«عم سعد».. أشهر سنان سكاكين متنقل بمنطقة كوم الشقافة بالإسكندرية: بدأتها وأنا عمري 13 سنة ومحتفظ بمهنة أجدادي
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
تتربع مدينة الإسكندرية، عروس البحر المتوسط، على عرش الحضارة والتاريخ، حاملةً بين جدرانها عبق الحرف والمهن التقليدية التي تُقاوم رياح التغيير وتُحافظ على هويتها عبر الأجيال ومن بين هذه الحرف، سن السكاكين و التي شهادة علي مهارة الإنسان ودقّة صنعه، حيث تُضفي على الفولاذ حدةً وقوةً تُعيد إليه بريق وظيفته الأساسية و يُعدّ سنّ السكاكين فنًّا بحدّ ذاته، يتطلّب صبرًا ودقةً وخبرةً لا مثيل لها فالسنان الماهر لا يُعيد للسكين حدّتها فحسب، بل يُضفي عليها رونقًا خاصًا ويُطيل عمرها وتوارثت هذه المهنة عبر الأجيال، حيث ينقل الأب خبرته ومعرفته لابنه، حفاظًا على أسرار المهنة وضمان استمراريتها من جيلٍ لآخر، ينقل السنانون مهاراتهم وأسرار حرفتهم، جيلاً بعد جيل، مُحافظين على تراثٍ عريقٍ يُمثّل هويةً وذاكرةً للمدينة.
و بين أزقة كوم الشقافة العتيقة التي تعد اقدم المناطق في محافظة الإسكندرية، تجد عم سعد، أشهر سنان سكاكين بها و التى تظهر عليها ملامح العمل منذ سنوات فى تلك الحرفة وهي سن السكاكين والآلات المستخدمة فى التقطيع وتصنيع السكين البلدي، محافظًا على العمل اليدوى يحمل على ظهره مَسَنَّه الحجري القديم يقطع الكيلومترات على قدميه يومياً، باحثاً عن السّكاكين والمقصات غير الحادة، التي لم تعد لها فائدة، ليعيدها إلى الحياة مرة أخرى و ينادي: «أسن السكين وأسن المقص»، ويرفع رأسه لأعلى، باحثاً عن صوت سيدة أو رجل يستوقفه، فينتحي جانباً، يثبت إطاره على الرصيف، ويبدأ العمل، وفي دقائق ليعيد للأدوات التي بين يديه لمعانها وحدتها و الذي يُجسد حكاية حرفة تقليدية تواجه خطر الاندثار، بينما يُناضل هو للحفاظ على إرثها وإبقائها حيّة للأجيال القادمة يُتقن مهنة سن السكاكين بكل دقة واحترافية، حيث توارثها عن أجداده ومارسها لأكثر من 40 عامًا و يُستخدم أدواته التقليدية ببراعة فائقة، ويحرص على جودة عمله، ممّا جعله وجهة مفضلة لسكان كوم الشقافة وحتى من خارج المنطقة، الذين يثقون بمهارته وخبرته في صقل سكاكينهم.
يقول «عم سعد» أشهر سن سكاكين في منطقة كوم الشقافة بالإسكندرية لموقع الاسبوع إنه يعمل فى الصنعة منذ 40 عاما، حيث ورث الصنعة عن جده ثم والده و يعمل فىها منذ طفولته وهو في سن 13 عام وهى ما جعله يكتسب الخبرة لتعليم أبنائه الصنعة حتى تستمر ولا تندثر مضيفا أن الصنعة تعتمد على العمل اليدوي وغير قابلة للتطوير الكلي، ويعتمد على حجر السن الكبير الذى يشتريه من الوجه البحرى ويستبدل كل 6 أشهر مؤكدا أن الصنعة بها العديد من المخاطر ويجب على الصانع أن يكون يقظًا حتى لا يتعرض للأذى من الحجر أو السكين أو الساطور الذى يقوم بسنه، قائلا: «أى غلطة فى مسك السكين أو التحكم فيها ممكن الصباع يتقطع».
أكد أنه يُتقن مهنة سن السكاكين بكل دقة و أحترافية، مستخدمًا أدواته التقليدية ببراعة فائقة. يُمسك السكين بِحذرٍ بين أصابعه، ويبدأ بدراستها بعناية، مُحدّدًا المناطق التي تحتاج إلى صقلٍ أو إصلاح. ثمّ يشرع في العمل، باستخدام مطرقة صغيرة وحجرٍ خاصّ لسنّ السكين وإعادة حِدّتها مضيفا أن مهنة سنّ السّكاكين تعد من الحرف اليدوية المهدّدة بالانقراض في مصر، نظراً لقلّة الأيدي العاملة بها، وعزوف الشّبان عن العمل فيها لضعف مقابلها المادي، واتجاه كثيرين منهم للعمل في مهن حديثة وسهلة، بجانب قيام ربات البيوت المصرية بتغيير السكاكين التالفة بأخرى جديدة مشيرا أن العاملين فى الصنعة بالوقت الحالي أعدادهم قليلة مقارنة بالأوقات السابقة، فكان المسن للسكين يمر على المنازل والشوارع في الماضي ثم استقر فى المحل، ولكن الأعداد تتراجع وذلك لتراجع الإقبال على الحرفة وتراجع الزبائن التي تسن السكين وتفضل شراء سكين جديد بسعر رخيص بدلًا من السن.
و عن الادوات التي يستخدمها قال عم سعد إنه يستخدم ادوات تقليدية في عمله صقلتها خبرة السنين وأبدعتها مهارة الأجداد، كالحجر بأنواعه المختلفة، يُعدّ أهمّ أداةٍ لسنّ السكاكين، ولكلّ نوعٍ خصائصه واستخداماته و فحجر الماء يُستخدم لسنّ السكاكين المصنوعة من الفولاذ اللين، بينما يُستخدم حجر و النفط لسنّ السكاكين المصنوعة من الفولاذ القوي و المبرد لتنعيم حوافّ السكين وتشكيلها بدقة و الجلد لإضفاء اللمسة النهائية على السكين وتلميعها مضيفا أنه يمتلك اثنين من الماكينات اليدوية و الثلاثة ارسلها لاحدي المعارض لكونها قديمة و يتعدي عمرها 100 عام وهي من جدودي لافتا أنه مع تطوّر التكنولوجيا، لم يتخلّف بعض السنانين عن ركب الحداثة، فاستخدم بعض الأدوات الحديثة التي تُساعده على إنجاز عمله بدقةٍ وسرعةٍ أكبر، كالمكائن الكهربائية لسنّ السكاكين بأقصى دقةٍ وفي زمنٍ أقصر و أدوات القياس لضمان زاوية حادةٍ للسكين تُناسب احتياجات المستخدم.
و أضاف أن السنانين اليدوي يقاوموا التحديات بصبرٍ وعزيمةٍ، مُتمسّكين بهويتهم وحرفتهم. فهم يُدركون قيمة هذه المهنة ودورها في الحفاظ على التراث الثقافيّ للمدينة فهم يُحافظون على ورشاتهم القديمة، ويُعلّمون مهاراتهم للأجيال القادمة، ويُشاركون في المعارض والمهرجانات المحلية والدولية، لعرض إبداعاتهم ونشر ثقافة هذه الحرفة العريقة مؤكدا أنه قرر بالاحتفاظ بمهنة أجداده حتي نفسه الاخير على رغم من قلة الإقبال مع انتشار السكاكين المصنوعة من موادّ حديثةٍ لا تتطلّب سنًّا دوريًا، قَلّ الطلب على خدمات السنان و ارتفاع تكلفة الأدوات خاصةً الحجر، مُكلفةً نسبيًا، ممّا يُثقل كاهل السنانين و تُنافس بعض الأدوات المنزلية، مثل: مبراة السكاكين الكهربائية، مهنة سن السكاكين.
وأشار أنه يدرك مسؤوليته في الحفاظ على هذه المهنة من الاندثار، ولذلك يسعى جاهداً لنقل خبراته ومهاراته إلى الأجيال القادمة موجهاً له بالاهتمام بتعلم مهنة سن السكاكين، فهي مهنة عريقة توفر لهم مصدر رزق كريم، كما تُساهم في الحفاظ على تراثهم وثقافتهم حيث انها ليست مجرد حرفة تقليدية، بل هي فنٌّ يتطلب مهارةً وصبرًا وإبداعًا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإسكندرية سكين محافظ الإسكندرية محافظة الإسكندرية السکاکین ا التی ت
إقرأ أيضاً:
إجبار اللاجئين في ألمانيا على العمل.. ما العوامل التي تؤثر في تنفيذ القانون؟
أثار قرار السلطات الألمانية في بعض الولايات بتطبيق نظام العمل الإلزامي لطالبي اللجوء جدلاً واسعًا بين الخبراء والمجتمع المدني، حيف بموجب هذا القرار، يُطلب من اللاجئين العمل في وظائف غير ربحية مقابل أجور زهيدة، مع تهديد بتقليص المساعدات الشهرية في حال رفضهم.
وتهدف هذه الخطوة، وفق السلطات، إلى تعزيز إدماج اللاجئين في المجتمع وتقليل الاعتماد على المساعدات، ومع ذلك، يثير القرار تساؤلات حول تأثير هذه الإجراءات على الاندماج الفعلي في سوق العمل والحقوق الإنسانية لطالبي اللجوء.
ويعد العمل الإلزامي لطالبي اللجوء ليس جديدًا في ألمانيا، حيث ينص قانون إعانات طالبي اللجوء الصادر عام 1993 على إمكانية فرض العمل في وظائف بسيطة، ولكن تطبيق هذه القوانين ظل محدودًا بسبب التعقيدات الإدارية والانتقادات الأخلاقية، ومع زيادة تدفقات اللاجئين، تجد ألمانيا نفسها أمام تحديات متجددة بشأن كيفية إدارة هذا الملف بما يحقق مصلحة الدولة والمهاجرين على حد سواء.
إجراءات التنفيذ في الولايات الألمانية
بدأت بعض البلديات، مثل زاله أورلا في ولاية بافاريا، في تطبيق ما يسمى بـ"Arbeitspflicht" أو "إلزام العمل"، وبموجب هذا النظام، يُطلب من طالبي اللجوء الأصحاء العمل أربع ساعات يوميًا في وظائف غير ربحية مثل تنظيف الشوارع أو تقليم الحدائق، في المقابل، يحصلون على أجر قدره 80 سنتًا في الساعة، يُضاف مباشرة إلى بطاقة المساعدات الخاصة بهم.
وفي بلدية تراونشتاينر، تعمل نسبة صغيرة فقط من طالبي اللجوء، إذ يُتاح نحو 400 وظيفة، لكن 100 شخص فقط يؤدون هذه المهام فعليًا.
وتدافع السلطات عن هذا النظام باعتباره وسيلة لتقليل الضغط المالي عن الدولة وتحفيز اللاجئين على لعب دور إيجابي، وفقًا لزيغفريد فالش، من الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري، فإن أغلب اللاجئين يقبلون بهذه الوظائف دون اعتراض، مع إشارة إلى أن عدد الرافضين لها محدود جدًا.
ردود الفعل والتحديات الإدارية
تواجه هذه السياسة تحديات عديدة، أبرزها ارتفاع التكاليف الإدارية لتنظيم هذه الأعمال، وتحتاج البلديات إلى توفير فرص عمل كافية، تحديد المواعيد، وتزويد العاملين بالمعدات اللازمة، إضافة إلى ذلك، فإن أغلب الوظائف تقتصر على مناطق إقامة اللاجئين، مما يحد من فرص التواصل مع المجتمع الألماني الأوسع.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي
رغم ادعاءات الجهات المؤيدة بأن العمل الإلزامي يخفف العبء المالي عن الدولة، يشير الخبراء إلى أنه قد لا يحقق الفوائد الاقتصادية المرجوة، من جهة، تُبقي هذه الأعمال اللاجئين في دائرة وظائف منخفضة القيمة، مما يعيق تطورهم المهني، ومن جهة أخرى، فإن هذه السياسة لا تساهم في تعزيز مهاراتهم أو تحسين فرصهم في سوق العمل المستقر.
التحديات أمام إدماج اللاجئين في سوق العمل
يشير خبراء مثل هربرت بروكر، من معهد سوق العمل والبحوث المهنية، إلى أن العمل الإلزامي قد يحد من فرص اللاجئين في تعلم اللغة الألمانية وإتقانها، وهو عامل أساسي للإدماج المهني والاجتماعي، كما أن العمل في وظائف بسيطة قد يقلل من فرص اكتسابهم مهارات جديدة تعزز فرصهم في سوق العمل.
ارتفاع نسبة التوظيف بين اللاجئين
ورغم هذه السياسات، تشير تقارير إلى ارتفاع معدلات التوظيف بين اللاجئين مقارنة بالألمان في بعض الفئات، مما يبرز الحاجة إلى سياسات تدعم التعلم المهني السريع وتقصير فترات معالجة طلبات اللجوء بدلًا من التركيز على العمل الإلزامي في وظائف مؤقتة.
ورغم التحديات، تظهر إحصائيات أن نسبة توظيف اللاجئين الذكور في ألمانيا بلغت 86%، متفوقة على نسبة التوظيف بين الألمان (79%). ومع ذلك، يشير مراقبون إلى أن تسريع معالجة طلبات اللجوء وتوفير دورات تعلم اللغة يمثلان أولوية أكبر من فرض العمل الإلزامي.
????....اعلنت الحكومة الالمانية???????? بصدد تسريع إجراءات التأشيرة ل 400000 شخص من أجل سد الخصاص باليد العاملة المؤهلة وأضافت أن هده التأشيرة ترتكز فقط على دول تم الاتفاق معاها من أجل جلب اليد العاملة ويتعلق الامر بدول: المغرب???????? و الهند???????? وجورجيا???????? وكولومبيا???????? و أوزبكستان????????. pic.twitter.com/jcEYn8975w — أخبار بلادي-مع هشام (@akhbarbladie) June 18, 2024
عوامل تساعد على تنفيذ القانون من عدمه
وأكد البرلماني الألماني السابق، جمال قارصلي، في تصريحات خاصة لـ" عربي21"، أن هناك العديد من الخلفيات لتنفيذ هذا القانون وليس كما يتصور البعض وفي البداية لابد من الاعتراف أنه قانون غير إنساني، لكن تنفيذه من عدمه يتوقف على البلدية والأوضاع الاقتصادية وبالبطالة، كما أن الجانب السياسي وصعود اليمين المتطرف وضغوطه على المهاجرين سببا واضحا لتنفيذه.
وأشار قارصلي إلى أن القانون ليس بجديد واجبار المقيمين على العمل منذ عشرات السنوات، ولكن الحديث عنه يتصاعد من وقت إلى أخر بحسب الأوضاع التي تحدثنا عنها سابقا، وتتم مواجهة هذا القانون دائما كونه ينفذ على المواطنين الألمان والمهاجرين على حد سواء، لكن يشعر المهاجر بصعوبته بشكل أكبر من المواطن.
وتابع النائب البرلماني السابق أن ألمانيا دائما ما تحتاج إلى الأيد العاملة والماهرة، حيث تحتاج سنويا لما يقرب من 400 ألف عامل، كما أن برامج التأهيل للعمل في ألمانيا متوفر لكن المواطن الألماني لديه امتيازات كاللغة والمهارة على عكس المهاجر الذي يواجه العديد من التحديات التي تعيق فرص عمله، سواء كان هو سببا فيها بتقصيره في التعلم أو لا.
تحفيز على العمل
وأضاف قارصلي أن تنفيذ قانون الاجبار على العمل رغم الاعتراض عليه يأتي لتحفيز على العمل خاصة وأن أن كل من يستطيع العمل في ألمانيا وجب عليه العمل وأن الضمان الاجتماعي من المفترض أن يصرف لم لا يستطيع العمل أو حتى يتمكن من إيجاد فرصة عملة، وهذه النقطة قد يفهما بعد المهاجرين واللاجئين بشكل خطأ ظننا منهم أنه أمر طبيعي الاستمرار في المانيا دون عمل والاعتمام بشكل كامل على صرف الضمان الاجتماعي.
وأردف قارصلي أنه لا يوجد ربط بين الإعانات الاجتماعية أو الضمان الاجتماعي وقانون الاجبار على العمل ولكنه للتحفيز بالإضافة إلى أنه ينفذ في بعض الأحيان نظرا لضغوط سياسية من اليمين المتطرف في بعض الولايات لكسب بعض المكاسب الانتخابية والسياسية بتطبيق القانون وعمل بعض المهاجرين أعمال يدوية أو التنظيف مقابل 80سنت في الساعة.
واختتم النائب البرلماني حديثة بمطالبة المهاجرين واللاجئين في ألمانيا بضرورة التفوق على التحديات التي تواجههم والتي تتمثل اللغة كأكبر هذه التحديات والمعوقات، وكذلك المشاركة في برامج التأهيل المعرضة حتى يتخلص من تلك الضغوط الاندماج في المجتمع الألماني بشكل سريع وجيد.