CONFLICT AND CO-OPERATION BETWEEN ETHIOPIA AND THE MAHDIST STATE, 1884 – 1898 (1 -3)
G.N. SANDERSON جورج نيفل ساندرسون
تقديم: هذه ترجمة للجزء الأول من غالب ما ورد في مقال نشره جورج نيفل ساندرسون (1919 – 2001م) في المجلد الخمسين من مجلة "السودان في رسائل ومدونات SNR" الصادرة عام 1969م، صفحات 15 – 40.
وبحسب ما جاء في موقع أرشيف السودان بجامعة درم البريطانية عن البريطاني ساندرسون، وفي نعي بيتر وود له في العدد الحادي والعشرين من مجلة "الدراسات السودانية"، فقد تخرج الكاتب في جامعة أكسفورد عام 1940م.

التحق بعد ذلك بالجيش البريطاني، وبُعِثَ به إلى مصر. ثم عمل الكاتب بوزارة المعارف السودانية بين عامي 1946 و1947م، ثم عُيِّنَ محاضراً بكلية غردون التذكارية (1947 – 1953م)، وأستاذا للتاريخ (ورئيسا لوحدة أبحاث السودان) بجامعة الخرطوم بين عامي 1962 و1965م.
تولى ساندرسون رئاسة تحرير مجلة "السودان في رسائل ومدونات" بين عامي 1953 و1962م.
المترجم
********* ************* ***********
دخل حكام إثيوبيا في غضون سنوات الربع الأخير من القرن التاسع عشر في صراعات عنيفة لحماية بلادهم، ليس فقط ضد غزوات إمبريالية قادتها قوى أوروبية، ولكن أيضا ضد جيرانها الأفارقة العُدوانِيّين. ومن بين هؤلاء الجيران، بدت الدولة المهدية في السودان لبعض السنوات ليست الأقل خطورة.
لم تكن المهدية في السودان مجرد عصيان مسلح ناجح ضد الحكم التركي – المصري، فقد كان المهدي قد إدعى أنه تلقى تكليفا ربانياً لأداء مهمة إلهية لتحويل العالم كله، وليس فقط المجتمعات الإسلامية "الفاسدة"، إلى مفهومه عن الإيمان والممارسة الإسلامية النقية (كما كانت في عهد السلف الصالح). وكانت طريقته في الدعوة للدخول في الإسلام هي الهداية بالحسنى أولاً، ما أمكن ذلك؛ أو بالجهاد (الحرب المقدسة). وكان القبول بالإسلام (المهدوي) يعني بالضرورة القبول بالسلطة الدينية والسياسية للمهدي وخليفته عبد الله. وكان الجهاد بالنسبة لهما هو "السياسة الخارجية" الوحيدة الممكنة. وكانت إثيوبيا، بحسبانها دولة مسيحية، هي العدو التقليدي للإسلام في شمال شرق أفريقيا، وبذا صارت هي ميدان معركة الجهاد المهدوي.
وظل الجهاد إلى نهاية سيادة الدولة المهدية، وبصورة رسمية، هو السياسة الثابتة تجاه كل من لم يؤمن أو يقبل بالمهدية. غير أنه من ناحية عملية، فقد بدأت الدولة المهدية في التخلي تدريجياً، وبصورة غير معلنة، عن تلك السياسة. ومنذ حوالي عام 1889م – حين حدثت مجاعة عظيمة، وفشلت محاولة كارثية لغزو مصر - صارت تلك السنة نقطة تحول بالنسبة للخليفة عبد الله، الذي صار مبلغ همه هو الحفاظ على دولته المهدوية (الوحيدة) والدفاع عنها، وعدم الخوض في حروب خارجية هدفها نشر دعوة المهدية حول العالم. وفي غضون السنوات الخمس التالية، تم التأكيد على الأهمية القصوى للدفاع عن أراضي الدولة المهدية من التعديات الأوروبية البسيطة (التي كان من المحتمل أن تكون خطيرة للغاية). ومع حلول عام 1894م بدأت الدولة المهدية تواجه "مشكلة أوروبية" تشابه ما كانت إثيوبيا تواجهه. وصارت إيطاليا هي العدو المشترك للدولة المهدية ولإثيوبيا معاً. غير أن أي تحالف بين إثيوبيا والسودان كان أمراً مستحيلا. ولم يكن العائق أمام ذلك التحالف بين الدولتين هو مجرد العداء التقليدي بين المسلمين والمسيحيين، أو حتى المعارك الدامية (وغير الحاسمة) التي وقعت بين عامي 1884 و1889م؛ ولكنه كان يتعلق بأيديلوجية المهدية نفسها، التي لا تتصور ولا تقبل - بطبيعتها – وجود حليف مستقل عنها. ورغم ذلك فقد عُقد بالفعل تحالف بين الدولتين في عام 1897م. وكانت إثيوبيا هي من بادرت باقتراح قيام ذلك التحالف، فقد كان حكامها يؤمنون – ومنذ زمن – بأن العداء الديني التقليدي لا ينبغي أن يقف عائقاً أمام التعاون بين الجارتين الافريقيتين في مواجهة الغزاة الأوربيين. وفي البدء، كان الخليفة عبد الله متردداً في قبول مثل ذلك التعاون، إلا أنه قبل به أخيراً، وعلى مضض. ولكن يبدو أن العلاقات الودية مع إثيوبيا، التي تزامنت مع زيادة مطردة في الضغط الأوروبي، قد خلقت في نهاية المطاف، حتى عند الدولة المهدية، شعوراً حقيقياً وإن كان أوّليّا بضرورة "التضامن الأفريقي".
لقد كان نضال إثيوبيا من أجل حماية استقلالها قد بدأ بالفعل قبل اثنتي عشرة سنة من اهتمام القوى الأوروبية بشكل جدي بتقسيم أفريقيا الاستوائية. وكان من الممكن أن يكون قد بدأ في وقت سابق لولا حق النقض (veto) الذي استخدمته السياسة البريطانية، وهي تنظر في شأن أمن الاتصالات مع الهند، والتوسع المصري خارج وادي النيل. وتم تحذير محمد علي باشا أكثر من مرة من محاولة غزو إثيوبيا، وتعهد هو بعدم القيام بذلك، لكنه وضع تحت السيطرة المصرية حزاماً عريضاً من الأراضي التي كانت تتبع لإثيوبيا في السابق، يمتد من العَطِيش "al-Atish" في الشمال (الغربي)، عبر "القلابات" إلى "بني شنقول"، جنوب شرق "فازوغلي". غير أن ما كان أكثر خطورة من تلك التعديات هو منح السلطان للخديوي إسماعيل في عام 1865م حق السيطرة الإدارية على كامل الساحل الغربي للبحر الأحمر، بما في ذلك "مصوع" (1). وكان طِمَاح إسماعيل باشا لإقامة إمبراطورية مصرية تضم كل أجزاء الربع الشمالي الشرقي من أفريقيا يعني بالضرورة إخضاع إثيوبيا، التي غدت الآن محاطة بعمق في وادي النيل والبحر الأحمر.
ومنحت مصوع الخديوي إسماعيل قاعدة مناسبة يمكن له منها مهاجمة إثيوبيا، خاصة بعد أن انتقل مركز السلطة فيها إلى إقليم التقراي في عام 1872م. وفي عام 1871م عُين السويسري فيرنر مونزنجر Werner Munzinger (وهو صاحب تجربة طويلة في إثيوبيا) حاكما على مصوع (2)؛ ووجد إسماعيل في مونزنجر ما كان يسعى للحصول عليه من شخص مغامر جَرِيء وقادر على العدوان. وبحلول عام 1872م تمكن مونزنجر من احتلال منطقة كرن (بوقوس)، وكان يخطط لمد نفوذه جنوباً في داخل منطقة الحماسين/ هماسين، التي كان يصفها بأنها تمثل مفتاح الدخول للحبشة. وفي العام التالي رُقِيَ مونزنجر إلى منصب حاكم عام "مدير أمم" لكل ساحل البحر الأحمر. وصمت بريطانيا أذنيها عن كل رجاءات واستجداءات ملك إثيوبيا وتذكيره لها بـ "التضامن المسيحي"، وتوقفوا عن الاهتمام بالشؤون الإثيوبية. ولم يكن إسماعيل باشا يشابه محمد علي باشا (في الاستقلالية. المترجم)؛ ففي عهد إسماعيل باشا غدت مصر دولة عميلة (client state) لبريطانيا وفرنسا، وصارت لبريطانيا بعد عام 1870م الهيمنة الأكبر على مصر. وقُوبِلَ التوسع المصري على الساحل بالشك في البداية، ثم تم التسامح معه بشكل متزايد، بل تم التشجيع عليه بحسبانه إجراءً وقائياً ضد المؤسسات الأوروبية المنافسة في هذه المنطقة، وهو أمر حيوي أكثر من أي وقت مضى منذ افتتاح قناة السويس في عام 1869م. ولما كانت بريطانيا قد قبلت بالتوسع المصري على الساحل فإنها لم تجد سبباً لمنع مثل ذلك التوسع في الداخل. وفي يونيو 1874م، وضع اللورد ديربي (رئيس الوزارة البريطانية) سياسة تقضي بعدم التدخل نهائيا في الشؤون الإثيوبية.
ولم يدع إسماعيل باشا تلك الفرصة تفوته. فقام بشن ثلاث حملات في 1875م ضد إثيوبيا. وفي أولى تلك الحملات قام محمد رؤوف باشا من "زيلع" على الساحل الصومالي باحتلال هرر من دون مقاومة تذكر. وكانت هرر تعد دولة مدينة city – state (أي دولة صغيرة ذات سيادة) يحكمها سلطان مسلم. غير أنها غدت، بعد سيطرة مصر عليها، بمثابة المسدس المصوب نحو إثيوبيا - ولكن في شُوا Shoa /Shewa، وليس التقراي. وفي غضون أيام نوفمبر من عام 1875م أخفقت الحملتان الثانية والثالثة في إحراز أي تقدم. فقد قاد مونزنجر بنفسه حملة ضد شوا، للحصول على موطئ قدم هناك، وكذلك سعياً لكسب تعاون منليك، حاكم شوا المستقل تقريبا. وتم القضاء على تلك الحملة الثالثة على يد رجال قبيلة دَناكِل Danakil قبل أن تتمكن من الوصول إلى المرتفعات، وزحفت القوة المصرية الرئيسية، تحت قيادة الدانماركي أرندروب Arendrup، إلى عدوة (Adowa) التي كانت يومها هي عاصمة إثيوبيا، وتم القضاء عليها تماما على أيدي المحاربين التقراي في قندت Gundetعلى نهر ماريب Mareb. ولم تثن تلك الهزائم الكارثية إسماعيل باشا عن تحقيق حلمه، فحاول كرة أخري مستخدما قوات أكبر عددا، شملت بعض ضباط صف من أمريكا. ومُنيت حملته تلك بهزيمة مذلة في قورا (Gura) بين أسمرا وعدوة.
وكانت الانتصارات في قندت وقورا قد تمت تحت قيادة النجاشي (أي الملك) نيقاستى الرابع (كسهاي ميرشا التقراي، سابقاً)، الذي لم يكن معروفا في خارج شمال إثيوبيا، ولم يُنَصَّب في أكسوم (Axum) إلا في عام 1872م. وكان ينازعه في اللقب منافسه منليك ملك شوا القوي الذي أطلق عليه لقب "ملك الملوك". غير أن حملات يوحنا الناجحة ضد المسلمين "الترك" لم تعزز سلطته فحسب، بل أشعلت في كل مناطق إثيوبيا حماسة صليبية جامحة، وأثارت مشاعر الوحدة الوطنية لدرجة لم يكن بوسع حتى منليك التعالي عليها أو الابتعاد عنها. وقدم منليك التهاني ليوحنا على انتصاره في قندت، وأرسل إليه قوة رمزية من فرسان شوا لتعمل في حملة قورا. وكان منليك مقتنعاً بأن العمليات الحربية المصرية تهدد كافة أجزاء إثيوبيا، وليس فقط التقراي، فرفض عرض إسماعيل باشا له بالاعتراف به ملكاً للملوك، وآثر التعاون مع منافسه يوحنا. وكانت هذه بلا شك بشارة مشجعة للمستقبل، إلا أن نتائج انتصارات يوحنا المباشرة كانت جد قليلة، إذ بقيت هرر ومصوع وبوقوس تحت السيطرة المصرية. وطالما ظلت مصر تسيطر على نقاط العبور تلك، فإن إثيوبيا (والتقراي خاصةً) تظل غير آمنة. ورفض يوحنا التصالح مع خديوي مصر حتى يسحب قواته، على الأقل من بوقوس؛ غير أن ما كان لديه من قوات وسلاح وعتاد وموارد لم يكن يكفي لطرد المصريين من تلك المناطق الإثيوبية.
وفي غضون عامي 1883 و1884م كانت السلطات المصرية في السودان قد أُنهكت ودُمِّرَتْ من جراء الثورة/ التمرد المهدوي. وكان هذا بالطبع مصدر ارتياح ومكسب ليوحنا. فقد عقد معاهدةً مع الحكومة المصرية (التي مثلها الأدميرال السير وليام هويت) انسحبت بموجبه القوات المصرية من مقاطعة بوقوس، في مقابل تقديم إثيوبيا مساعدات لإجلاء الحاميات المصرية التي غدت معزولة في شرق السودان [اسميت تلك المعاهدة "معاهدة هويت أو معاهدة عدوة" (3)]. وأصر يوحنا على فصل مصوع، إذ أن ذلك سيعينه في دخول الأسلحة المستوردة. إلا أن المصريين رفضوا الالتزام بذلك؛ وأيدتهم بريطانيا في موقفهم الرافض على أساس أن مصوع كانت لا تزال – من الناحية الرسمية – تحت سيادة الخلافة العثمانية. غير أن المعاهدة التي أبرمها وليام هويت شملت وعداً رسمياً بضمان حرية المرور عبر ميناء مصوع لكل البضائع، بما فيها الأسلحة والذخائر، تحت الحماية البريطانية.
وأوفى يوحنا بما التزم به في شأن إنقاذ الحاميات المصرية بشرق السودان؛ وهذا ما جعل قواته تدخل في صراعات محلية ضد أنصار المهدي. ونشبت صراعات بين الطرفين في القلابات في نوفمبر 1884م وفبراير 1885م، وفي الجيرة على نهر الستيت في فبراير 1885م، وفي كوفيت Kufit بالقرب من أغوردات سبتمبر في 1885م. وعند فتح / سقوط الخرطوم في يناير من عام 1885م بدأت الدولة المهدية في الظهور بحسبانها دولة قوية، ويمكن أن تكون جارة خطرة على إثيوبيا. وبدا واضحا أن يوحنا كان قد بدأ يشعر بالقلق من أن تتطور الأعمال العدائية المحلية الناشئة عن إخراج المصريين إلى حرب واسعة النطاق قد تعرض للخطر الآثار المفيدة لانهيار مصر. لذا حاول أن يظهر أن تلك الصدامات العارضة لا تعني أن هناك عداءً منهجياً لدولة المهدية. لذلك أعترف يوحنا رسمياً بأن القائد المهدوي محمد ود الأرباب هو الحاكم المعترف به على القلابات، وذلك بعد وقت قصير من تسنم ذلك القائد لمنصبه في مارس 1885. وفي نفس تلك الأيام كتب يوحنا لمحمد أحمد المهدي خطاباً ودياً يستفسر فيه عن سياسة المهدي وعن نواياه.
ورد المهدي على رسالة يوحنا بخطاب لا بد أنه كان قد كُتِبَ قبل فترة قصيرة من وفاته في 22 يونيو 1885م (4). غير أن تلك الوثيقة لم تكن مجرد "تواصل دبلوماسي" بالمعنى المعتاد لهذا التعبير، بل كان "إنذاراً" إلى كافر، يدعوه فيه للدخول في الإسلام الحقيقي – الذي تمثله المهدية. وخاطب المهدي في تلك الرسالة يوحنا باقتضاب بقوله: "إلى يوحنا حاكم الأحباش"، ولم يذكر أي لقب له، إذ أن ذلك قد يضفي بالطبع شرعية على سلطته. وبدأ المهدي رسالته بتذكير يوحنا بما يفيد بأن الإسلام هو الدين الحق والذي كان يتقدم للأمام من نصر إلى نصر في كل أرجاء العالم، حتى جاء "الترك" فحرفوه واستعاضوا عنه بالكفر، وأبطلوا سنن الرحمن وأحيوا سبل الشيطان وأتبعوا أهوائهم. وأضاف المهدي أنه "لما أراد الله أن يهدم تلك الدولة، قضي أن أقوم بأمر الدعوة للمهدية". ثم ذكر المهدي يوحنا بنجاحته في هزيمة "الترك" والإنجليز "أعداء الله"، وأن هؤلاء صروا يخشون مواجهة أنصاره، ويفرون من أمامهم، وأن ذلك هو ما سيحيق بكل الكفار الذين يعصونه، فهو مؤيد بنصر الله.
واختتم المهدي رسالته ليوحنا بدعوته – بصورة مباشرة – لتأييد دعوة المهدية التي أتى بها، وذكر له أنه لاحظ أنه "رجل حكيم"، ويقدر له اتصاله بمحمد ود الأرباب، عامله في القلابات. وأضاف بما يفيد التالي: "لقد سألت عنا وعن مقصد سياستنا. لهذا السبب نبعث لك بهذه الرسالة: أسلم تسلم. لقد أراد الله بك خيراً أن أحياك في عهد النبوة هذا، فأنا خليفة رسولنا محمد ... أما إذا أبيت دعوتنا واستحببت العمى على الهدى، فسوف تقع في قبضتنا بلا ريب، كما وعدنا الخالق بأن نستخلف في الأرض، التي لا تملك فيها أنت إلا النذر القليل؛ ولا يخلف الله وعده. لا تدع الشيطان يضلك عن الحق".
وكان ذلك "التحذير" المهدوي لحاكم دولة أجنبية بمثابة إنذار (نهائي)، ويُتْبَعُ عادةً في حالة رفضه بإعلان الجهاد ضد لتلك الدولة. غير أن مثل ذلك الإعلان ضد إثيوبيا تأخر، ولم يحدث حتى يناير من عام 1888م. وربما كان سبب ذلك التأخير هو وفاة المهدي وتولى الخليفة قيادة الدولة. غير أن الخليفة نفسه، وحتى بعد أن استقرت له الأوضاع المحلية، اتبع – على عكس ما كان متوقعاً - سياسة حذرة تميل إلى الاعتدال تجاه إثيوبيا، على الرغم من أنه كانت للخليفة ما يكفي من الأسباب والذرائع للهجوم على اثيوبيا، أهمها عدم استجابة يوحنا لدعوة المهدي له بالدخول في الإسلام، إضافة لنشوب عدد من المعارك الصغيرة المتفرقة بين الطرفين بعد عام 1885م.
********** **********
إحالات مرجعية
1/ ورد في مقال لأليس موور هاريل أن مصر كانت قد أحكمت سيطرتها الكاملة على الساحل الغربي من البحر الأحمر في مايو من عام 1865م، عندما أصدر الخليفة العثماني فرمانا منح بموجبه الخديوي إسماعيل (1865 – 1879م) مينائي سواكن ومصوع. وفي عام 1866م صدر فرمان آخر ملك هذين الميناءين للخديوي كهدية شخصية له طوال فترة حكمه، على أن تعود ملكيتهما بعد وفاته إلى الحكومة المصرية، وليس لورثته https://rb.gy/xcafbp
2/ ف. مونزنجر (1832 – 1875م) هو رحالة ومستكشف وإداري سويسري الجنسية كان قد عمل في خدمة الخديوي المصري إسماعيل باشا وقاد حملته ضد الحبشة. وعمل أيضا قنصلا لإنجلترا وفرنسا في مصوع. وجاء في موسوعة الويكيبيديا أن " الخديوي إسماعيل كان يؤمل أن يجعل النيل كله نهراً مصرياً، فزيّن له مونزنجر التغلب على الحبشة وامتلاكها، مغتنماً فرصة قيام الفتنة بين ملوكها وأمرائها، وأكد للخديوي أنه قادر على الاستيلاء عليها بقليل من الجنود، وشيء يسير من النفقة. فاقتنع الخديوي برأيه، وولاه المحافظة على فرضية مصوع، مفتاح أرض الحبشة البحري، ومنحه رتبة الباكوية، فأخذ مونزنجر يستميل زعماء القبائل بالهدايا والأموال، ويدفع بهم إلى دس الدسائس وإيقاظ الفتن كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا. وفي سنة 1872، اغتنم مونزنجر فرصة ذهاب يوحنا الرابع ـ إمبراطور الحبشة ـ إلى محاربة القالا في الجنوب، فاستولى على كرن (سنهيت) عاصمة البوغوس بألف وخمسمائة رجل، واستمال رأسًا يقال له النائب محمد، كان يكره يوحنا، فاشترى منه مقاطعة (آيلت) الواقعة بين الحماسين ومصوع، وأدخله تحت ولاء الخديوي مقابل مرتب سنوي يُدفع له...".
3/ معاهدة هويت أو معاهدة عدوة هي معاهدة من سبعة بنود عقدت في عدوة بين إثيوبيا من جهة، وبين مصر وبريطانيا من جهة أخرى. وقد أنهت تلك المعاهدة صراع إثيوبيا مع مصر، ولكنها أشرعت الأبواب لصراع إثيوبيا مع إيطاليا. انظر ترجمة مقال "مناهضة جار مسيحي: تصورات السودانيين عن إثيوبيا (الحبشة" في عهود المهدية الأولى" https://www.sudaress.com/sudanile/96129
4/ لا يعرف تاريخ اليوم والشهر الذي كتبت فيه رسالة المهدي رداً على خطاب يوحنا (المفقود). غير أن رد المهدي لا بد أن يكون قد كُتب بين شهري أبريل ويونيو 1885م)

 

alibadreldin@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدولة المهدیة إسماعیل باشا المهدیة فی على الساحل بین عامی التی کان فی غضون ما کان من عام لم یکن فی عام غیر أن

إقرأ أيضاً:

الصراع على سوريا… مجدداً

إن أشهر الكتب التي وصفت الحالة السورية في مطلع ستينيات القرن المنصرم، وأحد أفضلها بالتأكيد، كتاب الصحافي البريطاني باتريك سيل (1930-2014) الذي ترعرع في سوريا وتخصّص في الكتابة عنها وعن سائر أمور الشرق الأوسط. صدر الكتاب في عام 1965 تحت عنوان «الصراع على سوريا»، وقد وصف الأحداث السورية والأحداث الإقليمية المرتبطة بها بين نهاية الحرب العالمية في عام 1945، وعام 1958 الذي شهد الوحدة مع مصر في إطار ما سمي آنذاك «الجمهورية العربية المتحدة». أما الصراع المذكور، فقد رآه الكاتب صراعاً بين المحور الغربي، مستنداً إلى المملكة العراقية الهاشمية (1921-1958) و«حلف بغداد» (1955) بقيادة بريطانيا ودعم الولايات المتحدة، وبين صعود الحركة القومية العربية، الذي جسّده «حزب البعث العربي الاشتراكي» وبعده مصر الناصرية، وقد صعد نجم هذه الأخيرة بقوة إثر تأميمها لقناة السويس في عام 1956 وصمودها في وجه العدوان الثلاثي البريطاني-الفرنسي-الإسرائيلي الذي تلا ذلك التأميم.

والحال أننا اليوم أمام أقصى حالة من الصراع الإقليمي والدولي على سوريا منذ أن استقرّت البلاد لمدة ثلاثين سنة تحت نظام آل الأسد الاستبدادي. حتى أن الصراع بات مفتوحاً اليوم أكثر مما في أي وقت مضى منذ أن اندلعت الحرب الأهلية في سوريا إثر قمع الانتفاضة الشعبية في عام 2011. ذلك أن التدخلين الإيراني والروسي المتتاليين أنقذا نظام آل الأسد إلى حد أن هيمنته على معظم الأراضي السورية بدت مؤكدة بعد عام 2015، بينما انحصرت المناطق الفالتة من سيطرته على أطراف البلاد. وقد عرفت ركيزتا حكم آل الأسد ضموراً حاداً في خريف العام الماضي مع تقلّص الدعم الروسي بسبب غرق موسكو في أوحال غزوها لأوكرانيا، وانهيار الدعم الإيراني، الذي تكبّد ضربة قاضية إثر الهزيمة التي مني بها «حزب الله» في لبنان من جرّاء الهجوم الصاعق الذي نفّذته الدولة الصهيونية عليه بعد سنة من تبادل القصف المحدود نسبياً.

فإن انهيار حكم آل الأسد إثر سقوط الركيزتين اللتين استند إليهما منذ عام 2015، وعجز «هيئة تحرير الشام» (هتش) عن التعويض عن الثلاثي المكوّن من قوات النظام البائد، التي كانت بذاتها أعظم بكثير مما لدى هتش سابقاً وحتى اليوم، ومن القوات التابعة لإيران وروسيا على الأراضي السورية، ذاك الانهيار وهذا العجز يعنيان أن سوريا باتت مجدداً ساحة صراع إقليمي مكشوف، بل وبشروط أكثر انفتاحاً على شتى الاحتمالات مما في أي وقت مضى في السنوات الثمانين الأخيرة، منذ نيل سوريا الحديثة استقلالها في عام 1946. والحال أن لدى «قوات سوريا الديمقراطية» وحدها، في الشمال الشرقي، من القوة العسكرية الذاتية ما يفوق ما لدى هتش (بلا مزيد من توغل الجيش التركي داخل الأراضي السورية).

إننا اليوم أمام أقصى حالة من الصراع الإقليمي والدولي على سوريا منذ أن استقرّت البلاد لمدة ثلاثين سنة تحت نظام آل الأسد الاستبدادي.

أما الفارق بين صراع خمسينيات القرن المنصرم والصراع الراهن، فذو دلالة بالغة على الاختلاف الجذري بين الحالة الإقليمية آنذاك واليوم. فقد انتهى منذ وقت طويل زمن الصعود القومي العربي، وحلّ محلّه تعفّن القوى التي حملت رايته سابقاً، وعلى الأخص حزب البعث بحلّتيه التكريتية والأسدية. أما أفول الحركة القومية العربية وانحطاطها في السبعينيات، فقد فسحا المجال أمام صعود القوى الدينية بالارتباط بصعود نجم المملكة السعودية إثر تعاظم عائداتها النفطية بفعل الارتفاع الحاد الذي عرفته أسعار النفط في منتصف السبعينيات في سياق المقاطعة العربية، لمّا كانت الدول النفطية العربية تتضامن مع الجانب العربي في وجه الدولة الصهيونية خلافاً لموقفها الراهن الذي يكاد يكون غير مبالٍ لحرب الإبادة الجارية في غزة.

بيد أن العدوان الأمريكي على العراق إثر اجتياحه للكويت في صيف 1990 والقطيعة التي تلت بين المملكة وجماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم احتضان دولة قطر للجماعة، وبعدها تركيا الأردوغانية على خلفية الانتفاضات العربية التي هبّت منذ عام 2011، هذه التحوّلات جعلت الصراع الإقليمي الرئيسي الراهن صراعاً بين محور تقوده المملكة السعودية بالتحالف مع الإمارات العربية المتحدة ومصر عبد الفتّاح السيسي، من ميزاته العداء للجماعة، وقد التحقت به المملكة الأردنية الهاشمية علناً بعد قرارها الأخير حلّ الجماعة على أراضيها، صراعاً بين هذه الدول من جهة، والمحور التركي من الجهة الأخرى، علاوة على الصراع السعودي-الإيراني الذي خيّم على المنطقة وبلغ ذروته مع الاحتلال الأمريكي للعراق (2003-2011) حتى الهزيمة التي مُنيت بها طهران مؤخراً في الساحة السورية.

وإزاء هذا الصراع الإقليمي، الذي يجد امتداداً دولياً له في تفضيل الدول الغربية للمحور السعودي ومحاولة موسكو تقديم خدماتها للمحور المضاد مقابل ضمان بقاء قاعدتيها البحرية والجوية على الساحل السوري، فإن أحمد الشرع وحكومة هتش الجديدة التي شكّلها يمارسان أقصى الانتهازية في محاولة لكسب الوقت والاستفادة من الخصومات الإقليمية ومن التنافس بين شتى المحاور والدول.

وقد بلغت هذه الانتهازية درجة جعلت أحمد الشرع يوحي للولايات المتحدة استعداده للانضمام إلى «اتفاقيات أبراهام»، أي إلى قافلة التطبيع مع الدولة الصهيونية، مع تأكيده لحسن نواياه إزاء إسرائيل، في وقت اغتنمت هذه الأخيرة فرصة سقوط حكم الأسد كي تحتل مساحات جديدة من الأراضي السورية علاوة على ما احتلته في عامي 1967 و1973، وكي تدمّر الطاقة العسكرية النظامية السورية تدميراً شاملاً بعد أن كانت مطمئنة لعدم استخدام تلك الطاقة ضدها ما دام حكم آل الأسد قائماً (خلافاً لأساطير «محور المقاومة») ناهيك من منح إسرائيل نفسها حق الضرب عسكرياً داخل الأراضي السورية متى وكيفما شاءت على غرار ما تمارسه على الأراضي اللبنانية. وإنه لموقف مشين للغاية من قِبَل الشرع، يدلّ على تعلّق أكبر بالسلطة وبالأيديولوجيا الدينية وبالطائفية المكوّنة لحركته ممّا بالمبادئ الوطنية، وإن كان الموقف من باب التكتكة الرخيصة.

صحيفة القدس العربي

مقالات مشابهة

  • الرئيس عون: سننقل لبنان إلى مكان آخر ولا خيار سوى القنوات الديبلوماسية لوقف الهجمات الاسرائيلية والدولة تحمي حزب الله
  • ناقشا الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.. أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة
  • السلع المدعمة تملأ المنافذ في مايو | والدولة تواصل الضخ دون توقف.. تفاصيل
  • مسؤول سوداني سابق لـ”سبوتنيك”: إعلان إثيوبيا عن قرب التشغيل الكامل لسد النهضة يتطلب تحركا غير مسبوق
  • الصراع على سوريا… مجدداً
  • الوصول إلى الساحل وإقليم تيغراي.. هل تندلع حرب أخرى بين إثيوبيا وإريتريا؟
  • كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [174]
  • هل تلجأ إثيوبيا لتفريغ سد النهضة استعدادًا لموسم الأمطار؟.. شراقي يوضح
  • معتصم أقرع: اليسار والدولة مرة أخري
  • محمد تكالة يدعو لإجراءات سياسية واقتصادية لمعالجة الأوضاع في ليبيا