تتربع مدينة الإسكندرية، عروس البحر المتوسط، على عرش الحضارة والتاريخ، حاملةً بين جدرانها عبق الحرف والمهن التقليدية التي تُقاوم رياح التغيير وتُحافظ على هويتها عبر الأجيال ومن بين هذه الحرف، سن السكاكين و التي شهادة علي مهارة الإنسان ودقّة صنعه، حيث تُضفي على الفولاذ حدةً وقوةً تُعيد إليه بريق وظيفته الأساسية و يُعدّ سنّ السكاكين فنًّا بحدّ ذاته، يتطلّب صبرًا ودقةً وخبرةً لا مثيل لها فالسنان الماهر لا يُعيد للسكين حدّتها فحسب، بل يُضفي عليها رونقًا خاصًا ويُطيل عمرها وتوارثت هذه المهنة عبر الأجيال، حيث ينقل الأب خبرته ومعرفته لابنه، حفاظًا على أسرار المهنة وضمان استمراريتها من جيلٍ لآخر، ينقل السنانون مهاراتهم وأسرار حرفتهم، جيلاً بعد جيل، مُحافظين على تراثٍ عريقٍ يُمثّل هويةً وذاكرةً للمدينة.

و بين أزقة كوم الشقافة العتيقة التي تعد اقدم المناطق في محافظة الإسكندرية، تجد عم سعد، أشهر سنان سكاكين بها و التى تظهر عليها ملامح العمل منذ سنوات فى تلك الحرفة وهي سن السكاكين والآلات المستخدمة فى التقطيع وتصنيع السكين البلدي، محافظًا على العمل اليدوى يحمل على ظهره مَسَنَّه الحجري القديم يقطع الكيلومترات على قدميه يومياً، باحثاً عن السّكاكين والمقصات غير الحادة، التي لم تعد لها فائدة، ليعيدها إلى الحياة مرة أخرى و ينادي: «أسن السكين وأسن المقص»، ويرفع رأسه لأعلى، باحثاً عن صوت سيدة أو رجل يستوقفه، فينتحي جانباً، يثبت إطاره على الرصيف، ويبدأ العمل، وفي دقائق ليعيد للأدوات التي بين يديه لمعانها وحدتها و الذي يُجسد حكاية حرفة تقليدية تواجه خطر الاندثار، بينما يُناضل هو للحفاظ على إرثها وإبقائها حيّة للأجيال القادمة يُتقن مهنة سن السكاكين بكل دقة واحترافية، حيث توارثها عن أجداده ومارسها لأكثر من 40 عامًا و يُستخدم أدواته التقليدية ببراعة فائقة، ويحرص على جودة عمله، ممّا جعله وجهة مفضلة لسكان كوم الشقافة وحتى من خارج المنطقة، الذين يثقون بمهارته وخبرته في صقل سكاكينهم.

يقول «عم سعد» أشهر سن سكاكين في منطقة كوم الشقافة بالإسكندرية لموقع الاسبوع إنه يعمل فى الصنعة منذ 40 عاما، حيث ورث الصنعة عن جده ثم والده و يعمل فىها منذ طفولته وهو في سن 13 عام وهى ما جعله يكتسب الخبرة لتعليم أبنائه الصنعة حتى تستمر ولا تندثر مضيفا أن الصنعة تعتمد على العمل اليدوي وغير قابلة للتطوير الكلي، ويعتمد على حجر السن الكبير الذى يشتريه من الوجه البحرى ويستبدل كل 6 أشهر مؤكدا أن الصنعة بها العديد من المخاطر ويجب على الصانع أن يكون يقظًا حتى لا يتعرض للأذى من الحجر أو السكين أو الساطور الذى يقوم بسنه، قائلا: «أى غلطة فى مسك السكين أو التحكم فيها ممكن الصباع يتقطع».

أكد أنه يُتقن مهنة سن السكاكين بكل دقة و أحترافية، مستخدمًا أدواته التقليدية ببراعة فائقة. يُمسك السكين بِحذرٍ بين أصابعه، ويبدأ بدراستها بعناية، مُحدّدًا المناطق التي تحتاج إلى صقلٍ أو إصلاح. ثمّ يشرع في العمل، باستخدام مطرقة صغيرة وحجرٍ خاصّ لسنّ السكين وإعادة حِدّتها مضيفا أن مهنة سنّ السّكاكين تعد من الحرف اليدوية المهدّدة بالانقراض في مصر، نظراً لقلّة الأيدي العاملة بها، وعزوف الشّبان عن العمل فيها لضعف مقابلها المادي، واتجاه كثيرين منهم للعمل في مهن حديثة وسهلة، بجانب قيام ربات البيوت المصرية بتغيير السكاكين التالفة بأخرى جديدة مشيرا أن العاملين فى الصنعة بالوقت الحالي أعدادهم قليلة مقارنة بالأوقات السابقة، فكان المسن للسكين يمر على المنازل والشوارع في الماضي ثم استقر فى المحل، ولكن الأعداد تتراجع وذلك لتراجع الإقبال على الحرفة وتراجع الزبائن التي تسن السكين وتفضل شراء سكين جديد بسعر رخيص بدلًا من السن.

و عن الادوات التي يستخدمها قال عم سعد إنه يستخدم ادوات تقليدية في عمله صقلتها خبرة السنين وأبدعتها مهارة الأجداد، كالحجر بأنواعه المختلفة، يُعدّ أهمّ أداةٍ لسنّ السكاكين، ولكلّ نوعٍ خصائصه واستخداماته و فحجر الماء يُستخدم لسنّ السكاكين المصنوعة من الفولاذ اللين، بينما يُستخدم حجر و النفط لسنّ السكاكين المصنوعة من الفولاذ القوي و المبرد لتنعيم حوافّ السكين وتشكيلها بدقة و الجلد لإضفاء اللمسة النهائية على السكين وتلميعها مضيفا أنه يمتلك اثنين من الماكينات اليدوية و الثلاثة ارسلها لاحدي المعارض لكونها قديمة و يتعدي عمرها 100 عام وهي من جدودي لافتا أنه مع تطوّر التكنولوجيا، لم يتخلّف بعض السنانين عن ركب الحداثة، فاستخدم بعض الأدوات الحديثة التي تُساعده على إنجاز عمله بدقةٍ وسرعةٍ أكبر، كالمكائن الكهربائية لسنّ السكاكين بأقصى دقةٍ وفي زمنٍ أقصر و أدوات القياس لضمان زاوية حادةٍ للسكين تُناسب احتياجات المستخدم.

و أضاف أن السنانين اليدوي يقاوموا التحديات بصبرٍ وعزيمةٍ، مُتمسّكين بهويتهم وحرفتهم. فهم يُدركون قيمة هذه المهنة ودورها في الحفاظ على التراث الثقافيّ للمدينة فهم يُحافظون على ورشاتهم القديمة، ويُعلّمون مهاراتهم للأجيال القادمة، ويُشاركون في المعارض والمهرجانات المحلية والدولية، لعرض إبداعاتهم ونشر ثقافة هذه الحرفة العريقة مؤكدا أنه قرر بالاحتفاظ بمهنة أجداده حتي نفسه الاخير على رغم من قلة الإقبال مع انتشار السكاكين المصنوعة من موادّ حديثةٍ لا تتطلّب سنًّا دوريًا، قَلّ الطلب على خدمات السنان و ارتفاع تكلفة الأدوات خاصةً الحجر، مُكلفةً نسبيًا، ممّا يُثقل كاهل السنانين و تُنافس بعض الأدوات المنزلية، مثل: مبراة السكاكين الكهربائية، مهنة سن السكاكين.

وأشار أنه يدرك مسؤوليته في الحفاظ على هذه المهنة من الاندثار، ولذلك يسعى جاهداً لنقل خبراته ومهاراته إلى الأجيال القادمة موجهاً له بالاهتمام بتعلم مهنة سن السكاكين، فهي مهنة عريقة توفر لهم مصدر رزق كريم، كما تُساهم في الحفاظ على تراثهم وثقافتهم حيث انها ليست مجرد حرفة تقليدية، بل هي فنٌّ يتطلب مهارةً وصبرًا وإبداعًا.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الإسكندرية سكين محافظ الإسكندرية محافظة الإسكندرية السکاکین ا التی ت

إقرأ أيضاً:

فيدرا: الكلاب عودتني أصلي الفجر.. وعالم أزهري يرد 

خاص

أثارت الفنانة الأردنية فيدرا حالة من الجدل خلال الأيام الماضية، بعد تصريحها حول سبب انتظامها في صلاة الفجر.

وكشفت فيدرا، فى لقاء تليفزيونى لها،  أنها بدأت الالتزام بالصلاة بعد تجربة شعرت خلالها بالسلام عندما شاهدت رجلاً يتوقف عن تناول الطعام لأداء الصلاة.

وأضافت بأن الكلاب التي ترعاها كانت توقظها لصلاة الفجر بشكل يومي، ما ساعدها على الالتزام بأدائها في وقتها.

وعلق الشيخ الأزهري، إبراهيم رضا، على تصريحات الفنانة فيدرا، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وكتب: “رسالة الفنانة فيدرا حول استيقاظها يوميًا لصلاة الفجر بفضل الكلاب رسالة إيجابية جدًا”.

وتابع: “أولاً، تحمل رسالة رحمة بالحيوان، وهي من القربات الكبرى إلى الله. ثانيًا، تشجع على الالتزام بصلاة الفجر في أول وقتها، وأخيرًا، تظهر احترامها لنفسها ودينها وجمهورها”.

وأضاف: “تحية خاصة لها ولأمثالها ممن يحترمون شعائر دينهم، ولا عزاء للمنتقدين الذين باعوا دينهم مقابل مصالح دنيوية”.

يذكر أن الفنانة الأردنية، ظهرت قبل يومين في برنامج “الستات”، المذاع على قناة النهار المصرية، وقالت: “كنت بصور إعلان لشركة كبيرة، من إخراج شريف صبري، ووقت الأكل شفت راجل سايب الأكل وبيصلي، وقتها حسيت بسلام وأنه شخص مختلف وغيرنا كلنا، وقلت عاوزة أصلي”.

وأضافت: “أنا طول عمري عندي مشكلة في صحيان الفجر، أصحى الساعة 7 أو 6، ما بعرفش أصحى في الظلام، مرة كنت قاعدة مع حد وأنا عندي كلاب، وقال لي أنتِ عندك عكوسات علشان الكلاب، وأنا لا أقتنع بهذا الكلام نهائي، ووقتها كان عندي مشكلة صلاة الفجر، وقلت الرجل دا مش عايزة اشوفه تانى”.

وتابعت: “نمت الساعة 12 عادي في ميعادي، وبعدها لمدة أسبوع كل يوم الفجر، كلاب الشارع اللي انا بأكلها تهوهو تحت الشباك، فألاقي الكلاب بتصحيني الفجر، فأصحى وأتوضأ وأصلي وأقولهم شكرا عشان صحتوني”.

واختتمت: “بعد أسبوع اختفت الكلاب، ومن وقتها وأنا أصحى و أسمع سورة البقرة وأتوضأ وأصلي، وأعمل القهوة وأقعد الثلاث ساعات أقرأ القرآن وأسبح”.

مقالات مشابهة

  • فيدرا: الكلاب عودتني أصلي الفجر.. وعالم أزهري يرد 
  • الجريدة الرسمية تنشر قرار نقل مقار المحكمة التأديبية بالإسكندرية
  • دعاء سيد الاستغفار كامل.. اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت
  • رئيس حي غرب الإسكندرية تتفقد أعمال النظافة وإزالة الإشغالات "صور"
  • فيديو| مهنة النحاس تواجه الاندثار بسبب غلاء الأسعار
  • شيرين عبد الوهاب تعتذر لشقيقها: "بعتك بأرخص تمن"
  • ياريتني سمعت كلامك.. شيرين عبد الوهاب تعتذر لشقيقها وتنهي الخلافات
  • نبيه بري ناعياً حسن نصر الله: كل الكلمات في وداعك أصغر من هامتك
  • تفاصيل آخر يوم في حياة عبد الناصر.. «هيكل» يروي الوداع الأخير
  • سهير رجب: اعتزالي شائعة وأنا مش فنانة فاشلة