سودانايل:
2025-01-23@12:23:37 GMT

في الأزمة السودانية.. ماذا فعل مؤتمر باريس؟

تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT

أماني الطويل

أثار مؤتمر باريس الدولي المنعقد مؤخرًا بشأن دعم السودان جدلًا كبيرًا على المستويين المحلي السوداني والدولي، وذلك تحت مظلة تساؤلات مركزية "هل يمكن مساعدة السودانيين وإغاثتهم إنسانيًا دون حضور طرفَيّ الصراع أولًا لهذا المؤتمر واتفاقهما على ممرات وقنوات آمنة لتمرير الغوث الإنساني؟".
ثانيًا والأهم؛ "هل يمكن بالفعل أن يحوّل مؤتمر باريس الأزمة السودانية المنسية إلى واجهة التفاعلات على المستوى الدولي بما يمكن أن يترتب عليه القدرة على الوصول لمرحلة وقف إطلاق النار في هذه الحرب الممتدة تحت عناوين مضلّلة، حيث أنها تعبير بالأساس عن طموحات سياسية لأطرافها؟".

وأخيرًا؛ "هل المجهود الأوروبي الراهن لوضع الأزمة السودانية على أجندة الاهتمام الدولي طبقًا لأهداف المؤتمر المعلنة هو بمعزل عن المخاوف بشأن تزايد معدلات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وكذلك اهتمامات باريس بمنطقة الساحل الأفريقي ونفوذها المتآكل هناك؟".
في البداية، لا بد من الانتباه أنّ مؤتمر باريس من زاوية اهتمامه بالغوث الإنساني للسودانيين ليس هو الأول من نوعه، فقد سبقه مؤتمر القاهرة الذي عُقد نهاية العام الماضي، والذي ركّز على القضايا الإنسانية للسودانيين وحصد اهتمامًا دوليًا ووعودًا بتمويل، حيث خاطبه كل من الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين جان إيجلاند، ومدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، ووزير التعاون الدولي النرويجي ومندوبة أمريكا بالأمم المتحدة.

اهتمّ هذا المؤتمر بالقضايا التفصيلية لدعم السودانيين داخل وخارج السودان، وهي القضايا المتعلقة بقطاعات الحماية الاجتماعية مثل الأمن الغذائي، النظام الصحي، العنف الجنسي المبني على النوع خلال النزاع، وقضايا الوصول والتنسيق والاستفادة من التجارب المحلية ودعمها، والمعوقات اللوجستية لوصول وتوزيع العون الإنساني في السودان.

في المحصلة لم ينتج عن مؤتمر القاهرة نتائج ملموسة، بدليل تفاقم أزمة سوء التغذية وظهور شبح المجاعة الذي يهدد نحو ٢٠ مليون سوداني طبقًا لتقارير الأمم المتحدة.
وإذا كانت الوعود الغربية بمؤتمر القاهرة أقل بكثير من الوعود التي أُطلقت في مؤتمر باريس والتي وصلت إلى ٢ مليار يورو، فإنّ النتائج المتوقعة ستكون في تقديرنا محدودة، وغير ملموسة على الأرض وذلك لعدد من الأسباب، منها عدم سعي المؤتمر إلى جمع طرفَيّ النزاع تحت عنوان نقاش توفير ممرات آمنة لمرور الغوث الإنساني، وممارسة ضغوط دولية عليهما لهذا الغرض، حيث تم طرح مقولة "مضحكة" وهي الحياد بين طرفَيّ الصراع.

ومن الأسباب أيضًا، أننا قد تعوّدنا في مؤتمرات الدعم والمنح والإغاثة على إطلاق الوعود دون تحقيقها واستغلال ذلك لتحقيق أغراض سياسية في مناطق الصراع لأصحاب الدعوة الغربيين، ذلك أنّ دعم السودانيين يتطلّب واقعيًا دعم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وخصوصًا في القاهرة، إذ طلبت المفوضية دعمًا دوليًا بغرض التعامل مع الأزمة السودانية، ولكن لم يستجب لهذا الطلب أحد على المستوى المطلوب، وكان أولى بكل من فرنسا وألمانيا تخصيص مساعدات لهذه المفوضية التي تملك آليات إغاثة فعلية وعلاقة مباشرة مع المحتاجين لها. التجاهل الأوروبي لدعم مفوضية اللاجئين نتج عنه عجز في قدراتها وآليات عملها، وصل إلى أنه صار من الصعب تسجيل طالبي اللجوء السودانيين في القاهرة بتوقيت مناسب، حيث تمتد قوائم الانتظار لعام كامل، في وقت يعاني أكثر من نصف مليون سوداني نزحوا لمصر بعد الحرب من افتقاد شبه كامل لمقوّمات الحياة.
أما على المستوي السياسي، فقد عُقد مؤتمر باريس برئاسة مشتركة من فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وبحضور من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. وبالتوازي، مع انعقاد المؤتمر، عُقد اجتماع وزراء الخارجية لما يقرب من 20 دولة، لدعم مبادرات السلام الدولية والإقليمية الهادفة لوضع حد للحرب في السودان، وهو الهدف الذي تمت بسببه دعوة قوى ورموز سياسية من المكوّن المدني السوداني، ولكن بانحيازات واضحة كان من الممكن تفاديها لو تم دعوة أطراف إصلاحية محسوبة على قوى الإسلام السياسي والتي تبرّأت من ممارسات نظام البشير وتطرح حاليًا رؤى يمكن الاستفادة منها لوقف الحرب وربما توفير منصة لحوار سوداني مشترك.

أما المسكوت عنه أوروبيًا في مؤتمر باريس فهما أمران. الأول أنّ محاولة تطويق الأزمة السودانية ومحاولة المساهمة في حلّها لها دوافع مرتبطة بالحد من الهجرة غير الشرعية لأوروبا، إذ أشارت تقارير منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة إلى تزايد عدد المهاجرين السودانيين خلال عام ٢٠٢٣ من السواحل التونسية، وهو أمر يعني أنّ هذه المعدلات مرشحة للزيادة مع عدم وجود أفق واضح للحل، حيث تعثرت مؤخرًا مجهودات المبعوث الأمريكي للسودان بشأن عقد مباحثات جدّة في الموعد الذي كان قد وعد به سابقًا وهو ١٨ أبريل/نيسان، وللأسف أنه قد تورّط بعد فشله هذا بتحديد موعد جديد خلال ثلاثة أسابيع في ضوء تصاعد الصراع على الأرض، وهو أداء سياسي يشير إلى عدم إلمام واقعي بمدى تعقيد الأزمة السودانية.
والمسكوت عنه ثانيًا، هو الأغراض الفرنسية التي تريد أن يكون مؤتمر باريس أحد آليات عملها في منطقة الساحل الأفريقي التي يرتبط إقليم دارفور بها من حيث التفاعلات والتداخلات السياسية والقبلية خصوصًا مع تشاد - نقطة الارتكاز الحالي للنفوذ الفرنسي -.

إجمالًا لم يستطع مؤتمر باريس بمخرجاته الوصول إلى مستوى التحديات الواقعية في أزمة حرب السودان الممتدة منذ عام، ومن غير المتوقع أن يحقق أهدافه التي أعلنها وهي المساهمة في وضع السودان على أجندة الاهتمام الدولي في ضوء غياب الإرادة المحلية السودانية لوقف الحرب وضعف الأدوات الدولية للتعامل مع هذا التحدي.

(خاص "عروبة 22")  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأزمة السودانیة مؤتمر باریس

إقرأ أيضاً:

رئيس القضاء: مرحباً بقانون “الوجوه الغريبة”..!

د. مرتضى الغالي

أين رئيس القضاء..؟! ومَنْ هو رئيس القضاء الآن..؟ هل هو موجود بالسودان..؟! وهل هو (حي يرزق).. مع إخوته الأحياء المرزوقين من ريع الدولة..؟!

كان هذا تساؤلي بين مجموعة من الإخوة.. فرد علينا أحدهم وهو من الحقوقيين الأفاضل قائلاً: إنه “فلان الفلاني” وموجود في عطبرة.. قلت له (سبحان الحي الباقي)..!

ماذا صنع رئيس القضاء السوداني تجاه هذا الذبح الذي يجرى.. وعرض الرؤوس المقطوعة على العالمين..!

ماذا صنع تجاه الذين يرقصون برؤوس البشر..؟! وما هو راية في هذا الذي يجري من قتل الناس بالهوية والجهة.. وتجاه اعتقال المدنيين للمدنيين..؟! وتجاه العصابات التي تقتل بالمزاج، وتلاحق الأبرياء وتصدر أحكام الموت الزؤام بناءً على تقاسيم الوجه ولون البشرة..؟!

ماذا صنع هو وقضاته ونياباته بشأن الاعتقالات الجزافية والإعدامات خارج القانون..؟ ألا تقع هذه الأحداث في (بر السودان) الذي يقع تحت نطاق ولايته القضائية..؟!

ما هو رأي (معاليه) بشأن (قانون الوجوه الغريبة) الذي ابتكره عسكر البرهان وجماعة الكيزان وحركات جبريل وطمبور وطيفور “النائب العام لحكومة الانقلاب”.. وقاموا بتطبيقه على الأرض عياناً بياناً.. حتى قبل إجازته..!

هل سمع رئيس القضاء بذلك..؟! سواء كان (سعادته) يقيم في عطبرة أو بورتسودان.. أو كان خارج السودان.. أو كان يزاول عمله (من منازلهم)..؟!!

هل هناك عنصرية وابتذال للعدالة أكثر من هؤلاء الذي يقررون بأن بعض وجوه السودانيين (غريبة).. فيكون الحكم الفوري على أصحابها بالقتل، ورئيس القضاء قابعاً في مكانه ساكناً ساكتاً وأجهزة عدالته صامتة راضية وكأن شيئاً لم يكن..؟!

ماذا يعني هذا القانون لرئيس القضاء..؟ وكيف يتم وصف (فرد ما) أو (جماعة ما) بأن وجهه أو وجوههم غريبة أو مألوفة..؟!

كيف تحكم على شخص من الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب بأن وجهه غريب..؟! مَنْ الذي يحدد ذلك..؟! وما هو التعريف و(التكييف القانوني) للوجه الغريب..؟!

ماذا لو نظر البرهان أو كرتي جبريل أو أحمد هارون أو طمبور (في المراية)..؟! هل يرون وجوههم مألوفة أم غريبة..؟

هل يعلم (مولانا رئيس القضاء) عن عدد الذين حاق بهم القتل والسحل والاغتصاب تحت هذا القانون الغريب العجيب الذي ابتكره الكيزان.. من بين ابتكاراتهم المُدهشة تجاه أهل السودان.,؟!

اأضحوكة العدالة “الفاتح طيفور” النائب العام لجمهورية السودان و(بهلوان آخر الزمان) يرى الإرهابيين الدواعش يقطعون رؤوس المواطنين تحت شمس النهار؛ ولكنه يخرج علينا بالأمس ليعلن عن تجديد مطالبته للإنتربول بالقبض على حمدوك.. لتقديمه للمحاكمة..! الله لا كسّبكم..!

murtadamore@yahoo.com”

الوسومد. مرتضى الغالي

مقالات مشابهة

  • أبرزها مصر والإمارات.. كيف تستغل القوى الإقليمية الحرب السودانية لتحقيق مكاسبها؟
  • ماذا تعرف عن مؤتمر دافوس الاقتصادي..تفاصيل
  • رئيس القضاء: مرحباً بقانون “الوجوه الغريبة”..!
  • الخارجية السودانية: المليشيا بعد أن عجزت عن مواجهة الجيش والقوات المساندة له لجأت إلى استهداف محطات الكهرباء والمياه
  • إرتفاع عدد الضحايا السودانيين في دولة الجنوب إلى «16» قتيلاً
  • ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟
  • بعد الانسحاب الثاني لـ«ترامب».. 9 معلومات عن اتفاقية باريس للمناخ
  • بيعت في مناطق حدودية وجنوب السودان”.. اتهامات لسلطات جوبا بإهمال مناشدات ضبط الآثار السودانية المسروقة
  • الحرب السودانية وتداعياتها الإنسانية !
  • “بيعت في مناطق حدودية وجنوب السودان”.. اتهامات لسلطات جوبا بإهمال مناشدات ضبط الآثار السودانية المسروقة