حسام عبدالنبي (أبوظبي)
أكد خبراء واستشاريون قانونيون أن السماح للمدين بالاستمرار في إدارة أعماله التجارية، بعد طلب «تسوية وقائية» في ظل تعديلات قانون الإفلاس، يعد خطوة مهمة تعزز مكانة الإمارات بين الاقتصادات الأكثر تنافسية، وتعكس تطور التشريعات، وانتهاج الدولة سياسة تشريعية متطورة تواكب متطلبات العصر.


وقالوا إن التعديلات التي وردت، وفق المرسوم بقانون اتحادي رقم 51 لسنة 2023 بشأن إعادة التنظيم المالي، والإفلاس، عالجت أهم الصعوبات التي كانت تعترض إجراءات الصلح الوقائي، حيث أكدت أنه يجب موافقة «أغلبية» الدائنين، وليس «جميعهم» لتقديم طلب افتتاح إجراءات التسوية الوقائية، مشيرين إلى أن «التسوية الوقائية إلى جانب أنها تيسر توصل المدين إلى اتفاق مع دائنيه على تسوية ديونه، حيث تسمح بتعليق مطالبات الدائنين المتخذة ضد المدين، وفق شروط معينة أهمها، تقديم المدين خطة لمزاولة النشاط، ومقترحات لمدة وكيفية سداد المديونية».

إجراءات وقائية
قال عمار أنيس، الاستشاري القانوني، إن المشرّع الإماراتي حرص على الدعم المستمر لتشريعات الإفلاس؛ نظراً لتأثيرها المباشر في اقتصاد الدولة، وقد سن المرسوم بقانون اتحادي رقم 51 لسنة 2023 بشأن إعادة التنظيم المالي، والإفلاس، والذي سيعمل به بعد 6 أشهر من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية، أي في «بداية شهر مايو من العام الجاري».
وأضاف أن المرسوم ينص على إنشاء محكمة ودوائر قضائية لنظر منازعات وطلبات الإفلاس كافة تسمى «محكمة الإفلاس»، حيث حرص المشرع الإماراتي على إتمام الإجراءات الوقائية للمدين، من خلال منحه حق التقديم وفق اشتراطات محددة، أهمها أن تكون أعماله قابلة للاستمرار، وهذا يمثل تعديلاً مهماً عالج صعوبات كانت تعترض إجراءات الصلح الوقائي، موضحاً أنه يحق للمدين الاستمرار في إدارة أعماله التجارية، بعد صدور قرار افتتاح إجراءات التسوية الوقائية بشكل طبيعي إذا لم ترَ المحكمة خطورة من ذلك على الدائنين، كما يجوز للمدين، بإذن من محكمه الإفلاس، أن يمارس تجارة جديدة بغير أموال التفليسة، بشرط ألا ينتج عن ذلك ضرر على الدائنين.
وأشار أنيس إلى أنه بمقتضى التعديل، فإن المدين هو الطرف المعني بتقديم طلب افتتاح إجراءات التسوية الوقائية، وفق شروط أهمها، أن تكون أعماله قابلة للاستمرار «حتى وإن كان متوقفاً عن السداد»، أو كان الدائنون قد رفضوا مقترح التسوية الوقائية، أو خطة إعادة الهيكلة، أو رفضت المحكمة التصديق على أي من تلك الطلبات، أو قررت إنهاء إجراءات التسوية الوقائية، أو إعادة الهيكلة، ولو كانت متعلقة بديون أخرى غير المقدم بشأنها الطلب، وشريطة انقضاء مدة ثلاثة أشهر من تاريخ اجتماع الدائنين، أو قرار أو حكم محكمة الإفلاس. 
وعن ضرورة موافقة جميع الدائنين على إجراء التسوية الوقائية، أكد أنيس، أنه يجب موافقة «أغلبية» الشركاء لتقديم طلب افتتاح الإجراءات، ولا يجوز لمدير الشركة، أو المصفى، أو لغيرهم أن يتقدم بطلب افتتاح الإجراءات، إلا بعد الحصول على الموافقة من أغلبية الشركاء. 
ونوه بأن الإفلاس ينطبق على الأفراد بصفة التاجر، وليس الصفة الشخصية، وفى حال الصفة الشخصية يتجه إلى الإعسار، حيث يقدم من يطلب إجراء التسوية الوقائية، مقترحاً بالتسوية الوقائية «شاملة خطة المدين للاستمرار في مزاولة النشاط، قائمة بأسماء الدائنين، ومقترحات لمدة وكيفية سداد المديونية»، لافتاً إلى أهمية أن يتم دعوة الدائنين والحصول على موافقة الأغلبية، وألا يتم رفض الطلب، وتقوم المحكمة المختصة بإنهاء إجراءات التسوية الوقائية وحفظ الطلب.
واختتم أنيس، بالإشارة إلى أنه يجوز للمحكمة المختصة حال رفض مقترح التسوية، وبناء على طلب من مقدم الطلب «المدين» أن تقرر افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة، أو إشهار الإفلاس.
اتفاق مع الدائنين
من جهته، أفاد مكتب سليمان بن يوسف العمري، للمحاماة والاستشارات القانونية بأن إجراء التسوية الوقائية هو إجراء من إجراءات الإفلاس يهدف إلى تيسير توصل المدين إلى اتفاق مع دائنيه على تسوية ديونه، ويحتفظ المدين فيه بإدارة نشاطه، معتبراً أن التسوية الوقائية هي أكثر صور معالجة الإفلاس تخففاً، إذ لا تتضمن غل يد المدين عن إدارة نشاطه، أو حلول آجال الديون، أو تأثير في العقود السارية، أو تعليق تلقائي للمطالبات، فهي صورة من صور المعالجة القانونية الاقتصادية تهدف إلى إنهاض المشروعات، وإقالتها من عثراتها.
وقال إنه بمقتضى التعديل، يحق للمدين عند طلب افتتاح إجراء التسوية الوقائية، أن يطلب من المحكمة تعليق مطالبات الدائنين المتخذة ضده، على أن يرفق بطلبه تقريراً معداً من أمين مدرج بقائمة أمناء الإفلاس يتضمن ترجيحه لقبول أغلبية الدائنين للمقترح، وإمكانية تنفيذه.
وأضاف أنه يجوز للمحكمة في هذه الحالة تعليق المطالبات لمدة لا تزيد على تسعين يوماً من تاريخ افتتاح الإجراء، ولها تمديد هذه المدة لـ«ثلاثين» يوماً لمرة، أو أكثر بناء على طلب المدين، وفي جميع الأحوال يجب ألا تزيد مدة تعليق المطالبات على 180 يوماً، وتنتهي مدة تعليق المطالبات بانقضاء المدة المحددة لها، أو قبل ذلك بتصديق المحكمة على المقترح، أو إنهاء إجراء التسوية الوقائية، لافتاً إلى أنه يجوز للمحكمة بناء على طلب من صاحب مصلحة وقف سريان تعليق المطالبات عن مطالبات محددة قد اتخذ بشأنها إجراء قبل سريان التعليق، إذا ثبت لدى المحكمة أن في ذلك مصلحة للمدين، وأغلبية الدائنين.

أخبار ذات صلة الإمارات وعُمان.. علاقات متجذرة وتفاهمات مشتركة الإمارات وعُمان.. 5 عقود من التعاون

تشريعات متطورة
بدوره، ذكر محمد شاكر الخبير المالي، أن حرص دولة الإمارات على انتهاج سياسة تشريعية متطورة تواكب متطلبات العصر، ساعد الدولة على ترسيخ مكانتها العالمية بين الاقتصادات الأكثر تنافسية، وتعزيز الإطار التنظيمي للقطاعات الرئيسة، ومنها القطاعات المصرفية والتجارية المختلفة. وقال إن المشرع الإماراتي اشترط إنشاء محكمة للإفلاس، أو تخصيص دائرة أو أكثر لنظر طلبات الإفلاس، نظراً لخصوصيتها وتأثيرها المباشر في اقتصاد الدولة والكيانات التجارية، موضحاً أن الجهات المختصة بتقديم طلب افتتاح إجراءات الإفلاس، أو إعادة الهيكلة، تتمثل في المدين، أو الدائن، أو مجموعة الدائنين، بحسب الأحوال، والجهة الرقابية التي يكون المدين خاضعاً لرقابتها.
وفيما يخص افتتاح إجراءات التسوية الوقائية، أفاد شاكر، بأنه بعد صدور قرار افتتاح إجراءات التسوية الوقائية، يحق للمدين الاستمرار في إدارة أعماله التجارية بشكل اعتيادي، ما لم ترَ المحكمة أن هناك خطورة على الدائنين، وهذا تعديل عن التشريع السابق، حيث كانت هناك صعوبة عملية في تطبيق إجراءات الصلح الوقائي؛ نظراً لاشتراطاته المتمثلة في استمرار المدين في سداد الديون، وموافقة الدائنين على الخطة، وفي حال الرفض يتم اللجوء إلى افتتاح إجراءات الإفلاس.
وأكد أن المشرع حرص على تحقيق عنصر الجدية في الطلبات المقدمة لمحكمة الإفلاس، وحماية الكيانات التجارية، من خلال اشتراط حد معين للمديونية لا يقل عنها، وأحال تحديدها للائحة التنفيذية، كما ضمن علانية قرارات المحكمة، من خلال التزام إدارة الإفلاس بإعلان القرار لذوي الشأن خلال 10 أيام من تاريخ صدور قرارات محكمة الإفلاس المتعلقة بطلبات افتتاح الإجراءات، أو رفضها، أو عدم قبولها، أو انتهاء الإجراءات.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات الاقتصاد التجارة اقتصاد الإمارات إعادة الهیکلة من تاریخ إلى أن

إقرأ أيضاً:

حسني بي: لا خطر من الإفلاس والاقتراض الخارجي غير ممكن

???? حسني بي: ليبيا والجزائر تتصدران إفريقيا في الاحتياطي المالي والذهبي

أكد رجل الأعمال الليبي حسني بي أن ليبيا والجزائر تتصدران قائمة الدول الإفريقية من حيث الاحتياطيات المالية، موضحًا أن احتياطي ليبيا يتجاوز 81 مليار دولار، بينما يصل احتياطي الذهب إلى 13 مليار دولار.

???? استقرار مالي رغم التحديات

وفي تصريحات خاصة لمنصة “فواصل”، شدد بي على أن خطر الإفلاس غير وارد إطلاقًا، مشيرًا إلى أن الاقتراض من البنك الدولي غير ممكن بسبب أزمة شرعية السلطات.

???? تحديات المصرف المركزي وتضخم عرض النقود

وأوضح أن المصرف المركزي يواجه تحديًا يتمثل في امتصاص ما لا يقل عن 46 مليار دينار من عرض النقود، إذ شهد عام 2023 زيادة بمقدار 29 مليار دينار، منها 24 مليار دينار ناتجة عن خلق نقد جديد، فيما تكرر خلق 9 مليارات دينار خلال الربع الأول والثاني من 2024.

⚠️ تأثير أزمات القطاع النفطي

وأشار إلى أن إغلاق حقل الشرارة النفطي وأزمة مصرف ليبيا المركزي تسببا في عجز مالي بلغ 7 مليارات دينار خلال النصف الثاني من عام 2024.

???? ارتفاع الاحتياطي من الذهب والعملات الأجنبية

بين يناير 2023 ويونيو 2024، كشف بي عن ارتفاع احتياطي الذهب بمقدار 24 طنًا، بقيمة 2 مليار دولار، إلى جانب زيادة الاحتياطي العام بنحو 6 مليارات دولار.

???? إجراءات البنك المركزي وتأثيرها على سعر الصرف

وأضاف أن فرض رسم بنسبة 27% خلال الربع الثاني من 2024 جاء بهدف إعادة التوازن وتصحيح أخطاء خلق النقد، إلا أن التراجع عن هذا القرار تحت ضغط الشارع والقوى السياسية أدى إلى توسيع الفجوة بين السعر الرسمي والموازي، ما سمح بالمضاربة على الدينار بنسبة أرباح سريعة تصل إلى 12%.

????️ الحلول المقترحة لمعالجة الأزمة المالية

أكد بي أن هناك خيارين لمعالجة الأزمة:

الاستمرار في التضحية بالاحتياطي النقدي حتى يتحقق التوازن. تعديل سعر الصرف ليتماشى مع المؤشرات الفعلية للسوق.

كما شدد على ضرورة وقف الإنفاق بالعجز، وترشيد النفقات الحكومية، وتوحيد الميزانية العامة من قبل البرلمان.

معالجة الهدر في المحروقات والطاقة

أوضح بي أن الإنفاق السنوي على دعم المحروقات والطاقة يصل إلى 14 مليار دولار (77 مليار دينار)، مشيرًا إلى ضرورة إعادة هيكلة هذا القطاع لمكافحة الهدر وسوء الاستغلال.

???? نحو استقرار اقتصادي شامل

واختتم بي تصريحاته بالتأكيد على أن تحقيق الاستقرار المالي والنقدي في ليبيا يتطلب إجراءات إصلاحية شاملة تشمل القطاعات الاقتصادية والمالية كافة، لضمان تحقيق توازن اقتصادي مستدام يعزز من قوة الدينار الليبي ويحافظ على الاحتياطيات النقدية للبلاد.

 

Previous اجتماع عربي أمريكي بالدوحة لبحث خطة مصر لإعمار غزة Next حركة الفصائل الفلسطينية تحذر من “مجاعة جديدة” بغزة جراء الحصار الإسرائيلي Related Posts المقريف يلتقي مسؤولين بالسفارة الفرنسية لبحث تطوير التعليم اللغوي محلي 13 مارس، 2025 نوفا: لهذه الأسباب.. مؤسسة النفط بالعاصمة طرابلس تطرح نموذج تعاقدي جديد محلي 13 مارس، 2025 أحدث المقالات حركة الفصائل الفلسطينية تحذر من “مجاعة جديدة” بغزة جراء الحصار الإسرائيلي حسني بي: لا خطر من الإفلاس والاقتراض الخارجي غير ممكن اجتماع عربي أمريكي بالدوحة لبحث خطة مصر لإعمار غزة آلاف الإسرائيليين يتوجهون إلى مصر رغم تحذيرات تل أبيب المقريف يلتقي مسؤولين بالسفارة الفرنسية لبحث تطوير التعليم اللغوي

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • "أدنيك" تساهم بـ8.5 مليارات درهم في اقتصاد الإمارات خلال عام
  • هل سحب المغاربة أموالهم من البنوك بعد “التسوية الضريبة”؟ المدير العام للضرائب يجيب
  • ارتفاع حاد في حالات إفلاس الشركات الألمانية وسط الركود
  • افتتاح 30% من أول مبنى مساهمة مجتمعية لجامعة أبوظبي
  • إيران تعلن عن اكتشاف احتياطي ضخم لليثيوم بتركيزات تنافسية عالميا
  • حسني بي: لا خطر من الإفلاس والاقتراض الخارجي غير ممكن
  • افتتاح معرض “أم الإمارات” بنيويورك على هامش اجتماع لجنة وضع المرأة CSW
  • استعطاف الدائنين.. إحالة أوراق فلاح للمفتي أنهى حياة ابنته بأسيوط
  • افتتاح معرض "أم الإمارات" بنيويورك على هامش اجتماع لجنة وضع المرأة
  • افتتاح معرض أم الإمارات بنيويورك على هامش اجتماع لجنة وضع المرأة