حزب الجيش السوداني السياسي المسلح
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
د. بشير إدريس محمدزين
• لابد من القول بوضوح إن جيشنا ليس جيشاً مهنياً محترفاً بمعنى الكلمة..
والحقيقة فإن هنالك جيشين: جيش في مخيلة الطيبين والبسطاء والمخمومين، وفي فهم بعض ضباطه المحترفين القدامى أو الجدد، وجيش آخر موجود على الأرض، يمشي بين الناس، ويعايشونه كل يوم، ويرونه بأمهات أعينهم رأي معرفةٍ وتحقيق !!
• وإذا كان الجيشُ جيشاً، وبمثل التصور المثالي المخيالي الذي يصفه به بعض المتخيلين والإسفيريين والتصويريين، فما الذي يجعل الناس منقسمةً في تأييده المطلق هكذا وإلى هذا الحد ؟!!
• الواقع إن الجيش السوداني، ومنذ أول إنقلاب له في العام ١٩٥٩م على حكومة منتخبة أصبح حزباً سياسياً بالباب الواحد، ثم أصبح أقرب إلى الماليشيا الحزبية في الثلاثين سنةً الآخيرة.
• وأما بعد الإطاحة بنظام الإنقاذ، ثم بعد فض الإعتصام، وبعد إنقلاب البرهان، ثم أثناء وبعد هذه الحرب التي نعايشها فلقد أصبح الجيش أيَّ شئ وكلَّ شئ ولكن ليس جيشاً نظامياً محترفاً..
• بعد إطاحة نظام الإنقاذ أصبح الجيش (لا يواري دقنو) في ممارسة السياسة البلهاء المفضوحة، فهو (يتخاطف) السلطة مع المدنيين، ويصنع السياسة الخارجية للدولة، ويقرر في علاقات الدولة السودانية المصيرية، ويتبنى الحواضن السياسية ويكوّنها، ويخرِج ويرعى المظاهرات السياسية والمناوئة (لغرمائه) السياسيين، ويشرف على، ويغلق الميناء بأمر حلفائه السياسيين لإسقاط حكومة مدنية عزلاء يخشاها، ثم هو يمارس القوة الغاشمة لإيقاف انتقال سلطة سياسية لجهة مدنية سياسية (شريكة) له، وهو آخيراً يجر البلاد لحرب طاحنة بلا تردد لأنه فقط يريد أن يتنصل من إتفاقٍ (سياسي) وقّع عليه قائده بالموافقة، ثم رأى أن يتنصل عنه (وهو الإطاري) كونه يريد أن يحكم منفرداً !!
• الجيش إذن أصبح مؤسسةً سياسية، ولكنها تمتلك السلاح، بعكس القوى المدنية والسياسية التي ينافسها في الحكم، وهذا كان ديدنه منذ أمد بعيد وحتى الآن !!
والخلاصة ..
أن الجيش عندما إنبرى للسياسة (بالدرب العديل) فشل فيها، وفي العسكرية معاً، ومردود ذلك ما نشاهده الآن:
أصبح الجيش مسخاً عجيباً لا هو بالسياسي الحاذق الذرِب، ولا هو بالعسكري المنضبط المجوِّد، والنتيجة هي ما نرى من بؤس الأداء على الأرض عسكرياً، ومن إنكسارات وإنسحابات وإنسحاقات واستسلامات وفشل ماحق ..
وأما على مستوى السياسة فاكبر تبديات فشله أنه ليس له الآن صليحٌ ولا حليفٌ لا إقليمياً ولا دولياً إلا من الأنظمة المارقة والمنبوذة ..
وداخلياً فمؤسف أن من أكبر (صلحائه) الكيزان والأرادلة، ممن أسقطهم الشعب في ثورةٍ مشهودة دفع فيها دماءً غالية وأنفساً عزيزة وتحمل إنتهاكات لا حدود لها، وهاهم يحارب الجيش لهم، أو معهم، ليعودوا مجدداً وليفعلوا ما كانوا قد فعلوا، ومجدداً، بل سيكونون أبشع وأضل..
• الجيش السوداني هو بدقة شديدة حزبٌ سياسيٌ بالمعنى المكتمل للكلمة، وعندما تؤيده يا صديقنا، أو تعارضه أو حتى إذا عمِلت على اسقاطه (سياسياً) فأنت فقط تؤيد أو تعارض أو تعمل على إسقاط حزبٍ سياسي لا غير.. والمخاطرة الوحيدة في ذلك أنه لا يرتضي قواعد اللعبة السياسية حتى النهاية، وأنه مستعدٌ أن يقلبها إلى عنف في أي وقت لا تعجبه، لأنه يمتلك أدوات العنف.. وبس !!
bashirkhuzami@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
استخبارات الجيش تعتقل لاعب المنتخب السوداني السابق
استخبارات الجيش السوداني اعتقلت لاعب الهلال والمنتخب الوطني السابق الذي كان ينشط في توفير المساعدات للمتضررين من الحرب.
الخرطوم: التغيير
كشف مرصد حقوقي، أن استخبارات الجيش السوداني أقدمت على اعتقال لاعب دولي سابق من منزله، دون ذكر دوافع الاعتقال أو الوجهة التي أخذ إليها.
ومنذ تفجر الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023م بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى، اعتقلت استخبارات الجيش عدداً كبيراً من الحزبيين والناشطين وأعضاء لجان المقاومة ولجان الطوارئ والمتطوعين وفاعلين آخرين، فضلاً عن اعتقالات مشابهة في مناطق سيطرة الدعم السريع.
وقال مرصد الجزيرة لحقوق الانسان- حقوقي مستقل، في بيان صحفي اليوم الاثنين، إن قوة من الاستخبارات العسكرية قامت في صباح أمس الأحد، باعتقال الكابتن “زاهر مركز” لاعب الهلال والمنتخب الوطني السابق، من منزله في قرية أبو فروع محلية الحصاحيصا بولاية الجزيرة.
وأضاف أن الكابتن زاهر ظل في قريته منذ بداية الحرب، مشرفًا مع مجموعة من أبناء المنطقة على التكايا (المطابخ الطوعية) التي توفر المساعدة للمتضررين من الأزمة الحالية.
وأكد المرصد على أهمية حماية المتطوعين الذين يعملون في المجال الإنساني أثناء الحروب والصراعات المسلحة، وفقًا لما ينص عليه القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك المادة 3 المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، التي تؤكد على حماية الأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال القتالية، مثل المتطوعين العاملين في المجالات الإنسانية.
وقال إن الاعتقالات التي تستهدف الأفراد الذين يسعون لتقديم المساعدات الإنسانية تتعارض مع المبادئ الأساسية التي يضمنها القانون الدولي.
وطالب المرصد بإطلاق سراح الكابتن زاهر مركز فورًا، وضمان سلامة كافة المتطوعين في هذه الظروف الصعبة.
وكان الجيش السوداني استعاد السيطرة على مدينة ود مدني عاصمة الجزيرة في 11 يناير الماضي، بعد أن ظلت تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ أواخر ديسمبر 2023م، حينما انسحب الجيش من قيادة الفرقة الأولى بالمدينة.
وواصل الجيش تقدمه في مناطق الولاية المختلفة، لكن دخوله إلى مدني وبقية المدن رافقته عمليات تصفية واعتقالات وانتهاكات كبيرة بحق المدنيين بحجة التعاون مع العدو.
الوسومأبوفروع الاستخبارات الجزيرة الجيش الدعم السريع السودان زاهر مركز مدني مرصد الجزيرة لحقوق الانسان