أبعاد المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
إنها المرة الأولى التي اختارت فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرد المباشر على الإجرام الصهيوني عليها، فقد أرسلت الطائرات المسيرة والصواريخ إلى عمق الأراضي المحتلة مستهدفة ضرب أهداف عسكرية حيوية، حسب الرواية التي تم الإعلان عنها، وهي نقلة نوعية لمسار الصراع الصهيوني- الإيراني الذي كان يتحاشى الدخول المباشر في مواجهة مع الكيان الصهيوني رغم الاعتداءات الكثيرة والأهداف الحيوية التي تم استهدافها، فلم يعد بعد المسافة حاجزا ولا حائلا دون الرد، ولم يعد الاعتماد، على الحلفاء والموالين لها من ضمن الممكنات التي يوكل إليها القيام برد الاعتداء الكيان الصهيوني في كل مرة يستهدف الأهداف الاستراتيجية للجمهورية الإيرانية يعلن ذلك، وكان الصمت وانتظار الفرصة للرد من إيران هو الأسلوب المتبع، مما شجعه على الاستمرار والتطاول أكثر فأكثر، تم اغتيال رئيس هيئة الطاقة النووية في عمق الأراضي الإيرانية بأسلوب معقد وبقدرات كبيرة، وتم اغتيال الشهيد المجاهد الحاج قاسم سليماني والمهندس في العراق وكان الرد الإيراني ضرب قاعدة عين الأسد التي تتمركز فيها القيادة الأمريكية، لكن التعتيم الإعلامي والسيطرة الإعلامية، أظهرت قدرات الاغتيال وشوهت حقائق الرد الذي كان فاجعة على أمريكا وحلفائها من الصهاينة، وصهاينة العرب، وتمادى الصهاينة في ضرب الأهداف الحيوية الإيرانية في سوريا وكان آخرها قصف القنصلية الإيرانية واغتيال الشهداء الذين جاء هذا الرد المباشر ليؤكد أن إيران تستطيع أن تدافع عن نفسها مباشرة.
إيران صرحت للعالم بأن ردها يستهدف أهدافاً عسكرية حيوية كالمطارات والمعسكرات والأماكن العسكرية الحساسة، وإسرائيل تكتمت على الإصابات والآثار التي طالتها الطائرات المسيَّرة والصواريخ، وبعض المحللين يريدون أن يتخلصوا من الشك، لأنهم مؤمنون بإسرائيل وقدراتها ومصداقيتها، مع أنهم يعلمون أن اليهود وخاصة الصهاينة كاذبون على ربهم، فهل سيصدقون مع خلقة ” ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ” آل عمران الآية (75).
لقد اعتمد الصهاينة على الدعاية والذباب الالكتروني واللوبي الإعلامي المسيطر على وسائل الإعلام العربية والأجنبية في تحقيق أهدافه وتحطيم معنويات خصومه، وهو ما ظهر جليا في كل الحروب التي خاضها وآخرها حرب السابع من أكتوبر التي أثبتت للعالم أجمع أن الكذب والتضليل والخداع أساس الاستراتيجية اليهودية، المقاومة ببسالتها وبطولتها حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، والرد الإيراني كشف مقولة القبة الحديدية، فرغم الحصار المفروض على أبطال المقاومة إلا أنهم استطاعوا اختراق الجدار العازل واستطاعوا الصمود والمواجهة لأكثر من سبعة أشهر في ظل تكالب الاعتداء والقتل والإجرام من الجيش الصهيوني والمتحالفين معه، والاسناد والدعم الذي يتلقاه العدو من قبل صهاينة العرب والمنافقين والخونة.
وكشف الرد الإيراني أن السكوت على الإجرام الصهيوني لن يستمر، فهناك ردود مباشرة بمختلف أنواع الأسلحة المدمرة، ولن يستطيع الحلفاء المتصهينون إيقاف تلك الصواريخ والمسيَّرات من الوصول وتأديب القتلة والمجرمين إلى عمق الأراضي المحتلة، فقد أصبحت الآن في مرمى الاستهداف المباشر وهي رسالة يجب أن يعيها الصهاينة.
هذا التراشق المتبادل بين إيران وإسرائيل يجب أن تستفيد منه الأنظمة العربية والإسلامية وأنه يصب في مصلحة القضية الفلسطينية التي تمثل أولوية السياسات العربية وفقاً لما هو مُعلن، لكن التطبيع واستفراد الصهاينة بالدول الواحدة تلو الأخرى جعلها تساند توجهات الصهاينة وتنحاز ضد إيران كدولة ونظام، حتى أن بعضها اعتنق الصهيونية وتنصل عن العروبة والإسلام، ومن العجيب أن بعض الدول حاولت جاهدة اعتراض الصواريخ والمسيَّرات عن الوصول إلى الأراضي المحتلة مساعدة وعوناً للصهاينة، بينما الأجواء مفتوحة إذا كانت الضربات من الكيان الصهيوني لاستهداف أي قطر عربي أو إسلامي، كما فعل الكيان الإسرائيلي في استهداف المفاعل النووي العراقي، عندما اخترقت طائراته الحربية أجواء المملكة العربية السعودية -آنذاك -رغم وجود الإنذار المبكر “الاواكس” ولم تفعل السعودية شيئاً من أجل منع الاعتداء، وليس ذلك فحسب، فالاغتيالات التي تمت لقيادات العمل الوطني في حركات المقاومة الفلسطينية فتح أو حماس أو الجهاد أو الجبهة الشعبية، تمت بإسناد ودعم من قبل بعض الأنظمة العربية في تونس ولبنان وغيرهما من البلدان كالإمارات أو الأردن.
فقد فاجأ الرد الإيراني المطبعين والعملاء والخونة وجعلهم يشنون الدعايات المضللة سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر المنابر الإعلامية المحلية والعربية أو العالمية، ولم يبق إلا أن يشكلوا تحالفاً للرد على إيران، لأنها اعتدت على كيان الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالصواريخ والمسيَّرات على أن يستثنوا المقاومة الفلسطينية منه، أما إسرائيل فهي أول من يجب أن يشمله الحلف إن لم تشكل هي الحلف المراد للرد على إيران.
إيران ومعها محور المقاومة هي من تواجه اليوم الحلف الصهيوني الصليبي الذي اغتصب أرض فلسطين وشرد أهلها وارتكب المجازر والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة والتجويع والحصار بحق أشقائنا على أرض فلسطين وقطاع غزة، أما من رفعوا يوماً من الأيام شعار “تحرير فلسطين من النهر إلى البحر”، فقد انكشفت سوءاتهم وأصبحوا للصهاينة داعمين ومؤيدين، وهو تحول ليس مستغرباً، فمن أوصلهم إلى سدة الحكم والسلطة هو ذاته من أوجد الصهاينة وأعطاهم أرض فلسطين، وهي مسرحية هزلية لم تعد تنطلي فصولها وحواراتها على الشعوب العربية والإسلامية وسيأتي اليوم الذي تستعيد فيه كرامتها وحقوقها من الصهاينة والخونة والعملاء وما ذلك على الله بعزيز.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
إيران وإسرائيل.. هل ينتقل الصراع من الظل إلى دائرة الحرب الشاملة؟
وخرج العداء بين الجانبين من إطار حروب الظل إلى مواجهات مباشرة وتبادل ضربات محسوبة بعناية، آخرها الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف داخل إيران أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومع ذلك يرى خبراء أن استمرار الأعمال العدائية لا يعني بالضرورة اندلاع حرب شاملة، وفقا لفيلم عرضه برنامج "للقصة بقية".
ويرى يزيد صايغ الباحث الأول في مركز كارنيغي للشرق الأوسط أن السيناريوهات تعتمد على ما إذا كانت إسرائيل ستعمل على خلق ظروف تمكنها من استهداف البرنامج النووي الإيراني بمفردها، أم أنها ستنتظر الضوء الأخضر من الولايات المتحدة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4عراقجي: سنرد على إسرائيل ومستعدون لاستئناف مفاوضات النوويlist 2 of 4الحرس الثوري الإيراني يتوعد إسرائيل ويجدد دعمه لمحور المقاومةlist 3 of 4لماذا لن يعود ترامب أبداً إلى سياساته السابقة في الشرق الأوسط؟list 4 of 4ترامب يسعى لإفلاس إيران باعتماد سياسة الضغط الأقصىend of listوتزامن تصاعد الخطاب الإسرائيلي مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فقد صرح وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس بأن إيران أصبحت أكثر عرضة من أي وقت مضى لضربات تستهدف منشآتها النووية.
وردّت إيران بوعود انتقامية قاسية على الهجمات الأخيرة، لكنها في الوقت ذاته أظهرت تراجعا في حدة خطابها، مع صدور دعوات للحوار مع الإدارة الأميركية المقبلة.
وتشير التوقعات إلى تباين السياسات المنتظرة لإدارة ترامب، وبينما يرى البعض أنه لن يمنح إسرائيل شيكا على بياض لتصعيد ضد إيران فإن الأسماء المرشحة للمناصب الرئيسية تكشف عن توجهات داعمة لإسرائيل ومعادية لإيران.
جذور العداء
وسلط برنامج "للقصة بقية" في حلقته بتاريخ 2024/11/18 الضوء على جذور العداء الإيراني الإسرائيلي ومساراته المحتملة، كما ناقشت مع ضيوفها مشروع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط والتغيرات في الإستراتيجيات الدفاعية للطرفين.
ويتجاوز الصراع بين إيران وإسرائيل الخلافات المباشرة، إذ يرى المستشار العسكري لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط سابقا عباس دهوك أن البلدين ليس بينهما عداء تاريخي أو نزاعات حدودية، ولكن إيران تعتبر إسرائيل كيانا غير شرعي وتسعى إلى طرده من المنطقة، في حين تعتبر تل أبيب البرنامج النووي الإيراني تهديدا وجوديا.
بدوره، يوضح مدير مشروع إيران في مؤسسة الأزمات الدولية علي واعظ أن التنافس بين الطرفين يتمحور حول الهيمنة الإقليمية، فإيران -التي تعد أضعف عسكريا- اعتمدت منذ الثورة عام 1979 على استغلال قضية فلسطين لإبراز قوتها، حسب واعظ.
ومنذ الثمانينيات تبنت إيران سياسة دفاعية ترتكز على تطوير الصواريخ الباليستية والاعتماد على وكلائها الإقليميين كوسيلة للدفاع غير المتماثل.
وأشار واعظ إلى أن هذه الإستراتيجية هي جوهر الأمن القومي الإيراني في ظل غياب بدائل إستراتيجية كشراء طائرات أو أنظمة دفاع حديثة.
وعلى الجانب الآخر، تتبع إسرائيل مبدأ "بيغن" الذي ينص على منع جيرانها من امتلاك التكنولوجيا النووية، ونفذت هجمات استباقية ضد منشآت في العراق وسوريا، بالإضافة إلى استهداف مواقع وقادة إيرانيين.
تحولات طوفان الأقصى
وشهدت المواجهات تحولا ملحوظا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ قررت إسرائيل التحرك مباشرة نحو إيران بدلا من استهداف وكلائها، في حين أوضح صايغ أن هذه الإستراتيجية رفعت مستوى التوترات بشكل غير مسبوق.
من جهته، توقع أستاذ الدراسات الإستراتيجية فؤاد إيزادي أن تصاعد الضغوط سيجبر إيران على اتخاذ خطوات استباقية لمنع استهدافها تدريجيا، في حين يرى وزير العدل الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين أن المواجهة المباشرة قد تكون مكلفة للطرفين دون تحقيق نتائج حاسمة.
وفي هذا السياق، أكد عباس عبدي -وهو صحفي إصلاحي إيراني ومحلل سياسي- أن سياسة إيران الخارجية تضعها في موقف صعب، إذ يعتبر التراجع تكتيكا ممكنا إذا أحسن تنفيذه.
وفي حديثه للبرنامج يرى مدير عام صحيفة الوفاق الإيرانية مختار حداد أن المواجهة بين إيران وإسرائيل قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كانت تجري في الخفاء عبر عمليات أمنية وهجمات سيبرانية ولم تكن مواجهة عسكرية مباشرة.
من الخفاء إلى العلن
وأضاف حداد أن عملية "طوفان الأقصى" وما تبعها من إبادة جماعية ضد الفلسطينيين جعلت المواجهة أكثر وضوحا واتساعا، إذ شهدنا ردودا عسكرية مباشرة من إيران، مما يفتح بابا لمواجهات واسعة النطاق بين الطرفين.
واعتبر حداد أن إيران -بناء على عقيدتها العسكرية- كانت دائما على أهبة الاستعداد لمواجهة الكيان الصهيوني باعتباره العدو الأول للجمهورية الإسلامية منذ قيام الثورة، لافتا إلى أن الردود العسكرية المباشرة أصبحت جزءا من إستراتيجية إيران الجديدة.
وفيما يتعلق بالعقيدة النووية الإيرانية، أوضح حداد أن الحديث عن تغيير هذه العقيدة لا يعني نية إيران صنع قنبلة نووية، مؤكدا أن هناك فتوى دينية تحرم استخدام أسلحة الدمار الشامل.
بدوره، رأى آدم كليمنتس المستشار السابق في وزارة الدفاع الأميركية والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لم تنجح في إنهاء النزاع بين إيران وإسرائيل، وأن الإدارة المقبلة قد تواجه ضغوطا جديدة لاحتواء الأوضاع.
وأوضح كليمنتس أن إدارة ترامب القادمة قد تسعى إلى إيجاد حلول للصراعات في المنطقة لتحقيق مكاسب سياسية، لكن ذلك سيعتمد بشكل كبير على السياق الدولي.
علاقة ترامب ونتنياهو
وأشار كليمنتس إلى أن العلاقة بين ترامب ونتنياهو قد تشكل عاملا مهما في تحديد السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، لكن الضغط الخليجي لاستعادة الاستقرار الإقليمي سيكون له تأثير كبير.
وأكد أن التعيينات في الإدارة الأميركية الجديدة -والتي تميل لدعم إسرائيل ومعاداة إيران- تشير إلى تشدد في المواقف تجاه طهران، لكنه لفت إلى أن التغيرات السياقية قد تدفع الإدارة القادمة إلى إعادة تقييم أولوياتها في ظل التحديات العالمية.
بدورها، قالت الباحثة الأولى في مركز الجزيرة للدراسات الدكتورة فاطمة الصمادي إن السياقات السياسية الحاكمة للصراع بين إيران وإسرائيل لم تتغير، مشيرة إلى أن عملية "طوفان الأقصى" جاءت ردا على ممارسات إدارة ترامب التي عمقت الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وأكدت الصمادي أن سياسة ترامب المستقبلية تجاه إيران ستتمحور حول الضغط الأقصى والسعي لاتفاق جديد ينهي البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل بما يتماشى مع مطالب إسرائيل.
وأشارت إلى أن إسرائيل تشعر لأول مرة بتهديد وجودي حقيقي، وهو ما يفسر "التوحش" في عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين، مضيفة أن هذا الشعور بالتهديد انعكس على إستراتيجياتها الدفاعية التي تواجه تحديات غير مسبوقة مع تزايد قدرات محور المقاومة في المنطقة.
18/11/2024