في ذكرى رحيله.. قصة حياة أقدم رئيس وزراء لمصر "محمد شريف باشا"
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
تمر اليوم الذكرى الـ137 على رحيل محمد شريف باشا، رئيس وزراء مصر الأسبق في الحقبة الخديوية، لأربع فترات، وهو أيضًا مؤسس النظام الدستورى فى مصر، وخلال هذا الشهر تمر ذكرى رحيله فى عام 1887م، خلال تواجده في النمسا، ولهذا نستعرض لمحات من حياته وخصوصًا أن له شارع يحمل اسمه فى مصر والذى تم إدراجه من قبل الجهاز القومى للتنسيق الحضارى ضمن مشروع حكاية شارع.
ولد محمد شريف في القاهرة في نوفمبر 1823، وهو من عائلة تركية الأصل عريقة، وكان والده محمد شريف أفندي قد جاء إلى مصر في أيام محمد علي باشا، والي مصر، بمنصب قاضي قضاة مصر.
وقد رأى محمد علي باشا في الفتى محمد شريف فرط الذكاء فاستبقاه عنده، وجعله كأحد أولاده فأدخله المدرسة العسكرية التي أنشأها في “الخانكاه” بضواحي القاهرة وجعل فيها أولاده وأولاد الأمراء والأعيان، وبعد أن درس فيها مدة أرسله محمد علي باشا في احدى البعثات التعليمية التي كان يبعث بها إلى أوروبا للتخرج في العلوم، وكانت البعثة التي ألحق بها شريف مؤلفة من ثلاثة وأربعين تلميذًا، أُرسِلوا إلى المدرسة المُعدَّة لأبناء مصر في باريس، وكان في جملة تلك البعثة محمد سعيد باشا ابن محمد علي باشا، وإسماعيل باشا، وغيرهما من أبناء العائلة العلوية، وعلي باشا شريف، وعلي باشا مبارك، ومراد حلمي باشا، وعلي باشا إبراهيم، وغيرهم من أبناء الأعيان والوجهاء.
وكان شريف ميَّالا ميلًا طبيعيًّا إلى العلوم العسكرية، فاختار تعلمها، فأدخلته الحكومة مدرسة “سان سير” المعدة لتعليم الضباط العسكرية سنة 1843، وبعد سنتين أتم دروسها وامتاز عن رفاقه، فانتقل منها إلى مدرسة تطبيق العلوم العسكرية، قضى فيها سنتين، أظهر فيهما كل ما دل على النجابة والذكاء، فانتظم في الجيش الفرنسي للتمرن عملًا بمقتضى قوانين تلك المدرسة حتى تُوفِّي محمد علي باشا سنة 1849م، فلما تولى “عباس باشا الأول”، استرجع البعثات التي كانت في أوروبا، فرجع شريف.
عاد شريف إلى مصر سنة 1849، والتحق بالجيش المصري برتبة “يوزباشي أركان حرب”، وعين ياورًا للقائد سليمان باشا الفرنساوي “الكولونيل سيف”، ثم ترك الجيش وعين سكرتيرًا للأمير “حليم” في دائرته سنة 1853، وبقي فيها حتى توفي عباس باشا الأول وخلفه سعيد باشا، فأعاد شريف إلى السلك العسكري، ومنحه رتبة أميرالاي الحرس الخصوصي، وبعد سنتين رقي إلى رتبة لواء، فأصبح “باشا”، وقائدًا لآلاي المشاة وآلاي الحرس الخصوصي. وقد تزوج من كريمة الجنرال سليمان باشا الفرنساوي.
أخذت مواهب شريف باشا في الظهور، فاشتهر بالحزم والعفة والاستقامة، فرأى سعيد باشا أن الإدارة أحوج إليه من العسكرية؛ فعينه ناظرًا (وزيرًا) للخارجية سنة 1857 حتى سنة 1863م.
فلما توفي سعيد باشا سنة 1862 خلفه إسماعيل باشا، فعين شريف ناظرًا للداخلية مع بقائه على الخارجية، نظرًا لما كان له من المنزلة الرفيعة في عينيه، فقام بما عهد إليه أحسن قيام، وأظهر من الغيرة الوطنية والإخلاص في خدمة الوطن ما زاد من ثقة الخديو إسماعيل فيه. فلما سافر إسماعيل باشا سنة 1865 عين شريف قائمقام، وفي سنة 1867 عين رئيسًا للمجلس الخصوصي، الذي كان يشبه في سلطته «اختصاص مجلس الوزراء»، وكان يضم الوزراء وباشوات آخرين.
ولما أنشئت لجنة التحقيق الأوربية التي ألَّفتها إنجلترا وفرنسا للبحث في ديون مصر وحالتها المالية على عهد إسماعيل، كان شريف وزيرًا للحقانية والخارجية، وطلبت اللجنة إلى شريف أن يحضر أمامها لتسمع أقواله، فأبى، ووقعت أزمة أدت إلى استقالته.
أصبح شريف رئيسًا للنظار (رئيسًا للوزراء) للمرة الأولى في عهد الخديو إسماعيل، خلال الفترة (7 أبريل-5 يولية 1879). وكان هدف إسماعيل من اختيار شريف لتشكيل الوزارة تدور حول رغبة إسماعيل في التخلص من الوجود الأوروبي.
وكان من الطبيعي أن يناصب التدخل الأوروبي وزارة شريف العداء، لأنه تخلص من الوزيرين الأوروبيين، وحاول إنقاذ مصر من الأزمة المالية، ومنع التدخل الأوروبي.
ونتج عن ذلك أن تعدد أوجه الرفض الأوروبي ليس لوزارة شريف فحسب، بل لعهد الخديو إسماعيل برمته، فقدم أعضاء لجنة التحقيق في 10 أبريل استقالة جماعية محتجين على تشكيل وزارة شريف، وقد ذكروا في احتجاجهم أنه لن يتم تنفيذ الإصلاحات المالية إلا على يد وزارة يمثل فيها العنصر الأوروبي. فصدر فرمان من السلطان العثماني بخلع الخديو إسماعيل وتولية ابنه “توفيق” في 26 يونية 1879، وكانت تلك نهاية وزارة شريف الأولى.
وقد تولى شريف رئاسة الوزارة للمرة الثانية في عهد توفيق في الفترة (5 يولية-18 أغسطس 1879)، وقد عكف شريف ووزارته على وصل ما انقطع من أسس الحياة النيابية، التي كان قد بدأ في وضعها خلال وزارته الأولى، والتي تتمثل في لائحتين؛ إحداهما لائحة المجلس الأساسية، وثانيتهما لائحة الانتخاب.
ولكن أخذت ميول توفيق العدائية نحو الحكم النيابي تظهر، هذا من ناحية، كما تعرض توفيق لضغوط إنجلترا وفرنسا اللتين حضتاه على عدم إصدار اللائحتين، من ناحية أخرى.
ولم تقتصر ممارسة الدول الأوروبية في ضغطها على مجرد رفض مشاريع شريف النبيلة، بل أنها سعت للتخلص من وجود شريف نفسه في منصبه.
وترتب على ذلك صدور قرار الخديو توفيق في 18 أغسطس 1879 برفض التوقيع على لائحتي شريف، مما أدى إلى تقديم شريف لاستقالة وزارته الثانية بعد نحو شهر ونصف من تشكيلها.
وعندما قامت الثورة العرابية في عام 1881، أسقطت وزارة “رياض باشا”، وطلبوا من الخديو توفيق إسناد الوزارة إلى شريف باشا، فوافق على طلبهم، وقام شريف بتشكيل وزارته الثالثة (14 سبتمبر 1881-4 فبراير 1882). وقد نفذ شريف أحد المطالب الأساسية للثورة العربية، وهو تشكيل مجلس شورى النواب سنة ١٨٨١، ثم استقال شريف إثر خلاف سياسي.
ثم قام شريف بتشكيل وزارته الرابعة (21 أغسطس 1882-10 يناير 1884)، وقد قدم شريف استقالته من هذه الوزارة احتجاجًا على قرار إنجلترا بضرورة إخلاء مصر للسودان وجلاء الجيش المصري عنه، عقب قيام الثورة المهدية (1881-1899)، وقد أبى قبول هذا الطلب، واستقال محتجًّا، ولا تزال استقالته وصيغتها مرجع الكتّاب الذين يكتبون عن السودان، ومفخرة للوطنيين المصريين، وقد جاءت استقالته تأييدًا لإخلاصه للوطن المصري.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رئيس وزراء مصر الأسبق الجهاز القومي للتنسيق الحضاري مشروع حكاية شارع الخدیو إسماعیل محمد علی باشا وزارة شریف محمد شریف
إقرأ أيضاً:
اقتصاديون في ذكرى التأسيس: السعودية تصنع أعظم قصة نجاح عالمية
احتفى عدد من الخبراء والاقتصاديين بذكرى مرور ثلاثة قرون على إقامة الدولة السعودية، مؤكدين أن يوم التأسيس «22 فبراير» ليس مجرد مناسبة وطنية تستحضر أمجاد الماضي فحسب، بل يمثل أيضًا تجسيدًا لأعظم قصة نجاح شهدها القرن الحادي والعشرين.
وأشاروا إلى أن ما تحقق خلال السنوات الماضية من إنجازات، يعكس حجم الجهود المبذولة لتعزيز الهوية الوطنية وتثبيت مكانة المملكة كمحور للتنمية والازدهار في المنطقة.
أخبار متعلقة إمام الحرم: سؤال العافية دعوة جامعة للوقاية من كل الشرور احتفالات التأسيس.. 23 فعالية وأكثر من 3500 علم تزين شوارع تبوكاتفق الخبراء على أن يوم التأسيس ليس مجرد يوم في الروزنامة، بل لحظة وطنية تجمع الماضي بالحاضر، وتجدد العزم على مواصلة مسيرة البناء والازدهار، في وقتٍ باتت فيه المملكة نموذجًا ملهمًا في شتى المجالات.
فإن احتفالات التأسيس تعكس روحًا وطنية تجمع الأجيال على أهداف واضحة وطموحات لا سقف لها، تعزّز مكانة المملكة وتمنح شعبها ثقةً أكبر في المستقبل.منظور اقتصادي راسخيرى عضو مجلس إدارة غرفة جدة ورئيس طائفة معارض السيارات بجدة، سعد مسحل العتيبي، أن يوم التأسيس يومٌ يروي حكاية عز وفخر بدأت على يد الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - قبل أكثر من ثلاثة قرون.سعد العتيبي
ويؤكد العتيبي أن الاحتفال بهذا اليوم يرسّخ معاني العزيمة والقوة والإصرار، التي صنعت من المملكة نموذجًا فريدًا في التطور والتقدم.
كما شدّد على أهمية الحفاظ على إرث هذا الوطن العريق، الذي ترسخت دعائمه بقيادة حكيمة ورؤية طموحة.إنجازات تبهر العالممن جهته أوضح الاقتصادي الدكتور محمد أبو الجدائل أن الاحتفال بيوم التأسيس هو استذكار لتضحيات الآباء والأجداد، واستلهامٌ للدروس التي جعلت من السعودية“أعظم قصة نجاح في القرن ال21”، وفق ما قاله صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء“حفظه الله”.محمد أبو الجدائل
ويشير أبو الجدائل إلى أن المملكة تحولت من دولة بدأت في قلب الصحراء، إلى دولة حديثة ذات نفوذ عالمي، تواصل إبهار العالم بإنجازاتها التنموية والاقتصادية.قوة اقتصادية عالميةوأكد الاقتصادي المهندس محمد عقيل، أن المملكة حققت نقلة نوعية من الاعتماد على النفط إلى بناء اقتصاد متنوع ونامٍ، يركز على الابتكار والتكنولوجيا والاستدامة البيئية.محمد عقيل
ويضيف: "لم تعد السعودية مجرد مصدر للنفط، بل باتت تمتلك قاعدة صناعية واستثمارية قوية، فضلًا عن تقدمها في التعليم والصحة والفنون والرياضة. هذا التحول جعلها قوة اقتصادية مؤثرة على مستوى العالم، حيث يفتخر كل مواطن بإنجازات وطنه ورؤيته المستقبلية".رؤية تاريخية راسخةويشير المستشار الاقتصادي والقانوني هاني محمد الجفري، إلى أن يوم التأسيس يمثل قصة وحدة وتلاحم بين القيادة والشعب منذ عهد الإمام محمد بن سعود وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان“حفظهما الله”.هاني الجفري
ويؤكد الجفري أن هذا اليوم يعكس الجذور الراسخة للدولة السعودية، ويعزز الانتماء والفخر بكيانٍ صمد لثلاثة قرون، وأصبح اليوم رمزًا عالميًا للإنجاز والتنمية، لا سيما مع ما تشهده المملكة من نهضة شاملة في ظل رؤية 2030.