عادل الباز: من بدوي إلى رئيس .. قراءة في سيرة كاكا (3)
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
تناولت في الحلقتين السابقتين موقف الرئيس التشادي محمد كاكا من قضايا الفساد في بلاده ثم موقفه من والده والحرس القديم الذي كان على سدة الحكم في تشاد زهاء الثلاثين عاما.
في هذه الحلقة وربما القادمة سنتناول وجهة نظر وموقف كاكا أو الذين كتبوا له الكتاب من السودان (يشاع أن وزير الخارجية محمد صالح النضيف هو من كتب الكتاب والله أعلم)، الموقف عموماً يتسم بالغباء حشد له الكاتب سلسلة من الأكاذيب والمعلومات المضللة لأجل تبرير الموقف العدواني مدفوع الثمن الذي وقفه الرئيس التشادي محمد كاكا.
أنكر الرئيس كاكا في الكتاب كل مواقفه إن لم نقل جرائمه تجاه السودان، وخصص حيزاً واسعاً لذلك وبلغت حالات الإنكار والهروب إلى الأمام أكثر من عشر نقاط سنتناولها بالتفصيل هنا.
2
في البداية أنكر الرئيس التشادي وقوف نظامه مع قوات الدعم السريع المتمردة حين ذكر أن موقف تشاد الثابت من الأزمة السودانية هو الحياد وأنه خط يعتزم الحفاظ عليه دون فشل.
ترى كيف يدعي الرئيس التشادي الحياد ومطارات بلاده مفتوحة لتجنيد الجنجويد والمرتزقة من دول القارة كلها والدفع بهم للسودان، وكيف ينكر والعالم يرى ويسمع ويقرأ عن أراضيها المفتوحة لنقل السلاح والعتاد للمتمردين.!!.
كل التقارير الأفريقية والدولية وآخرها تقرير لجنة الخبراء الدولية التي زارت تشاد وقدمت تقريراً مفصلاً للأمم المتحدة أثبت فيه أن تشاد ضالعة في دعم المتمردين عبر فتح أراضيها لمرور الغذاء والسلاح للمتمردين. فتحت تشاد مطاراتها لدعم قوات الدعم السريع، خاصة مطار أم (جرس)، ومطار (أبشي)، ومطار (انجامينا). يحدث ذلك علناً رغم قرارات الأمم المتحدة بحظر السلاح.
كل الصحافة العالمية أصدرت تقارير مفصلة عن الدعم التشادي للجنجويد.. فهل كل تلك المنظمات الإقليمية تكذب وتفبرك التقارير ووحده الصادق هو كاكا.!!. هل يصدق كاكا نفسه وهو يخوض في حالة الإنكار المكشوفة تلك.
3
يعرف الجميع أن السيد يوسف بوي، مدير مكتب الرئيس محمد إدريس ديبي، صاحب نفوذ قوي مرتبط بعدد من قيادات الجيش ورموز قبلية في دوائر الحكم وبين القبائل هو الذي يتولى ملف دعم الدعم السريع ويعمل علناً مع الإمارات وهذا ما تضج به المواقع التشادية نفسها. وليس سراً أن قيادات الدعم السريع تتخذ من انجمينا مركزها الأساسي للتحرك وكل قادة الجنجويد ينطلقون من أراضيها، وسبق للقيادة التشادية أن نسقت اجتماعات الحركات المسلحة في انجمينا للتحالف مع المتمردين واجتمع كل قادة تلك الحركات مع عبد الرحيم دقلو هناك واستطاعت بالضغط على الحركات المسلحة أن تحدث انشقاقات في حركة العدل والمساواة وحركة مناوي.
سهلت تشاد انضمام عناصر المعارضة التشادية وقادتها إلى قوات الدعم السريع بهدف التخلص منهم لأنها تعلم خطورتهم ولكن ترغب في التخلص منهم مع ضمانات من حميدتي بالتخلص من عناصر المعارضة متى انتصر في الحرب بالسودان.
ولا يخفى على المتابعين والمراقبين الاستثمارات الضخمة التي أسستها شركات الدعم السريع في مجالي النفط والذهب والشركات التي تم تأسيسها للعمل في حقل دوبا النفطي.
لم يقصر كاكا في تحسين صورة الجنجويد إعلامياً إذ ظلت بلاده تدعو وتستضيف الوفود الإعلامية لغسل جرائم الجنجويد وتأليف القصص حول الدعم الإنساني والخدمات التي تقدمها تشاد للاجئين السودانيين!!.
يظن كاكا والذين يخططون له ويدعمونه أنه بمثل تلك الألاعيب الصغيرة بإمكانه خداع السودانيين والمجتمع الدولي والصحافة العالمية وأنه سيخدع أيضاً عشيرته من الزغاوة الذين يدعمون نظامه الذين يبادون الآن في أطراف قرى الفاشر ويشردون بالآلاف. القيادة السودانية تملك كل المعلومات عن دعمه للجنجويد وتحركاته وتحالفاته والأموال التي يقبضها من الإماراتيين والدعم السريع هو وسكرتيره الفاسد يوسف بوي ولكن يوم تصفية الحسابات لم يأت بعد ولابد أنه آتٍ في وقت أقرب مما يظن كاكا والجنجويد. نواصل.
عادل الباز
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الرئیس التشادی الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
تحليل الوضع الراهن في السودان وتحديات مستقبل الدعم السريع
يوسف عزت مستشار حميدتي السابق..
????
*تحليل الوضع الراهن في السودان وتحديات مستقبل الدعم السريع*
*إعداد: يوسف عزت*
⸻
*مقدمة:*
يواجه السودان مرحلة دقيقة من تاريخه الحديث، حيث تعكس المواجهة المسلحة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني صراعًا أكثر تعقيدًا من كونه نزاعًا عسكريًا. فعلى الرغم من النجاحات الميدانية التي حققتها قوات الدعم السريع في بداية النزاع، إلا أنها تعاني حاليًا من تراجع ملحوظ على الأصعدة السياسية والاجتماعية والعسكرية.
يهدف هذا التحليل إلى دراسة الأسباب الجوهرية لهذا التراجع، مع التركيز على العوامل البنيوية، والسياسية، والقيادية. كما يسعى للإجابة على السؤال المركزي:
هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات وضمان بقائها وسط هذا التصعيد؟
*أولاً: غياب الانضباط والانفلات الأمني*
تعدّ السيطرة على الأمن والنظام أحد العناصر الأساسية للحفاظ على الشرعية والقبول الشعبي. غير أن الواقع في مناطق نفوذ قوات الدعم السريع يُظهر اختلالًا أمنيًا خطيرًا انعكس في انتشار أعمال النهب، وانتهاكات حقوق المدنيين. ويمكن تحليل آثار هذا الانفلات من خلال بعدين أساسيين:
1. فقدان التأييد الشعبي:
• أسهمت الانتهاكات الميدانية في تقويض الثقة الشعبية بقوات الدعم السريع، خاصةً في المناطق الحضرية التي كانت أكثر تضررًا من عمليات النهب والاعتداءات.
• انعكست هذه الانتهاكات على صورة القيادة باعتبارها غير قادرة على السيطرة على عناصرها، مما أدى إلى عزلة متزايدة في الأوساط المجتمعية.
2. تعزيز الفوضى وانعدام السيطرة:
• أدى غياب المحاسبة الداخلية إلى بروز مجموعات منفلتة تعمل خارج السيطرة المباشرة للقيادة، مما كرّس بيئة من الفوضى وصعوبة استعادة النظام.
*الخلاصة:*
أضعف الانفلات الأمني قدرة الدعم السريع على تقديم نفسه كفاعل منظم ومشروع، وخلق حالة من الاستقطاب السلبي ضده داخل المجتمعات المحلية.
⸻
*ثانياً: تراجع الرؤية السياسية وانعدام المصداقية*
بدأت قوات الدعم السريع مسارها السياسي بعد اندلاع الحرب عبر طرح رؤية الحل الشامل دات النقاط العشر، والتي لاقت قبولًا داخليًا وخارجيًا باعتبارها محاولة لصياغة مشروع سياسي مدني. إلا أن هذا الزخم تلاشى بسبب تضارب الخطاب السياسي مع الواقع الميداني.
1. التناقض في الخطاب السياسي:
• اعتمدت القيادة خطابًا يركز على مواجهة الإسلاميين (“الكيزان”)، مما أكسبها دعمًا مؤقتًا من القوى المدنية المناهضة للنظام السابق.
• غير أن وجود عناصر محسوبة على الإسلاميين داخل صفوف الدعم السريع قوّض مصداقية هذا الخطاب، وكشف عن تناقض جوهري بين الشعارات والممارسات.
2. تأثير الحرب على الأولويات السياسية:
• فرضت الحرب أولويات جديدة على قيادة الدعم السريع، حيث أصبح الحشد القبلي والاجتماعي أولوية تفوق الالتزام بالمشروع المدني، مما أدى إلى تراجع الرؤية السياسية إلى مجرد أداة تكتيكية.
*الخلاصة:*
غياب خطاب سياسي متماسك يعكس رؤية مستقبلية واضحة أدى إلى فقدان الدعم الشعبي والانكشاف أمام المجتمع الدولي كفاعل غير قادر على الالتزام بمبادئ التحول المدني.
⸻
*ثالثاً: ضعف القيادة وتعدد مراكز القرار*
تعاني قوات الدعم السريع من أزمة قيادية بنيوية تتجلى في غياب مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية. وتظهر هذه الإشكالية في النقاط التالية:
1. تعدد دوائر صنع القرار:
• يشكل التداخل بين القائد الأول (محمد حمدان دقلو – حميدتي) ونائبه (عبد الرحيم دقلو) مصدرًا لتضارب القرارات وتباطؤ الاستجابة للأحداث.
• تسهم تأثيرات المحيطين بالقيادة من أفراد الأسرة والمقربين في خلق ديناميكيات معقدة تُعيق اتخاذ قرارات حاسمة.
2. غياب التخطيط طويل الأمد:
• تفتقر القيادة إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى، حيث يعتمد اتخاذ القرارات على ردود الفعل الآنية دون تحليل معمق للعواقب المستقبلية.
*الخلاصة:*
انعكس غياب القيادة المركزية الموحدة على كفاءة إدارة الحرب، وتسبب في قرارات متضاربة، مما أضعف الموقف السياسي والعسكري للدعم السريع.
⸻
*رابعاً: أزمة التحالفات السياسية والعسكرية*
تورطت قيادة الدعم السريع في تحالفات متباينة مع قوى سياسية وعسكرية، خلال السنوات الماضية آخرها تبني مشروع “السودان الجديد”. لكن هذه التحالفات تعاني من تناقضات بنيوية واضحة:
1. التناقض مع التركيبة الاسرية والاجتماعية للدعم السريع:
• يتطلب مشروع السودان الجديد إعادة هيكلة الدعم السريع كمؤسسة قومية ديمقراطية، في حين أن بنيته القائمة تعتمد على قيادة الأسرة والولاءات القبلية.
2. الطابع التكتيكي للتحالفات:
• تتعامل قيادة الدعم السريع مع التحالفات كأدوات مرحلية فرضتها ظروف الحرب، دون التزام فكري أو سياسي حقيقي بالمبادئ التي تقوم عليها هذه التحالفات.
*الخلاصة:*
غياب رؤية استراتيجية للتحالفات والثبات عليها جعل الدعم السريع يبدو كفاعل انتهازي، مما يهدد استمرارية هذه التحالفات ويؤدي إلى عزلة سياسية متزايدة.
*خامساً: الصدام مع الدولة المركزية وتأثيره على الاصطفاف القبلي*
أدى الصدام المباشر بين قوات الدعم السريع والدولة المركزية إلى إعادة تشكيل الاصطفافات القبلية في السودان بصورة غير مسبوقة فللمرة الأولى في تاريخ السودان الحديث، أصبحت المجتمعات العربية منقسمة بين دعم الجيش أو الدعم السريع، مما أدى إلى حالة استقطاب حاد والدخول في حرب اهلية مباشرة.
• دفع هذا الاستقطاب المجتمعات إلى تسليح نفسها بشكل مستقل، مما حول الحرب لحرب أهلية واسعة النطاق ذات قوى متعددة.
*الخلاصة:*
ساهم الصدام مع الدولة المركزية في تفكيك التحالفات القبلية التقليدية وأدى إلى تعميق الانقسامات المجتمعية واعاد المكونات العربية في غرب السودان إلى محيطها التقليدي والتحالف مع قوى الهامش التي كانت تستخدم هذه المجتمعات لقمعها ،كأداة لسلطة المركز .
يمكن تطوير هذا التحول لحل صراع المركز والهامش بتبني مشروع دولة خدمية بدلا من التعريف التقليدي للصراع بأن المركز هو عروبي إسلامي والهامش إفريقي زنجي وهو تعريف غير صحيح كرست له سلطة الحركة الإسلامية وعمقتها وتبنتها كسياسات حتى الان ، وكنتيجة لذلك انفجر الصراع بهذه الصورة التي نشهدها الان ، ولكن يمكن وفق المعادلات الراهنة الوصول لحلول لصالح جميع السودانيين من خلال التفكير الواقعي والاعتراف بالأزمة وحلها حلا جذريا وذلك يحتاج لعقول تنظر إلى ابعد من مصالحها.
*الإجابة على السؤال الجوهري:*
هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات التي تقع في مناطق سيطرتها وضمان بقائها؟
بناءً على التحليل السابق، لا تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية متكاملة لتحقيق هذا الهدف، وذلك للأسباب التالية:
1. الارتجالية بدل التخطيط الاستراتيجي.
2. التناقض في الخطاب السياسي والممارسات.
3. غياب قيادة موحدة لاتخاذ القرارات.
4. الاعتماد على تحالفات ظرفية غير مستدامة.
5-عدم القدرة هلى التخلص من ارث الماضي والتكيف مع التحولات التي تستدعي اعادة تشكيل القيادة وصياغة مشروع وطني يمثل مصالح قطاعات واسعة تتبناه وتشارك في تنفيذه.
*توصيات*
1. إعادة هيكلة القيادة: إنشاء مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية.
2. ضبط الأمن: فرض انضباط صارم على القوات ومحاسبة المتجاوزين.
3. صياغة رؤية سياسية متماسكة: تطوير مشروع وطني يعكس المصالح الحقيقية لجميع الفئات.
4. تعزيز المشاركة المجتمعية: إشراك الكفاءات المحلية في صنع القرار.
5. تبني استراتيجية طويلة الأمد: التركيز على حلول مستدامة تربط بين الأمن والسياسة والتنمية.
*خاتمة*
يتضح أن قيادة الدعم السريع تواجه تحديات بنيوية تهدد بقاءها كفاعل سياسي وعسكري مؤثر. إن غياب التفكير الاستراتيجي والارتباك في الخطاب والممارسة يجعل مستقبلها مرهوناً بقدرتها على إصلاح هذه الاختلالات واعتماد رؤية متماسكة ومستدامة.