ما المقصود بقول النبي: «اتق الله حيثما كنت» وكيف تتحقق التقوى؟.. علي جمعة يوضح
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم:««اتق الله حيثما كنت»؟.
المقصود بقول النبي: «اتق الله حيثما كنت»يقول سيدنا رسول الله ﷺ وهو ينصحنا ويرشدنا بكلمات بينات واضحات جليات قليلات: «اتق الله حيثما كنت, وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلق حسن»، موضحا أنها نصيحة إذا ما طبقناها وجعلناها دستورا لحياتنا فإننا لا نحتاج إلى الرقابة، ولذهب الفساد.
وأشار علي جمعة إلى أنه لكي يتقي الإنسان ربه حيثما كان فعليه بثلاثة أمور :
أولا: لابد من أنه يؤمن به, فالإيمان هو أول درجات التقوى, ولا تصور من أحد من العالمين يتقي الله وهو لا يؤمن به.
ثانيا: لابد من ذكر الله فإن كنت قد نسيت الله فكيف تتقيه؟ والمؤمن بربه أحد اثنين: ذاكر متيقظ, أو ناس غافل.
ثالثا: لا يمكن أن تتقي الله إلا إذا استحضرت الخوف والخشية والرهبة من جلاله, أما إذا لم تستحضر ذلك وذكر لسانك دون أن يذكر قلبك, ولا أن يخشع لرب العالمين فلابد انك تقع –نسيانا- في الذنب وفي المعصية, أو تغلبك شهوتك فتأتي ذلك عامدا متعمدا, لأنك لم تستحضر خشية الله ورهبته وخوفه في قلبك.
وهذا عمر بن الخطاب -رضي الله تعالي عنه- يسأل أبي بن كعب -وكانت الصحابة تحب أن تتذاكر العلم لتطبقه في حياتها- ما التقوى يا أبي؟ قال: أسرت في واد فيه شوك؟ قال: نعم, قال: ماذا فعلت؟ قال: شمرت عن ثيابي وحذرت ما أري, قال: هذه هي التقوى.
وأخذ ابن المعتز ذلك وصاغه شعرا, وقال:
خَلِّ الذُنوبَ صَغيرَها .. وَكَبيرَها فَهوَ التُقى
كُن فَوقَ ماشٍ فَوقَ أَر .. ضِ الشَوكِ يَحذُرُ ما يَرى
لا تَحقِرَنَّ صَغيرَةً .. إِنَّ الجِبالَ مِنَ الحَصى
ولفت إلى أن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله تعالي عنه يقول: التقوى: "الخوف من الجليل" -وهو أول ركن من أركان التقوى- ثم يأتي لنا بعناصر أخرى فيقول: "والعمل بالتنزيل, والاستعداد ليوم الرحيل, والرضا بالقليل".
متى نستطيع بسهولة أن نفر إلى الله؟..علي جمعة: الإجابة في 4 كلمات شرح ألفاظ الحديثو"حيثما" تستعمل للمكان والزمان, يعني اتق الله في كل زمانك, وفي أي مكان كنت فيه.
«وأتبع السيئة الحسنة تمحها» فكلما صدرت منك مخالفة ذهبت ففعلت خيرا, فإنك لا تسرع في المخالفة بعد ذلك أبدا, فمن نظر نظرة ورأى فيها معصية فليذهب ويتوضأ, ومن ارتكب في حق أخيه غيبة أو نميمة فليدعو له, ومن نسى الله فليذكره ويسبحه, فلابد لك أن تحاسب نفسك قبل أن تُحاسب, وان تلتفت إلى نفسك وترى فيها جذع الشجرة وتتغاضى عن القذاة التي في عين أخيك.
ثم يتم ذلك التدريب السهل اليسير على ما عودنا رسول الله ﷺ بالأخذ بيدنا إلى مواطن الخير ودوائر رضا الله بيسر وسهولة يخاطب بها العالمين إلى يوم الدين ؛ جاهلهم وعالمهم, قويهم وضعيفهم , رجالهم ونساءهم, يتوج ذلك كله بما جاء ليتمم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ؛ فيقول: "وخالق الناس بخلق حسن» ثم يفصل هذا الخلق في مواطن أخرى كثيرة فيقول: «تبسمك في وجه أخيك صدقة» ، « إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه » ، «الراحمون يرحمهم الرحمن, ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
وشدد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر على أن هذه بحبوحة منحها الله لنا, فتمتعوا ببحبوحة الله, وكونوا علي تقوي من الله, وليكن عملك بين الرجاء والخوف, ولتتذكر قوله - تعالى-: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ) .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة هيئة كبار العلماء علی جمعة
إقرأ أيضاً:
كيف أعبد الله وأتوجه إليه؟.. علي جمعة يرد
اجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن سؤال ورد اليه عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، مضمونة:"كيف أعبد الله وأتوجه إليه؟".
فالإجابة تكون : تعبد الله على شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لا عبادة إلا لله، ولا عبادة لله إلا على طريقة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو الجمع بين شرطي العمل، فالله لا يقبل العمل إلا إذا كان "مخلصا" أي له وحده ، "صوابا" أي على شريعة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
قال الله تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }. وقال سبحانه : {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا }.
وقد علمنا سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا قبول للعبادات إلا إذا كانت على هيئة عبادته صلى الله عليه وآله وسلم ؛ ولذلك كان يقول صلى الله عليه وآله وسلم : «صلوا كما رأيتموني أصلي». وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «خذوا عني منساككم».
ويثمر الإيمان بالشهادتين معرفة الله سبحانه وتعالى، وهي بغية الصادقين، فمن وصل إلى تلك المعرفة لم ينشغل بغيره، ولذا قالوا : «من عرف ربه لم ينشغل بغيره» ذلك لأنه من عرف عظمة الله سبحانه وتعالى وقدره وكماله لا يمكن أن يجد من هو خير منه لينشغل عنه به، ومهما انشغل رغم إرادته عنه يضيق ويستوحش حتى يرجع للانشغال بأنس ربه فهو الأنس الحقيقي، ويتحقق ذلك بكثرة ذكره سبحانه وتعالى. فمن ذاق عرف ومن عرف اغترف، فمن ذاق حلاوة الأنس بالله لا يلتذ بغيره، ومن داوم على ذكره وصل إلى الأنس بربه حتى إن انشغل ظاهره بغيره يظل قلبه مع الله دائمًا..