلت معدات عسكرية ثقيلة إلى سيناء، وأنشأت مطارات جديدة، إلى جانب تخزين استراتيجي للوقود والمعدات العسكرية.

هذا التصعيد الميداني أثار قلق الجانب الإسرائيلي، حيث تساءل محللون عن أسباب هذه التحركات المصرية، معتبرين أنها تشير إلى استعداد جاد لمواجهة أي سيناريوهات غير متوقعة.

النتائج والتداعيات

نتيجة لهذه المواقف الحازمة، وجدت الولايات المتحدة نفسها أمام تحد دبلوماسي، خاصة مع إدراكها لأهمية مصر في معادلة الأمن الإقليمي. كما تزايدت الضغوط على إسرائيل، حيث شهدت تل أبيب مظاهرات رافضة لتعليق اتفاق وقف إطلاق النار، وتسليم الأسرى وسط مخاوف من تداعيات أي تصعيد جديد في غزة، مما اضطرها للقبول بشروط حماس في الالتزام ببنود الاتفاق واستكمال تسليم الرهائن والأسرى.

في النهاية، أثبتت مصر أنها لن تسمح بفرض حلول قسرية على الفلسطينيين، مستخدمة أدواتها الدبلوماسية والعسكرية للحفاظ على استقرار المنطقة وحماية حقوق الشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • الإعلام الحكومي بغزة: عدد الشاحنات التي تدخل القطاع يسجل تراجعا ملحوظا
  • وزارة التنمية المحلية تنظم جلستين حول دور الشبكة الوطنية للطوارئ والأمن السيبراني
  • مصر تتحدى ترامب وإسرائيل والشعب والجيش خلف الرئيس.. لا تهجير ولا ابتزاز| شاهد
  • بعضهم يعيش على الشاي والخبز.. صامدون بمخيمات الضفة رغم الاجتياحات
  • الاحتلال يتسلم شحنة قنابل “إم كيه 84” التي أوقفتها إدارة بايدن
  • إسرائيل تتسلم شحنة القنابل التي أرسلها ترامب بعد تعليقها من بايدن
  • نادي الأسير يعقب على إجبار الأسرى ارتداء ستر تحمل عبارات تهديد
  • الشبكة يتابع تهديدات فتق نتنياهو وأرواح حميدتي السبعة
  • حزب الله أقام مراسم تكريمية للشهيد حسين هزيمة في مجمع الإمام المجتبى في السان تيريز
  • غازي زعيتر: يجب التنبه للمخاطر التي تتعرض لها سوريا من قبل الاحتلال الإسرائيلي