واشنطن -(د ب ا)- تكشف العلاقة الأمنية المتزايدة بين الولايات المتحدة وتايوان بعض الخلافات التي طال أمدها ، حيث تتصدر التساؤلات حول استثمارات تايوان الدفاعية قائمة مخاوف واشنطن، حسبما يرى مايكل جيه لوستومبو أحد محللي السياسات الدفاعية البارزين في مؤسسة البحث والتطوير الأمريكية( راند). ويقول لوستومبو في تقرير نشرته مؤسسة راند إن هناك اتفاقا بين واشنطن وتايبيه بشأن هدف حماية أمن تايوان، ويصوغان منذ عقود أكثر العلاقات شمولا.
فتايوان تواجه تهديدا وجوديا، لكنها لا تتعامل مع ذلك بطريقة توحي بأنها تقر بحقيقته، في ضوء كيفية إنفاقها بالنسبة لدفاعاتها والأمور التي تستقطب إنفاقها. فقد اختارت تايوان مسارها، الذي يتسبب في قلق متزايد في جانب واشنطن فيما يتعلق بتبديد الوقت والموارد. وطوال أكثر من 15 عاما رأى المحللون الأمريكيون أن الجيش التايواني غير مؤهل للدفاع في وجه أي غزو ، وأصدروا توصيات عاجلة تتضمن بالتفصيل خطوات ملموسة يمكن أن تتخذها تايوان لتحسين دفاعاتها. ومن جانبها، صاغت تايوان مفهوما واضحا للدفاع يدعو إلى : مقاومة العدو على الساحل المقابل، ومهاجمته في البحر، وتدميره في المنطقة الساحلية ، والقضاء عليه على رأس الشاطىء”. ويشير الحجم الهائل لهذا التهديد أن تايوان سوف تحتاج إلى قدرة كبيرة للغاية على إيقاف قوات العدو في كل مستوى من المستويات. لكن تايوان لا تخصص موارد كافية لتنفيذ هذا المفهوم الدفاعي. ويقول لوستومبو إنه ردا على الاستفزازات العسكرية من جانب الصين في آب/أغسطس 2022، زادت تايوان إنفاقها العسكري لكن ميزانية
الدفاع لا تعكس أي إلحاحية، في ظل اقتصاد تايوان القوي. ولكن حتى في ظل قيود المستويات الحالية للميزانية ، لا تحقق تايوان كل ما تريده من وراء استثماراتها. فالقرارات الأخيرة تخصص جزءا كبيرا من ميزانية تايوان الدفاعية المستقبلية لأنظمة لا تناسب الدفاع ضد هجوم منسق من جانب الصين. وهذا من شأنه أن يُقصر الإنفاق لسنوات مقبلة على أنظمة ضعيفة أو غير منتجة. إن أمن تايوان يرتبط ارتباطا وثيقا بعلاقاتها بالولايات المتحدة ، و يُنظر في تايوان إلى شراء معدات باهظة الثمن مثل الطائرات المقاتلة على أنه تدعيم لعلاقاتها الأمنية مع الولايات المتحدة ورفع للروح المعنوية، رغم أن الخبراء يعترفون بعدم مناسبة هذه الأنظمة في زمن الحرب. وفي الوقت نفسه، تسعى تايوان لبناء صناعاتها الدفاعية، وبناء غواصة محليا هو نظام باهظ التكاليف تهتم تايوان بانتاجها حاليا. وهذا يمثل تجاهلا لشراء نظام مناسب من الولايات المتحدة، وهو ما أوضح تماما في السنوات الأخيرة أن تايوان تنأى بنفسها بعيدا عن مثل هذه الأنظمة وتتجه نحو الحصول على إمكانيات يمكن أن تستغل ضعف العدو. وأوضح لوستومبو أنه على الرغم من عدم رفض تايوان لما يوجه إليها من نصح تماما، تعتبر الموارد المخصصة لتنفيذ مفهومها الدفاعي متعدد المستويات ضئيلة وستظل تعاني من نقص في التمويل طوال عقود مقبلة لأن تايوان تلزم نفسها بقيود مالية ستخصص جزءا كبيرا من إنفاقها العسكري للطائرات المقاتلة والغواصات. والمعروف أن الطائرات المقاتلة غير قابلة للنجاة والغواصات ذات قدرة هجومية محدودة للغاية.وهذه الأنظمة ليست فقط باهظة الثمن، ولكن تشغيلها أيضا مكلف للغاية. ويعتبر هذا سوء تخصيص بالغ لموارد الدفاع لا تستطيع تايوان تحمله. وترى تايوان أن الصين قادرة على تهديد مصالحها الاقتصادية، والسياسية، والأمنية. وكثيرون في تايوان يرون أن احتمال التهديدات السياسية والاقتصادية أكثر من احتمال أي غزو . وبعد عقود من سماع الحديث عن تهديد بغزو محتمل، أصبح كثيرون يستبعدون الآن إمكانية حدوثه. واتضح ذلك في العديد من استطلاعات الرأي، كما اتضح أيضا في وثائق رسمية، حيث لم يتضمن تقرير الدفاع الوطني التايوني لعام 2021 أي مناقشة لاحتمال التعرض لغزو من الصين في إطار تناوله للتهديدات التي تواجه تايوان. ويؤكد لوستومبو أن هذا الاختلاف في وجهات النظر هو مصدر الخلاف. فامكانيات تايوان وخيارات استثمارها تهم الولايات المتحدة لأن التحدي العسكري لتايوان يتسبب في كثير من المشاكل العملياتية التي يمكن أن تعرقل الدعم الأمريكي. ومن الأمور ذات الاهتمام الخاص قدرة الصين على استخدام أسلحة طويلة المدى بالغة الدقة لمهاجمة أهداف في تايوان أو قريبة منها، مصحوبة بقدرة على تعبئة قوة كبيرة تهدد بسحق الدفاعات. وتُخصص الولايات المتحدة كل عام المزيد والمزيد من الموارد العسكرية للاستعداد لأي غزو عبر مضيق تايوان. لكن ليس بمقدور الولايات المتحدة وحدها تأمين تايوان. وفي نهاية تقريره قال لوستومبو إن ضخامة التحدي العسكري الذي يواجه تايوان تعني أنه لم يعد بوسع الولايات المتحدة وتايوان تحمل الاختلاف حول السياسة والإنفاق غير الضروري. وأمام تايوان فرصة الآن لإعادة تعزيز جيشها وتطوير إمكانياتها التي يمكن أن تستغل نقاط ضعف العدو، ولكن فقط إذا أنفقت كل دولار في مكانه المناسب. ويتعين على الولايات المتحدة التعاون مع تايوان في مراجعة الإنفاق وإعطاء الأولوية للإمكانيات القوية والقابلة للصمود في كل مستوى من مستويات الدفاع وبحث كيف يمكن أن تكمل إمكانيات تايوان إمكانيات الولايات المتحدة . ومن الممكن تحقيق هدف جعل أي غزو لتايوان مكلفا للغاية بالنسبة للصين، لكن سوف يحتاج ذلك إلى رؤية واضحة وجهد مستمر عبر السنين من جانب قادة تايوان.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الولایات المتحدة
یمکن أن
من جانب
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة تقلص عدد قواتها وقواعدها في سوريا
أنقرة (زمان التركية) – كشفت التصريحات الصادرة عن مسؤولين ومصدر مطلع يوم الثلاثاء أن إدارة ترامب قررت تقليص عدد الجنود الأمريكان داخل سوريا.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن نحو 2000 جندي أمريكي موجودين داخل الأراضي السورية بعدما سبق وأن أعلنت عن بلوغ عدد جنودها داخل سوريا نحو 1100 جندي.
وأفادت إدارة جو بايدن آنذاك أن التذبذب في أعداد الجنود ينبع نسبيا من سقوط نظام الأسد.
وتنص المخططات الجديدة المنتظر الإعلان عنها خلال الأيام القادمة على خفض إجمالي عدد الجنود الأمريكان في سوريا إلى ألف جندي.
وأفاد مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية في حديثه مع موقع العربية الانجليزية في إجابته عن سؤال حول إعلان الانسحاب المخطط أن البنتاغزن يعيد تخصيص القوة وفقا للاحتياجات العملاتية والأوضاع غير المتوقعة بشك روتيني.
وأضاف المسؤول الأمريكي أن هذه الانتقالات تظهر قابلية الولايات المتحدة للتمركز في أرجاء العالم خلال فترة قصيرة للتصدي للتهديدات الأمنية الصاعدة والطبيعة المرنة لموقف الدفاع العالمي للولايات المتحدة.
وكانت قناة CBS News أول من أعلن أن الولايات المتحدة ستقلص وجودها العسكري في سوريا.
وتواصل الولايات المتحدة شراكتها الطويلة مع قوات سوريا الديمقراطية التي ترتكز على وحدات حماية الشعب الكردية، امتداد العمال الكردستاني في سوريا. وليس من الواضح بعد كيف سينعكس هذا الاجراء على الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية، غير أن المصادر المطلعة تؤكد أن قوات سوريا الديمقراطية ستواصل متابعة السجون المفتوحة التي تشبه معسكرات الاعتقال التي يقبع بداخلها عشرات الآلاف من عناصر داعش وأسرهم.
هذا ويبلغ عدد الجنود الأمريكان داخل العراق 2500 جندي وداخل الأردن 3500 وداخل تركيا نحو 2000 جندي. ولم يتم تقديم أية معلومات حول جهة الجنود الأمريكان الذين سيتم سحبهم من سوريا.
Tags: التطورات في سورياالقوات الأمريكية في الأردنالقوات الأمريكية في سورياانسحاب امريكا من سورياقوات سوريا الديمقراطية