اجابت دار الافتاء المصرية؛ عن سؤال ورد اليها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك مضمونة:" المفاضلة بين طول القراءة في قيام الليل وبين كثرة عدد الركعات"؟. 

لترد دار الإفتاء موضحة: ان بعض الفقهاء يروا أنَّ طول القراءة في قيام الليل أفضل من كثرة عدد الركعات، ويرى بعضهم أنَّ تكثير عدد الركعات أفضل، والذي ننصح به هو أن يداومَ الإنسانُ على ما يَجِد فيه راحةَ قلبِهِ ونشاطه وطمأنينته وكمال خشوعه؛ سواءٌ في طول القيام وكثرة القراءة، أو في زيادة عدد الركعات وتكثيرها.

آيتان من هذه السورة سبب لقبول الدعاء وتكفيانك كل شيء.. داوم عليهما 4 كلمات أوصانا النبي بقولهم في الصباح والمساء وعند النوم إطالة القراءة أم كثرة الركعات

وبناء على ما ورد في الأحاديث السابقة من فضل طول القيام للقراءة، وكذا فضل كثرة السجود وزيادة عدد الركعات، وَقَع الخلافُ بين الفقهاء في أيهما أفضل وأكثر ثوابًا؟ وسبب خلافهم: هو تعارض الأدلة كما نصَّ على ذلك العلامة ابن نجيم المصري في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (2/ 59، ط. دار الكتاب الإسلامي) حيث قال: [ولتعارض الأدلة تَوقَّف الإمام أحمد في هذه المسألة ولم يحكم فيها بشيء] اهـ.

فذهب الشافعية، والمالكية في أظهر القولين: إلى أنَّ تطويل القيام أفضل من تكثير الركعات، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وإحدى الروايتين عن محمدٍ، وقال بهذا القول أبو يوسف في حالة إذا كان للشخص وِرْدٌ من القرآن، وهو قولٌ عند الحنابلة أيضًا.

واستدلوا على ذلك بحديث جابر رضي الله عنه السابق، كما أنَّ طول القيام يَحْصُل به كثرة القراءة للقرآن، وهي -أي: كثرة القراءة- أفضل من التسبيح الذي يَحْصُل بالركوع والسجود، وبأنَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقوم الليل إلا قليلًا؛ استجابة لأمر الله عزَّ وجلَّ في قوله: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: 2].

كما استدلوا بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة؛ كما ورد في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها عندما سُئلت: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رمضان؟ فقالت: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.. " رواه البخاري في "الصحيح".

ويرى الحنابلة أَنَّ الأفضل كثرةُ الركوع والسجود، وهو إحدى الروايتين عن محمدٍ، وقول أبي يوسف في حالة إذا لم يكن للشخص وِرْدٌ من القرآن، وأحد القولين عند المالكية، واستظهره الشيخ الدردير.

واستدلوا على ذلك بحديث ثوبان رضي الله عنه السابق، وبأنّ القيام إنما شُرِع وسيلة إلى الركوع والسجود- ولذا سقط عمن عجز عنهما- ولا تكون الوسيلة أفضل من المقصود، ولأنه وإن لزم فيه كثرة القراءة لكنها ركن زائد، بل مُختَلفٌ في أصل ركنيته. ينظر: "رد المحتار" لابن عابدين (2/ 17، ط. دار الفكر).

فضل صلاة الليل

كما رَغَّب الشرع الشريف في صلاة الليل وطُولها وكَثْرتها؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» رواه مسلم في "الصحيح"، والمراد بالقنوت؛ أي: القيام. ينظر: "شرح النووي على صحيح مسلم" (4/ 200، ط. دار إحياء التراث العربي).

كما أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى فضل كثرة السجود؛ فعن معدان بن أبي طلحة اليعمري، قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة؟ أو قال قلت: بأحب الأعمال إلى الله، فسكت. ثم سألته فسكت. ثم سألته الثالثة فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إِلَّا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً» رواه مسلم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فضل صلاة الليل رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم ه صلى الله علیه وآله وسلم عدد الرکعات رضی الله أفضل من

إقرأ أيضاً:

عدد ركعات صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك

أكدت دار الإفتاء أن صلاة التراويح سنة نبوية في أصلها، وعدد ركعاتها ثلاث وعشرين بالوتر، وهو ما عليه جماهير العلماء وعامَّة الفقهاء، والاقتصار فيها على ثماني ركَعَات والإيتار بعدها بثلاثٍ كما عليه الغالب من عادة الناس مجزئٌ وموافقٌ لأصل السُّنَّة من قيامه صلى الله عليه وآله وسلم؛ على ما ذهب إليه جماعة من الفقهاء، ويثاب المصلي على ذلك ثواب كونها من التراويح حتى وإن نقص عن الثمانية وهو ذهب إليه فقهاء الشافعية.

الإكثار من النوافل في الشرع


ومن المقرر شرعًا أنَّ الإكثار من النوافل سبب لمحبة الله تعالى؛ فقد روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ربِّ العزة، أنه قال: «وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ».

صلاة التراويح من النوافل


ومن هذه النوافل والسنن التي رغَّب سيدنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم في صلاتها والمحافظة عليها: صلاةُ التراويح في شهر رمضان المبارك، وهي سنةٌ مؤكدة للرجال والنساء، وقد سنَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله وفعله؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفقٌ عليه.

 صلاة التراويح.. وعن أمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صَلَّى ذات ليلةٍ في المسجد، فصلَّى بصلاته ناسٌ، ثُمَّ صلى من القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاس، ثُمَّ اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلمَّا أصبح قال: «قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني مِنَ الخروج إليكم إلَّا أَنِّي خشيت أَنْ تُفْرَضَ عليكمْ» وذلك في رمضان. متفقٌ عليه.

وعنها أيضًا أنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر شدَّ مِئْزَرَهُ، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" متفقٌ عليه.

عدد ركعات التراويح
اتفق جمهور الفقهاء؛ من الحنفية، والمالكية في المشهور، والشافعية، والحنابلة على أن صلاة التراويح عشرون ركعة مِن غير الوتر، وثلاث وعشرون ركعة بالوتر، وهو معتمد المذاهب الفقهية الأربعة، وهناك قول نُقِل عن المالكية خلاف المشهور أنها ستٌّ وثلاثون ركعة، ونُقل في عمل بعض البلاد أنهم يقومون بإحدى وأربعين ركعة، يوترون منها بخمسٍ.

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (2/ 144، ط. دار المعرفة) عن عدد التراويح: [إنها عشرون ركعة سوى الوتر عندنا، وقال مالك رحمه الله تعالى: السُّنَّة فيها ستة وثلاثون] اهـ.

وقال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (1/ 288، ط. دار الكتب العلمية): [وأما قدرها: فعشرون ركعة في عشر تسليمات، في خمس ترويحات، كلُّ تسليمتين ترويحة، وهذا قول عامة العلماء] اهـ.

 صلاة التراويح

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (2/ 46، ط. دار الفكر): [قوله: وهي عشرون ركعة؛ هو قول الجمهور، وعليه عملُ الناس شرقًا وغربًا] اهـ.

وأما المالكية فالمشهور من مذهبهم ما يوافق الجمهور، قال العلامة الدردير في "الشرح الصغير" (1/ 404-405، ط. دار المعارف): [(والتراويح): برمضان (وهي عشرون ركعة) بعد صلاة العشاء، يسلم من كلِّ ركعتين غير الشفع والوتر. (و) ندب (الختم فيها): أي التراويح، بأن يقرأ كلَّ ليلةٍ جزءًا يفرِّقه على العشرين ركعة] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 527، ط. دار الفكر): [مذهبنا: أنها عشرون ركعة بعشر تسليمات غير الوتر، وذلك خمس ترويحات، والترويحة أربع ركعات بتسليمتين، هذا مذهبنا، وبه قال أبو حنيفة، وأصحابه، وأحمد، وداود، وغيرهم، ونقله القاضي عِياض عن جمهور العلماء. وحكي أن الأسود بن يزيد كان يقوم بأربعين ركعة ويوتر بسبع. وقال مالك: التراويح تسع ترويحات، وهي ستٌّ وثلاثون ركعة غير الوتر. واحتج بأن أهل المدينة يفعلونها هكذا] اهـ.

التراويح

وقد جمع بعض محققي الشافعية بين مذهب المالكية ومذهب الجمهور؛ حيث علَّلُوا زيادة الركعات عند الإمام مالك بأن ذلك لتعويض الطواف في المسجد الحرام.

قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (2/ 240-241، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [وهي عندنا لغير أهل المدينة عشرون ركعة، كما أطبقوا عليها في زمن عمر رضي الله عنه، لما اقتضى نظره السديد جمع الناس على إمام واحد، فوافقوه، وكانوا يوترون عقبها بثلاث، وسرّ العشرين أن الرواتب المؤكدة غير رمضان عشر فضوعفت فيه؛ لأنه وقت جِدٍّ وتشمير، ولهم فقط لشرفهم بجواره صلى الله عليه وآله وسلم ست وثلاثون؛ جبرًا لهم بزيادة ستة عشر في مقابلة طواف أهل مكة أربعة أَسْبَاعٍ، بين كلِّ ترويحة من العشرين سَبْعٌ] اهـ.

مقالات مشابهة

  • حكم أداء سُنة الفجر بعد إقامة الصلاة .. دار الإفتاء تحسم الجدل
  • حكم الصيام في شعبان.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم أداء ركعتين سنة قبل صلاة المغرب
  • عدد ركعات صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك
  • هل راجع النبي الله في عدد الصلوات برحلة الإسراء والمعراج.. الإفتاء تجيب
  • أدعية مستجابة في صلاة قيام الليل.. رددها يفتح الله لك الأبواب المغلقة
  • حكم صيام التطوع في شهري رجب وشعبان.. الإفتاء تكشف المأثور عن النبي
  • حكم صيام الإسراء والمعراج .. وهل هو بدعة محرمة؟ الإفتاء تحسم الجدل
  • ما حكم من يحرم أخواته البنات من الميراث؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم عدم توريث النساء فى الأصول واستبدالها بأموال .. الإفتاء تجيب