صحيفة الجزيرة:
2024-12-16@22:54:09 GMT

المرأة العُمانية.. قوة تغيير في المجتمع

تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT

لطالما حظيت المرأة العُمانية منذ فجر النهضة وإلى يومنا هذا بالاهتمام الكبير لمشاركتها في التنمية الوطنية وتمكينها في مختلف المجالات، حيث أولى جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان اهتمامًا كبيرًا بدورها المحوري في المجتمع كونها شريكًا أساسيًّا في التنمية المستدامة فأسند إليها جملة من المناصب العُليا لبناء حاضر الوطن ومستقبله.


وإيمانًا بدور المرأة العُمانية فقد خُصّص يوم للاحتفاء بها في سلطنة عُمان في يوم الـ 17 من أكتوبر من كل عام ليكون يومًا للمرأة العُمانية تتويجًا لمساهماتها ودورها الريادي في دفع عجلة التقدم بمختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية والسياسية، بناءً على التوجيهات السامية للسلطان الراحل قابوس بن سعيد .
وتشير آخر الإحصاءات وفقًا للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات في الإصدار الخاص للعام 2023م فيما يخص سوق العمل إلى أن معدل المشاركة الاقتصادية في القوى العاملة للمرأة العُمانية في عام 2022 من سن (15 سنة فأعلى) بلغ 32.1 % مقارنة بـ 27.7 % من العام السابق، وأن 82 % من إجمالي العُمانيات الناشطات اقتصاديًّا في عام 2022م من سن (15 سنة فأعلى) هن عاملات، كما أشارت الإحصاءات في الإصدار إلى أن التوزيع النسبي للعُمانيات العاملات من سن (15 سنة فأعلى) حسب القطاع لعام 2022م بلغ 95 ألفًا و652 امرأة أي ما نسبته 41 % في القطاع الحكومي، و 136 ألفًا و93 امرأة أي ما نسبته 59 % في القطاعات الخاصة والأهلية.
أما إجمالي صاحبات الأعمال العُمانيات في عام 2022م فبلغ 14 ألفًا و194 امرأة وتركّز ما نسبته 46 % من سن (15 سنة فأعلى) في تجارة الجملة والتجزئة والصناعات التحويلية.
وفي مؤشرات الحماية الاجتماعية بلغ عدد المنتفعات من الضمان الاجتماعي 86 ألفًا و989 امرأة. أما في مؤشرات التعليم فبلغ إجمالي العُمانيات (من سن 10 سنوات فأعلى) الملتحقات بالتعليم المدرسي للعام الدراسي 2023/ 2022 نحو 208 آلاف و796 طالبة، فيما بلغ إجمالي العُمانيات الدارسات بالتعليم لكبار السن ومحو الأمية 4 آلاف و568 طالبة، وبلغ إجمالي العُمانيات الملتحقات بالتعليم العالي للعام الأكاديمي 2022/2021م نحو 70 ألفًا و252، في حين بلغ معدل الأمية للعُمانيات (10 سنوات فأعلى) 5.8 مقارنة بـ 6.3 بالعام السابق.
وعن مشاركتها في العمل البرلماني فقد بلغت نسبة تواجدها في مجلس الدولة 6ر17 %، وفي مجلس الشورى للفترة التاسعة (2023-2019) بلغت 3ر2 %.
وقالت وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لترويج الاستثمار ابتسام بنت أحمد الفروجية: إنه من التحديات التي تواجه المرأة في سلطنة عُمان كغيرها من المجتمعات الشرقية هي الثقافة وبعض قيود العادات والتقاليد في المجتمع التي قد تحد من حريتها وقدرتها على اتخاذ القرارات والمشاركة في المجتمع بشكل أكثر فاعلية، مؤكدة على الإيمان المطلق بالمرأة العُمانية ودورها المحوري في مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، وأن التوعية بحقوق المرأة في المجتمع عززت من تواجدها في مراكز صنع القرار وثقتها بنفسها وقدرتها على الصعود بالمجتمع.
وعن مشاركة المرأة العُمانية في العملية التنموية ومدى تمكينها؛ أشارت إلى خطابات جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظة الله- التي تناولت دور المرأة الفاعل في تحقيق رؤية عُمان ٢٠٤٠ والتي تضمنت توجهات إستراتيجية واضحة للاهتمام بالمرأة والأسرة، وذلك من خلال وضع العديد من السياسات التي تعزز من مشاركة ومناصفة المرأة في فرص العمل مع الرجال، وعلى الرغم مما نلامسه اليوم في أرض الواقع إلا أننا نسعى للمزيد من مشاركات المرأة وتواجدها ومساهمتها في التنمية.
وذكرت أن قانون العمل الجديد ميّز المرأة بشكل إيجابي وملحوظ، حيث أتاح لها الإجازات المتعلقة بالأمومة والحمل والرضاعة وغيرها، الأمر الذي يعد إنجازًا لسلطنة عُمان في هذا الجانب الذي يمكنها من ممارسة دورها الطبيعي في المجتمع سواءً كامرأة عاملة أو ربة منزل.
وبيّنت أن سلطنة عُمان تشهد تطورًا في مجال تمكين المرأة منذ سنوات طويلة، ولعل أبرز مثال على ذلك ما يتعلق بالشأن السياسي حيث تمثل المرأة ما نسبته 18 % في مجلس الدولة وهي نسبه تزيد عن النسبة التي كانت موجودة في الدورات الماضية، وإصدار المراسيم السلطانية بشأنها لتشغل مناصب قيادية كوزيرة ووكيلة وسفيرة.
وأشارت إلى الإنجاز الكبير الذي حصدته سلطنة عُمان في مجال الاهتمام بالمرأة من مجلس حقوق الإنسان ممثلة بلجنة الخبراء في متابعة اتفاقية سيداو بشأن تمكين المرأة والاهتمام بها وبحقوقها.
وفيما يخص الجانب الاقتصادي أكدت على أن المرأة أثبتت جدارتها في هذا الجانب، وذلك من خلال ظهور رائدات الأعمال في مختلف المجالات، وأيضًا حصول المرأة على مناصب قيادية في المؤسسات الحكومية والخاصة.
واختتمت وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لترويج الاستثمار حديثها بالإشارة إلى ما حققته سلطنة عُمان من تطورات تتعلق بالمرأة العُمانية ومكانتها وضمان حقوقها الاقتصادية، حيث لا يوجد تمييز بين المرأة والرجل في المخصصات المالية والرواتب بخلاف بعض الدول، إضافة إلى عدم فرض قيود لممارسة العمل الاقتصادي، وبالتالي فإن للمرأة حق فتح الشركات والاعتمادات وممارسة الأنشطة التجارية، كما أن قانون الحماية الاجتماعية أولى اهتمامًا كبيرًا بالمرأة، وذلك من خلال توفير الحماية القانونية لها سواءً كانت غير متزوجة أو أرملة أو ربة منزل أو حتى كبيرة في السن، كل هذه المميزات والحقوق كفلها القانون للمرأة لكي يعزز من دورها ويؤكد على أهمية تمكينها في المجتمع.
من جانبها قالت نائبة رئيس مجلس الدولة سابقًا الدكتورة بدرية بنت إبراهيم الشحية: إن التحدي الأكبر للمرأة هو نفسها، فالمرأة نصف المجتمع وهي التي تربي أبناءها فإذا ربتهم ضد المرأة ستجعل من التحديات أكثر صعوبة أمامها في المستقبل، ولا ننكر دور المرأة الأساسي في الأسرة والتربية وتنشئة الأجيال ولكننا نطمح في عدم حكرها على هذا الدور فقط وإنما فتح المجالات على اختلافها أمام إمكاناتها وطموحها خاصة مع ما تواجه المجتمعات من تحديات اقتصادية واجتماعية وتعليمية وغيرها ليس في سلطنة عُمان فحسب وإنما في جميع أنحاء العالم.
وأضافت أن المرأة العُمانية صنعت لنفسها حدودًا في المجتمع فهي واعية بما يتوافق مع معتقداتها ودينها وعاداتها وتقاليدها، وقد أصبح المجتمع أكثر ثقة بها، فالمرأة تشغل اليوم أغلب الوظائف الحكومية وهذا دليل على فاعليتها وتمكينها وقدرتها على الإبداع والتميز وإنجاز المرأة العُمانية واضح ومخرجاتها محل تقدير واهتمام، وهذا ما يؤكده النظام الأساسي للدولة فليس فيه ما يحد المرأة من العمل والمشاركة في العملية التنموية في المجتمع ومساواتها أيضًا في الحقوق الوظائفية والصحية وغيرها مع الرجل، واليوم في سلطنة عُمان نشهد انخراط المرأة العُمانية في العمل بمجالات جديدة سنويًا وهذا ما يؤكد تمكينها الكلي ويعزز ثقتها بنفسها وبقدراتها.
وبيّنت أن المرأة العُمانية استطاعت أن تثبت جدارتها وقدرتها فشغلت العديد من مراكز صُنع القرار وبجدارة ما يجعلها في مستوى تستطيع من خلاله أن تدافع عن حقوقها وحقوق النساء الأخريات وأن تكون قدوة لهن، ونؤكد على أهمية ذلك لأن المرأة وحدها من تستطيع أن تتعامل مع قضاياها وتفهمها وتفهم حقوق وقضايا غيرها من النساء.
وأكدت على ضرورة تواجد المرأة العُمانية في مجلس عُمان، فهناك قوانين تمر على مجلس عُمان تؤثر قراراتها على حقوق المرأة والمجتمع ككل ووجود المرأة ضروري؛ لأنها تملك نظرة مختلفة وأكثر عمقًا لاحتياجات المجتمع فيما يخص المرأة نفسها والطفل وما يخصها من قوانين توائم هذه القضايا، إذ لا يمكن أن يخلو مجلس عُمان من المرأة على اختلاف تخصصاتها ومجالاتها، فالمجلس به الكثير من القوانين العلمية والأدبية وعليه فإن تعدد مجالاتها وخبراتها سيسهم مساهمة كبيرة في المجتمع فهي امرأة طموحة وقادرة كما نراها اليوم على الجمع بين الأسرة وإسهاماتها في المجتمع.

“تقرير وكالة الأنباء العمانية ضمن ملف الخدمة الإعلامية النسوية لاتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا)”

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية المرأة الع مانیة الع مانیة فی فی المجتمع أن المرأة مانیات ا فی العمل فی مجلس

إقرأ أيضاً:

أئمة الإفتاء يناقشون دور الفتوى في تعزيز الأمن الفكري والمواطنة ومواجهة الفكر المتطرف

واصل العلماء المشاركون في فعاليات الجلسة العلمية الأولى بالندوة الدولية لدار الإفتاء المصرية نقاشاتهم حول موضوع الفتوى والأمن الفكري، حيث استعرض الدكتور رضا محمود محمد السعيد -أستاذ الدعوة  والثقافة الإسلامية المساعد بجامعة الأزهر- بحثًا بعنوان "دَور الفتوى في تعزيز الانتماء الوطني والشعور بالهوية"، ضمن فعاليات الجلسة العلمية الأولى، أكد خلاله على تأثير الفتاوى الدينية في محاربة الفكر المتطرف وتعزيز الهوية الوطنية في مواجهة التحديات المعاصرة.

كما ركَّز البحثُ على ضرورة أن يكون المتصدر للفتوى على دراية شاملة بقضايا الانتماء الوطني والهُوية لمواجهة تأثيرات العولمة والجماعات المتطرفة، التي تسعى لتشويه الهوية الوطنية وزعزعة استقرار المجتمع، كما ناقش البحث طرقًا مختلفة لتعزيز الانتماء الوطني، مثل: الرد على شبهات الجماعات المتطرفة، والتأصيل الشرعي لأهمية حب الوطن، وتحذير المجتمع من الفتاوى الشاذة التي تهدد الاستقرار الفكري والاجتماعي.

وتطرَّق الدكتور السعيد أيضًا إلى الآثار الإيجابية لتعزيز الانتماء الوطني، مثل تحسين الاستقرار النفسي والفكري للفرد، وتحقيق الوحدة الوطنية والتنمية المستدامة على مستوى المجتمع، وأشار إلى أهمية دور المؤسسات الدينية والإفتائية في تعزيز مفاهيم المواطنة والتعايش السلمي داخل المجتمع، بالإضافة إلى أهمية نشر الفتاوى التي تُبرز أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية في وجه التحديات الفكرية.

واختتم البحث بتوصيات هامة تشمل ضرورة تشكيل لجنة من المؤسسات الدينية لتعزيز الوعي بقضايا الانتماء والهوية، وتضمين المناهج التعليمية نماذج من الفتاوى الدينية التي تدعم الولاء الوطني، وكذلك أوصى بتفعيل دَور وسائل الإعلام الحديثة لتوجيه المجتمع نحو التصدي للأفكار الهدامة وتعزيز الانتماء الوطني من خلال برامج توعوية مستمرة.

من جهته قدَّم الأستاذ الدكتور محمد أحمد سراج، أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة الأمريكية، الشكر لمنظِّمي الندوة، ولفضيلة شيخ الأزهر الشريف، وفضيلة مفتي الجمهورية، مؤكدًا على أهمية موضوع الفتوى والتجديد في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها الأمة الإسلامية.

كما أكَّد أن الإفتاء هو بيان الحكم الشرعي في القضايا الحديثة من عالِم بمصادر الشريعة، ويجب أن يكون المفتي مُلمًّا بالكتاب والسنة، ومشيرًا لواقع الناس والأعراف المعاصرة، كما تستلزم عملية الإفتاء التعاون بين الهيئات المختلفة، مثل المجامع الفقهية ومجالس الفتوى لتوحيد المناهج.

وأوضح أنَّ الفتوى، والقضاء، والفقه تشكِّل مكونات مترابطة للنظام القانوني الإسلامي، وعبر التاريخ، لعب العلماء دَورًا مهمًّا في الحفاظ على تماسك الدولة الإسلامية وتحقيق العدل. ويظهر الترابط بين الفتوى والقضاء في الفقه الإسلامي الذي يتطور بما يتناسب مع متطلبات العصر.

كما قال إن التجديد ليس قفزًا في الهواء، بل هو عمل مستمر من أجل إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية وفقًا للشرع، وأن العلماء مثل الإمام محمد عبده والطاهر بن عاشور وغيرهما قدَّموا أفكارًا لتطوير مقاصد الشريعة لتلائم التغيرات الاجتماعية، بالإضافة إلى تطوير مقررات الأزهر وحماية حقوق المرأة.

وأشار إلى أنَّ المفتي يجب عليه استنباط الحكم الشرعي بين النص الشرعي وواقع الحياة. وقد يُظهر ذلك في تطبيقه لمبادئ العدل في قضايا الميراث والقضايا الاجتماعية، مثل قضية المرأة في الميراث التي حكم فيها عمر بن الخطاب بالتشريك بين الورثة على أساس مبدأ العدل.

وفي ختام عرضه أوضح أن التجديد في الخطاب الديني يتطلب دراسة المشكلات التي تواجه الأمة والعمل على حلِّها اعتمادًا على القرآن والسُّنَّة والاجتهادات الفقهية ويجب على دار الإفتاء مواصلة نشر وتحقيق مدونات الفتاوى لتساهم في التغيير الاجتماعي.

من جانبه أكد الدكتور أسامة هاشم الحديدي، مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بمشيخة الأزهر الشريف، أهمية الفتوى المنضبطة في مواجهة الأفكار المتطرفة وإيضاح مراد الله من كلامه، مشيرًا إلى دورها الجوهري في حفظ العقول من الانحراف والتطرف، واستقامة حياة الناس على طريق الله.

وأوضح أن الفتوى ليست مجرد إبداء رأي، بل هي توقيع عن الله في أحكامه، مشددًا على ضرورة أن يتحلى المفتي بشروط العلم والأهلية، وأن يكون متمكنًا من فهم النصوص الشرعية واستيعاب حوادث الواقع، بما يضمن تحقيق مقاصد الشريعة وإيصال الحكم الشرعي الصحيح.

وأشار الدكتور الحديدي إلى خطورة إطلاق الأحكام الشرعية دون دليل أو برهان، معتبرًا ذلك من أشكال الكذب على الله، مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ [النحل: 116].

وفي استعراضه لأسباب التطرف، أكد الحديدي أن الاكتفاء بالتثقيف الذاتي دون بناء علمي رصين، وتقديس الأشخاص، والفهم الخاطئ لنصوص الكتاب والسنة، إضافة إلى التحرر من قيود الفضيلة، تُعد من أبرز عوامل ظهور الفكر المتطرف. كما لفت النظر إلى مظاهر هذا التطرف التي تشمل التعصب للرأي، والغلو، وازدراء المخالفين، إلى جانب الاندفاعية والتهور لتحقيق أهداف آنية دون النظر في العواقب.

وأوضح أن الفكر المتطرف يؤثر سلبًا على الأفراد والمجتمعات، ما يؤدي إلى التكفير، والإرهاب، وتشويه مفاهيم الدين، والإضرار بالقيم الاجتماعية والاقتصاديات الوطنية.

وفي هذا السياق، استعرض الدكتور أسامة الحديدي دَور مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في مواجهة الأفكار المتطرفة، موضحًا أن المركز يقدم فتاوى واعية من خلال مفتين متخصصين، يتمتعون بالكفاءة العلمية ومهارات الإقناع والحوار. وأكد أن دور المركز لا يقتصر على الإفتاء فقط، بل يمتد إلى تقديم جرعات توعوية تسهم في تحصين المجتمع من الأفكار المنحرفة.

وأضاف أن المركز يضم أقسامًا متعددة، من بينها: قسم للفكر والأديان، وقسم للمتابعة الإلكترونية لرصد الأفكار الشاذة والمتطرفة، ووحدة "بيان" لمواجهة الفكر الإلحادي، إلى جانب قسم التدريب والتطوير الذي يقدم دورات تدريبية لتعريف الأعضاء بأسباب الانحرافات الفكرية وسبل مواجهتها.

كما أشار إلى جهود المركز الميدانية التي تشمل جلسات حوارية مع الشباب في الجامعات ومراكز الشباب، وتقديم محتوى متخصص ضمن برنامج التوعية الأسرية والمجتمعية، بهدف دعم القيم الأسرية وتحصين المجتمع.

وفي ختام كلمته، دعا الدكتور أسامة الحديدي إلى تكثيف الجهود بين المؤسسات الإفتائية ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، مشددًا على ضرورة تضمين المناهج الدراسية مواد تحصن الطلاب ضد الفكر المتطرف. كما أوصى بزيادة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى الجمهور، وتكثيف الحملات التوعوية والإلكترونية لمعالجة القضايا الفكرية المعاصرة.

وأكد أهمية استثمار تجربة مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية كنموذج رائد في مواجهة الفكر المتطرف والترويج لوسطية الإسلام. 

في السياق ذاته أكَّدت الأستاذة الدكتورة وفية حمودة، الأستاذة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في بحثها بعنوان: "المرأة مفتية.. الأهمية والمعايير"، أن المرأة في صدر الإسلام كان لها حضور بارز في مجالات التعليم والفتوى، حيث تناول العديد من العلماء تراجمهن في مؤلفاتهم، على سبيل المثال، في كتاب "الإصابة في تمييز الصحابة"، ترجم الحافظ ابن حجر لـ 1543 امرأة، منهن فقيهات ومحدثات وأديبات، كما ذكر الإمام السخاوي في كتابه "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" نحو 85 شيخة.

ويشير الإمام النووي في كتابه "آداب الفتوى" إلى شروط المفتي، التي تشمل الكفاءة والنزاهة والعلم، وهذه الشروط ساعدت في تمكين النساء في مجالات الفتوى والتعليم، حيث كانت المرأة تتولى منصب الإفتاء وفقًا لمَلَكتها العلمية وأخلاقياتها، بغض النظر عن جنسها.

وأضافت: خلال القرن التاسع الهجري، كان لعدد كبير من النساء دور بارز في التعليم والفتوى في مكة المكرمة، ووفقًا للأرقام، بلغ عدد الفقيهات التي كانت لهنَّ علاقة بمكة نحو 270 فقيهة، مما يعكس دور المرأة المهم في العلوم الشرعية في ذلك العصر، موضحه أن كتب الفقه لم تهتم بتوثيق أقوال النساء الفقيهات إلا ما كان مرتبطًا بأمهات المؤمنين وبعض نساء صدر الإسلام، ومن الأسباب التي أدَّت إلى هذا الإهمال زهدُ العديد من النساء في الكتابة والعلم، بالإضافة إلى هيمنة العلماء الرجال على الساحة الفقهية في تلك الفترة.

وتابعت: إن من أبرز النساء اللاتي لعبن دورًا في الفتوى والتعليم، أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، التي تخرج على يدها العديد من الفقيهات. ومنهن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وصفية بنت شيبة، وأم الدرداء الصغرى، اللاتي اشتهرنَ بعلمهن وزهدهن.

وفي القرون الهجرية الأولى، كان هناك العديد من النساء المتميزات في الفقه، مثل أسماء بنت أسد بن الفرات في القيروان، التي تعلمت على يد والدها وكان لها حضور في مجالس المناظرة، وكذلك خديجة بنت الإمام سحنون في تونس التي كانت من أبرز الفقيهات في عصرها، كما كان هناك فقيهات في مصر مثل أخت إسماعيل بن يحيى المزني، التي كانت تنافسه في الفقه وتناقشه، على الرغم من أن معظم العلماء لم يذكروا إسهاماتها بشكل بارز.

وفي ختام كلمتها أوضحت أن الذهبي في "ميزان الاعتدال" أشار إلى أن النساء كان لهن دور بارز في نقل العلم، حيث لم تُعهد عليهنَّ كذبة أو علَّة في رواية الحديث. وقد ذكر ابن القيم أن عدد من حفظ عنهم الفتوى من الصحابة والتابعين بلغ 130 شخصًا، من بينهم نحو 22 مفتية.

وتحت عنوان "الفتوى وتحقيق الأمن الفكري قراءة في المنطلقات والآثار"، قدم الدكتور مصطفى عبد الكريم، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، ورقة بحثية في الندوة الدولية الأولى بمناسبة اليوم العالمي للفتوى، حيث افتتح كلمته بالتأكيد على أهمية الفتوى كوسيلة لفهم مراد الله تعالى في القضايا المتعددة التي تواجه المجتمع. وأشار إلى أن الفتوى كانت تتطلب الدقة والجودة، مستشهدًا بما ورد في قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 44]. 

وأوضح الدكتور عبد الكريم أن الفتوى تُعَدُّ من أدوات الحفاظ على الأمن الفكري في المجتمع، حيث يجب على العلماء والفقهاء أن يتحلَّوا بالحذر والدقة عند إصدار الفتاوى. وأكد أن الفتوى ليست مجرد كلمات، بل هي مسؤولية عظيمة تؤثر بشكل مباشر على حياة الأفراد والمجتمعات.

وأشار إلى أن الأمن الفكري يشمل مجموعة من القواعد والضوابط التي تهدف إلى تشكيل عقلية الفرد بطريقة تحميه من الانحراف. وأوضح أن الحفاظ على العقل هو أولى خطوات إرساء دعائم الأمن الفكري، حيث يمثل العقل مناط التكليف وأصل المسؤولية الشرعية. 

كما تحدَّث الدكتور مصطفى عبد الكريم عن المحاور الأساسية التي تتناول دور الفتوى في الأمن الفكري، حيث أشار إلى أهمية تصنيف الفتوى إلى ثلاثة أنواع: الشخصية والاجتماعية والعامة. وذكر أن الفتوى الشخصية تتعلق بالأفراد ويجب أن تحمي أفكارهم ومشاعرهم، بينما تتعلق الفتوى الاجتماعية بالمجتمع ككل، وتهدف إلى الحفاظ على استقراره وأمنه.
وفي سياق الحديث عن الفتوى العامة، نبَّه الدكتور عبد الكريم إلى أن تباين الفتاوى بين البلدان المختلفة قد يسبب اضطرابات فكرية خطيرة، داعيًا إلى ضرورة وجود اجتهاد رشيد وممنهج يضمن التوافق بين مختلف الآراء. وأكد على أهمية عدم الاعتماد على الفتاوى الشاذة التي قد تؤدي إلى الفوضى والانقسامات في المجتمع.

وتطرَّق الدكتور مصطفى عبد الكريم إلى التحديات التي تواجه الفتوى في العصر الحديث، مشيرًا إلى ظاهرة البحث عن الشهرة من خلال إصدار فتاوى غير ناضجة أو شاذة، وكيف أن هذه الظاهرة تهدد استقرار الفكر. وأكد على ضرورة مراعاة التخصص في مجالات الفتوى، داعيًا إلى العودة إلى أهل العلم والاختصاص عند الحاجة.

كما استعرض بعض الفتاوى التي أصدرتها دار الإفتاء المصرية، والتي تهدف إلى تعزيز الأمن الفكري، مشددًا على أهمية الفتوى في معالجة التحديات التي يواجهها المجتمع، خاصةً في زمن تتداخل فيه المعلومات ويصبح من الصعب على العامة التمييز بين الحق والباطل.

واختتم الدكتور مصطفى عبد الكريم، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، كلمتَه بتأكيد ضرورة الْتزام العلماء بمسؤوليتهم في إصدار الفتاوى، وأن يكون لديهم الوعي الكامل بتأثير كلماتهم على المجتمع. كما دعا الجميع إلى التعاون من أجل تحقيق الأمن الفكري الذي يتطلب تضافر الجهود بين جميع المؤسسات الدينية والاجتماعية، مشيرًا إلى أنه بهذه الطريقة، تظل الفتوى أداة هامة في بناء مجتمع آمن ومستقر، تسوده قيم التعاون والتسامح، وتعمل على تعزيز الفهم الصحيح للدين.

وفي ختام الجلسة عرضت الدكتورة أميرة عبد الناصر -مدرس الفقه العام بكلية الدراسات الإسلاميَّة والعربية للبنات بالإسكندرية- بحثا بعنوان "دَورُ المؤسَّسات الدينيَّة في بنَاء القُدرات الإفتائيَّة للمرأة"، تناولت فيه دور المؤسسات الدينية في تمكين المرأة من ممارسة الإفتاء، والتحديات الاجتماعية والدينية التي تعوق مشاركتها الفاعلة في هذا المجال، كما ركزت على التصورات النمطية التي تحد من دور المرأة في الإفتاء، والتفسيرات التقليدية للنصوص الشرعية التي تضع قيودًا اجتماعية على مشاركتها، كما يسعى البحث إلى تحليل مدى توافر صفات المفتي في المرأة وفق الضوابط الشرعية واستعراض دورها التاريخي في تعزيز الأمن الفكري.

وأشار البحث أيضًا إلى أن تمكين المرأة من الفتوى يساهم في تعزيز الأمن الفكري والاجتماعي، ويركز على دور المؤسسات الدينية في تقديم برامج التأهيل لتطوير قدرات النساء في مجال الإفتاء. كما ناقش النماذج التاريخية للنساء المفتيات عبر العصور ويستعرض الفرق بين شروط الفتوى للرجال والنساء، وألقى الضوءَ على التحديات التي تواجه المرأة في هذا المجال، مثل التفسيرات التقليدية والتصورات المجتمعية السائدة.

كذلك أكدت الدكتورة أميرة عبد الناصر اعتمادها على منهجية تحليلية متعددة، بما في ذلك الوصفي والاستقرائي والاستنباطي والواقعي، لدراسة دَور المؤسسات الدينية في تمكين المرأة من الفتوى. كما قدمت توصيات لتعزيز البرامج التدريبية للمرأة في العلوم الشرعية والفقهية، والعمل على تغيير الصور النمطية المجتمعية تجاه دَورها في الفتوى، مشدده على ضرورة تخصيص برامج تدريبية مهنية للنساء من أجل تأهيلهن كعنصر فاعل في مواجهة القضايا الفكرية والاجتماعية.

وفي ختام عرضها طرحت مجموعة من التوصيات التي يقدمها البحث تتضمن تعزيز الوعي المجتمعي حول دور المرأة في تعزيز الأمن الفكري، وتشجيع المؤسسات الدينية على تخصيص برامج تدريبية لتأهيل النساء المفتيات، كما شددت على ضرورة استثمار التكنولوجيا الحديثة لتوفير برامج تدريبية مرنة، وإنشاء وحدات رقابية لضمان التزام الفتاوى بمقاصد الشريعة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات الدينية والأكاديمية لإعداد كوادر علمية نسائية قادرة على ممارسة الإفتاء بموضوعية وكفاءة.

مقالات مشابهة

  • تغيير المسار المهني
  • تمكين المرأة ركيزة أساسية للتقدم
  • انعقاد مؤتمر إطلاق الاستراتيجية المحلية للنساء بمأرب.
  • «دور المرأة في بناء المجتمع» في ندوة توعوية بالبحيرة
  • جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول دور الطب النفسي في مواجهة العنف ضد المرأة
  • أئمة الإفتاء يناقشون دور الفتوى في تعزيز الأمن الفكري والمواطنة ومواجهة الفكر المتطرف
  • جلسة حوارية تستعرض التجربة العمانية - الإماراتية في تمكين المرأة
  • وزيرة التضامن تترأس الاجتماع الأول لمجلس إدارة صندوق دعم مشروعات الجمعيات والمؤسسات الأهلية
  • ترامب يعمل على تغيير عادة أمريكية منذ الحرب العالمية الأولى!
  • بوراس: المرأة ليست نصف المجتمع فقط بل قوة دافعة للتغيير والتطوير