تشهد الهند، هذا الأسبوع، وحتى شهر يونيو (حزيران)، أكبر ماراثون انتخابي في العالم، حيث دُعي نحو 969 مليون ناخب مسجل، أي أكثر من 10 في المائة من سكان العالم، للتصويت على 543 مقعداً برلمانياً في 36 ولاية ومنطقة.

وتم تسجيل أكثر من 2600 حزب سياسي لخوض هذه الانتخابات. إلا أن 10 منها فقط تشغل 86 في المائة من إجمالي مقاعد «لوك سابها»، المجلس الأدنى بالبرلمان الهندي.

ويعدّ المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات العامة هو رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وحزبه بهاراتيا جاناتا، الذي يتولى السلطة منذ عام 2014 ويسعى لولاية ثالثة.

 

وبوصفها أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، بأكثر من 1.4 مليار نسمة، وواحدة من أسرع الاقتصادات نمواً، فإن نتيجة الانتخابات العامة في الهند سيكون لها تأثير على المستوى الدولي. فقد أصبحت الهند شريكاً جوهرياً لدول، بينها بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، التي تعزز شراكتها الاقتصادية والتجارية مع نيودلهي في مسعى لمواجهة تصاعد النفوذ الصيني.

 

7 مراحل

نظراً لمساحتها الضخمة، ينقسم التصويت في الهند إلى 7 مراحل عبر الولايات المختلفة، ويستمر ما يقارب 6 أسابيع. ويتم التصويت باستخدام آلات إلكترونية في أكثر من مليون مركز اقتراع. وتنشر لجنة الانتخابات الهندية 15 مليون شخص للإشراف على العملية. ومن المتوقع أن يتم إغلاق التصويت في 1 يونيو، ليتم فرز النتائج وإعلانها في 4 يونيو.

وتُعدّ الانتخابات الهندية أيضاً من بين الأعلى تكلفة في العالم. ففي انتخابات عام 2019، أنفقت الأحزاب السياسية ما يُقدر بنحو 8.7 مليار دولار. ويتوقع أن يرتفع هذا الرقم في الدورة الانتخابية الحالية إلى 14.4 مليار دولار، وفق تقديرات مركز الدراسات الإعلامية بنيودلهي.

 

وحددت المرحلة الأولى مصير 1623 مرشحاً لشغل 102 مقعد برلماني في 21 ولاية ومنطقة اتحادية، في 19 أبريل (نيسان)، وسط إجراءات أمنية مشددة. وبلغت نسبة المشاركة في المرحلة الأولى من التصويت 64.03 في المائة، وفق لجنة الانتخابات الهندية. ومن المتوقع أن تشهد المرحلة الثانية الاقتراع على 86 مقعداً، في 26 أبريل، بينما تشهد المرحلة الثالثة التصويت على 94 مقعداً في 7 مايو (أيار). وتجري المرحلة الرابعة من التصويت على 96 مقعداً في 13 مايو، بينما تجري المرحلة الخامسة في 20 مايو. أما المرحلة السادسة، فمتوقعة في 25 مايو للتصويت على 57 مقعداً، بينما تشهد المرحلة السابعة والأخيرة الاقتراع على 57 مقعداً في 1 يونيو.

 

كيف يجري الاقتراع؟

تعقد الهند انتخابات عامة مرة كل 5 سنوات. ومن شأن انتخابات عام 2024 اختيار مجلس النواب الثامن عشر في البرلمان. وتشرف «لجنة الانتخابات الهندية» على الانتخابات الوطنية في البلاد، التي تنشر مراقبي الانتخابات لضمان الشفافية طوال أسابيع التصويت. يتم التصويت بصورة متدرجة حسب المناطق، التي تحددها لجنة الانتخابات الهندية بناء على عوامل مثل عدد سكان الدولة، إلى جانب عوامل سياسية مثل احتمال وقوع اضطرابات أو المخاوف الأمنية. ولتأمين الحصول على الأغلبية، يجب أن يحصل الحزب أو الائتلاف على 272 مقعداً في البرلمان.

 

عملية معقدة

أُجريت أول انتخابات عامة في الهند المستقلة في 1951-1952. وكانت في ذلك الوقت أكبر ممارسة ديمقراطية في العالم، إذ استمرت نحو 4 أشهر، من أكتوبر (تشرين الأول) 1951 إلى فبراير (شباط) 1952.

وستكون الانتخابات الحالية الأكبر التي تجريها الهند حتى الآن، حيث تم تسجيل نحو مليار ناخب، سيكون 48 في المائة منهم نساء. وقد أضيف إلى الناخبين أكثر من 20 مليون ناخب شاب في الفئة العمرية بين 18 و29 عاماً. وتعد عملية الانتخابات الهندية معقدة للغاية، فالقواعد الانتخابية تقضي بأن يكون مركز الاقتراع متاحاً على مسافة كيلومترين (1.2 ميل) من كل منزل. وعلى مدى المراحل السبع، سيُدلي الناخبون بأصواتهم في أكثر من 1.25 مليون مركز اقتراع، عبر 5.5 مليون جهاز تصويت إلكتروني تم إنشاؤها في جميع أنحاء الولايات الهندية البالغ عددها 28 ولاية، مع 9 أقاليم اتحادية، يديرها 15 مليون شخص للإشراف على العمليات.

 

وبسبب رقعتها الجغرافية الهائلة، تُنقل آلات التصويت محمولة على ظهر الخيول والفيلة، وبالنسبة لبعض السكان، لا يمكن الوصول إلى مراكز الاقتراع إلا عن طريق القوارب. وتتباهى البلاد أيضاً بوجود أعلى مركز اقتراع في العالم، على ارتفاع 15256 قدماً (4650 متراً) في جبال الهيمالايا.

 

المرشح الأوفر حظاً

بعد فترتين رئاسيتين، يتطلع رئيس الوزراء ناريندرا مودي للفوز بولاية ثالثة، معتمداً على مستويات شعبية مرتفعة. يرى الصحافي شيخار غوبتا أن الانتخابات الحالية لن تحمل أي مفاجآت، إذ يسعى مودي البالغ من العمر 73 عاماً، إلى تأمين فترة ولاية ثالثة نادرة في منصبه اعتماداً إلى حد كبير على قوة شعبيته.

وحصل حزب مودي، بهاراتيا جاناتا، بالفعل على أغلبية برلمانية قوية في انتخابات 2019، عندما فاز بـ303 مقاعد، بينما حصل شركاؤه في الائتلاف على 352 صوتاً. وهذه المرة، يبدو الحزب واثقاً من الفوز، ويطمح إلى تأمين ائتلافه 400 مقعد على الأقل، في البرلمان الذي يتألف من 543 مقعداً. يضيف غوبتا أن هذه الانتخابات تتمحور حول شخص ناريندرا مودي. «فهو أكثر شعبية من حزبه، كما أن شعبيته تتغلب على أي قضية قد تواجه الناخبين».

 

وأوضح: «في عهد رئيس الوزراء مودي، تشهد البلاد ولاءً شعبياً لشاغلي المناصب لم يكن له مثيل في تاريخ الهند. فهو لا يزال يتمتع بشعبية عاصفة، بعد عقد من الزمان في منصبه، شهدت خلاله الهند تصاعد نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي، فضلاً عن جهود حكومته لجعل عقيدة الأغلبية في البلاد (الهندوسية) أكثر توافقاً مع سياساتها».

 شعبية مودي

يصور مودي نفسه معارضاً للنخبة السياسية الفاسدة في البلاد. ودعمت هذه الصورة خلفيته المتواضعة، إذ نشأ في أسرة فقيرة وكان يساعد والده في بيع الشاي.

وفي ظل حكم مودي، حقق اقتصاد الهند ازدهاراً لافتاً. فقد أصبحت اليوم خامس أكبر اقتصاد على العالم، مع ناتج محلي إجمالي يبلغ 3.7 تريليون دولار، وقد وضعت نصب عينيها أن تصبح ثالث أكبر اقتصاد على العالم بحلول عام 2027. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد الهند بنسبة 6.8 في المائة في عام 2024. وفي هذا الصدد، يرى الصحافي مانيش تشيبر أن أحد أسباب شعبية مودي يكمن في تحويله الهند إلى «قوة عالمية يتودد لها الغرب»، ونقل عن ناخبين هنود قولهم إن ذلك «كان سبباً في شعورهم بالفخر والاعتزاز بأنهم هنود».

 

في المقابل، يواجه مودي انتقادات حادة لـ«استغلاله الدين في تقويض أركان المشهد السياسي والثقافي في البلاد على مدى العقد الماضي». إلا أن الأجندة القومية الهندوسية لمودي أكسبته الدعم بين الأغلبية الهندوسية في الهند، البالغة 80 في المائة، ما يؤهّله للفوز بالأصوات بين المجتمعات الفقيرة والريفية والطبقات الدنيا، وكذا الناخبين الأثرياء من المناطق الحضرية ذات الغالبية الهندوسية، فضلاً عن الطبقات الوسطى الصاعدة.

 

تخبط المعارضة

يواجه حزب «بهاراتيا جاناتا» الذي يقوده مودي، إلى جانب «التحالف الوطني الديمقراطي»، أحزاب معارضة يمثّلها ائتلاف «التحالف الوطني الهندي التنموي الشامل» (I.N.D.I.A). وتتألف هذه الكتلة، التي تشكّلت لإزاحة حزب «بهاراتيا جاناتا» عن السلطة، من حزب «المؤتمر» وهو أكبر أحزاب المعارضة، وأحزاب إقليمية بارزة مثل «حزب ساماجوادي»، و«حزب مؤتمر ترینامول»، و«حزب درافيدا مونيترا خازاغام»، و«حزب آم آدمي». ويُعدّ حزب المؤتمر، وهو الحزب المعارض الرئيسي، أقدم حزب سياسي في البلاد، يعود تاريخه إلى عام 1885 عندما حكم البريطانيون شبه القارة الهندية. ولكن مكانة هذا الحزب الكبير تراجعت بشكل حادّ في الحياة السياسية الهندية منذ عام 2014، مع صعود ناريندرا مودي السريع. ويقول مانيش تشيبر: «لم يعد كثيرون ينظرون إلى حزب المؤتمر بوصفه بديلاً حقيقياً، بعد أن خسر بشكل دراماتيكي جولتين متتاليتين من الانتخابات العامة، وتراجعه مؤخراً في استطلاعات الرأي على مستوى الولايات لصالح حزب (بهاراتيا جاناتا). وحتى الآن، يفتقر حزب المؤتمر مع راهول غاندي إلى شخصية محفزة تتمتع بكاريزما تستطيع منافسة مودي، الذي تبدو شعبيته على الساحة الوطنية وكأنها أكبر من أي قضية بعينها».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مراحل مليار ناخب الهند أكبر ماراثون انتخابي العالم بهاراتیا جاناتا ناریندرا مودی انتخابات عام فی المائة فی العالم فی البلاد فی الهند أکثر من

إقرأ أيضاً:

سوق المُسيرات العالمية يتجاوز 60 مليار دولار بحلول 2029

حسونة الطيب (أبوظبي)

أخبار ذات صلة المدير التنفيذي لمجموعة «إفكو» لـ «الاتحاد»: 12.2% نمو سنوي لمبيعات الأغذية عبر الإنترنت خلال 2025 - 2028 الضحاك: توظيف الطاقات البشرية في الزراعة الحديثة

يسهم التطور السريع في مجال الابتكارات، في دعم قطاع المُسيرات، لإعادة رسم خريطة مستقبل عمليات الاستكشاف والأعمال التجارية ومن المتوقع، ارتفاع قيمة سوق هذا النوع من الطائرات من دون طيار، من 30.4 مليار دولار في العام 2023، إلى 61.2 مليار دولار بحلول العام 2029، بنسبة نمو سنوي مركب قدرها %12.6، بحسب خدمة واشنطن بوست. 
ويشير سوق المُسيرات، للقطاع العالمي الذي يركز على تطوير وإنتاج ومبيعات الطائرات من دون طيار، سواء للأغراض التجارية أو الاستهلاكية إلى تعدد استخداماتها وتشمل، الدفاع والزراعة، الخدمات اللوجستية، الإعلام، والسلامة، والتصوير والترفيه، مدعومة بالتقنيات المتقدمة والطلب المتزايد على الحلول الجوية والأتمتة. 
ومن ضمن الشركات الناشطة في هذا القطاع، زينا تيك (Zena Tech) وأر تي أكس (RTX) وأيه جي إيجل (AgEagle) ودي جي آي باروت (DJI Parrot) وشركة يونيك (Yuneec) وشركة بوينج وغيرها وتعتبر أيه جي إيجل، من أفضل الشركات في العالم لإنتاج الأنظمة الجوية الآلية وأجهزة الاستشعار والحلول البرمجية، وتزويد العملاء في جميع أنحاء العالم في القطاعات الحكومية والتجارية.
كما تعتبر، شركة إي هانج القابضة (EHang Holdings)، رائدة عالمياً في منصة تكنولوجيا النقل الجوي الحضري، ما مكنها من تحقيق أعلى نسبة مبيعات فصلية وسنوية من الطائرات المُسيرة ذات الإقلاع والهبوط العمودي، للقطاع التجاري.
ومن المتوقع، بلوغ إجمالي إنتاج هذه الشركات وغيرها حول العالم، 9.5 مليون طائرة مُسيرة بحلول العام 2029. 
وتهيمن الولايات المتحدة الأميركية، على هذه السوق، بما تملكه من تقنية متقدمة واستخدامات مكثفة في قطاعات متعددة ومن المنتظر، بلوغ سوق الطائرات المُسيرة التجارية، نحو 24 مليار دولار بحلول العام 2029، بنسبة نمو 13.8%، فضلاً عن نمو سنوي قدره 2.18% في الفترة بين 2025 إلى 2029. وفي حين تناهز إيرادات السوق العالمية للطائرات من دون طيار 4.4 مليار دولار خلال العام الجاري، تستحوذ الصين على قدر كبير منها، بنصيب قدره 1.6 مليار دولار. وتتراوح أسعار هذه الطائرات، بين 50 دولاراً للهواة، إلى 50 ألف دولار للطائرات المتخصصة، وذلك وفقاً لمواصفاتها ووزنها والمسافة التي يمكن أن تقطعها بحسب قوة بطاريتها ونوع الكاميرات الملحقة بها، بالإضافة لأجهزة الاستشعار ومدى تطورها. 
ويساعد تخفيف القيود والنظم الحكومية، في انتعاش نمو هذه الطائرات في قطاعات مثل، عمليات التوصيل والرقابة والزراعة. 
وتعزز التطورات التقنية في المُسيرات التجارية، الأداء المدعوم بالذكاء الاصطناعي والأتمتة ودورة حياة البطارية كما تساعد الابتكارات في أجهزة الاستشعار والملاحة وسعة الحمولة، في توسيع نطاق التطبيقات في قطاعات مثل، الخدمات اللوجستية والزراعة والأمن.
وبالإضافة لزيادة الاستخدام في العديد من القطاعات، يحدث الاستخدام المتصاعد للمُسيرات التجارية في هذه القطاعات، ثورة في العمليات في مجال الزراعة، والخدمات، اللوجستية والإنشاءات والأمن وتساعد كفاءتها وآلية استخدامها ومقدرتها على جمع المعلومات، في توسيع دائرة تبنيها وفي المزيد من الابتكار.

مقالات مشابهة

  • 400 ألف شقة جاهزة للحجز بعد العيد.. تفاصيل أكبر طرح سكني للمواطنين
  • سوق المُسيرات العالمية يتجاوز 60 مليار دولار بحلول 2029
  • الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يُلقي خطبة عيد الفطر في أكبر جوامع ألبانيا ومنطقة البلقان
  • تعرف على الدول التي تضم أكبر عدد من الأغنياء (إنفوغراف)
  • مفوضية الانتخابات:1079 مركزًا في عموم العراق مفتوحة لتحديث بيانات الناخبين
  • مقابل 33 مليار دولار.. «ماسك» يعلن استحواذه بالكامل على «منصة إكس»
  • إيلون ماسك يعلن بيع منصة إكس مقابل 33 مليار دولار
  • سور الصين العظيم أكبر مشروع معماري قديم في العالم
  • اللواء سمير فرج لـ«كلم ربنا»: رفضوا يسفروني الهند للدراسة لكن ربنا عوضني بأكبر كلية عسكرية في العالم
  • قائد أنصار الله: امريكا أكبر مجرم في العالم وسجلها مليء بالجرائم الرهيبة في العالم