بلينكن يزور بكين حاملا رسالة بشأن دعم الصين لروسيا
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
يقوم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأسبوع المقبل، بزيارته الثانية في أقل من عام للصين، آملا باستغلال تراجع التوتر بين البلدين للضغط على بكين كي تحد من دعمها لروسيا التي تواصل حربها في أوكرانيا.
وتمثل رحلة بلينكن التي تستمر من الأربعاء إلى الجمعة تراجعا إضافيا في الاشتباك السياسي والتجاري بين الولايات المتحدة والصين الذي وصل إلى ذروته في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب، وخصوصا أن الأخير تعهد باتخاذ موقف متشدد مجددا في حال عودته إلى البيت الأبيض في نوفمبر.
لكن الرئيس الأميركي، جو بايدن، رغم سعيه لتحقيق قدر أكبر من الاستقرار بين أكبر اقتصادين في العالم، واصل ممارسة الضغط.
وفي الأيام التي سبقت رحلة بلينكن، عقد بايدن قمة مشتركة مع زعيمي اليابان والفيليبين، حليفتي الولايات المتحدة القلقتين أيضا من الصين، حيث جرى رفع الرسوم الجمركية على الصلب من إنتاج الصين "التي تمارس الغش".
وقال مسؤول أميركي كبير للصحفيين قبل الإعلان عن الرحلة "نحن في وضع مختلف عما كنا عليه قبل عام عندما كانت العلاقات الثنائية عند أدنى مستوياتها تاريخيا".
وأضاف شرط عدم الكشف عن هويته "لقد شرعنا في تحقيق الاستقرار في العلاقات الثنائية بدون التضحية بقدرتنا على تعزيز تحالفاتنا والتنافس بقوة والدفاع عن مصالحنا".
وسيكون على رأس جدول أعمال بلينكن ما يثيره مسؤولون أميركيون بشأن الدعم الذي تقدمه الصين لروسيا التي تنفذ أكبر عملياتها العسكرية منذ العهد السوفياتي في أوكرانيا.
ويقول مسؤولون أميركيون إن الصين توقفت عن مد موسكو بمساعدات عسكرية مباشرة لكنها تقدم لها إمدادات مزدوجة الاستخدام سمحت لروسيا بإعادة تنظيم صفوفها.
وسينقل بلينكن الرسالة مباشرة إلى بكين بعد تشجيعه الحلفاء الأوروبيين على التعبير عن مخاوفهم تجاه الصين التي يُنظر إليها على أنها حريصة على نسج علاقات سلسة مع الغرب في ظل المصاعب الاقتصادية التي تواجهها.
وقال بلينكن الجمعة بعد انتهاء محادثات مجموعة السبع في كابري في ايطاليا "إذا كانت الصين تزعم من ناحية أنها تريد علاقات جيدة مع أوروبا ودول أخرى، فلا يمكنها من ناحية أخرى تأجيج ما يعد أكبر تهديد للأمن الأوروبي منذ نهاية الحرب الباردة".
وتأتي الرحلة عقب محادثة هاتفية بين بايدن والزعيم الصيني شي جينبينغ وزيارة قامت بها وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لبكين.
والتقى بايدن بالقرب من سان فرانسيسكو في نوفمبر مع شي الذي وافق على مطالب رئيسية للولايات المتحدة بينها استعادة العلاقات بين جيشي البلدين واتخاذ إجراءات ضد المواد الكيميائية الأولية التي تدخل في انتاج الفنتانيل، وهو مسكن للألم يستخدمه المدمنون على نطاق واسع في الولايات المتحدة.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
تداعيات معارك ترامب.. الولايات المتحدة تواجه خطر فقدان نفوذها في القارة مع توسّع نفوذ الصين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق فيتنام وتايلاند وماليزيا تتجه إلى بكين للتعاون الاقتصادى والشراكات الأمنية.. وواشنطن تبدو أقل التزامًا بنظام إقليمى مستقرإصرار الرئيس الأمريكى على ربط الإنفاق الدفاعى بالاتفاقيات التجارية أفقد الثقة فى البيت الأبيض كشريك أمنى موثوق
فى عهد الرئيس دونالد ترامب، انحرفت السياسة الأمريكية تجاه آسيا إلى اتجاه غير متماسك وغير مُجدٍ، ما أدى إلى تفاقم التحديات التى تدفع المنطقة نحو الصين. هذا التحول، الذى اتسم بالرسوم الجمركية والعزلة الاقتصادية الذاتية والسياسة الخارجية غير المتوقعة، يهدد بتقويض الأمن والقيادة الاقتصادية للولايات المتحدة فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهى منطقة كانت دائمًا حجر الزاوية فى النفوذ الأمريكي.
لأكثر من سبعة عقود، اعتمدت منطقة آسيا والمحيط الهادئ على الولايات المتحدة كضامن أمنى وشريك اقتصادى رئيسي. ومع ذلك، فى السنوات الأخيرة، تعطلت هذه الديناميكية. فالصعود السريع للصين كقوة اقتصادية جعلها الشريك التجارى المهيمن للعديد من دول المنطقة، ما قلل من نفوذ الولايات المتحدة. لقد ساهم فرض ترامب تعريفات جمركية صارمة على الصين، وخطابه "أمريكا أولًا"، وانسحابه من اتفاقيات تجارية رئيسية مثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP)، فى تسريع هذا التراجع الأمريكى. وبحلول نهاية عام ٢٠٢٤، حلت الصين محل الولايات المتحدة كشريك تجارى رئيسى لمعظم الدول الآسيوية، حيث نمت التجارة البينية إلى ما يقرب من ٦٠٪ من إجمالى التجارة فى آسيا.
فى حين أن سياسات ترامب التجارية تهدف إلى كبح هيمنة الصين وإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، إلا أن هذه الجهود كانت غير متسقة وغير فعالة إلى حد كبير. كان الهدف من التعريفات الجمركية هو الإضرار بالصين، لكنها عطّلت أيضًا الأعمال التجارية فى جميع أنحاء آسيا، وخاصة فى دول مثل فيتنام وتايلاند وماليزيا، التى أصبحت وجهات مهمة لإعادة التصنيع إلى الوطن فى إطار مبادرة "الصين +١". وبينما تكافح هذه الدول للتكيف مع المشهد التجارى المتغير، يتجه الكثير منها إلى الصين للتعاون الاقتصادى والشراكات الأمنية، حيث تبدو الولايات المتحدة أقل التزامًا بنظام إقليمى مستقر.
السياسة الأمنية
فيما يتعلق بالتعاون العسكري، لا تزال السياسة الأمنية الأمريكية جزءًا أساسيًا من علاقتها مع حلفائها الآسيويين. تواصل الولايات المتحدة دعم اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين فى جهودها لمواجهة ما تسميه "التدخل الصيني"، لا سيما فى بحر الصين الجنوبى وعلى طول محيط تايوان. ومع ذلك، فإن دمج سياسات ترامب الاقتصادية مع التزاماته الأمنية خلق انطباعًا بعدم الاتساق.. على سبيل المثال، أرسلت مطالبات ترامب لليابان بزيادة نفقاتها الدفاعية، مع الضغط عليها فى الوقت نفسه بشأن التجارة، إشارات متضاربة. كما أدت التوترات مع كوريا الجنوبية بشأن تكلفة تمركز القوات الأمريكية وقضية الإنفاق الدفاعى إلى تصدعات فى العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
علاوة على ذلك، فإن إصرار ترامب على ربط الإنفاق الدفاعى بالاتفاقيات التجارية، والذى تجلى مؤخرًا فى نهجه تجاه اليابان، قد قوّض الثقة فى الولايات المتحدة كشريك أمنى موثوق. مع تزايد الضغوط الصينية على القوى الإقليمية، يتضاءل ثقتها بالدعم الأمريكي، لا سيما فيما يتعلق بمخاوف وجودية مثل أمن تايوان. ويزيد عدم القدرة على التنبؤ بسياسة ترامب الخارجية من حالة عدم اليقين.
كما أدى نهج ترامب إلى تراجع كبير فى القوة الناعمة الأمريكية فى المنطقة. ويشير تفكيك وكالات مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وإذاعة صوت أمريكا، اللتين دأبتا على الترويج للقيم والثقافة الأمريكية، إلى تراجع فى القيادة العالمية. وقد ترك هذا الانسحاب فراغًا تسعى الصين جاهدةً لملئه، مستخدمةً مبادرة الحزام والطريق وغيرها من الجهود الدبلوماسية لكسب النفوذ فى آسيا وخارجها.
كان التأثير النفسى على الحلفاء عميقًا. فعلى سبيل المثال، أعرب وزير الدفاع السنغافورى عن أسفه لتحول الولايات المتحدة من "محرر" إلى "مُخرب كبير"، بينما أعرب رئيس الوزراء الأسترالى السابق مالكولم تورنبول عن مخاوفه من أن قيم الولايات المتحدة لم تعد تتوافق مع قيم أستراليا. تتزايد شيوع هذه المشاعر فى منطقة كانت تعتبر الولايات المتحدة شريكًا لا غنى عنه.
تنظيم الصفوف
ردًا على تحوّل دور الولايات المتحدة، تتجه العديد من الدول الآسيوية نحو الصين للتجارة والاستثمار، حتى أن بعضها يناقش اتفاقيات تجارية جديدة قد تستبعد الولايات المتحدة. ويُعدّ سعى الصين للانضمام إلى اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ (CPTPP)، وجهودها للتنسيق مع كوريا الجنوبية واليابان بشأن اتفاقية تجارية ثلاثية، من المؤشرات الرئيسية على هذه الديناميكية الإقليمية الجديدة. إن النفوذ الاقتصادى للصين، إلى جانب توسع نفوذها العسكري، يضعها فى موقع اللاعب الأهم فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مما يُبقى الولايات المتحدة مهمّشة بشكل متزايد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تزايد احتمالية التخلى عن الدولار الأمريكى فى التجارة الدولية يُقوّض الهيمنة المالية العالمية للولايات المتحدة بشكل أكبر. ومع سعى البلدان إلى إيجاد بدائل للدولار، وخاصة فى تعاملاتها مع الصين، فإن نفوذ الولايات المتحدة فى آسيا قد يتضاءل بشكل أكبر.
عواقب استراتيجية
أحدثت سياسات ترامب مفارقة فى آسيا. ففى حين أن موقف إدارته المتشدد ضد الصين قد زاد من حدة التنافس بين الولايات المتحدة والصين، إلا أنه دفع أيضًا العديد من الدول الآسيوية إلى التقارب مع الصين اقتصاديًا ودبلوماسيًا. ومن خلال تقويض العلاقات التجارية والقوة الناعمة، ومطالبة حلفائها بالمزيد من الإنفاق الدفاعي، أضعف ترامب، دون قصد، مكانة الولايات المتحدة فى المنطقة. ومع استمرار الصين فى تعزيز نفوذها، تُخاطر الولايات المتحدة بالتهميش فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث يتزايد عدم اليقين بشأن دورها كشريك اقتصادى وأمنى رائد.
لكى تستعيد الولايات المتحدة مكانتها فى آسيا، يجب عليها إعادة تقييم نهجها، والانتقال من التعريفات الجمركية والمواجهة إلى استراتيجية أكثر توازنًا تُعيد إشراك المنطقة من خلال التعاون الاقتصادي، والاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف، والالتزامات الأمنية الثابتة. إذا لم يحدث هذا التحول، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها فى دور متضائل، مع هيمنة الصين الراسخة على مستقبل آسيا.
*فورين بوليسى