سودانايل:
2025-03-31@11:23:49 GMT

في الأزمة السودانية.. ماذا فعل مؤتمر باريس؟

تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT

أماني الطويل

أثار مؤتمر باريس الدولي المنعقد مؤخرًا بشأن دعم السودان جدلًا كبيرًا على المستويين المحلي السوداني والدولي، وذلك تحت مظلة تساؤلات مركزية "هل يمكن مساعدة السودانيين وإغاثتهم إنسانيًا دون حضور طرفَيّ الصراع أولًا لهذا المؤتمر واتفاقهما على ممرات وقنوات آمنة لتمرير الغوث الإنساني؟".
ثانيًا والأهم؛ "هل يمكن بالفعل أن يحوّل مؤتمر باريس الأزمة السودانية المنسية إلى واجهة التفاعلات على المستوى الدولي بما يمكن أن يترتب عليه القدرة على الوصول لمرحلة وقف إطلاق النار في هذه الحرب الممتدة تحت عناوين مضلّلة، حيث أنها تعبير بالأساس عن طموحات سياسية لأطرافها؟".

وأخيرًا؛ "هل المجهود الأوروبي الراهن لوضع الأزمة السودانية على أجندة الاهتمام الدولي طبقًا لأهداف المؤتمر المعلنة هو بمعزل عن المخاوف بشأن تزايد معدلات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وكذلك اهتمامات باريس بمنطقة الساحل الأفريقي ونفوذها المتآكل هناك؟".
في البداية، لا بد من الانتباه أنّ مؤتمر باريس من زاوية اهتمامه بالغوث الإنساني للسودانيين ليس هو الأول من نوعه، فقد سبقه مؤتمر القاهرة الذي عُقد نهاية العام الماضي، والذي ركّز على القضايا الإنسانية للسودانيين وحصد اهتمامًا دوليًا ووعودًا بتمويل، حيث خاطبه كل من الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين جان إيجلاند، ومدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، ووزير التعاون الدولي النرويجي ومندوبة أمريكا بالأمم المتحدة.

اهتمّ هذا المؤتمر بالقضايا التفصيلية لدعم السودانيين داخل وخارج السودان، وهي القضايا المتعلقة بقطاعات الحماية الاجتماعية مثل الأمن الغذائي، النظام الصحي، العنف الجنسي المبني على النوع خلال النزاع، وقضايا الوصول والتنسيق والاستفادة من التجارب المحلية ودعمها، والمعوقات اللوجستية لوصول وتوزيع العون الإنساني في السودان.

في المحصلة لم ينتج عن مؤتمر القاهرة نتائج ملموسة، بدليل تفاقم أزمة سوء التغذية وظهور شبح المجاعة الذي يهدد نحو ٢٠ مليون سوداني طبقًا لتقارير الأمم المتحدة.
وإذا كانت الوعود الغربية بمؤتمر القاهرة أقل بكثير من الوعود التي أُطلقت في مؤتمر باريس والتي وصلت إلى ٢ مليار يورو، فإنّ النتائج المتوقعة ستكون في تقديرنا محدودة، وغير ملموسة على الأرض وذلك لعدد من الأسباب، منها عدم سعي المؤتمر إلى جمع طرفَيّ النزاع تحت عنوان نقاش توفير ممرات آمنة لمرور الغوث الإنساني، وممارسة ضغوط دولية عليهما لهذا الغرض، حيث تم طرح مقولة "مضحكة" وهي الحياد بين طرفَيّ الصراع.

ومن الأسباب أيضًا، أننا قد تعوّدنا في مؤتمرات الدعم والمنح والإغاثة على إطلاق الوعود دون تحقيقها واستغلال ذلك لتحقيق أغراض سياسية في مناطق الصراع لأصحاب الدعوة الغربيين، ذلك أنّ دعم السودانيين يتطلّب واقعيًا دعم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وخصوصًا في القاهرة، إذ طلبت المفوضية دعمًا دوليًا بغرض التعامل مع الأزمة السودانية، ولكن لم يستجب لهذا الطلب أحد على المستوى المطلوب، وكان أولى بكل من فرنسا وألمانيا تخصيص مساعدات لهذه المفوضية التي تملك آليات إغاثة فعلية وعلاقة مباشرة مع المحتاجين لها. التجاهل الأوروبي لدعم مفوضية اللاجئين نتج عنه عجز في قدراتها وآليات عملها، وصل إلى أنه صار من الصعب تسجيل طالبي اللجوء السودانيين في القاهرة بتوقيت مناسب، حيث تمتد قوائم الانتظار لعام كامل، في وقت يعاني أكثر من نصف مليون سوداني نزحوا لمصر بعد الحرب من افتقاد شبه كامل لمقوّمات الحياة.
أما على المستوي السياسي، فقد عُقد مؤتمر باريس برئاسة مشتركة من فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وبحضور من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. وبالتوازي، مع انعقاد المؤتمر، عُقد اجتماع وزراء الخارجية لما يقرب من 20 دولة، لدعم مبادرات السلام الدولية والإقليمية الهادفة لوضع حد للحرب في السودان، وهو الهدف الذي تمت بسببه دعوة قوى ورموز سياسية من المكوّن المدني السوداني، ولكن بانحيازات واضحة كان من الممكن تفاديها لو تم دعوة أطراف إصلاحية محسوبة على قوى الإسلام السياسي والتي تبرّأت من ممارسات نظام البشير وتطرح حاليًا رؤى يمكن الاستفادة منها لوقف الحرب وربما توفير منصة لحوار سوداني مشترك.

أما المسكوت عنه أوروبيًا في مؤتمر باريس فهما أمران. الأول أنّ محاولة تطويق الأزمة السودانية ومحاولة المساهمة في حلّها لها دوافع مرتبطة بالحد من الهجرة غير الشرعية لأوروبا، إذ أشارت تقارير منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة إلى تزايد عدد المهاجرين السودانيين خلال عام ٢٠٢٣ من السواحل التونسية، وهو أمر يعني أنّ هذه المعدلات مرشحة للزيادة مع عدم وجود أفق واضح للحل، حيث تعثرت مؤخرًا مجهودات المبعوث الأمريكي للسودان بشأن عقد مباحثات جدّة في الموعد الذي كان قد وعد به سابقًا وهو ١٨ أبريل/نيسان، وللأسف أنه قد تورّط بعد فشله هذا بتحديد موعد جديد خلال ثلاثة أسابيع في ضوء تصاعد الصراع على الأرض، وهو أداء سياسي يشير إلى عدم إلمام واقعي بمدى تعقيد الأزمة السودانية.
والمسكوت عنه ثانيًا، هو الأغراض الفرنسية التي تريد أن يكون مؤتمر باريس أحد آليات عملها في منطقة الساحل الأفريقي التي يرتبط إقليم دارفور بها من حيث التفاعلات والتداخلات السياسية والقبلية خصوصًا مع تشاد - نقطة الارتكاز الحالي للنفوذ الفرنسي -.

إجمالًا لم يستطع مؤتمر باريس بمخرجاته الوصول إلى مستوى التحديات الواقعية في أزمة حرب السودان الممتدة منذ عام، ومن غير المتوقع أن يحقق أهدافه التي أعلنها وهي المساهمة في وضع السودان على أجندة الاهتمام الدولي في ضوء غياب الإرادة المحلية السودانية لوقف الحرب وضعف الأدوات الدولية للتعامل مع هذا التحدي.

(خاص "عروبة 22")  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأزمة السودانیة مؤتمر باریس

إقرأ أيضاً:

⭕ ماذا قال البرهان في خطابه بمناسبة عيد الفطر المبارك؟

وجه ئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان كلمة للشعب السوداني بمناسبة عيد الفطر المبارك.أهم ما ورد في الكلمة:نسأل الله أن يتقبل شهداء بلادي الذين بذلوا أرواحهم فداءً للوطن وفداءً لشعبه فهم أكرم منا جميعاً وعاجل الشفاء للجرحى والمصابين وعوداً حميداً للأسرى والمفقودين .إن قواتكم المسلحة ، قوات الشعب المسلحة (ق.ش.م) قد تحقق في رحابها شعار شعب واحد جيش واحد بل أكثر فهي إستحقت ما أسماها به الرعيل الأول فهي من الشعب وإلى الشعب فهو من حملها فوق جراحاته وصبر عليها فوق أحزانه وقدم لها خيرة أبناءه فنهضت وأنتصرت بكم وأنتصرتم بها .تدخل هذه الحرب التي تعيشها بلادي والتي أشعلتها مليشيا آل دقلو ومعاونيها وداعميها عامها الثالث وقد فعلت بالوطن والمواطن أسوأ ما يمكن أن يحدث في الحروب إن الفظائع التي أرتكبتها مليشيا آل دقلو الإرهابية في حق شعبنا والمرارات التي أذاقها لهم هؤلاء المجرمون صورها وأصواتها وجراحها المتجددة تجعل الخيارات صفرية في التعامل مع هؤلاء المجرمين وداعميهم وأقول لهم بصوت الشعب النازح والمهجر والذي نهبت أمواله والمحاصر والأمهات الثكالى والأطفال الإيتام والشهداء إننا لن نغفر ولن نساوم ولن نفاوض ولن ننكص عن عهدنا مع الشهداء .الشكر للشعب السوداني الذي صبر وتحمل أذى هولاء الأوباش المجرمينالشكر لأبناء السودان في أي مكان فأنتم الزاد وأنتم الوقود وأنتم أصحاب النصر وأهل الفضل والشكر من قبل ومن بعد لله رب العاملين و لن تكتمل فرحة النصر إلا بالقضاء على آخر متمرد في آخر بقعة في السودان.طريق السلام وإنهاء الحرب ما زال مشرعاً فمعاناة أهلنا في مناطق سيطرة المليشيا الإرهابية وحصارهم وتدميرهم وقتلهم خاصة في الفاشر وضرورة إشاعة السلام والطمأنينة في ربوع الوطن كل ذلك ممكن وطريقه واضح وهو أن تضع المليشيا المتمردة السلاح أو على الباغي ستدور الدوائر .أؤكد أن قوات الشعب المسلحة تقف من جميع المواطنين المساندين لها والمدافعين عن السودان وعن الحق على مسافة واحدة ولا تفضيل ولا إنحياز لأي جهة على حساب الأخرين فحرب الكرامة ميزت الخبيث من الطيب والوطني من المأجور وهنا وجب تقديم التحية والتجله للمجموعات التي ساندت وقاتلت مع القوات النظامية بمختلف كياناتهم ومناطقهم وأخص هنا المقاتلين في شمال دارفور وكردفان على صبرهم وتحملهم الحصار فإننا قادمون وكذلك من بقية مناطق السودان ومن قبلهم شبعنا المعلم الصابر الصامد وإن طريق النصر واضح المعالم وخيار الشعب لن يوقفه إلا تطهير كامل السودان من مليشيا آل دقلو الإرهابية .وجب أن أقدم الشكر لأشقاء وأصدقاء السودان من الدول والمنظمات الذين عملوا مع الحكومة والشعب وساندوهم ودعموهم في تثبيت وحدة وأمن وإستقرار الدولة السودانية فما زال إعادة إعمار الدولة وبنيتها التحتية يحتاج إلى جهود إضافية ، وأكرر شكر وتقدير شعب السودان لكم أشقاء وأصدقاء بلادي .أجدد عهد القوات المسلحة مع الشعب أن لا تراجع عن هزيمة وسحق مليشيا آل دقلو الإرهابية ورغم ذلك ظلت أبواب الوطن مفتوحة لكل من يحكم عقله ويتوب إلى الحق من الذين يحملون السلاح فالعفو عن الحق العام ومعالجة الأمر العسكري ما زال ممكناً ومتاحاً وهنا أناشد أهلنا في مناطق سيطرة التمرد برفع أيديهم عن مساندة مشروع آل دقلو الإستعماري وحماية أبناءهم من الذين سيوردونهم المهالك فالسودان الواحد الموحد أرضاً وشعباً أمانة تاريخية يجب عدم التفريط فيها .أجدد التهئنة لكم شعب بلادي بعيد الفطر المبارك وأسال الله أن يتقبل صيامكم وقيامكم ومجاهداتكم وأن يعود علينا وبلادنا في أفضل حال موحدة آمنة مطمئنة خالية من التمرد والإقتتال .سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • العدل والمساواة تهنئ السودانيين بالعيد وتؤكد ان لا مكان للمليشيا واعوانها في مستقبل السودان
  • بعد تحرير الخرطوم.. مصر تدعم المؤسسات الوطنية السودانية لاستعادة الاستقرار
  • ⭕ ماذا قال البرهان في خطابه بمناسبة عيد الفطر المبارك؟
  • وزير الخارجية يتابع مع نظيره الكويتي استعدادات «مؤتمر القاهرة» لإعادة إعمار غزة
  • جنوب السودان على حافة حرب أهلية.. كيف تطورت الأزمة بين سلفاكير ومشار؟
  • حملة دولية لمنع تهريب وبيع الآثار السودانية
  • سفارة السودان بالقاهرة تنوه إلى خطورة انتشار الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة باستبدال العملة السودانية
  • تضامن مصر الكامل مع السودان.. تطورات الوضع في الخرطوم| ماذا يحدث؟
  • واشنطن تؤكد انخراطها في جهود وقف الحرب في السودان
  • بريطانيا تطالب رعاياها بمغادرة جنوب السودان ومساع كينية لاحتواء الأزمة