سودانايل:
2024-11-22@13:35:59 GMT

في الأزمة السودانية.. ماذا فعل مؤتمر باريس؟

تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT

أماني الطويل

أثار مؤتمر باريس الدولي المنعقد مؤخرًا بشأن دعم السودان جدلًا كبيرًا على المستويين المحلي السوداني والدولي، وذلك تحت مظلة تساؤلات مركزية "هل يمكن مساعدة السودانيين وإغاثتهم إنسانيًا دون حضور طرفَيّ الصراع أولًا لهذا المؤتمر واتفاقهما على ممرات وقنوات آمنة لتمرير الغوث الإنساني؟".
ثانيًا والأهم؛ "هل يمكن بالفعل أن يحوّل مؤتمر باريس الأزمة السودانية المنسية إلى واجهة التفاعلات على المستوى الدولي بما يمكن أن يترتب عليه القدرة على الوصول لمرحلة وقف إطلاق النار في هذه الحرب الممتدة تحت عناوين مضلّلة، حيث أنها تعبير بالأساس عن طموحات سياسية لأطرافها؟".

وأخيرًا؛ "هل المجهود الأوروبي الراهن لوضع الأزمة السودانية على أجندة الاهتمام الدولي طبقًا لأهداف المؤتمر المعلنة هو بمعزل عن المخاوف بشأن تزايد معدلات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وكذلك اهتمامات باريس بمنطقة الساحل الأفريقي ونفوذها المتآكل هناك؟".
في البداية، لا بد من الانتباه أنّ مؤتمر باريس من زاوية اهتمامه بالغوث الإنساني للسودانيين ليس هو الأول من نوعه، فقد سبقه مؤتمر القاهرة الذي عُقد نهاية العام الماضي، والذي ركّز على القضايا الإنسانية للسودانيين وحصد اهتمامًا دوليًا ووعودًا بتمويل، حيث خاطبه كل من الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين جان إيجلاند، ومدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، ووزير التعاون الدولي النرويجي ومندوبة أمريكا بالأمم المتحدة.

اهتمّ هذا المؤتمر بالقضايا التفصيلية لدعم السودانيين داخل وخارج السودان، وهي القضايا المتعلقة بقطاعات الحماية الاجتماعية مثل الأمن الغذائي، النظام الصحي، العنف الجنسي المبني على النوع خلال النزاع، وقضايا الوصول والتنسيق والاستفادة من التجارب المحلية ودعمها، والمعوقات اللوجستية لوصول وتوزيع العون الإنساني في السودان.

في المحصلة لم ينتج عن مؤتمر القاهرة نتائج ملموسة، بدليل تفاقم أزمة سوء التغذية وظهور شبح المجاعة الذي يهدد نحو ٢٠ مليون سوداني طبقًا لتقارير الأمم المتحدة.
وإذا كانت الوعود الغربية بمؤتمر القاهرة أقل بكثير من الوعود التي أُطلقت في مؤتمر باريس والتي وصلت إلى ٢ مليار يورو، فإنّ النتائج المتوقعة ستكون في تقديرنا محدودة، وغير ملموسة على الأرض وذلك لعدد من الأسباب، منها عدم سعي المؤتمر إلى جمع طرفَيّ النزاع تحت عنوان نقاش توفير ممرات آمنة لمرور الغوث الإنساني، وممارسة ضغوط دولية عليهما لهذا الغرض، حيث تم طرح مقولة "مضحكة" وهي الحياد بين طرفَيّ الصراع.

ومن الأسباب أيضًا، أننا قد تعوّدنا في مؤتمرات الدعم والمنح والإغاثة على إطلاق الوعود دون تحقيقها واستغلال ذلك لتحقيق أغراض سياسية في مناطق الصراع لأصحاب الدعوة الغربيين، ذلك أنّ دعم السودانيين يتطلّب واقعيًا دعم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وخصوصًا في القاهرة، إذ طلبت المفوضية دعمًا دوليًا بغرض التعامل مع الأزمة السودانية، ولكن لم يستجب لهذا الطلب أحد على المستوى المطلوب، وكان أولى بكل من فرنسا وألمانيا تخصيص مساعدات لهذه المفوضية التي تملك آليات إغاثة فعلية وعلاقة مباشرة مع المحتاجين لها. التجاهل الأوروبي لدعم مفوضية اللاجئين نتج عنه عجز في قدراتها وآليات عملها، وصل إلى أنه صار من الصعب تسجيل طالبي اللجوء السودانيين في القاهرة بتوقيت مناسب، حيث تمتد قوائم الانتظار لعام كامل، في وقت يعاني أكثر من نصف مليون سوداني نزحوا لمصر بعد الحرب من افتقاد شبه كامل لمقوّمات الحياة.
أما على المستوي السياسي، فقد عُقد مؤتمر باريس برئاسة مشتركة من فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وبحضور من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. وبالتوازي، مع انعقاد المؤتمر، عُقد اجتماع وزراء الخارجية لما يقرب من 20 دولة، لدعم مبادرات السلام الدولية والإقليمية الهادفة لوضع حد للحرب في السودان، وهو الهدف الذي تمت بسببه دعوة قوى ورموز سياسية من المكوّن المدني السوداني، ولكن بانحيازات واضحة كان من الممكن تفاديها لو تم دعوة أطراف إصلاحية محسوبة على قوى الإسلام السياسي والتي تبرّأت من ممارسات نظام البشير وتطرح حاليًا رؤى يمكن الاستفادة منها لوقف الحرب وربما توفير منصة لحوار سوداني مشترك.

أما المسكوت عنه أوروبيًا في مؤتمر باريس فهما أمران. الأول أنّ محاولة تطويق الأزمة السودانية ومحاولة المساهمة في حلّها لها دوافع مرتبطة بالحد من الهجرة غير الشرعية لأوروبا، إذ أشارت تقارير منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة إلى تزايد عدد المهاجرين السودانيين خلال عام ٢٠٢٣ من السواحل التونسية، وهو أمر يعني أنّ هذه المعدلات مرشحة للزيادة مع عدم وجود أفق واضح للحل، حيث تعثرت مؤخرًا مجهودات المبعوث الأمريكي للسودان بشأن عقد مباحثات جدّة في الموعد الذي كان قد وعد به سابقًا وهو ١٨ أبريل/نيسان، وللأسف أنه قد تورّط بعد فشله هذا بتحديد موعد جديد خلال ثلاثة أسابيع في ضوء تصاعد الصراع على الأرض، وهو أداء سياسي يشير إلى عدم إلمام واقعي بمدى تعقيد الأزمة السودانية.
والمسكوت عنه ثانيًا، هو الأغراض الفرنسية التي تريد أن يكون مؤتمر باريس أحد آليات عملها في منطقة الساحل الأفريقي التي يرتبط إقليم دارفور بها من حيث التفاعلات والتداخلات السياسية والقبلية خصوصًا مع تشاد - نقطة الارتكاز الحالي للنفوذ الفرنسي -.

إجمالًا لم يستطع مؤتمر باريس بمخرجاته الوصول إلى مستوى التحديات الواقعية في أزمة حرب السودان الممتدة منذ عام، ومن غير المتوقع أن يحقق أهدافه التي أعلنها وهي المساهمة في وضع السودان على أجندة الاهتمام الدولي في ضوء غياب الإرادة المحلية السودانية لوقف الحرب وضعف الأدوات الدولية للتعامل مع هذا التحدي.

(خاص "عروبة 22")  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأزمة السودانیة مؤتمر باریس

إقرأ أيضاً:

عمليات قتل تطال العشرات في ود عشيب السودانية.. واتهامات للدعم السريع بالوقوف وراءها

اتهمت تقارير سودانية، الأربعاء، قوات الدعم السريع بارتكاب "مجزرة" بحق المواطنين في قرية "ود عشيب" بولاية الجزيرة وسط السودان، مما أسفر عن مقتل 42 شخصا وإصابة العشرات.

وقال بيان لـ"مؤتمر الجزيرة"، وهو كيان مدني تشكل بعد سيطرة قوات الدعم على ولاية الجزيرة في ديسمبر الماضي، إن الأخيرة ارتكبت "مجزرة مروعة بحق المواطنين"، الثلاثاء.

وأضاف البيان أن أهالي القرية يعانون من "حصار" قوات الدعم السريع ومن "تعدياتها المستمرة التي تسببت في كارثة إنسانية لا تقل أبداً عن تلك التي تسببت بها في مدينة الهلالية، وراح ضحيتها 26 مواطنا جراء الجوع والمرض".

وتواصلت "الحرة" مع متحدث باسم قوات الدعم السريع للحصول على تعليق، الذي لم يرد حتى موعد نشر الخبر.

اتهامات جديدة لـ"الدعم السريع" بقتل مدنيين في الجزيرة السودانية كشفت تقارير سودانية محلية، السبت، مقتل 23 مواطنا بإحدى قرى ولاية الجزيرة على يد قوات الدعم السريع، في استمرار للاتهامات التي تواجهها المجموعة التي دخلت في حرب مع الجيش منذ أبريل 2023.

وطالما تنفي قوات الدعم السريع استهداف المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها، وتقول إنها تستهدف "مجموعات مسلحة موالية للجيش".

يذكر أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وافق، الإثنين، على مقترحات قدمها المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، بشأن الأزمة، وذلك خلال لقاء جرى بينهما في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للحكومة السودانية.

من جانبه، عبّر المبعوث الأميركي الخاص للسودان عن سعادته بزيارة السودان، مبيناً أنها (الزيارة) "تحمل رسالة واضحة من الولايات المتحدة بأنها تقف بجانب الشعب السوداني، مثلما كان يحدث دائماً خلال العقود الماضية".

البرهان يوافق على مقترحات المبعوث الأميركي لحل الأزمة السودانية وافق رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، على مقترحات قدمها المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، بشأن الأزمة السودانية، خلال لقاء جرى بينهما، الإثنين في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للحكومة السودانية.

وأوضح أنه عقد اجتماعات "مثمرة" مع البرهان، وقادة المجتمع المدني وفريق الأمم المتحدة الإنساني.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد دان في الأول من نوفمبر الجاري، الهجمات الأخيرة التي شنتها قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، داعيا إلى وقف إطلاق النار لحماية المدنيين.

وأصدر غوتيريش بيانا، أعرب فيه عن استيائه الشديد بشأن التقارير التي أفادت بأن "أعدادا كبيرة من المدنيين قُتلوا واحتجزوا وشُردوا، وبأن أعمال العنف الجنسي ارتكبت ضد النساء والفتيات، كما نُهبت المنازل والأسواق وأُحرقت المزارع".

مقالات مشابهة

  • العلاقات الروسية وخارطة الطريق السودانية
  • عمليات قتل تطال العشرات في ود عشيب السودانية.. واتهامات للدعم السريع بالوقوف وراءها
  • عشرات القتلى في ود عشيب السودانية.. واتهامات لـالدعم السريع بالوقوف وراءها
  • الإمارات تقدم 30 ألف سلة غذائية لإغاثة اللاجئين السودانيين في أوغندا
  • الإمارات تعزز الدعم الإغاثي للاجئين السودانيين في أوغندا
  • السودان ما بين استبدال القوى السياسية أو استبدال الأمة السودانية
  • “بيرييلو” ومآلات الحرب السودانية
  • نوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية
  • الأزمة المنسية.. عربي21 ترصد دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للاهتمام بالسودان (شاهد)
  • أطباء بلا حدود: تستأنف عملياتها في مستشفى بشائر جنوبي العاصمة السودانية