كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بمناسبة تدشين الأنشطة والدورات الصيفية السبت 11 شوال 1445هـ – 20 أبريل 2024م:

لتحميل الملف
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم: الآية6]، صَدَقَ اللَّهُ العّلِيُّ العَظِيم.

الإنسان بفطرته يحب الخير، والسلامة، والفوز، والفلاح، لنفسه ولأسرته في المقدمة، على مستوى واقعه الاجتماعي من حوله الابتداء بأسرته، يحب الخير لنفسه ولأسرته كذلك، ويسعى عملياً لرعايتهم، والاهتمام بهم، وحمايتهم، وعلى المستوى الشعوري والوجداني: في حزنه، وفي راحته، على المستوى النفسي: في حالة الرضا، في حالة السرور، في حالة الفرح، ثم كذلك في بقية الأحوال النفسية والوجدانية للإنسان، يرتبط ارتباطاً وثيقاً على أساس هذه الصلة الأسرية مع أسرته، فهو يحزن لأحزانهم، يتألم لآلامهم، يفرح لأفراحهم، يُسَر لسرورهم، يرتبط بهم على المستوى الوجداني ارتباطاً وثيقاً، ويسعى على المستوى العملي بكل ما يستطيع، يدافع هذا الحرص، هذه الرغبة، هذه المحبة الفطرية، الوجدانية، الإنسانية، يسعى للعناية بهم، بحسب ما يستطيع، وبحسب ما يتهيأ له في هذه الحياة، ولذلك من المعروف في واقع الناس ما يبذله الكثير ممن يرى نفسه معنياً بأسرته من جهد في هذه الحياة، من كد، من عناء، من تعب، من عمل، ومن اهتمامٍ واسع من أجل أسرته والعناية بهم.

ثم لأهمية هذه المسألة، ولأن المجتمع البشري في واقعه، حياته مترابطة، وشؤونه مترابطة، تأتي هذه المسؤولية أيضاً، هذا الاهتمام كمسؤولية إنسانية، يحسُّ بها الإنسان ابتداءً في واقع أسرته، ثم كمسؤولية اجتماعية، اجتمع فيها الدافع الفطري، الذي هو دافع محبة، وإرادة نابعة من وجدان الإنسان، من رغبته، من اهتمامه النفسي، ثم كمسؤولية إنسانية يستشعرها ويلحظها في واقعه النفسي، ويندفع على أساسها، ثم كمسؤولية اجتماعية يتعاون عليها المجتمع، ويراها ضمن اهتماماته الجامعة والمشتركة، والتي يسعى للعناية بها، ويُفيد فيها كل من يمكن أن يسهم ويُفيد فيها.

ثم عندما نأتي إلى هذه الأمور ذات الأهمية الكبيرة، التي هي في فطرة الإنسان، وفي واقع حياته، وجزءاً من اهتماماته في الحياة ومن شؤونه المهمة في الحياة، فلها موقعها الديني، لها أهميتها وموقعها في دين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ لأن الدين هو دين الفطرة، وأتى منسجماً مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها؛ ولهذا تعتبر أيضاً مسؤوليةً دينية، فيأتي النداء في الآية المباركة للذين آمنوا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}، فيرى الإنسان نفسه هو مخاطب بهذه الآية المباركة، والله يناديه لأن يقي نفسه، وأن يسعى أيضاً لوقاية أهله من النار كمسؤولية دينية.

تأتي المسؤولية الدينية أيضاً ضمن نداء الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتعليماته المباركة، وهديه العظيم للإنسان، الذي يرسم للإنسان طريق الفلاح، والفوز، والسعادة، والسلامة والنجاة في الدنيا والآخرة، في حياته الأولى التي هي حياة محدودة بأجل معيَّن، وحياته الأخرى التي هي حياةٌ أبدية؛ لأن الإسلام ودين الله الحق يربي الإنسان هذه التربية، ويعلمنا على هذا الأساس: أن نتجه في اهتماماتنا، في كل شؤوننا الأساسية نحو هذه الحياة، فيما يتعلق بها وفي مرحلتها، ونحو حياتنا الأخرى، الحياه الأبدية التي نحسب حسابها، في اهتماماتنا، في آمالنا، في خوفنا، وفي رغبتنا ورجائنا، وفي غير ذلك، فتأتي هذه المسؤولية كمسؤولية أيضاً دينية، من ضمن الالتزامات الإيمانية والدينية، والمسؤوليات الدينية.

ويأتي معها أيضاً برنامجها العظيم في دين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبشكلٍ مميز، وبشكلٍ رائعٍ جداً، إلى درجة أن يكون أعلام ورواد هذا الجانب هم أنبياء الله ورسله “صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِم”، والهداة الصالحون من عباده؛ لأن جانباً أساسياً من الاهتمام بأنفسنا، والاهتمام بأسرنا، وهو ما يقود بقية المجالات، وهو المعتمد في بقية الشؤون التي يتحرك فيها الإنسان في حياته، هو: جانب المعرفة، والعلم، والهداية، الإنسان أول ما يحتاجه هو هذا الجانب: معرفة، وهداية، وعلم، يتحرك على أساسها عملياً في مختلف مجالات حياته الواسعة؛ ولهذا ترافقت الهداية والتعليم منذ بداية الوجود البشري، مع وجود الإنسان، خلق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” آدم أبا البشر، وعلَّمه الأسماء كلها، وقدَّم له الهدى، وعلَّمه التشريعات الإلهية المتعلقة به في حياته، منذ المراحل الأولى وبشكلٍ تدريجي، فأن يكون الرواد والأعلام في مسألة الهداية والمعرفة والتعليم هم أنبياء الله ورسله؛ ذلك ليكونوا حلقة وصلٍ لنا بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، مصدر الهداية، مصدر العلم والمعرفة النافعة والصحيحة والمفيدة، الذي هو العليم الحكيم، {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}[البقرة: من الآية282]؛ ولهذا ندرك أهمية وقدسية هذه المسألة، فلها عمقها وأهميتها على المستوى الإنساني، على المستوى الاجتماعي، على المستوى الديني، ونرى صلتها بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

في هذا السياق ندرك ونعي أهمية الدورات الصيفية؛ لأنها تتجه إلى جانب التربية، والتعليم، والتثقيف، الذي له كل هذه الأهمية، وكل هذه القدسية، ونعي كآباء مسؤوليتنا تجاه هذا الجانب فيما يتعلق بأبنائنا.

الدورات في الفترة الصيفية هي من جانب فرصة مهمة، لاستثمار هذه المدة الزمنية، التي هي لأشهر، لعدة أشهر متعددة، ليكون جزءاً منها بدلاً من أن يكون حالة فراغ للأبناء مع العطلة، فراغ تام، وعلى مدى أشهر طويلة، ووقت زمني طويل، لتكون فرصةً تستثمر في الاهتمام بهم، في تزكيتهم، في تعليمهم، في هدايتهم، في تربيتهم، في تنشئتهم وبنائهم، وهذه مسألة مهمة جداً؛ لأن فترة العطلة الصيفية هي فترة طويلة في الأساس، وإذا كانت بكلها مجرد عطلة وفراغ، فسيكون لها سلبياتها.

في الحالة التي تبقى حالة انفلات، وفراغ، وفوضى، ليس هناك توجيه للأنشطة، لاستثمار هذه الفترة بنفسها، بشكلٍ يفيد الأبناء، ويفيد الناشئة، ويفيد الشباب، وكانت مجرد هكذا فترة فراغ بالكامل، فلها تأثيراتها السلبية؛ لأن الإنسان يتَّجه لاستثمار هذا الفراغ، وإذا لم يتَّجه بشكلٍ مدروس، بشكلٍ صحيح، بشكلٍ مفيد، حتى في الأنشطة الترفيهية، التي ينبغي أن تكون مدروسة، وبناءة، ومفيدة، فهو يتَّجه بشكلٍ عشوائي، بشكلٍ فوضوي، وقد تكون النتيجة الكثير من الإشكالات، الكثير من الظواهر السلبية التي تنشأ في حالة الفوضى، والفراغ، والانفلات من دون برنامج عملي مدروس، واستثمار مدروس حتى للأنشطة الترفيهية؛ لتكون- كما قلنا- مفيدة وبناءة ومفيدة، فتكون بدلاً من حالة الفراغ والفوضى والانفلات، تكون فترةً يستفاد منها، بدلاً من هدر الوقت، الذي هو من أعظم وأهم النعم، والذي يتعلق أيضاً بمرحلة مهمة من عمر الإنسان: في مرحلة الطفولة، ومرحلة الشباب، ومرحلة المراهقة، مرحلة النشء هي مرحلة من أهم عمر الإنسان؛ ولذلك بدلاً من أن تهدر هذه المرحلة الذهبية في حياة الإنسان، وفي مرحلة بنائه تربوياً ومعرفياً، لا مثيل لها أبداً، بدلاً من أن تهدر وتضيع، تستثمر بشكلٍ صحيحٍ ومفيدٍ وبناءٍ؛ فتكون مرحلة لبناء الإنسان تعليمياً وتربوياً، ولاكتساب المهارات، وتوجَّه فيها أيضاً الأنشطة الترفيهية بشكلٍ مفيد.

فالاستغلال السلبي للعطلة يتحول إلى بؤرة لنشوء ظواهر سلبية، في السلوكيات، في التصرفات، في الأخلاق، في الأعمال؛ نتيجة الفراغ، نتيجةً لقرناء السوء في بعض الحالات، نتيجةً للفوضى دون توفر برنامج مدروس ومفيد، فهذه مسألة مهمة في الإسلام، الإسلام يربينا على أن نعطي الوقت قيمته، وأن ندرك أيضاً فرصة العمر، وأن نُقَدِّر كل مرحلة من مرحلة العمر، التي ستنقضي، ومنها هذه المرحلة التي تستحق أن نطلق عليها أنها مرحلة ذهبية، في مجال التربية، وفي مجال ترسيخ المفاهيم، وفي مجال التقويم السلوكي والأخلاقي، واكتساب الرشد والمعرفة، لها أهمية كبيرة جداً.

الميزة فيما يتعلق بالدورات الصيفية، كبرنامج في بلدنا، تهتم به هذه الجهات، التي تتجه على أساسٍ من الإيمان، من قيم هذا الشعب، من هويته، من مبادئه، من قيمه، من أخلاقه، لها ميزة مهمة جداً؛ لأن العنوان التعليمي والتثقيفي هو محل اهتمام عند كل البشر، في كل الدنيا، ويدخل فيه- هو أصلاً في مقدمة كل الأشياء، كل شؤون الإنسان- يدخل فيه الهدى، والضلال؛ والحق، والباطل؛ والصلاح، والفساد؛ فتستغل العملية التعليمية التوجيهية التثقيفية في مختلف أنحاء العالم، لدى كثيرٍ من الفئات ممن هي فئات ضلال، تُستغل لإضلال الإنسان، لإفساده، للانحراف به عن نهج الله وتعاليمه، للسيطرة عليه فكرياً وثقافياً؛ بغية السيطرة عليه في مسيرة حياته، واستعباده في واقع حياته، لكن الميزة عندما تكون هناك جهات تتجه على أساسٍ من الانتماء الإيماني، والتوجه الصحيح، الذي يبني الإنسان بناءً صحيحاً، ويقدِّم له المعارف الصحيحة، وأن تكون مرتبطةً بالهوية الإيمانية الصحيحة الأصيلة، فتجمع بين الأصالة والنقاء المعرفي، وتقديم هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بمفاهيمه الحقيقية، التعاليم الإلهية كما هي بشكلٍ صحيح، مع التوجه نحو بناء حضارة إسلامية راقية، مبنية على أساسٍ من تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وهدية.

شعبنا اليوم بفضل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” له مشروع، لا يعيش حالة الفراغ في المشروع، التي حالة مؤسفة، تعاني منها أكثر شعوب أمتنا، أكثر شعوب أمتنا الإسلامية ليس لديها مشروع حضاري إسلامي، هي في حالة تعطيل لهذا الجانب، تعطيل وتجميد لهذه المسألة، شعبنا له الآن مشروع، مشروع قائم على أساسٍ من هويته الإيمانية، مشروع تحرر عن التبعية لأعدائه، فيما تعاني كثير من شعوب أمتنا الإسلامية من التبعية التي تجمِّدها، تجمِّدها عن أي انطلاقة حضارية إسلامية راقية تحررية، تبنيها على أساسٍ مستقل ومتحرر، فالحالة حالة مؤسفة في كثيرٍ من الشعوب.

فالميزة لهذه الدورات في بلدنا، في نطاق نشاط هذه الجهات التي لها هذا التوجه، لها هذه الانطلاقة، هي ميزة مهمة، ميزة مهمة، في إطار مشروع حضاري إسلامي، يعتمد على التعليمات الإلهية، على المبادئ الإلهية، ينتمي للهوية الإيمانية، هذه ميزة عظيمة، وميزة مهمة، تعطي لكل شيءٍ قيمته، وفائدته، وثمرته، وإيجابيته؛ لأن نفعه في هذه الدنيا، ويمتد إلى الآخرة، ليكون متصلاً بقوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}.

لو نأتي- على سبيل المثال- لنلقي نظرة وبشكلٍ موضوعيٍ تام على واقع بعض الدول العربية، مثلاً: كما هو الحال في السعودية، قامت السعودية بتعديل مناهجها الدراسية، وجعلت الركيزة الأساسية لعملية التعديل للمناهج الدراسية، وسقف هذه العملية في التعديل للمناهج الدراسية: موضوع اليهود الصهاينة وإسرائيل، ليكون هذا هو المرتكز الأساس، بإزاحة كل الآيات القرآنية، يعني: بالرغم من قدسية وعظمة القرآن الكريم لدى كل مسلم، والتي يفترض أن تكون محل تعظيم، وتقديس، والتزام، واهتمام، وتحتل أولوية مطلقة لدى الإنسان في نشاطه التعليمي، إلَّا أنهم وصلوا لدرجة إزاحة الآيات القرآنية، التي تتكلم عن جرائم اليهود، أو تفضح اليهود، أو تكشف واقعهم للناس، وتحذِّر منهم، ومن شرهم، ومن فسادهم، لم يحترموا القرآن، احترموا اليهود الصهاينة بأكثر من احترامهم للقرآن ولكتاب الله، وبدون أي خجل يزيحون الآية القرآنية، آيةً قرآنية من المنهج الدراسي، لماذا؟ لأنها ستغضب اليهود الصهاينة، وقد تكون عائقاً أمام مسألة التطبيع، الذي يتجهون له، للعلاقة والولاء مع العدو الإسرائيلي الصهيوني.

اتجهوا أيضاً إلى أحاديث نبوية، إمَّا لإزاحتها كلياً، أو لبترها، هذا على مستوى الإزالة، تصوروا أن تزال آيات قرآنية من المناهج الدراسية، وتحذف من المناهج الدراسية، وتحذف أحاديث نبوية؛ لأن السقف الذي أصبح سقفاً لكل ما سواه هو الاسترضاء لإسرائيل! هذه كارثة، طامة كبرى بكل ما تعنيه الكلمة، وظلم رهيب للأجيال!

ليس هذا فحسب، بل البعض من الآيات القرآنية غيروا ما كانوا قد قدَّموه سابقاً لها من المعاني، أو ما كان قد قُدِّم سابقاً من حديث على ضوئها؛ لِيُغير بطرح آخر، السقف فيه والمعيار له هو: ما الذي سيرضي العدو الإسرائيلي، وما الذي سيغير نظرة جيل بأكمله، جيل بأكمله سيتعلم تلك المناهج، سَتُقَدَّم له كثقافة، وكعلوم، وكمعارف، وكعقائد، وكأسس يعتمد عليها في رؤيته، في فكره، في ثقافته، في نظرته، في مواقفه، في انطلاقته، قدَّموا ما يدجن جيلاً بأكمله للعدو الإسرائيلي، ويحوِّل نظرته للعدو الإسرائيلي الصهيوني، لتتحول إلى نظرة أنه صديق، وأن الموقف الصحيح معه هو العلاقة، هو الشراكة، هو التعاون، هو التحالف، فهو الحليف المستقبلي، كما قال زعماؤهم عن العدو الإسرائيلي: أنه الحليف المستقبلي، إلى هذه الدرجة!

أي ظلم للأجيال عندما تقدَّم لها مناهج توجَّه في العملية التعليمية لتُدجَّن لمن؟ لِتُدَجَّن للعدو الإسرائيلي، الذي نرى ما يفعله في قطاع غزة، نرى كم هي عداوته للإسلام والمسلمين، كيف حقده على المسلمين، كيف حقده على العرب! اليهود الصهاينة لديهم شعار [الموت للعرب]، هذا شعار يرددونه، يهتفون به، يكتبونه، ينطلقون على أساسه.

الإمارات كذلك فعلت كما فعلت السعودية، أصبحت مناهجها الدراسية تتحدث بِوِد، وإعجاب بالعدو الصهيوني، إعجاب بالإسرائيليين، وتربي جيلها وأطفالها على أن تكون متقبلةً للإسرائيليين كصديق وحليف وشركاء في هذه الحياة، شركاء نشترك معهم في كل شيء، هكذا يعملون، وهكذا يفعلون.

ثم هذه الموجة متجهة إلى دول عربية أخرى، تُغَيَّب منها قضايا مهمة، مفاهيم أساسية، يحتاج إليها الجيل الناشئ لبنائه، لحياته، لعزته، لكرامته، لحمايته، تُشطب وتحذف بشكلٍ كبير، وتأتي المفاهيم السلبية السيئة، المدجنة للأجيال، المميعة للشباب، لتحل محلها، لتكون هي ما يقدَّم في العملية التثقيفية التعليمية، في المناهج، في المدارس، في وسائل الإعلام، في مختلف الأنشطة التي تُقدَّم، يعني: بما ينحدر بالأمة نحو الأسفل، ويزيدها خنوعاً وتدجيناً، إلى غير ذلك، يخضعها لأعدائها؛ لأنهم أعداء، الإسرائيلي في المقابل لا يغير شيئاً في مناهجه الدراسية، في سياسته التعليمية، هي كما هي، تربي أطفالهم على العداء الشديد، ينشؤون عليها، ويستمرون عليها، في كل مراحلهم التعليمية، من الطفولة إلى الكبر، إلى الشيخوخة، وليس فقط إلى مرحلة الشباب، إلى الشيخوخة، الإسرائيلي يبقى متعلماً الحقد على المسلمين، والكره للمسلمين، والنظرة السلبية للمسلمين، ويترسخ لديه العداء الشديد للمسلمين، ويستمر ذلك منذ طفولته في المدارس، في المراحل الابتدائية، إلى مرحلة الشيخوخة، حتى يهرم ويموت على الحقد والعداء الشديد للمسلمين، والسعي لمحاربتهم، والتآمر عليهم، واستخدام كل الوسائل للسيطرة عليهم، ضمن برنامج عمل، عمل عدائي، وعمل للسيطرة والاستغلال، والاستهانة، والإهانة والإذلال لهذه الأمة.

فالميزة في بلدنا لهذه الدورات الصيفية: أنها تأتي على أساس الهوية الإيمانية لبلدنا وشعبنا، وفي إطار مشروع تحرري بكل ما تعنيه الكلمة، يجعل شعبنا وبلدنا في طليعة هذه الأمة في توجهه التحرري والاستقلالي، والخلاص من التبعية للأعداء، والتحرر من الخضوع لهم، والارتباط بهم ثقافياً أو فكرياً؛ لأن الارتباط بهم هو عملية تدجين لهم فحسب، تدجين لهم، تُدجِّن الأمة لهم.

الأساس الذي تبنى عليه الدورات الصيفية في بلدنا، في نشاطها التعليمي، والتربوي، والترفيهي، هو: التربية الإيمانية، بناءً على هذه الهوية لشعبنا، هذه الهوية التي هي شرفٌ عظيم، قال عنها رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”: ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة))، والتي هي أساس للفلاح في الدنيا والآخرة، كما أعلن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ذلك في القرآن الكريم: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}[المؤمنون: الآية1]، الفلاح في الدنيا وفي الآخرة، الأساس هو التربية الإيمانية: في الأهداف، في المنطلقات، وفي الامتداد الحضاري لها (للأهداف وللمنطلقات) وفق هدى الله تعالى وتعليماته.

تُرسم الغاية الكبرى التي رسمها الله لعباده المؤمنين، وهي: السعي نحو مرضاة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والفوز برضاه، هذه هو الغاية الكبرى لكل إنسانٍ مؤمن، والتي عندما ينطلق الإنسان على أساسها يسمو، تعظم أهدافه، تزكو نفسه، يصلح عمله، يتَّجه في أهدافه العملية على أساسٍ عظيم، ووفق منطلقات عظيمة ومهمة.

فتأتي في مقدمة الأهداف التي رسمها الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو: الحُريَّة من العبودية لغير الله تعالى؛ لأن هذا هو العنوان الأول، والهدف الأول- في نفس الوقت- للرسالة الإلهية، تحرير الإنسان من العبودية لغير الله، فلا يكون عبداً إلا لله، هذا لا يوجد إلَّا في الرسالة الإلهية، ليس هناك أي مشروع على الأرض، في أي بقعةٍ من الدنيا لتحرير الإنسان فعلاً من العبودية، إلَّا المشروع الرسالي، الذي يُعَبِّدنا لله، ويحررنا من العبودية لما سواه، من الذي يمتلك مشروعاً كهذا؟ هل الغرب الكافر، الذي يُقرُّ أصلاً في عقيدته، يتبنى في عقيدته العبودية لغير الله؟! هذه حالة موجودة في الغرب، أديانهم، معتقداتهم، ثقافتهم، تتبنى العبودية لغير الله، تعبيد الإنسان لغير الله، ثم يمارس ذلك، يربي على ذلك، ولديه كم في هذا الانحراف الكبير الذي انحرف فيه عن هذا المبدأ العظيم، الذي هو أقدس المبادئ، وأول عنوان للرسالة الإلهية. في مناهجنا التربوية والتثقيفية للدورات الصيفية، يأتي ترسيخ هذا المفهوم الذي يحرر الإنسان، لا يقبل أبداً بأن يكون عبداً إلَّا لربه وخالقه الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويتَّجه على أساس العبادة لله، الطاعة لله، الانقياد في هذه الحياة لتعليمات الله وتوجيهاته المباركة والقيمة.

يأتي كذلك في ظل هذه الأهداف المقدسة والمباركة: القيام بالدور الحضاري وفق تعليمات الله، الإنسان في مسيرة حياته، والله استخلفه في هذه الأرض، وربطه في شؤون حياته كلها: غذائه، وكسوته، وشرابه، وطعامه، ودوائه… وكل احتياجات حياته بالعمل في هذه الأرض، بالحركة على هذه الأرض، ولكن قدَّم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أرقى وأهدى التعليمات للإنسان، ليلتزم بها في مسيرة حياته في الحياة، وليكون له أهداف مقدسة، لا تتوجه هذه الأمور التي هي أمور تلقائية في الحياة لا تتوجه هي بحد ذاتها إلى أهداف؛ لأن الإنسان في مسيرة حياته لا تقف حدود حياته أثناء وجوده في هذه الدنيا؛ ولذلك لا تأتي مهامه الأساسية أن يأكل، وأن يشرب، وأن يتناكح، وانتهى الأمر، لامتداد النسل كالحيوانات الأخرى، لا يزال لديه مسؤوليات مقدسة، اهتمامات مقدسة، أعمال مقدسة، ذات أهمية كبيرة في مسيرة حياته: إقامة القسط في هذه الحياة، تجسيد القيم والأخلاق في هذه الحياة، التي تُمَيِّز هذا الإنسان، وتسمو بهذا الإنسان، وتحقق له كماله الإنساني، كماله الإنساني بتلك الأخلاق، بتلك القيم، بتلك المبادئ، بتلك التعليمات الإلهية، التي يجسِّدها ويلتزم بها في مسيرة حياته، فَتَفْرُق ما بينه وبين بقية الحيوانات، لو كانت المسألة أن يأكل فقط، وأن تكون نظرته في هذه الحياة أنه موجودٌ فيها على قاعدة: [أن يأكل ليعيش، ويعيش ليأكل]، لكان هذا هبوطاً بالقيمة الإنسانية، وهدراً للكرامة الإنسانية، ومساواةً للإنسان بأي دابة في الأرض، بأي كائن، بأي حيوان آخر.

ولذلك تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” المرتبطة بالجانب الحضاري تعليمات عظيمة، ومسؤولية المسلمين أن يقدِّموا النموذج في أوساط المجتمع البشري، كيف يتَّجهون لبناء حضارة إسلامية، تعتمد على المبادئ الإلهية، والقيم الإلهية، وتعمر الأرض، وتتجه لإقامة العادل، وتُجسِّد الأخلاق والقيم، وتضبط التصرفات والاهتمامات الإنسانية، على أساسٍ من المسؤولية الإيمانية، والأخلاقية، والقيمية، بعيداً عمَّا نراه في حالة الغرب، كيف هي حضارتهم؟ يغلب عليها الهمجية، والإجرام، الاستباحة لكل شيء، المحاولة لشطب الأخلاق من الواقع الإنساني، يحاولون أن يشطبوا القيم والأخلاق من المجتمع البشري، وصولاً إلى ما وصلوا إليه، في محاولتهم لأن تتحول مسألة الشذوذ الأخلاقي إلى مسألة مقوننة، وسلوكاً عادياً في المجتمع البشري، والبشر بكلهم يستنكرونها حتى بفطرتهم، في كل ما هو موجود لدى البشر: الفطرة، العادات والتقاليد والأخلاق، القيم، على كل المستويات، البشر ينكرون ويستنكرون ذلك المنكر الفظيع جداً، فأتى الغرب الكافر في هذه المرحلة ليحاول أن يحوِّل المسألة إلى مسألة معممة في كل المجتمعات، أصبحت داءً في أوساط مجتمعاتهم، بلاءً شنيعاً مخزياً وفاضحاً، عاراً عليهم بكل ما تعنيه الكلمة، ويحاولون أن يعمموه إلى بقية المجتمعات.

ثم أيضا يترابط مع اهتمامات الإنسان في هذه الحياة، وهو يقوم بدوره الحضاري فيها، اهتمامه أيضاً وربطه بمسيرة حياته هذا بامتدادها المستقبلي، الأبدي في الآخرة، نحن كمسلمين، كل من يؤمن بالرسالة الإلهية على مرِّ التاريخ هو يؤمن بالآخرة، بحياته الآتية، بحياته الأبدية؛ ولذلك اهتماماته محسوبٌ فيها بالدرجة الأولى ذلك المستقبل الآتي: حياتي في الآخرة، أنني سأسأل، وأُحاسب، وأُجازى، وأنني قادمٌ في عالم الآخرة، والإنسان إمَّا إلى الجنة، وإمَّا إلى النار، إمَّا إلى رحمة الله ورضونه، ومستقر رحمته، ودار كرامته، ومجاورة أنبيائه وأوليائه؛ وإمَّا إلى جهنم، مع الشياطين، مع الأبالسة، مع المجرمين والعياذ بالله، الإيمان بالآخرة عندما يترسخ في واقع الإنسان هو يساعد على استقامة حياة الإنسان في هذه الدنيا، وبها تستقيم حياته المستقبلية الأبدية في الآخرة.

فلذلك عندما نأتي إلى الأهمية الكبيرة والميزة العظيمة لهذا الجانب، في إطار هدي الله، تعليمات الله، في إطار الهوية الإيمانية، ونرى أيضاً كيف أن رواده هم رسل الله وأنبياؤه، ونرى موقعه في الرسالة الإلهية؛ ندرك الأهمية الكبيرة للدين والدنيا، وكلاهما مترابطان: الدين هو أصلاً لهذه الحياة، لاستقامة الإنسان في هذه الحياة، ولتستقيم بذلك حياته في الآخرة.

المشروع الإلهي هو مشروعٌ متكامل- كما شرحنا قبل قليل- يسمو بالإنسان، لا يركِّز فقط على مطالب واحتياجات في جانب من حياة الإنسان، ويهمل الجوانب الأخرى المتعلقة بالإنسان؛ ولهذا عندما نأتي إلى مِنَّة الله ونعمته في رسالته، وهو القائل “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الجمعة: 2-4]، ما تتضمنه هذه الآيات المباركة من هدى هو شيءٌ كثيرٌ جداً وواسعٌ ومهم، ولا يتسع الوقت للحديث عنه، لكننا نقتصر على بعضٍ من ذلك في سياق موضوعنا الذي نتحدث عنه.

الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” امتن على العرب في المقدِّمة، وعلى البشرية جميعاً، بخاتم رسله وأنبيائه، في مرحلة مهمة، هي مرحلة تعتبر نهاية التاريخ، المرحلة المتأخرة، المرحلة الأخيرة، آخر الزمن كما يُعبَّر عنه، المرحلة التي ستكتمل بها حياة البشر ووجودهم على هذه الأرض واستخلافهم، ثم تنتهي حياتهم، ويأتي بعدها يوم القيامة، ويأتي عالم الآخرة، الختام للرسل والأنبياء كان برسول الله وخاتم أنبيائه محمد بن عبد الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وختام عظيم؛ لأن المرحلة الأخيرة، والحقبة الزمنية الأخيرة من حياة المجتمع البشري، ومن الوجود الإنساني على الأرض، هي ذات أهمية كبيرة، وستكون خُلاصةً لما قبلها، خُلاصةً لما قبلها من مراحل التاريخ، منذ بداية الوجود البشري، وخلاصة مهمة، البشرية فيها طفرت طفرة كبيرة في إمكانات هذه الحياة، وسائل هذه الحياة، متطلبات هذه الحياة، وأصبح العصر في هذا الزمن- كما يقال- عصر السرعة، وزمن السرعة، كل شيء يتسارع بشكلٍ كبير، فرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” هو سيِّد الأنبياء والمرسلين، منحه الله تعالى من الكمال العظيم لأداء مهمته المقدسة ما هو في مستوى هذا الدور الكبير، لآخر مرحلة مهمة من حياة البشر؛ ولذلك منذ وجود النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ثم بعثته بالرسالة، يأتي هذا العنوان؛ لِيؤخذ بعين الاعتبار، وليلفت الله نظرنا إليه: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}[القمر: الآية1]، (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) يؤكد على اقتراب القيامة، وهذا هو من دلالات أن يكون رسول الله محمد خاتم الأنبياء والمرسلين؛ ولذلك هو فيما منحه الله من الكمال العظيم لأداء مهمته المقدسة، ثم أعطاه أيضاً أعظم كتبه (القرآن الكريم)، القرآن الكريم هو أعظم كتب الله، أجمعها، أشملها، أوسعها هدىً، ومع ذلك حفظه الله من التحريف لنصه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: الآية9]؛ ليبقى نصه محفوظاً لبقية الأجيال إلى قيام الساعة، فجعله واسع الهدايا والمعارف إلى درجة مذهلة جداً تفوق كل تصور، لدرجة أن يقول عنه: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}[لقمان: من الآية27]، هكذا إلى هذه الدرجة الرهيبة والمذهلة والتي تفوق كل تصور وكل تخيل.

والرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” تحرَّك بالرسالة الإلهية، بهدى الله، بتعليماته، بكتابه، بوحيه، لإنقاذ البشرية، لهداية البشرية، لتعليم البشرية، لتزكية البشرية، ويأتي العنوان لهذه المهمة المقدسة في قول الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}[الجمعة: من الآية2]، وبهذا تحرك رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” لأداء هذه المهمة المقدسة: لتربية، وتزكية، وتعليم، وهداية البشرية، بدءاً بهذا المجتمع العربي، الذي كان آنذاك مجتمعاً جاهلياً، العنوان لتلك المرحلة هي الجاهلية، ومجتمعاً أمياً، بدائياً، لا يمتلك ثقافةً ومعرفةً، وليس له ارتباط وصلة وثيقة بكتب الله وتعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ومجتمعاً خرافياً، انتشرت فيه الخرافات، العقائد الباطلة، التصورات الجاهلية، ومجتمعاً يعاني من انعدام العدل، من انعدام كذلك القيم العظيمة والمهمة والأساسية، التي يبنى عليها صلاح حياة المجتمع، واستقرار حياته، وسموه الإنسان، وتحقيق كماله الإنساني، كل هذا كان يفتقر إليه المجتمع.

أتى هدي الله، وفي إطار مهمة نفَّذها أكمل إنسانٍ خلقه الله، في كماله الإنساني، والإيماني، والأخلاقي، والمعرفي، وهو رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وبذلك النور والهدى بالرغم مما عاناه في المجتمع العربي بدءاً من مجتمع قريش، بدءاً مما عاناه من معاناة كبيرة من تنكر، من جحود، من كفر، من معارضة، من إعاقة، من محاربة، لكن حقق نقلةً هائلةً وكبيرةً جداً، غيَّرت ذلك المجتمع العربي آنذاك من مجتمعٍ جاهليٍ أُمِّيٍ بدائيٍ مفرقٍ مشتت، لا يمتلك الثقافة والمعرفة، ليس له ارتباط وصيلة وثيقة بكتب الله وهديه، نقلته إلى واقعٍ مختلفٍ تماماً: إلى مجتمع موحد لله، مجتمع مرتبط بهدى الله وتعليماته، ومجتمع يتصدر كل الأمم على وجه الأرض، تتساقط أمامه إمبراطوريات بأكملها، يتميز بتلك التعليمات الإلهية، بتلك المبادئ الإلهية، وبقدر ما حملها وتفاعل معها يتميز بذلك على كل أمم الأرض، التي بدت أمام ذلك النور، وأمام تلك الأمة التي بدأت اتصالها وارتباطها بذلك النور، لتبدو بقية المجتمعات هي الأكثر جهلاً وهي تمتلك تلك العقائد السخيفة، الخرافية، الباطلة، ولديها تلك العلل والآفات في حياتها، وليرى الجميع أنه لا نجاة لهم- كثيرٌ من الشعوب- إلا بهذا النور، الذي تميزت به أمة ونقلها نقلةً هائلة، من الأمية والجاهلية، إلى أن تكون أمة في مصاف في الدرجة الأولى، وتتصدر بقية الأمم من حولها.

ثم انحدرت الأمة الإسلامية من بعد وفاة الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” رويداً رويداً، بقدر ما تراجعت عن ذلك النور، عن تلك التعليمات، بقدر ما تنكرت لذلك الهدى، كانت تتراجع وتنحدر رويداً رويداً، كلما عظم التراجع؛ كلما عظم الانحدار والسقوط، صولاً إلى ما وصلت إليه في عصرنا وزمننا.

لا يُصلح هذه الأمة ولا تصلح إلَّا بما صلح به أولها، الأمية التي نرى عليها في عصرنا هذا كثيراً من نخب المجتمع، أمية أخطر من الأمية في الجاهلية الأولى، أمية خطأ كبير، وحالة مفاهيم مقلوبة بكل ما تعنيه الكلمة، تصورات خاطئة، نظرة غير حكيمة، مفاهيم غير صحيحة، الكل بحاجة إلى القرآن، بحاجة إلى هدى الله، إلى نور الله، إلى تعليماته المباركة، إلى التصحيح والتغيير لبناء نهضة صحيحة، وحضارة إسلامية تعتمد على المفاهيم القرآنية الصحيحة، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرعد: من الآية11]، لذلك لا يمكن أن نقول أن علل المسلمين فيما هم عليه من شتات وفرقة وتَخَلُّف أنها تعود إلى القرآن، أو تعود إلى الإسلام؛ بل تعود إلى جهلهم، إلى انحرافهم، إلى سوء فهمهم، إلى الدَّخَل الهائل الذي دخل في ثقافاتهم وتصوراتهم وأفكارهم؛ فغير نظرتهم إلى الدين، والحياة، والواقع، والناس، والأعداء، وكل شيء، فأوصلهم إلى ما وصلوا إليه.

تلك النقلة الهائلة التي تحققت برسول الله، من خلال نشاطه في إطار تلك المهمة المقدسة، قدَّم للأمة، قدَّم للبشرية ذلك الهدى، كان مجتمع قريش وكان العرب يلاحظون على رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بنظرتهم الجاهلية: [أين هي كنوزك؟ لماذا لا تمتلك إمكانات زراعية، أو إمكانات مالية؟ لماذا لا تمتلك بيتاً من زخرف؟ لماذا لا تمتلك بيتاً من الذهب؟ لماذا لا تمتلك كذا وكذا؟ أين هي أرصدتك المالية؟]، لكنَّه قدَّم لهم الهدى، الذي يصلح دينهم ودنياهم، يغيّر واقعهم بكله، كانت أنظارهم أن الذي يمكن أن يتغير به واقعهم هو: لو أتى إليهم نبيٌ يمتلك ذهباً كثيراً، كنوزاً ماليةً كثيرة، أو يمتلك مزارع ضخمة يطعمهم منها، ويقدِّم إليهم سلال الفواكه منها… أو غير ذلك، نظرةً ماديةً بحتة، كانوا يجهلون أن ذلك النور والهدى الذي يقدِّمه لهم هو أغلى من كل كنوز الأرض، هو الذي تصلح به حياتهم، تسمو به نفوسهم، تزكو نفوسهم، يرتقي بهم في دنياهم وآخرتهم، وفعلاً في مرحلة وجيزة تغيرت حالتهم وحياتهم تماماً، تحولوا إلى قادة عالميين، بعد أن كان الواحد منهم يقود بعيره في الصحراء، ليس له أي أهمية في هذا العالم، تحولوا إلى قادة عالميين، واجهوا إمبراطوريات، وواجهوا دولاً ظالمة، وكيانات مجرمة على هذه الأرض، وصنعوا تغييراً هائلاً في العالم، وتحولت حياتهم إلى قادة وأمراء كبار على مستوى النفوذ والتأثير العالمي. القرآن، الإسلام، الهدى، هو الذي حقق تلك النقلة، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}، عزة وحكمة، وسمو إنساني، وارتباط بالتعليمات الإلهية المقدسة، المباركة، وهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتحولوا إلى أمة تتعلم، تعطي قيمةً للعلم، أهميةً للعلم، بعد أن كانوا أمة أمية، ولكن بذلك العلم الذي أتاهم من الله، ذلك النور العظيم، تلك المعارف التي كان يقدِّمها لهم رسول الله بكل نقاء وصفاء، وإلَّا كان هناك عنوان التعليم وعنوان الكتاب لدى من يطلق عليهم أهل الكتاب (اليهود والنصارى)، لكن ما لديهم كان محرفاً، مشوباً بالأباطيل والضلال والخرافات، يشقي الناس، يضلهم، يفسدهم، ليس فيه هداية للمجتمع البشري، ولهذا عندما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لرسوله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ليكون تعليماً لكل إنسان، ولكل مسلم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق: 1-5]، لتصبح صلتنا بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” صلة في هدايته، في تعليمه، فيما يقدِّمه لنا من النور، والمعارف العظيمة، والتعليمات العظيمة والراقية، التي تصلح الحياة.

لهذا تكون الثمرة في الجيل الناشئ- إن شاء الله- أن يكون جيلاً واعياً، يمتلك الوعي، عندما ينطلق على هذا الأساس، وفقاً لهذه التوجهات، أن يكون حكيماً، راشداً، زكياً، ومؤمناً، وأن يكون حُراً عزيزاً، وأن يتَّجه عملياً، يكتسب المعرفة للعمل، جيل عملي، لا يتعلم علوماً هكذا مجرد مقروآت ومكتوبات ليس لها أثر في نفسه ولا في حياته، بل ضمن مشروع عملي، يكتسب المعارف للعمل، يتَّجه لبناء حضارة إسلامية بتوجهٍ جهادي، جيل يريد أن تكون أمته المسلمة أمةً قوية، لا تعتمد على أعدائها في قوتها وغذائها ومتطلبات حياتها الضرورية، أمةً منتجة، وأمةً قوية، تكتسب كل ما تحتاج إليه من القوة المعنوية، والمادية، والوسائل، والأسباب؛ لتواجه أعداءها، لتحمي نفسها، لتنهض بمسؤولياتها المباركة والمقدسة والعظيمة، فتتحرك في أداء مسؤولياتها العالمية، وجيلاً محصناً، جيلاً محصناً من الحرب الناعمة، كل أولياء الشيطان من فئات الضلال- على رأسهم الصهيونية العالمية- يستهدفون الناشئة والأطفال، يستهدفون المجتمع البشري بكله (كباراً وصغاراً وأطفالاً، رجالاً ونساءً) للإفساد والتمييع والتضييع، وتدمير القيم والأخلاق، وضرب المفاهيم والأفكار والثقافات، وهذا شيء معروف، حربهم الناعمة بشكل هائل جداً.

وصل بهم الحال في المجتمعات الأوروبية أنهم لم يكتفوا بما هم عليه، وما هم فيه، مما قد وصلوا إليه من الضلال والفساد، والانحلال الأخلاقي، والتضييع للقيم، والضرب حتى للمفاهيم في هذه الحياة، بل يركزون في بعض الدول الأوروبية على أطفال المسلمين، على أطفال المسلمين، ويذهبون بعد أن يعرفوا أنه ولد مولود في أسرةٍ مسلمة، مهاجرة هناك، تعيش هناك في تلك الدولة الأوروبية أو تلك، يذهبون ليأخذون الطفل من أحضان أمه إجبارياً رغماً عن أسرته، ليأخذوا الطفل على أبيه وأمه، ويأخذونه وهو لا يزال رضيعاً، أحياناً بعد أن يولد، بعد أن يعرفوا بولادته يأخذونه على أسرته، لماذا؟ لأنهم لا يريدون أن يحظى بتربية أسرته المسلمة، فيتربى على القيم، على الإسلام، على الأخلاق، يريدون أن يأخذوا من تلك المرحلة، من طفولته المبكرة، وهو لا يزال رضيعاً، لا يزال في المهد، ويقومون هم بأخذه إلى أماكن خصصوها لهذا الغرض، فيقومون بحضانته لتلك المرحلة، ثم يبدؤون هم بتسميم أفكاره، بتلقينه بضلالهم، بباطلهم، بكفرهم، كذلك بتربيته على الفساد، وصل بهم الحال أنهم يربون الأطفال في المدارس على الشذوذ الجنسي والفساد الأخلاقي، هم متخلفون عن الإنسانية، عن القيم، عن الكرامة، وهذا هو أسوأ أشكال التخلف، هم أصبحوا يعيشون حياة بهيمية وأسوأ من الحيوانات، حالة رهيبة وشنيعة.

فتلك الحالة التي يركزون فيها هناك هم يركزون على مجتمعاتنا، هم يستهدفون شبابنا وناشئتنا بكل الوسائل والأساليب في حرب ناعمة، على المستوى الفكري والثقافي، والمفاهيم، والتصورات، والمعتقدات، حرب ضروس جداً، بإمكانات ووسائل غير مسبوقة في التاريخ البشري، أمامك في هذا العصر الإنترنت، أمامك القنوات الفضائية، وسائل متنوعة، ومعها أساليب متنوعة مدروسة، درسوا أساليب كثيرة للتأثير على الناشئة، على الشباب، على الكبار، على الصغار، كلٌ في مستوى عمره (على الرجال، وعلى النساء)، فهم يستهدفون شباب الأمة الإسلامية وجيلها الناشئ بحربٍ غير مسبوقة، لا في إمكاناتها، ولا في وسائلها، ولا في أساليبها، على المستوى الثقافي والفكري، على مستوى المفاهيم، المعارف، التصورات، وعلى المستوى السلوكي والعملي والأخلاقي؛ ولذلك لابدَّ أن يكون هناك سعي لتحصين الناشئة والأطفال، يشتغلون عبر أنظمة، عبر منظمات، المنظمات تلعب دوراً في ذلك.

هذه جوانب مهمة جداً يجب أن نأخذها بعين الاعتبار، وندرك من خلال كل ما ذكرنا قيمة وميزة، وأهمية هذه الدورات.

فيما يتعلق ببعض التوصيات التي نوجهها إلى المعنيين بهذه الدورات:

– أولاً: إلى الجهات المعنية في الجانب الرسمي: نحن نؤكد عليهم أن يقدِّموا الدعم للدورات، وأن يفوا أيضاً بما يقدمونه من التزامات ووعود تجاه ذلك، وأن يبادروا إلى ذلك؛ لأن هذه الدورات لابدَّ لها من التمويل، لابدَّ لها من الاهتمام، في المتطلبات الضرورية في الحد الأقصى والأدنى يعني، الحد الضروري، الضروري بكل ما تعنيه الكلمة.

– فيما يتعلق بالمجتمع: نحن نؤكد على أهمية أن يتَّجه الآباء والأمهات بالدفع بأبنائهم، وأن يستشعروا مسؤوليتهم تجاه ذلك، وأن يتابعوا وضعهم أثناء فترة الدراسة في الدورة نفسها.

– كذلك نؤكد على أهمية التعاون بمبادرات مجتمعية بحسب القدرة، مع الدورات نفسها، المجتمع كذلك أن يسهم، أن يتعاون لدعم هذه الدورات مادياً ولإنجاحها.

– ثم نؤكد أيضاً ألَّا يكون هناك تأثُّر بالشائعات من جانب الأعداء وأبواقهم، الأعداء هم ينزعجون من هذه الدورات انزعاجاً شديداً، وعادةً تبدأ وسائلهم الإعلامية بحملات منظمة، حملات إعلامية تهاجم هذه الدورات، وهذا شيء معروف بالنسبة للجهات الموالية لأمريكا وإسرائيل، ثم لديهم أبواق في المجتمع تنشط كذلك للتحذير، امتداداً لنشاطهم.

– نؤكد على أهمية الحضور والتشجيع لهذه الدورات، ولمنتسبيها من الشباب والنشء، أن يحضر المجتمع في الفعاليات، في المناسبات، في الأمسيات؛ لأن في هذا تحفيز وتشجيع؛ لأن هناك عادةً في الدورات الصيفية أمسيات أسبوعية، مناسبات كذلك، فمهم حضور المجتمع للتشجيع والتحفيز والمشاركة.

– أيضاً الزيارات، الزيارات من العلماء، ومن الشخصيات والوجهات، وكل من يستطيع أن يساهم في هذا الجانب ويفيد؛ للتشجيع، والتحفيز، والنصح… وغير ذلك.

– كذلك نؤكد على أصحاب القدرات التثقيفية والتعليمية، والمعلمين، والعاملين في المدارس أيضاً أن يساهموا في الدورات، بما وهبهم الله من قدرة تعليمية، بما يمتلكونه من علم ومعرفة، أن يتجهوا إلى هذا الجيل الذي هو جدير بالاهتمام به، هذا الجيل الناشئ هو ذخر هذا المجتمع، هو مستقبل هذا البلد، وهو جديرٌ من الجميع بالاهتمام، بالعناية بالاهتمام في تربيته وتعليمه، وتنشئته نشأةً إيمانية بالمفهوم العظيم، والهوية الإيمانية العظيمة.

– كذلك الذين ينطلقون: البعض ينطلق للتعليم، للمساهمة في ذلك، أن يكونوا متقنين في عملهم، يحرص على أداء مهمته في التعليم بشكلٍ راقٍ، يحرص على أن يقدِّم ما ينفع، على أن يبذل جهده؛ ليكون مفيداً، وجاداً، ومهتماً في مسألة التدريس، فيكون عندهم اهتمام بالتحضير، أسلوبهم في التعليم، الاهتمام، الاستمرار أيضاً، البعض يساهم أسبوع، أسبوعين، ثم يذهب ولا يستمر، فيحتاج إلى مواصلة واستمرارية. كذلك التجسيد للقدوة الحسنة في التعامل مع الطلاب، في الالتزام الديني والعملي؛ لأن لهذا أهمية كبيرة في التعليم، والتأثير العميق في النفوس، وهذا شيء مهم.

– بالنسبة للطلاب كذلك: نوصيهم باستشعار الفرصة، وبأهمية أن يدركوا أهمية الإقبال على هذه البرامج الإيمانية، نؤكد عليهم بالاهتمام المستمر أثناء الدورات، والحرص على الاستفادة في كل الجوانب العلمية والتربوية، فهم محور عملية التعليم، بقية الأشياء هي مساعدة لهم على ذلك.

– نؤكد أيضاً على الإخوة في المجال الإعلامي: أن يشجعوا هذه الدورات، أن يهتموا بها، التفاعل مع الدورات وإبراز أهميتها، التغطية للبرامج والفعاليات بما يناسب هذا شيءٌ مهم.

كذلك نؤكد على الإخوة المعنيين بإدارة هذه الدورات، في الإدارة العامة وفروعها:

أولاً: بالاهتمام بالتأكد من جهوزية المدارس لبدء الدورات، المواكبة منذ البداية؛ لأنه يحصل أحياناً مهادنة؛ فيتعطل هذا النشاط في مناطق أو في أماكن؛ لأنه لم يكن هناك اهتمام منذ البداية.

كذلك التفقد للدورات؛ لمعرفة سير البرامج، ولتلافي الخلل والإشكالات التي تحصل، في الوقت المبكر والمناسب.

هذه جوانب مهمة؛ نأمل الملاحظة لها، والاهتمام بها.

نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّج عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: بکل ما تعنیه الکلمة الهویة الإیمانیة الیهود الصهاینة الدورات الصیفیة المجتمع البشری القرآن الکریم فی هذه الحیاة تعلیمات الله على المستوى أهمیة کبیرة هذه الدورات من العبودیة فی المجتمع ع ل ى آل ه فیما یتعلق الإنسان فی هذا الجانب فی المدارس ذلک النور فی الآخرة میزة مهمة هذه الأرض فی الحیاة رسول الله على مستوى ت ع ال ى س ب ح ان ه على أساس فی مرحلة هدى الله فی حیاته فی بلدنا نؤکد على ص ل و ات فی إطار فی واقع أن تکون غیر ذلک التی هی هذا شیء الذی هو على هذه أن یکون لا یزال فی حالة ه الله ذلک فی لیس له الذی ی کل شیء التی ت بعد أن ات الل ى الله لها من هذا هو على أن فی هذا

إقرأ أيضاً:

المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي (نص + فيديو)

المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي 09 رمضان 1446هـ 09 مارس 2025م

???? المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي 09 رمضان 1446هـ 09 مارس 2025م#ويزكيهم pic.twitter.com/8PMBf011AC

— قناة المسيرة (@TvAlmasirah) March 9, 2025

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

قبل أن ندخل في موضوع المحاضرة، لنا وقفةٌ تجاه ما يجري هذه الأيام في سوريا.

حيث تقوم الجماعات التكفيرية بارتكاب جرائم إبادةٍ جماعية، للمئات من المواطنين السوريين المدنيين، المسالمين، العُزَّل من السلاح، وتوثِّق تلك الجماعات التكفيرية- هي بنفسها- جرائمها بالفيديوهات، وتقوم بنشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، وتتباهى بذلك، ويظهر في نفس الفيديوهات، التي تقوم تلك الجماعات بنشرها، كيف أنها تقوم بكل وحشية وإجرام بقتل المواطنين- كما قلنا- المسالمين، العُزَّل من السلاح، البعض يخرجونهم من منازلهم ويقومون بإعدامهم، والبعض في الشوارع (في المدن، وفي الريف).

ما يرتكبونه من إجرامٍ هو مدان، ويجب أن يستنكره الجميع، وأن يسعى كل من بقي له ضميرٌ إنسانيٌ لوقف تلك الجرائم.

هو يكشف أيضاً إصرارهم على الاستمرار في المسلك الإجرامي الوحشي، بقتل الأبرياء، والمدنيين، والمسالمين، بأفظع أشكال القتل والإبادة.

ويشاركهم في المسؤولية عن تلك الجرائم رُعاتهم، الداعمون لهُمْ بالمال، والدعم السياسي، والدعم العسكري، ولـذلك عواقبه السيئة عليهم جميعاً؛ لأنهم يعتبرون أنهم قد أمَّنُوا نفسهم لدى أمريكا ولدى أوروبا، وبالتالي يطلقون لهم اليد ليفعلوا ما يشاءون ويريدون، نسوا الله، نسوا الله، نسوا أنه يعاقب، وأنه يؤاخذ، وأنه يجازي، وأن للإسراف في دماء الأبرياء عواقب وخيمة ومؤكدة.

هم يقدِّمون بجرائمهم تلك، وعدوانيتهم، تجاه فئة واسعة من أبناء الشعب السوري، واستهدافهم للمسالمين، العُزَّل من السلاح، المواطنين العاديين، هم يقدِّمون خدمةً كبيرةً للعدو الإسرائيلي، وللأمريكي؛ بتمزيق النسيج الاجتماعي السوري، وبالتوحش والإجرام تجاه أبناء الشعب السوري؛ لأن ما يسعى له الأمريكي والإسرائيلي، أن يُقدِّم كلٌ منهما نفسه كمنقذ وحامٍ للشعب السوري، في مقابل الاحتلال.

فالإسرائيلي أعلن حمايته للدروز في (السويداء)، وفعلاً لأنه قد أعلن ذلك؛ لم تجرؤ تلك الجماعات التكفيرية على أن تَمَسَّهُم بسوء، بل هي تحترمهم، وتتفاهم معهم، وتتعامل بتواضع كبير معهم، لماذا؟ لأن الإسرائيلي قد أعلن حمايته لهم، وهدد إن مَسُّوهُم بسوء.

والأمريكي كذلك يُقدِّم نفسه كحامٍ للأكراد، في المناطق التي هم فيها، وَيُسَلِّحهم، ويُجنِّدهم؛ وبالتالي عندما يتعرضون لأي هجوم يقاتلون بشراسة، وفي موقع الاستناد والاحتماء بالأمريكي.

ولذلك يرى البقية أنفسهم- من أبناء الشعب السوري- مستهدفين؛ لأنهم ليسوا في حماية الأمريكي كحال الأكراد، ولا في حماية الإسرائيلي كحال الدروز، فيرون أنفسهم يُستباحون ويُقتلون بكل دمٍ بارد، بكل بساطة، وليس هناك من حتى يعترض، أو ينتقد في العالم العربي والإسلامي، الكل يتفرج، وليس هناك موقف تجاه ذلك، يرون أنفسهم في حالةٍ من الاستباحة التامة، لماذا؟ لأنهم ليسوا في حماية الأمريكي، ولا في حماية الإسرائيلي.

ولـذلك يتضح أن تلك الوحشية، وذلك الإجرام، لتلك الجماعات التكفيرية، هي هندسة أمريكية إسرائيلية صهيونية يهودية، هم من فرَّخوهم، وأنشأوهم، وأعدُّوهم لذلك الدور، قاموا بإعدادهم ليكونوا بذلك المستوى من الوحشية والإجرام والعدوانية تجاه المسالمين، تجاه العُزَّل من السلاح، تجاه الذين لا يقاتلون، من ليس لديهم أي تحرك عسكري، مع ذلك يقومون بإبادتهم، وقتل الأطفال، والنساء، والكبار، والصغار، والإبادة الجماعية، لماذا؟ هي هندسة أمريكية إسرائيلية تخدم الأهداف اليهودية الصهيونية:

أولاً: في تشويه الإسلام، تلك الجماعات تُقدِّم نفسها على أنها جماعات متدينة وجهادية، ثم تتَّجه بكل وحشية وإجرام لقتل الأبرياء المسالمين، العُزَّل من السلاح.
وتفكيك الشعوب من الداخل، وتمزيق نسيجها الاجتماعي.
وكذلك تقديم الأعداء كحماة ومنقذين؛ لأجل القبول باحتلالهم، لأجل القبول باحتلالهم.
ولذلك نرى- بشكلٍ واضح- أن تلك الجماعات التكفيرية، من بعد سيطرتها على سوريا، لم تُطلق ولا رصاصةً واحدة ضد العدو الإسرائيلي، ولا رصاصة واحدة، بالرغم من اجتياحه لجنوب سوريا، في ثلاث محافظات سورية، وبالرغم من احتلاله لمناطق شاسعة، وغاراته المستمرة التي يُدَمِّر بها مقدرات سوريا، التي هي للشعب السوري؛ ومع ذلك هي لا تقوم بأي ردة فعل، بل إنها عَمَّمَت على وسائلها الإعلامية وناشطيها الإعلاميين، بألَّا يستخدموا مفردة (العدو) في توصيف العدو الإسرائيلي، ألَّا يقولوا: (العدو الإسرائيلي)، إلى هذه الدرجة حتى تسميته بالعدو، ما بالك بأي موقف عملي! بينما هي تتعامل بكل وحشية، وعدوانية، وإجرام، ضد المدنيين المسالمين، العُزَّل من السلاح، وتقوم بإبادتهم إبادة جماعية، وتعرض جرائمها وكأنها بطولات، بطولات، ويتفاخرون بها، ويتباهون بها!

ولـذلك ما يحصل هو مؤسفٌ جدًّا، والعرب ساكتون، والعالم الإسلامي ساكت، لماذا؟ ليكون من يتحدث فقط هو الإسرائيلي والأمريكي، كما قلنا: من أجل أن يُقَدَّم الأمريكي والأوروبي، وتُقدِّم إسرائيل نفسها، العدو الإسرائيلي يُقدِّم نفسه، أنهم هم الحماة للشعوب.

ما يحدث فيه درسٌ كبيرٌ- أيضاً- لكل شعوب أمتنا، عن حقيقة تلك الجماعات، عن إجرامها، والإسلام بريءٌ من إجرامها ووحشيتها، الإسلام بريء، الجهاد في سبيل الله هو عنوانٌ مقدّس، بريءٌ من جرائمها، ليست لا مجاهدة، لو كانت تجاهد لواجهت العدو الإسرائيلي، وليست متدينة، بل هي مجرمة، تدين بالباطل وليس بالهدى والحق، وعدوانيتها واضحة.

من يشك أو يشكك في كلامنا، فليشاهد بنفسه تلك الجرائم، التي وثَّقتها تلك الجماعات بنفسها، وتنشرها بنفسها، وتتباهى بها، وتتفاخر بها، بالرغم من أن رعاتها الإقليميين، الذين يُقدِّمون لها الدعم المادي، يحاولون أن يُقدِّموا في وسائلهم الإعلامية صورة مغايرة، ويحاولون أن يصوروا تلك الجماعات أنها دولة، وأنها أمن، وأنها جيش… وغير ذلك، ولكن الأمور واضحة تماماً، وما يحدث في هذه الأيام فظيعٌ جدًّا، السكوت عنه جريمة، السكوت عنه يتنافى مع المسؤوليات الدينية والإنسانية، وما يحدث خطير، وعواقبه خطيرة على تلك الجماعات، وعلى رُعَاتِهم، في العقوبة من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ودرسٌ مهمٌ جدًّا لشعوبنا.

ندخل إلى موضوع المحاضرة.

كُنَّا تحدثنا بالأمس على ضوء قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في قصة نبيه، ورسوله، وخليله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}[الأنعام:80].

في الآية المبارَكة تحدثنا عن جملةٍ من العناوين، كان من ضمنها: أهمية أن يكون المستند للإنسان في دينه ومعتقده هو هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأن يكون حريصاً، يتأكد من أنه يتَّجه في طريق الهدى، يعرف كيف هي سنة الله في الهداية، وطريق الهدى، وهل هو يسير في طريق الهدى، وهذه مسألة مهمة للإنسان.

ثم أيضاً عندما يتوفق للسير في طريق الهداية، أن يكون مُعتزّاً بانتمائه إلى هدى الله، بسيره في طريق هدى الله، أن يدرك أن ذلك نعمة عظيمة عليه، وشيءٌ عظيمٌ جدًّا يعتز به، يحافظ عليه، يحرص عليه، يسعى ويحرص للاستقامة عليه، أن يكون مستقيماً على هدى الله، وهذه مسألة مهمة جدًّا؛ فالإنسان الذي لا يُقدِّر نعمة الهدى قد يستبدل به: إمَّا شيئاً من الدنيا، فيكون ممن يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، أو شيئاً من دعاوى الضلال، التي ينخدع بها، يغْتَرُّ بها، ويَتَّجِهُ إليها، وهذه مسألة خطيرة؛ لأن الإنسان حينما يضِلُّ بعد الهدى، ويزيغ قلبه بعد أن كان في طريق الحق، هذا هو من أخطر أنواع الضلال، وأشد أنواع الضلال على الإنسان؛ قد يُخْذل، الإنسان عندما يزيغ قلبه عن الحق، بعد أن وُفِّق للسير في طريق الحق، ويضلّ عن طريق الهدى، فالضلال بعد الهدى خطيرٌ جدًّا على الإنسان، قد يؤدي إلى أن يُخذل، ثم لا يتوفق أبداً للعودة إلى طريق الهداية.

تحدثنا فيما يتعلق بمسألة الخوف، فيما ورد في الآية المباركة، في قوله: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنعام:81]، تحدثنا عن أهمية هذه المقارنة، وعن حاجتنا إليها في هذا الزمن بشكلٍ كبير جدًّا، حيث معظم المسلمين مُكَبَّلون بالخوف من غير الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، مكبَّلون بالخوف من أمريكا، من إسرائيل، من طغاتهم وجبابرتهم الذين يوالون أمريكا وإسرائيل، هذه المقارنة هي مهمة في تحرير الإنسان من المخاوف الأخرى، أن يعرف ما يجب أن يكون خائفاً منه، حينما يكون في ما هو عليه، حينما يكون مذنباً، متحملاً للوزر الكبير، في محل المؤاخذة، بالعقوبة الإلهية التي هي أشد مما بيد الناس كلهم، حينما يكون خصمه هو الله، حينما يكون في مشكلة مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

ونبَّهنا في سياق ذلك على ضوء قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، كذلك من خلال هذه المقارنة، وأنك عندما تخاف من عذاب الله، فتتَّجه فيما يرضيه لتأمن من عذابه، قد يقيك هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” من ضُرِّ الآخرين ومن شرهم؛ أمَّا الله فلا أحد يستطيع أن ينقذك منه، أو أن يَقِيَك من عذابه وبأسه، لا يستطيع أحد، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ}، {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ}[يس:23]، فليس هناك من يستطيع أن يُخلِّصك، أو يُنقذك، أو أن يدفع عنك بأس الله، وعذاب الله.

طريق الأمن وطريق الهداية، كما قال عنها نبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام:82]، هذا هو طريق الأمن للإنسان وطريق الهداية: الذي يؤمن إيماناً صحيحاً صادقًا، الإيمان بعناوينه الكاملة بمصداقية، وعناوينه الكاملة هي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والاستقامة على أساس ذلك، فالإنسان إذا اتَّجه هذا الاتِّجاه، بالإيمان الصادق الكامل، اتَّجه في طريق الهدى ولم يلبس إيمانه بظلم، بل كان إيماناً صافياً من الشوائب، يتَّجه ليصفِّي مسيرته العملية والتزامه العملي من الشوائب، شوائب الظلم، والظلم هو عنوانٌ واسع، هو عنوانٌ يشمل كل أنواع التعدي لحدود الله، كل أنواع التعدي لحدود الله:

في معاملتك مع الناس، لا تظلمهم، لا تتجاوز الحق في تعاملك معهم، أي تجاوز للحق في تعاملك معهم، في أي نوعٍ من أنواع المعاملة، هو ظلم، التجاوز للحق هو ظلم، فيما تأخذه عليهم من حقوقهم، فيما تسيء به إليهم بغير حق، فيما تعتدي به عليهم… في أي شكلٍ من أشكال تجاوز الحق، والتعدي لحدود الله التي رسمها في التعامل مع الناس.
وهكذا في علاقتك بالله، فيما يتعلق ببقية الالتزامات الإيمانية، ألَّا تتجاوز فيها حدود الله، لا تتعدى فيها حدود الله، التعدي هو ظلمٌ، يعتبر من الظلم.
هذه المسألة هي مهمة أيضاً، مهمةٌ جدًّا للإنسان في انطلاقته الإيمانية والجهادية في سبيل الله تعالى: أن يحرص على أن يكون بعيداً من الظلم في كل أشكاله، في تعامله مع الناس، في كل أنواع التعامل، أن يكون حريصاً جدًّا- هذا من الإيمان- حريصاً جدًّا ألَّا يقع في الظلم، ألَّا يتورط في الظلم؛ لأن هذا يُحبط عملك، وفي نفس الوقت تفقد القيمة الإيمانية، لا يبقى لانتمائك الإيماني قيمة، ولا يبقى سبباً لنجاتك، ولا يبقى قُربةً لك إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، لماذا؟ لأنك أحبطته بالظلم، بالتعدي لحدود الله، والإنسان في انطلاقته الإيمانية الجهادية، إذا لم يكن مرسِّخاً في نفسه لذلك، فقد يستهتر بهذه المسألة، البعض من الناس يستهترون، وفي المسيرة الإيمانية لأُمَّةٍ مؤمنةٍ مجاهدة يُمكِّنها الله، تعتبر المسؤولية كبيرة جدًّا، ويجب ترسيخ هذا المفهوم بشكلٍ كبير: ضرورة الحذر من الظلم، من أن تشوب إيمانك، تشوب جهادك، بالظلم للآخرين؛ لأن هذا- فعلاً- يفقدك القيمة الإيمانية لانتمائك الإيماني، لا يبقى له أي إيجابية، ولا قيمة، ولا يبقى يمثِّل قربةً إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

الحالة الخطيرة على الناس هي في: الأطماع، والطغيان، كل أشكال الطغيان، لاسيَّما في مراحل التمكين؛ ولـذلك نجد أن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يخاطب نبيه محمداً “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” بقوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا}[هود:112]، يكون الناس مُعَرَّضون للطغيان في مراحل التمكين، البعض- فعلاً- حينما يتمكن يطغى، حينما يصبح له نفوذ، قدرة، قوة، إمكانية، يرى أنه يستند فيما يفعل إلى قدرة عسكرية، أو إمكانية، أو نفوذ، أو وجاهة اجتماعية… أو غير ذلك، يطغى فيظلم، يتجرأ على الظلم، ينسى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبذلك يُبْطِل أعماله، جهاده، إيمانه، فهو في حال ما هو عليه من ظُلم هو مُعَرَّض للمؤاخذة الإلهية، هو مهددٌ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ينطبق عليه الوعيد الإلهي، والله سيعذبه، لا أمان له من عذاب الله، لا أمان له من عذاب الله، وعلى الإنسان المؤمن أن يراجع نفسه، أن يُقيِّم نفسه؛ لأن البعض من الناس إمَّا بدافع الأطماع- وهي خطيرةٌ جدًّا على الناس- قد يطمع في أراضي الناس، في أملاكهم، فبدافع الطمع يستند إلى نفوذه، إلى قدرته، إلى إمكانياته؛ فيطغى ويظلم، يظلم الآخرين، ويتكبر، يجمع بين التكبر، يكون متكبراً، ظالماً، طاغية، ولو أنه يبقى في انتسابه انتساباً إيمانياً وجهادياً، لكن لا يمكن للإنسان أن يخادع الله؛ فبالتالي هو مُعَرَّض لأنواع من المؤاخذة الإلهية: قد يُخْذَل، فلا يتوفق أبداً في بقية حياته، تأتيه عقوبات متنوعة، والله يعاقب ويؤاخذ، مهما اغتر المتكبرون والطغاة، الذين ينحرفون إلى طريق الطغيان عن طريق الإيمان.

لـذلك على الإنسان أن يحرص على أن يحافظ على إيمانه من الشوائب، شوائب التعدي لحدود الله، ثمرة الإيمان هي: الاستقامة، والعمل الصالح، وأهمية أن يسعى الإنسان لتنقية إيمانه باستمرار من الشوائب مسألةٌ مهمةُ جدًّا.

الإنسان حتى في اطمئنانه فيما هو عليه، فيما بينه وبين الله، هذا مهمٌ له، يشعر بالأمن، بالاطمئنان؛ لأن الإنسان محتاجٌ إلى الله، محتاجٌ إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، البعض قد ينسى هذه الحقيقة في فترة التمكين، ولكن عندما تأتيه المؤاخذة الإلهية يقهره الله، ويُذِلُّه الله، كما أَذَلَّ غيره من الجبابرة؛ لأن البعض ينسى حتى أخذ الدروس من حال الآخرين، من حال الآخرين.

ولـذلك كثيراً ما نقول لإخوتنا في مسيرتنا القرآنية: لا ترثوا الظلم من الظالمين، لا تقتدوا بهم، يحذر الإنسان لا يتحول إلى بلطجي، يسطو على أراضي الناس، على أملاكهم؛ لأنه يريد أن يقتدي بضابطٍ كان مجرماً من المجرمين، كان طاغيةً من الطغاة، هذه مسألة خطيرة على الإنسان، الله سَيُذِلُّك كما أذلَّهُ، مهما اغتررت بنفسك، ليس لك حصانة عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

الأسماء، والعناوين، والأنساب… وكل شيءٍ مما قد يَغْتَرُّ به الإنسان، لا يعطي الإنسان حصانةً بينه وبين الله، حينما يظلم هو معرَّضٌ للمؤاخذة والعقوبة الإلهية، ولا أمان له من عذاب الله؛ لـذلك الإنسان هو بحاجة إلى الله، بحاجة إلى أن يُنَقِّي إيمانه من الظلم، فلا يتحول إلى ظالم، غشوم، معتدٍ، متكبر، وأن يسعى لحماية إيمانه، أنت بحاجة إلى الله، وإلَّا إذا أصررت على غرورك وتكبرك سترى، سترى كيف يؤاخذك الله، ويأخذك أخذ عزيزٍ مقتدر، كما أخذ غيرك، ممن يَغْتَرُّوا كما أنت مغتر، وتجاهلوا كما أنت متجاهل.

يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}[الأنعام:83]، (وَتِلْكَ): هذه البراهين التي عرضها نبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ” على قومه، عرضها عليهم، وهي حجج دامغة، تُزهق باطلهم، تُفَنِّد ما يحاولون أن يستندوا إليه من الشُّبَه والزخارف، زخارف القول، وهذا الهدى، هذه الحجة المقنعة، القوية، التي يقدِّم من خلالها لهم الحق بطريقة مقنعة، مُزهقةٍ للباطل، هذا هو من هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الله “جَلَّ شَأنُهُ” حينما قال: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}[الأنعام:75]، كان مما أراه الله من الآيات، ما يزيده نوراً، ويعطيه حُجَّةً، ويَدُلُّه أيضاً على وسائل مقنعة ومفيدة ومؤثِّرة: وسيلة لمحاججة قومه، وسيلة لهدايتهم، وسيلة للوصول بهم إلى الحقيقة، براهين ليعرضها عليهم، هذا هو من عطاء الله، من هدايته، جزءٌ مهمٌ من هداية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: أن يمنحك مع الحقِّ الحُجَّة الدامغة، التي تستند إليها في تقديمك لهذا الحق إلى الآخرين، هو جزءٌ من رعاية الله وهدايته.

أيضاً من ثمرة اليقين، والوعي الراسخ: أن يمتلك الإنسان المؤمن المهتدي بهدى الله الحُجَّة النيِّرة، والمُفحمة، والمقنعة، وأن يمتلك قوة التقديم للحق، مع الحرص على هداية الآخرين، والثبات على الثوابت بنفسها؛ لأن المسألة ليست مسألة أنه يسعى لقهرهم، أو لتحطيمهم؛ بل يسعى لتحطيم فكرة الباطل، فكرة الشرك، في أنفسهم، وإنقاذهم منها، وإيصال الحقيقة النيِّرة إليهم؛ لتكون واضحةً لهم، وهذه مسألة مهمة جدًّا.

قوله تعالى: {وَتِلْكَ}، تشير إلى أن المقام من أوله هو مقام عرض براهين وسعي لهدايتهم؛ ولهـذا نجد أنه انتقل ما بعد العرض نفسه، العرض التأملي في مسألة (الكوكب، والقمر، والشمس)، انتقل معهم في النقاش إلى الحديث عن الله بشكل مباشر، بشكل مباشر، يعني: ليس إنساناً جاهلاً بالله، ومتخبطاً يبحث له عن إله، لا، هو قدَّم ذلك العرض التأملي في صورة البحث عن الحقيقة، وعلى الفور انتقل هو وأياهم في الحديث عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ}[الأنعام:80]، والحديث عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عن أن طريق الأمن هي في الإيمان به، وغير ذلك.

{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ}[الأنعام:83]، من هدى الله: أن تملك أنت عندما تسير على هدى الله قُدرةً في الاحتجاج على الآخرين، في الحديث مع الآخرين وتبيين الحق لهم، في الدعوة للآخرين إلى هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

الحجة، والبرهان، والدليل، هذا ما يعتبر مستنداً للحق، ودليلاً عليه، وأن ذلك الذي تُقدِّمه هو حقٌّ من الله، هذه قضية أساسية تحدثنا عنها، فأن تمتلك الحجة، أن تمتلك أيضاً الوعي والمعرفة، والقدرة على تقديم الحق بما يزهق الباطل، هذا هو سلاحٌ مهمٌ في مواجهة الضلال والباطل، ووسيلةٌ أساسية في السعي لهداية الناس، وإنقاذهم من الضلال والباطل.

ولـذلك فالإنسان المؤمن، المهتدي بهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ينبغي أن يكون حريصاً في معرفته بالحق، أن يمتلك الحُجَّة، الدليل، البرهان، وأن يمتلك القدرة أيضاً على تقديم الحق، ولاسيَّما من يتحرك في إطار مسؤوليات في هداية الناس، كأنشطة تعليمية، تثقيفية، إعلامية، إرشادية، هذا يتطلب أن يكون لدى الإنسان وعيٌ راسخ، وإيمانٌ صادق، يستوعب في هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الحُجَّة، الدليل، البرهان، ويستوعب الحق بنفسه، ويمتلك القدرة على التقديم الواضح، البيِّن، الذي يُزهق الباطل من نفوس الناس؛ لأن بإزهاق الباطل من نفوس الناس، الإزهاق له من واقع الحياة.

والباطل- كما قلنا- له امتداد في حياة الناس بشكل جرائم، مظالم، مفاسد، ليس مسألة تبقى في أفكار الناس محبوسةً في أذهانهم، أو حبيساً في دفاترهم وكتبهم، أو يبقى في نطاق محدود كطقوس معيَّنة؛ ينزل إلى واقع الحياة، انظروا إلى تلك الجماعات التكفيرية، بوحشيتها وإجرامها تجاه الشعب السوري، بِذُلِّها وخنوعها المخزي جدًّا، المعيب، تجاه الإسرائيلي، هذا شكل من أشكال الضلال، يتجلى في الواقع، في السلوك، يتحول الإنسان إلى بطل، شجاع، إذا كان أمامه إنسان أعزل من السلاح، مواطن عادي، لا يتَّجه لقتاله، لا يمتلك إرادةً في القتال؛ فيقتله بكل وحشية، ويتباهى بذلك، ويتفننون في قتل الناس بشكل بشع جدًّا؛ أمام العدو الحقيقي الفعلي للإسلام والمسلمين، والكافر الحقيقي الإسرائيلي، يظهرون أذلاء، متواضعين، خانعين، لا يجرؤون حتى على وصفه بالعدو، هذا شكلٌ من أشكال الضلال والباطل.

في هذا الزمن هناك حملات رهيبة جدًّا من أعداء الإسلام والمسلمين، يُنظِّم اليهود حملة، بكل الفئات التي تخدمهم، بكل التشكيلات الموالية لهم، من كل فئات أهل الضلال والباطل؛ لأن اليهود هكذا يشتغلون، يعني: لهم أعوانٌ كثر، هم أكثر نفيراً في هذا العصر، نَفِيراً: معهم موالون كُثر، وأصوات كثيرة، وكثيرٌ من الفئات التي تخدمهم تتحرك بأسماء وعناوين متنوعة: البعض منها باسم الإسلام، البعض منها في اتجاهات أخرى، وتحت عناوين أخرى؛ لكنها تتحرك في حملات رهيبة؛ للإضلال، للإضلال، كما حذَّر الله منهم في القرآن الكريم: أنهم يعملون على إضلال الناس، ويودُّون لو يُضِلُّونكم، وأنهم يريدون أن تَضِلُّوا السبيل، كم في القرآن الكريم من تحذير وتنبيه: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}[النساء:44]، {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ}[آل عمران:69]، {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران:100]، هناك حملات رهيبة ووسائل، وسائل في هذا العصر:

الإنترنت وسيلة تصل إلى الكثير من الناس وتؤثِّر عليهم.
القنوات الفضائية وسيلة تصل إلى الكثير من الناس وتؤثِّر عليهم.
ولـذلك من واجب المنتمين إلى الحق بصدق، والمهتدين بهدى الله، أن يدركوا أن جزءاً مهماً وأساسياً من جهادهم، هو: في تقديم هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأن يستوعبوا هدى الله، يستوعبوا فيه الحُجَّة، الدليل، البرهان، الذي يُفَنِّد الباطل، يكشف زيف الضلال، الذي يُزهق الباطل من نفوس الناس، وأن يمتلكوا القدرة على التقديم لهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هذه مسألة مهمة جدًّا.

وفي نفس الوقت، من لا يمتلك القدرة على تقديم هدى الله، ولا يمتلك الحُجَّة، ولا يستوعبها، عليه أن يكون حذراً من التَّطَفُّل في مقامات لا ينبغي أن يَتَطَفَّل فيها.

مثلاً: البعض قد يشارك في نقاشات في الإنترنت، لكنه هو- في نفسه- ليس بالمستوى الذي قد استوعب هدى الله، استوعب الحُجَّة، استوعب الدليل، البرهان، فتكون أطروحاته ضعيفة وركيكة، ويتأثر من شُبه الآخرين؛ لأنها شُبه أقوى مما يقدمه هو؛ لضعفه، لضعف وعيه، لنقص وعيه، لنقص معرفته، هذا هو أسلوبٌ خاطئ، عندما يتطفل الإنسان، وهو لا يمتلك الحُجَّة، وهو ضعيف، عنده قناعة مبدئية، جيد، لكن لا يتفضول، لا يتطفَّل، يترك المسألة إلى الآخرين، من يقدرون على أن يقوموا بهذا الدور بشكل صحيح.

البعض قد يشارك في برامج تلفزيونية، أو يتصل ببرنامج حواري، ويشارك فيه بضعف، وكذلك هذا أسلوب خاطئ، من لا يمتلك الخلفية اللازمة، فالمفترض به أن يكتفي بمقاطعة وسائل الضلال، ومنابر الضلال، دعاة الضلال، كما نبَّهنا على ذلك في المحاضرات الماضية، على ضوء قول الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}[الأنعام:68].

يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}[الأنعام: 83].

نكتفي بهذا المقدار، ونكمل- إن شاء الله- ما بقي في المحاضرة القادمة.

نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

مقالات مشابهة

  • في محاضرته الرمضانية التاسعة.. قائد الثورة: من ثمرة اليقين أن يمتلك المؤمن الحُجّة المقنعة والحرص على هداية الآخرين
  • المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي (نص + فيديو)
  • (نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد القائد 1446هـ
  • تدشين توزيع 5 آلاف سلة غذائية للأسر الأشد فقرا في بني الحارث
  • علي جمعة: ملك السيئات لا يسجل الذنب إلا بعد ست ساعات «فيديو»
  • فيديو كلمة الشرع من المسجد حول الأحداث في سوريا
  • (نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية الثامنة للسيد القائد 1446هـ
  • في محاضرته الرمضانية السابعة: قائد الثورة: نحن بحاجة دائمة إلى رعاية الله سبحانه وتعالى وبدونها ينتهي الإنسان
  • (نص) كلمة قائد الثورة حول آخر التطورات الإقليمية والدولية
  • ” الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة حول آخر التطورات والمستجدات