الفاو: خطر المجاعة يحوم على السودان ونقص حاد في التمويل
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
حذر مدير مكتب الطوارئ والصمود لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «فاو»، رين بولسن، من خطر المجاعة الذي يحوم على السودان، والنقص الحاد في التمويل، فيما يواجه عدد كبير من المزارعين صعوبة في الوصول إلى أراضيهم.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، قال بولسن، إن الصراع هو المحرك الرئيسي لأزمة الغذاء، إلا أنه أشار إلى أن الوضع صعب حتى في المناطق التي تتمتع ببعض الأمان والتي هي على الخطوط الأمامية لتغير المناخ.
وأكد رين بولسن، أنه ذهب إلى السودان للعمل مع مكتب منظمة الأغذية والزراعة كجزء من مساهمة المنظمة في الجهود الجماعية الجارية للوقاية من المجاعة، وكجزء من خطة الاستجابة المشتركة بين الوكالات لأزمة الأمن الغذائي، وأن الفاو كوكالة أممية متخصصة تركز على الأغذية والزراعة، وبمواسم المحاصيل.
وأشار رين بولسن، إلى أن هناك العديد من الإجراءات التي يجب اتخاذها، حيث أظهر تقييم الفاو للمحاصيل والإمدادات الغذائية للعام 2023 انخفاضا بنسبة 46 في المائة على المستوى الوطني من حيث إنتاج المحاصيل الرئيسية، من بينها القمح والذرة والدخن والأرز. وأنه ليس من الممكن سد تلك الفجوة من خلال المساعدات الغذائية العينية فقط أو بتوزيعات نقدية.
وأوضح مسؤول الفاو أنه ثمة مجموعتين رئيسيتين من التحديات التي تواجه منظمة الأغذية والزراعة، هما التمويل والوصول. يجب معالجة هذين الأمرين حتى نتمكن من منع المجاعة، وأن الفاو تحتاج حالياً 104 مليون دولار لدعم ما يزيد قليلاً عن 10 ملايين سوداني في عام 2024، إلا أن التمويل حتى الآن بلغ أقل من عشرة في المائة من المبلغ المطلوب، كما أن حالة انعدام الأمن الغذائي أسوأ هذا العام مقارنة بالعام الماضي. لذا فإن هذين المسارين يسيران في اتجاهات خاطئة.
اقرأ أيضاًوزير الخارجية التركي: نعمل مع مصر لإيجاد حلول جذرية لوقف الحرب في السودان ومتفقون على وحدة ليبيا
البرهان يشيد بموقف منظمة البحيرات العظمى من الحرب في السودان
عام على الأزمة السودانية.. نزوح 1.5 مليون سوداني هربا من ويلات الحرب
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: السودان الفاو أحداث السودان
إقرأ أيضاً:
السودان الجديد وصورة دوران قري (1-2)
ملخص
(لم تكن دولة جنوب السودان التي تحكمها حركة سياسية، وُلد مبدأ السودان الجديد في رؤاها وممارستها، عند توقع جماعة نيروبي. فانقدحت فيها في الثامن من مارس (آذار) الجاري شرارة الحرب بين رئيس الجمهورية سلفا كير ونائبه رياك مشار حتى قال معلق إن "جنوب السودان عاد لصراع القوى المستهتر الذي انقض ظهر البلد في الماضي". وأنذر المعلق باندلاع الحرب الأهلية الرابعة منذ استقلال أحدث دول العالم).
قدمت المنظمات السودانية التي اجتمعت في نيروبي في منتصف فبراير الماضي لإنشاء حكومة بديلة لـ"حكومة بورتسودان"، نفسها على أنها التجسيد التاريخي للسودان الجديد الذي هو رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان، العقيد جون قرنق، لدى قيامها عام 1983. وما لبثوا إلا قليلاً حتى أخرجت دولة جنوب السودان، مصنع فكرة هذا السودان الأول، أثقالها وقال العالم مالها. وظلل خطاب السودان الجديد اجتماع نيروبي في مثل قولهم "وجوب مخاطبة جذور أزمة السودان" و"التزام التنوع التاريخي والمعاصر" الراجعة للعقيد جون قرنق (توفي في 30 يوليو عام 2005) قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان. وصدح الحضور بشعار مبتكر وهو "سودان قديم يتحطم وسودان جديد يتقدم".
ولم تكُن دولة جنوب السودان، التي تحكمها حركة سياسية وُلِد مبدأ السودان الجديد في رؤاها وممارستها، عند توقع جماعة نيروبي. فانقدحت فيها في الثامن من مارس الجاري شرارة الحرب بين رئيس الجمهورية سلفا كير ونائبه رياك مشار حتى قال معلق إن "جنوب السودان عاد لصراع القوى المستهتر الذي انقض ظهر البلد في الماضي"، وأنذر المعلق باندلاع الحرب الأهلية الرابعة منذ استقلال أحدث دول العالم لأنه لا سلفا كير ولا مشار، ممن بينهما ما صنع الحداد، من سيأتي بالأمر إلى بر آمن. ووجهت الأمم المتحدة موظفيها بمغادرة البلد إلا من القائمين بأحوال الحرج والطوارئ لأن "تدهوراً منذراً قد يمسح بالأرض سنوات من التقدم المحرز بعسر شديد في جنوب السودان". وكان الجيش الأبيض، المنسوب لشعب النوير، الجماعة الأغزر عدداً ومنهم مشار بعد شعب الدينكا الذين منهم سلفا كير، استولى على حامية الناصر في ولاية أعالي النيل. فحاصرت الحكومة بيت مشار في جوبا وآخرين من جماعته بمن فيهم نائب رئيس هيئة أركان الجيش جبرائيل ديوب. وخشي الناس أن تؤدي تلك المواجهات إلى دورة جديدة من الحرب الأهلية التي بدأت عام 2013 لأربع سنوات وحصدت 400 ألف ضحية.
واندلعت تلك الحرب على خطوط إثنية، دينكا ونوير، بعد اتهام سلفا كير لمشار بالتدبير للانقلاب عليه وأخذ مقاليد الحكم. وهرب مشار من جوبا وكاد أنصاره أن يستولوا على جوبا لولا تدخل قوات أوغندية خاصة كما فعلت منذ أيام دعماً لسلفا كير بحسب تصريح قيادة الجيش الأوغندي. وكانت قوى إقليمية وغربية حملت الزعيمين للصلح باتفاق سياسي عام 2018 تضمن عقد انتخابات عامة ظلت تؤجل وآخر موعد مضروب لها هو عام 2026. ولم يتقدم الطرفان في تنفيذ الاتفاق وخرق كل منهما وقف إطلاق النار مرات، وكانت أكبر عقبات تنفيذ الاتفاق دمج جيشي الرئيس ونائبه. وهذا سودان جديد يتحطم.
دوريان قري
بدا من فرح اجتماع نيروبي بـ"السودان الجديد"، وهو على ما رأينا منه مطبقاً (أو منسياً) في جنوب السودان كمثل علاقة دوريان قري وصورته في الرواية المشهورة للكاتب الإنجليزي أوسكار وايلد. فاختار دوريان قري لصورته أن تأخذ عنه وطء اطراد العمر ووخطه بالتجاعيد وخطاياه في حين يبقى هو شاباً نضراً عظيم الحلاوة. وبالمثل اختار الهامش ومناصروه أن يبقوا على وسامتهم السودانية الجديدة كما في مؤتمر نيروبي بينما تشيخ صورة السودان الجديد في جنوب السودان وتذبل.
فليس من بين من تصارخوا للسودان الجديد في نيروبي من لم يكن ضحية له بصورة أو أخرى. وأشهر ضحاياه هو عبدالعزيز الحلو قائد "الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال" التي كانت جزءاً عضوياً في الحركة الشعبية الجنوبية قبل انفصال جنوب السودان عام 2011. فلم يمنح اتفاق السلام الشامل الذي عقد بين حكومة السودان والحركة الشعبية (2005) مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق، مناطق نفوذ الحلو، ما انعقد لجنوب السودان وهو ألا يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية وحق تقرير المصير. وكانت حجة الحكومة أن المنطقتين واقعتان في حدود شمال السودان منذ استقلاله عام 1956 ويجري عليهما ما يجري عليه. ولما جعلت الحكومة استفتاء المنطقتين عن مصائرهما خطاً أحمر تكون به المفاوضات أو لا تكون، تنازل قرنق متحرجاً. ووجدت الدبلوماسية النرويجية التي شاركت في مفاوضات السلام السودانية ودونت مجرياتها في كتابها "شن السلام في السودان" هيلدا جونسون أن قرنق كان في حال حرج لخذلانه رفاق السلاح. فاقترحت عليه منح المنطقتين ما عرف لاحقاً بـ"المشورة الشعبية" التي قالت إنها مستمدة من تجربة تيمور الشرقية مع إندونيسيا. وبمقتضاها لا يسقط عن المنطقتين حق الانفصال فحسب، بل تطبق الشريعة الإسلامية فيهما كذلك. وتعويضاً لهما عن الفقد ستكون لمجالس المنطقتين النيابية الشورى في مدى التزام الحكومة ما اتفقت عليه حيالهما في اتفاق السلام الشامل. ومن حق تلك المجالس أن تقرر، على ضوء جردها لما تحقق من ذلك الالتزام، إن كانت سعيدة بسجل الحكومة في الخصوص أو أن تعطل اتفاق السلام معها، وتطلب الاستفتاء المؤدي إلى الانفصال. وتركوا كل ذلك لزمانه ومكانه تحت الحكومة الانتقالية التي سيكون للحركة الشعبية فيها حظ كبير. وفسدت خطة "المشورة الشعبية" واندلعت الحرب بين الحركة الشعبية والحكومة مجدداً. وهذا قبح في السودان الجديد تنكر فيه لمقاتلي النوبة الذين لم يدخروا وسعاً في حرب الحكومة كتفاً لكتف مع الجنوبيين.
حق تقرير المصير وسياسة الإقصاء
ولم يحسن السودان الجديد، لا ل"حزب الأمة"، ولا "الاتحادي الديمقراطي" ولا "مؤتمر البجا" التي وقّع عنها في "تأسيس" (في مؤتمر نيروبي) من طعن آخرون في شرعية تمثيلهم لهذه الجماعات التي كانت اجتمعت عام 1991 مع "الحركة الشعبية" في التجمع الوطني الديمقراطي المعارض لـ"دولة الإنقاذ". وبلغ من حلفها معه أن تبنى "التجمع" حق تقرير المصير بصور مختلفة للجنوب وجبال النوبة والنيل الأزرق. ولكن ما جاء وقت التفاوض بين الحركة والحكومة عام 2002، الذي انتهى إلى اتفاق السلام الشامل عام 2005، حتى اقتصر التفاوض عليهما من دون التجمع حتى يتفقا على شيء في مسألتهما ثم يعقد مؤتمر دستوري ينظر في مسألة حلفاء الحركة. ولم يتفق ذلك التدبير للتجمع وساءه استبعاده من مفاوضات هو في صميمها. وسمى الكاتب والوزير منصور خالد تململ "التجمع" لإقصائه من المفاوضات "غيرة سياسية". فالقضية في مفاوضات الحكومة والحركة هي الحرب والسلام، والتجمع ليس جزءاً منها (الاتحاد الظبيانية 7 أغسطس 2002).
ونواصل
ibrahima@missouri.edu