أسراب من المسيّرات تعمل بالذكاء الاصطناعي و الجيش الإسرائيلي أول من استخدمتها
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
تَعاظمَ دور الطائرات المسيّرة في الحروب الحديثة حتى أصبحنا نرى «حروب المسيّرات»، التي تُستخدم فيها أنواعٌ شتى من الطائرات دون طيار بكثافة، بدءاً من ناغورنو كاراباخ، وأوكرانيا، وصولاً إلى غزة وإيران، والآن قد نكون على أعتاب مرحلة جديدة من استخدامها في الحروب الحديثة.
والمقصود بالمرحلة الأولى من حرب المسيّرات، التي بدأت تقريباً في أوائل الألفية الجديدة بعدما، طلبت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) تسليح الطائرات المسيّرة التابعة للبحرية بصواريخ «هيلفاير»؛ لاستخدامها في القصف، هو وجود الإنسان (المشغل البشري) مع الآلة في كل مرحلة تقريباً؛ من المراقبة واختيار الأهداف حتى تنفيذ الهجوم.
بينما المرحلة الثانية سيكون للذكاء الاصطناعي دورٌ أكبر فيها، حيث سيقدم للمشغل البشري عديداً من الخيارات بشأن الأهداف المحتملة، ويبقى للجندي قرار تنفيذ الغارة من عدمه.
وتستخدم إسرائيل عديداً من أنظمة الذكاء الاصطناعي القوية في حربها مع «حماس»، ما يثير تساؤلات حول قانونية وأخلاقية استخدام هذه الأنظمة، وأيضاً حول تحول العلاقة بين العسكريين والآلات، وفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية. وقال 6 ضباط على صلة بنظام الذكاء الاصطناعي الإسرائيلي «لافندر» إنه أدى دوراً مركزياً في حرب غزة، عن طريق معالجة البيانات لتحديد مواقع أعضاء حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» لاستهدافهم.
وأشاروا إلى أن «لافندر» حدد، في الفترة الأولى من الحرب، نحو 37 ألف هدف على ارتباط بالحركتين.
طائرات مسيّرة روسية خلال معرض دفاعي (أ.ب) نشر موقع «نيو أميركا» المتخصص في شؤون الدفاع أن 38 دولة لديها برامج للتسلح بالمسيّرات، بينها 11 دولة استخدمت بالفعل الطائرات المسيّرة في النزاعات العسكرية.
واتجه عديد من الدول أخيراً للعمل على تطوير مفهوم «أسراب المسيّرات»، حيث يقوم عديد من المسيّرات خلال وجودها في الجو بالتواصل فيما بينها وتبادل المعلومات بغرض تحقيق هدف مشترك.
ويعرّف موقع «نيو ساينتست» «أسراب المسيّرات» على أنها «تطير بنفسها، ويتحكم بها الذكاء الاصطناعي، ويمكنها تغطية منطقة واسعة، وتستمر في العمل حتى لو فقدت بعضاً منها»، في حين أنه في العادة تحتاج كل طائرة مسيّرة لمشغل بشري واحد.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، للموقع، إن نظام الأسراب استُخدم في مناطق القتال التي كان يطلق منها كثير من الصواريخ باتجاه إسرائيل. وتابع: «على حد علمي، هذا هو الاستخدام الأول لهذه الأداة».
جندية إسرائيلية تشغّل طائرات مسيّرة (موقع الجيش الإسرائيلي) وأكد المتحدث أن المسيّرات التي استخدمتها بمفهوم «الأسراب» من إنتاج شركة «إلبيت» الإسرائيلية للصناعات الدفاعية تسمى «ثور»، ووزنها نحو 9 كيلوغرامات، وتحلق بواسطة 4 مراوح (كواد كوبتر)، ولا يصدر عنها أي صوت، وتعمل بجوار مسيّرات أخرى قادرة على القصف.
وأشار إلى أنه «يتحكم في مسيّرات السرب جميعها مشغلٌ واحدٌ فقط، بجانبه قائد لاتخاذ القرارات».
لكن انتشار هذا المفهوم قد يأخذ بعض الوقت، حيث ستحتاج هذه الدول لامتلاك المئات، وربما الآلاف من المسيّرات، وإدماجها في نظام «أسراب» واحد لتحقيق هدف بعينه قد يكون تدمير غواصات العدو، أو التصدي لإنزال جوي واسع.
يمكن للطائرات المسيّرة، نظرياً، المشاركة في المهام العسكرية جميعها، فيمكنها استهداف أنظمة الدفاع الجوي، ما يمهد لهجمه من الطيران الحربي التقليدي، أو استخدام الطائرات المسيّرة الصغيرة، ذات القدرة على المناورة في جمع المعلومات الاستخباراتية والمراقبة.
الطائرة المسيّرة «كراتوس XQ-58 فالكيري» (موقع شرك كراتوس) ومع ذلك، كما يذكر موقع معهد الحرب الحديثة التابع لأكاديمية «وست بوينت» العسكرية الأميركية، فإنه ليست كل «أسراب المسيّرات» بسيطة وصغيرة مثل الطائرات المسيّرة التجارية رباعية المراوح، فالقوات الجوية الأميركية تطور طائرات قتالية تعاونية معقدة مثل طائرة «كراتوس XQ-58 فالكيري»، التي ترافق وتدعم مقاتلات «إف-22» و«إف-35»؛ لتحقيق السيادة الجوية.
وتتكلف الطائرات القتالية التعاونية ما بين 20 و27 مليون دولار للطائرة الواحدة، وبها أنظمة متقدمة من الذكاء الاصطناعي والأتمتة.
وتهدف القوات الجوية الأميركية إلى استخدام هذه الطائرات بمفهوم «الأسراب»، لكن استخدام هذه الطائرات الكبيرة والمكلفة ضمن هذا المفهوم سيتطلب تقنيات أكثر تعقيداً وموارد أكبر بكثير ما تتطلبه طائرات «كواد كوبتر».
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
كاتب روسي يحلل حالة الهستيريا بين شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية بسبب ديب سيك
نشر المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات تحليلًا للكاتب فلاديمير بروخفاتيلوف حول برنامج الدردشة الصيني "ديب سيك"، متسائلًا عن سبب الهستيريا التي أثارها لدى شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية، وموضحًا أن شركات التكنولوجيا الأميركية، التي حظيت بكثير من الدعاية، ليست سوى مستهلكة لمليارات الدولارات، تمامًا مثل المجمع الصناعي العسكري.
وأشار الكاتب إلى أن شركة صينية ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي أذهلت وادي السيليكون وول ستريت، بعرضها نموذج ذكاء اصطناعي يضاهي نماذج شركة "أوبن إيه آي" الأميركية الرائدة في تطوير الذكاء الاصطناعي، ولكن بتكلفة أقل بكثير واستهلاك أقل للطاقة.
وفي سياق متصل، ذكر الكاتب أنه في الأسبوع الماضي نشرت شركة "ديب سيك" من مدينة هانغتشو، والتي لم يتجاوز عمرها عامًا، نتائج برنامج الدردشة الجديد الخاص بها "ديب سيك-آر1" الذي أظهر أداء مماثلًا لأفضل نماذج "أوبن إيه آي".
ووفقًا لبيانات "ديب سيك"، فقد بلغت تكلفة تطوير وتدريب برنامج الدردشة 5.6 ملايين دولار، وفي الوقت نفسه تروّج الشركات الأميركية المنافسة مثل "أوبن إيه آي" و"ميتا" لإنفاق عشرات المليارات على نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، والتي تعمل على أحدث الرقائق من شركة "إنفيديا".
إعلانوأوضح الكاتب أن الإطلاق المذهل لبرنامج الدردشة الصيني أثار عملية بيع عالمية لأسهم شركات التكنولوجيا الأميركية، ففي صباح يوم الاثنين 27 يناير/كانون الأول انخفضت العقود الآجلة لمؤشر "ناسداك" ومتوسط "داو جونز الصناعي" ومؤشر "إس آند بي 500".
شركة "إنفيديا" تعدّ الأكثر تضررًا وقد كانت الأسبوع الماضي أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية (الفرنسية) وتساءل الكاتب: كيف تقارن "ديب سيك" بمنافساتها الأميركية مثل "أوبن إيه آي" و"ميتا"؟ووفقًا لبيانات "ديب سيك"، فقد أظهر برنامج الدردشة الخاص بها نتائج مماثلة لنماذج "أوبن إيه آي" و"ميتا" في الاختبارات الرائدة مثل "إيه آي إم إي 2024″ الذي يختبر القدرات الرياضية، و"فهم اللغة المتعدد المهام الضخم" الذي يقيّم المعرفة العامة.
وفي تصنيف "ساحة برامج الدردشة" الذي جمعه المجتمع، جاء "ديب سيك-آر1" في مرتبة أدنى من نماذج "جيمني 2.0 فلاش ثينكينغ" من غوغل و"شات جي بي تي-4 أو". وكان "ديب سيك-في3" أقل قليلا من نماذج "أو ون بريفيو" و"فول أو ون" من "أوبن إيه آي".
وفي التقرير الفني الخاص بنموذجها "في3″، ذكرت "ديب سيك" أنها استخدمت لتطويره مجموعة من أكثر من ألفي وحدة معالجة رسومات من "إنفيديا"، وهو أقل بكثير من عشرات الآلاف من الرقائق التي تشتريها الشركات الأميركية لتدريب نماذج مماثلة الحجم.
ويرى الكاتب أن نموذج الذكاء الاصطناعي "ديب سيك" قد يشكل تحديًا لأعمال "إنفيديا" التي تعتمد على طلب الشركات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي مثل "أوبن إيه آي" و"ميتا" و"غوغل" التي تنفق مليارات الدولارات لإنشاء نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها وتدريبها، والأهم من ذلك أنه يمكن استخدام برنامج الدردشة الصيني مجانًا.
ويشير المطورون إلى أن الميزة الرئيسية لبرنامج "ديب سيك" هي التكلفة الأقل بكثير للمعدات والتدريب مقارنة بالمنافسين. وبحلول يوم الاثنين، تجاوز "ديب سيك" برنامج "شات جي بي تي" في عدد التنزيلات من متجر تطبيقات آبل في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين نفسها.
إعلانونقل الكاتب عن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قولها إن الانهيار بدأ في البورصات الغربية "وكان كبيرًا للغاية؛ فقد انخفضت القيمة السوقية للشركات المتداولة في مؤشر شركات التكنولوجيا العالية الأميركي ناسداك بمقدار تريليون دولار. وقد وصف مارك أندريسن، الشريك المؤسس لصندوق رأس المال الاستثماري الكبير أندريسن هورويتز، ما حدث بأنه لحظة سبوتنيك، في إشارة إلى إطلاق أول مركبة فضائية من قبل الاتحاد السوفياتي عام 1957، مما كشف للعالم عن الوضع الحقيقي للعلوم السوفياتية في هذا المجال".
وأكد الموقع أن مؤشر "ناسداك"، حيث يتم تداول أسهم "إخوة التكنولوجيا" الأميركية -مثل "ميتا" و"ألفابيت" و"إنفيديا" و"آبل" وغيرها من عمالقة التكنولوجيا- انخفض بنسبة 3.1%. وكانت شركة "إنفيديا" الأكثر تضررًا، وهي التي كانت الأسبوع الماضي أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية. فقد انهارت أسهمها بنسبة 17%، وفقدت ما يقرب من 600 مليار دولار من قيمتها، لتتراجع مرة أخرى لمصلحة "آبل" في المركز الأول.
واختتم الكاتب تقريره مشيرًا إلى أن أسهم الشركات الأميركية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي ارتفعت ارتفاعا حادا، بمجرد أن أعلن الرئيس ترامب عن خطط للقطاع الخاص لاستثمار 500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من خلال شركة "ستارغيت" التي ستقوم ببناء مراكز بيانات في تكساس وخارجها، وتعد بتوفير 100 ألف وظيفة جديدة وهو ما جعل الإعلان عن نموذج "ديب سيك" بعد ذلك كالزلزال الذي أيقظ وادي السيلكون وجعله يعيد التفكير في حجم استثماراته المبالغ فيه في هذا المجال.