الجزيرة:
2025-02-02@09:43:04 GMT

محمد فارس.. أرمسترونغ العرب

تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT

محمد فارس.. أرمسترونغ العرب

محمد فارس لواء وطيار عسكري ورائد فضاء منشق عن النظام السوري، من مواليد عام 1951، كان طيارا مقاتلا على الطائرة "ميغ 21″، وعمل مدربا للطيران، ومثّل سوريا في رحلة إلى الفضاء الخارجي مع رائدين روسيين. ويعد أول سوري يرتاد الفضاء، وثاني عربي بعد سلطان بن سلمان آل سعود.

انشق عن الجيش السوري وشارك في المظاهرات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011.

وبعدما استدعته الأنظمة الأمنية غادر بلاده لاجئا إلى تركيا، وهناك عاش حتى توفي عام 2024.

الولادة والنشأة

ولد محمد أحمد فارس في حلب عام 1951، وعاش وترعرع فيها وتزوج من هند عقيل، وهي مديرة جمعية اللمة السورية، ثم لجأ إلى تركيا وحصل على جنسيتها.

الدراسة والتكوين العلمي

كبر فارس في بيئة تقدس العلم، وفيها تنافس شديد بين الطلبة، ويقول عن حارته الشعبية "لا أعرف أحدا بحارتنا إلا وكان يدرس"، ولذلك فقد خرج من رحمها أطباء ومهندسون وطيارون ونابغون في تخصصات عديدة.

حلم محمد فارس في طفولته أن يكون طيارا، خاصة عندما كان يشاهد مسار الطائرات العسكرية المحلقة من الكلية الجوية بحلب.

وبعد الحصول على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) توجه إلى تخصص الهندسة، لكنه تركها وذهب للتطوع طيارا حربيا، وهناك استأنس بمصطلحات الفضاء والأقمار الصناعية، إذ لم تكن معروفة لديه سابقا.

ويقول إنه حينها كان الطيار "رمزا للقوة دفاعا عن الوطن"، وكان ذلك سبب اختياره العمل في هذا المجال، فقد كانت حماية الوطن وبذل النفس من أجلها شيئا عظيما ومقدسا.

رائد الفضاء محمد فارس (وسط) خلال رحلته إلى الفضاء (غيتي) التجربة العسكرية

قبل أن يكون فارس رائد فضاء كان طيارا مقاتلا على متن الطيارة "ميغ 21″، يحلق لحماية سماء بلاده سوريا كما يصف، حتى تقرر اختيار طيار مقاتل من بين نحو 60 طيارا ليمثل البلاد في رحلة إلى الفضاء، وتمت الاختبارات الشاقة كما يصفها في دمشق. وكان سبب اختيار طيار مقاتل أن بنيته تكون الأكفأ للتأقلم مع حياة الفضاء القاسية.

وبعدها أتت لجنة من الاتحاد السوفياتي واختارت 4 من 10 رشحتهم سوريا، وأخذوا إلى موسكو وهناك اختير اثنان فقط من بين الأربعة، وبدؤوا بتدريبات قاسية وشاقة.

وكان تحضير رواد الفضاء للرحلة إلى محطة الفضاء السوفياتية "مير" يحتاج تكوينا علميا كبيرا وتجهيزا بدنيا ورياضيا ونفسيا، لذا دُرّب الرواد سنتين، وفي السنة الأولى اختير فارس رائدا أساسيا وزميله الآخر كان احتياطيا ضمن برنامج للتعاون في مجال الفضاء بين سوريا والاتحاد السوفياتي.

وقبل اختياره تعرض فارس لضغط كبير، فقد قال له ضابط روسي "هل تعتقد أننا سنختارك أم نختار زميلك؟"، فاستغرب فارس واستفسر عن سبب سؤاله، فقال الضابط إن النظام السوري كان يضغط لاختيار زميله منير حبيب، فرد فارس "أنا رجل مسلم آخذ بالأسباب وأعمل وأجد وأجتهد، ولو كتب لي الله أن أشرب الماء في الفضاء سأشربه رغما عنك وعن جنرالات زميلي".

محمد فارس في حلقة نقاش حول الهجرة خلال مؤتمر البحر الأبيض المتوسط عام 2022 (الأناضول) رحلة إلى الفضاء

يقول فارس إن "الإنسان يولد مرة، لكن رائد الفضاء يولد مرتين، الأولى من رحم أمه، والثانية من رحم الأرض". ويذكر تفاصيل رحلته يوم 22 يوليو/تموز 1987 فيقول، إنهم كانوا يحلقون بسرعة 28 ألف كيلومتر في الساعة، أي خلال 90 دقيقة يدورون حول الأرض دورة كاملة، واستمرت الرحلة 7 أيام و23 ساعة.

وخلال دورة الأرض يستطيعون مشاهدة الليل والنهار الأرضيين، في ظل ظلام دامس، وعندما تدق الساعة الثامنة صباحا بتوقيت روسيا، كان المركز الفضائي يرسل إشارة لمركبة فارس وزملائه الروس، وكانوا ينامون في أكياس.

ورغم تهيئة فارس وإمداده بالإجابات التي سيجيب بها عن مكالمة أجراها معه الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد مباشرة وهو في مركبته الفضائية، فقد رفض الالتزام بهذه الإجابات، فهو ليس رجلا آليا كما يقول، بل هو إنسان يجيب حسب سياق الحديث.

ويقول الصحفي ياسر البدوي -الذي كان يغطي رحلة رائد الفضاء في بلاده- إن عدم التزام فارس بما أملي عليه وحديثه مع الأسد وهو في السماء بأسلوب لم يكن معتادا حينها، لم يعجب الحكومة ولا السلطة ولا الجيش.

احتفالات محدودة

بعد عودته من الفضاء لاحظ فارس أن الاحتفالات به لم تستمر أكثر من 3 أيام، وتوقفت فجأة في اليوم الرابع، وهو ما فسره هو وكثيرون بأن النظام السوري كان يريد استغلال نجاح رحلته إعلاميا، لكن دون أن يجعل منه بطلا قوميا ورمزا وطنيا ينافس رموز النظام.

ويبرر رائد الفضاء الاحتفال الكبير الذي استقبل به والألوف التي حضرته، أن الشعب السوري "كان مقموعا لعقود" وللتنفيس عنه كان فارس أداة لذلك، خاصة أن الإعلام في البلاد كان يدار من جهة واحدة وتحت أوامر السلطات في ظل انعدام الإعلام الخاص.

ويقول فارس إنه أنجز خلال رحلته الفضائية 13 تجربة علمية، صُدم الروس من سرعة إنجازها في وقت قياسي، لكن هذه الدراسات لم تستثمر ولم تلق اهتماما ولا صدى في بلاده، وأغلق النظام ملفها. وله إلى جانب ذلك أبحاث أخرى في مجالات صناعية وجيولوجية وكيميائية وطبية ومجال رصد الفضاء والاستشعار عن بُعد.

محمد فارس يلقي كلمة خلال قمة البوسفور العاشرة في إسطنبول عام 2019 (الأناضول) لقاء حافظ الأسد

يذكر فارس أن لقاءه الأول مع حافظ الأسد كان وقت تقلده وسام بطل الجمهورية السورية العربية، وسلمه الأسد الوسام بيده علما أن العادة أن يقلده إياه بنفسه، كما يذكر "سلامه البارد" عليه.

ويقول عن لقائه الثاني مع الأسد، إنه كان بحضور رائد الفضاء السعودي، وذكّره الأسد بما نطق عندما أقلعت رحلته وأنه قال "يا الله"، ويقول فارس "كوني مسلما كان بديهيا أن أنطق بها، لكن حافظ قال إنها ضايقت الروس"، لكنه أنكر ورد عليه بأن الروس لم ينزعجوا منها وكان أمرا طبيعيا لهم.

لم يعجب رد فارس الرئيس حافظ، فعمد إلى عزله تماما عن العموم والإعلام، وبعد 6 أشهر استقبل الأسد باقي رواد الفضاء بعد أن هبطت مركبتهم، لكن القصر أمر بألا يحضر فارس اللقاء، وبقي الصحفيون يستفسرون عنه بعد أن انقطعت أخباره تماما.

وكان فارس قد طلب من النظام السوري تأسيس معهد لعلوم الفضاء بهدف "مساعدة غيره مِن السوريين في الانخراط في أبحاث الفضاء"، لكن النظام رفض ذلك، وقيد حركته، وفرض عليه الإقامة الجبرية.

الثورة السورية واللجوء

بدأ المنعطف الجديد في حياة رائد الفضاء السوري مع بداية الثورة السورية عام 2011، فقد شارك في المظاهرات المناهضة للنظام، حتى استدعته أجهزة الأمن، فقرر حينها مغادرة البلاد مع أسرته فـ"الحرية والكرامة أغلى شيء في الوجود، ولا حدود للقتل عند النظام" كما يقول.

في ظل المراقبة المستمرة له من النظام السوري داخل حلب، قرر فارس الخروج سرا، وفرّق أولاده في المدينة واتفق معهم على الالتقاء بمكان معين، ثم خرجوا جميعا في مناورة سرية داخل أحياء حلب حتى وصلوا كفر حمرة، التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري الحر وأكملوا باتجاه الشمال، ومن هناك إلى تركيا.

محمد فارس لجأ إلى تركيا بعد الثورة وتوفي هناك عام 2024 (إن بي آر) جوائز وأوسمة قلّده الرئيس السوري وسام بطل الجمهورية العربية السورية فور عودته من رحلته إلى الفضاء. أطلقت عليه صحيفة الغارديان البريطانية لقب "أرمسترونغ العرب". بعدما نال الجنسية التركية عقب لجوئه لها، صنفه الهلال الأحمر التركي أول رائد فضاء تركي. كرمه الاتحاد السوفياتي بوسام "بطل الاتحاد السوفياتي" عام 1987 ووسام لينين. الوفاة

توفي رائد الفضاء السوري المنشق محمد فارس يوم 19 أبريل/نيسان 2024 بعد صراع مع المرض في أحد مستشفيات مدينة غازي عنتاب التركية عن سن ناهز 73 عاما، وكان قد تعرّض لأزمة قلبية أواخر رمضان من العام نفسه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات النظام السوری رائد الفضاء إلى الفضاء محمد فارس إلى ترکیا رحلة إلى فارس فی

إقرأ أيضاً:

حتى لا يكسر العدوان الإسرائيلي معنويات السوريين

كان لافتاً غياب القضية الفلسطينية، سواء في خطاب الرئيس السوري أحمد الشرع في مؤتمر النصر أول من أمس، أو في خطاب القيادات العسكرية الأخرى التي مثّلت الشرعية الثورية التي نصّبته رئيساً. وهذا ليس مصادفةً، فمنذ دخول الثوار دمشق فاتحين في 08/12/2024، ورغم القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقّف، والاعتداءات الإسرائيلية، والتصريحات الوقحة، ظلّ الصمت “السلاح” الوحيد الذي يردّون به.

‏شكّل الصمت مادّة خصبة لأنصار النظام الإجرامي المخلوع، وما يسمّى “محور المقاومة”، على اعتبار أن ما جرى في سورية مؤامرة أميركية إسرائيلية لكسر محور “المقاومة”، وهو ما ظلّ يُردَّد منذ انطلاق الثورة السورية. والواقع أن القضية الفلسطينية ظلّت تُستخدَم لقمع الشعوب العربية، وكأنّ سلب حرّيات الشعوب شرطٌ لتحرير الشعب الفلسطيني. لا يحتاج الشعب السوري، ولا الثوار الفاتحون، شهادةً لمعرفة موقفهم الحقيقي من القضية الفلسطينية.

الشعب السوري تأسّس على أن قضية فلسطين هي قضية سورية، والمؤتمر السوري العام الذي عقد في دمشق وأسّس أوّل دولة سورية حديثة (الحكم الفيصلي) ضمّ بلاد الشام كلّها، وحضر ممثّلون عن فلسطين والأردن ولبنان المؤتمرَ السوري العام.

وانخرط السوريون مبكّراً في أعمال المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتهم الشيخ عزّ الدين القسّام، ولم يتوقّف الشعب السوري عن المساهمة في المعركة، وشاركت قياداته السياسية في عام 1948 بكتائب مقاتلة، مثل المراقب العام للإخوان المسلمين مصطفى السباعي، وفوزي القاوقجي (جيش الإنقاذ)، وغيرهم. وبعدها في العدوان الثلاثي، برز اسم الاستشهادي جول جمّال.

كما استشهد سوريون مع المقاومة الفلسطينية من الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين، مثل الشهيد عمر بلعة، ابن حماة، وغيره. حتى في ظلّ أسرة الأسد، لم يتردّد الشعب السوري في دعم القضية، وكما سمعتُ من الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، مباشرةً، إن أكبر دعم مالي من الشعوب العربية كان يصل من الشعب السوري.


وجدت الثورة السورية نفسها في مأزق، تماماً كما “حماس”، التي غادرت دمشق حتى لا تكون شاهدةً على جريمة بشّار الأسد، وحافظت على علاقاتٍ متوازنة مع إيران ومحور المقاومة. منذ اليوم الأول للثورة السورية، حُيّدت القضية الفلسطينية من النظام وداعميه من “محور المقاومة” ومن الثوار على السواء، وهذا كنتُ أشاهده بنفسي في المنطقة الجنوبية، التي كانت توجد فيها جبهة النصرة و”داعش” وفصائل الجيش الحرّ وحزب الله والمليشيات الإيرانية كلّها، فلم تكن لهم معركة مع إسرائيل. كانت القضية سورية، يريد الثوار تحرير سورية من النظام القمعي.

وفي المقابل، كان النظام ومن سانده يريدون تطهير سورية من الثوار. وهنا لا علاقة لإسرائيل، فظلّت الجبهة مع الجولان نظيفةً بقرار الطرفَين.

حاولت إيران، في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، إحياء الجبهة، لكنّ النظام كان قد اختار إسرائيل، كما كشفت مواقع إسرائيلية وأميركية كثيرة أن النظام السوري باع “محور المقاومة”، واختار المبادرة الإماراتية للدخول في المشروع الإبراهيمي.

وهذا ما أكّدته صحيفة الأخبار المقرّبة من حزب الله في مقال لرئيس تحريرها إبراهيم الأمين. كما عرفتُ من قيادات في “محور المقاومة” أن الاتصال انقطع مع بشّار الأسد في آخر يومين، ولم يتمكّن الإيرانيون من العثور عليه، وانقطع الاتصال بينه وبين شقيقه ماهر، كونه انتقل إلى المربّع الروسي والتطبيع. واختار النظام نفسه ألا يخوض معركة “طوفان الأقصى”.

يسجّل للثوار أنهم اختاروا توقيت المعركة بعد أن وقّع حزب الله اتفاق وقف إطلاق النار، لم يطعنوا حزب الله في الظهر وهو يقاتل إسرائيل، مع أنه لم يتوقّف عن طعن الثوار في الظهر وهم يحرّرون بلدهم. تمكن مناقشة نظرية “تحييد إسرائيل” إلى أن تتمكّن من تحقيق أولوياتك، ولو افترضنا أن الثوار منذ دخلوا دمشق قالوا إن هدفهم استكمال المعركة مع العدو الصهيوني، فهل كانت النتيجة تحرير الجولان؟ أم ستكون نتيجة دخول الجيش الإسرائيلي مناطق استراتيجية، بما فيها مناطق النفط التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)؟

اليوم، من خلال الأولويات الخمسة التي أعلنها الرئيس السوري الجديد، تبدو المعركة مؤجّلة، وليست معركةً ملغاة. هذا ما يتمنّاه الحريصون على الثورة السورية، فلا يمكن أن ينسى السوريون قضية فلسطين، تماماً كما لا يمكن أن ينسوا قضية الجولان، ومليون نازح من بينهم الرئيس الشرع. لا يمكن التفريط بمياه سورية، فشريان الحياة السوري مرتبط بجبل الشيخ وبحيرة طبريا.

الأولوية حالياً هي بناء سورية القوية، القادرة على تحصيل حقّها من العدو الصهيوني، لا يمكن خوض معركة قبل الاستعداد لها. خاض هؤلاء الثوار معركة التحرير ودخلوا دمشق في 8 ديسمبر/ كانون الأول (2024)، لأنهم خطّطوا لهذا اليوم منذ سنوات. لا يمكن فتح معركة مع العدو في الوقت والمكان المناسبين للعدو، الذي يواصل يومياً استفزاز القيادة السورية الجديدة، ومماحكتها، سواء بالإجراءات في الأرض أم بالتصريحات. لا يريد العدو الصهيوني فتح صفحة سلام مع القيادة الجديدة، والعودة إلى “وديعة رابين” لحافظ الأسد، بقدر ما يريدون افتعال مواجهة كبرى يملكون فيها اليد العليا لتنفيذ مخطّطهم في تفكيك سورية، وإعادة تركيبها اعتماداً على حلف الأقليات. بكل وقاحة، تحدّث وزير الحرب الإسرائيلي كاتس عن التحالف مع “قسد” والدروز، وخرجت أصوات سورية علوية تطالب إسرائيل بالتدخّل لحماية السوريين من أبناء الطائفة.

ولعلّ أخطر وأوقح تصريح كان قبل يومين لوزير الأمن كاتس، نقلته هيئة البثّ الإسرائيلية، في أثناء زيارته قمّة جبل الشيخ: “جيش الدفاع الإسرائيلي سيبقى في قمّة جبل الشيخ وفي المنطقة الأمنية لفترة غير محدودة لضمان أمن سكّان دولة إسرائيل… لن نسمح لقوات معادية بالتمركز في المنطقة الأمنية جنوبي سورية من هنا وحتى محور السويداء- دمشق، وسنعمل ضد أي تهديد… سنحافظ على التواصل مع السكان الأصدقاء في المنطقة والتركيز على العدد الكبير من السكان الدروز”.

وبهذا وسّعت دولة الاحتلال “منطقة نفوذها” حتى طريق السويداء – دمشق، وتهدّد بوقاحة الدولة السورية من أيّ تحرّك لبسط نفوذها ونزع السلاح في السويداء. قبل ذلك، وفوقه، شنّ العدو، مع رحيل المجرم الوضيع بشار الأسد، أكبر عدوان جوي له، فقد نفذ سلاح الجو الإسرائيلي في 11 ديسمبر/ كانون الثاني 2024 عمليةً جوّيةً واسعةَ النطاق في سورية، وُصفت بأنها “أكبر عملية في تاريخ سلاح الجو الإسرائيلي”، وشاركت فيها 350 مقاتلة استهدفت مواقعَ تمتدّ من دمشق إلى طرطوس. واستمرت عدّة أيام، وهذا كلّه رسالة واضحة: ممنوع تسلّح النظام الجديد.
يحفل أرشيف يوتيوب بتصريحات فيديو للقائد السوري عن تحرير الأقصى، وليس الجولان فقط
تدرك القيادة الجديدة من دون تكرار أسطوانة النظام السابق (الردّ في الوقت المناسب) أن مهمتها الأساسية لتحرير سورية من نظام الاستبداد قد انتهت، وأن مهمّتها اليوم بناء الدولة السورية الجديدة من ركام المرحلة السابقة، والشرط لبناء سورية رفعها من قائمة العقوبات، وأيّ احتكاكٍ مع الجانب الإسرائيلي يعني بقاء العقوبات الأميركية على البلد برمّته من خلال عقوبات قيصر. ستكون استراتيجية الصمت والصبر والتجاهل صحيحةً من الدولة، رغم أن تصريحاتها في إطار القانون الدولي ليست ممسكاً عليها.

في المقابل، ليس صحيحاً صمت أبناء الوطن الذين يستقوي بهم العدو. على المجتمع أن يتحرّك دعماً لوحدة دولته، تماماً كما حصل في قرى درعا التي حصلت فيها اعتداءات إسرائيلية. مطلوب وضروري أن تخرج أصوات درزية تدين وترفض التصريحات العدوانية، والاعتداءات في الأرض، وهذا يساعد الحكومة في استراتيجية الصمت.

أدق تعبير عن العدوان كان للوزير الأسبق فاروق الشرع الذي فاوض الإسرائيليين في عهد حافظ الأسد، عندما قال في اليوم التالي لهروب الأسد، لتلفزيون سوريا، إن هدف الاعتداءات غداة هروب بشّار: “كسر معنويات السوريين في هذه اللحظة الحسّاسة”، وأعتبر أحمد الشرع لاحقا أن لا “مبرر” بعد خروج القوات الإيرانية من سورية لهذه الاعتداءات. ودعا المجتمع الدولي إلى التدخّل وتحمّل مسؤوليته تجاه هذا التصعيد. وقال إن الوضع المنهك الذي خلّفه نظام بشّار الأسد لا يسمح بالردّ على هذه الاعتداءات، مؤكّداً أن الأولوية هي لإعادة البناء والاستقرار في البلاد.

يحفل أرشيف يوتيوب بتصريحات فيديو للقائد السوري عن تحرير الأقصى، وليس الجولان فقط، فضلاً عن حديث أرفع مسؤول شرعي في هيئة تحرير الشام الشيخ مظهر الويس عن “طوفان الأقصى”، ويدرك الإسرائيليون أن هذا لا يعبّر عن هيئة تحرير الشام فقط، بل هو إجماع سوري من أيّام الشيخ عزالدين القسام ابن جبلة. إذا كان الصمت خيار الدولة، فالمؤكّد أنه ليس خيار الناس.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • حمودي:نرفض عودة حكم العرب السنّة للعراق!
  • حتى لا يكسر العدوان الإسرائيلي معنويات السوريين
  • قتيل من الأمن السوري باللاذقية.. والسلطات تعلق على مقتل عنصر من نظام الأسد بعد اعتقاله
  • مقتل عنصر من الأمن السوري في اللاذقية جراء كمين من فلول النظام
  • انهيار النظام السوري: وثائق استخباراتية تكشف ضعف الجيش وتداعيات الهجوم المفاجئ
  • الحراك التشكيلي السوري يعود إلى دمشق بعد سقوط النظام بمعرض لـ 13 فناناً في غاليري زوايا
  • منحة رائد الفضاء آل وردن إنديفور تذهب لفريق إماراتي
  • الرئيس السوري: سنعمل على تشكيل حكومة انتقالية شاملة
  • منحة رائد الفضاء آل وردن إنديفور تذهب لفريق طلابي إماراتي
  • شهادات ناجين من هجوم الغوطة الكيميائي