الغلاء الفاحش الذى تشهده البلاد خلال الشهور الماضية بات حديث الصباح والمساء لجموع المصريين، بسبب ارتفاع فاتورة النفقات المعيشية بصورة تضاعفت عشرات المرات على مستوى الدخل، الأمر الذى أدخل الجميع بصورة إجبارية إلى نفق الشح المعيشى.
واضطر المصريون إلى تقليص فاتورة الاحتياجات إلى أقصى الحدود الممكنة بما يتناسب مع إمكانياتهم المحدودة، خاصة فترة إصابة الدولار بجنون العظمة، وانتعاش السوق الموازية، وتحكم أباطرة الأسواق فى رقاب العباد وأحوال البلاد.
بعد المشروعات الاقتصادية العملاقة للدولة وضخ مليارات الدولارات فى الخزانة العامة وثبات سعر الدولار واختفاء السوق الموازية وانخفاض أسعار خامات الإنتاج، شهدت الأسواق تحسنا طفيفا لا يرقى إلى مستوى الجهود التى أعلنتها الدولة، ولا إلى طموحات الشعب خصوصا الطبقات الكادحة والمتوسطة التى عرف «النوم من غير عشا» طريقه إليها.
موجة الغلاء طالت كل ما يتعلق بحياة المصريين ليس فقط السلع الاستراتيجية والاحتياجات الأساسية، وإنما وصل إلى الدواء والعقارات والسيارات والأجهزة الكهربائية والأراضى مرورا بالخضراوات والأسماك واللحوم وحتى حزمة الجرجير.
المعركة بين الحكومة والتجار كانت تحسم لصالح التجار طوال العام الماضى، واستطاع أباطرة الأسواق فرض سيطرتهم على الحكومة وعطشوا الأسواق وأخفوا السلع، وفرضوا الأسعار على طريقتهم ولم تشفع صرخات أصحاب البطون الخاوية فى كبح جماحهم ووقف رغباتهم الشريرة فى مص دماء الغلابة بأى طريقة، وطغى على السطح أكثر من بورصة موازية للسلعة الواحدة لتباع بأكثر من سعر تحت شعار آليات السوق والعرض والطلب «واللى مامعهوش ما يلزموش».
فشلت نظرية «الاستغناء فى مواجهة الغلاء» فى ردع أباطرة السوق وإجبارهم على خفض الأسعار بما يتناسب مع التكلفة الحقيقية للسلع ويضمن هامش الربح المعقول للتاجر، وفى الوقت ذاته يضمن الحياة الكريمة للمستهلكين.
الآن بدأت جولة أخرى من المواجهة بين الحكومة والتجار فى إطار فرض الهيمنة على الأسواق للبيع بما يتناسب مع التكلفة الحقيقية للسلع حماية للجبهة الداخلية التى أصبحت تئن من الأسعار المغالى فيها والتصدى للتجار الذين يرفضون تخفيض الأسعار حماية لمكاسبهم الخرافية وخزائنهم المكدسة.
المصريون يأملون أن تطول التخفيضات كل ما يتعلق بحياتهم اليومية ليس فقط السلع الاستراتيجية، فما ينطبق عليها لابد من أن ينطبق على غيرها وبنفس المعايير.
الأمر يدفعنا إلى التطرق لآليات الرقابة على الأسواق وضبطها فى ظل الاقتصاد الحر، لأن إعلانات الحكومة وحدها لا تكفى، وإعادة الأسواق إلى نصابها يتطلب أن تظهر يدها القوية لضرب المتلاعبين بأقوات المصريين فى كل مكان.
مكافحة جشع التجار وضبط الأسواق تحتاج إلى خطوات عاجلة عبر المزيد من التشريعات لمحاربة المحتكرين للسلع والمحاصيل سواء كانوا مستوردين أو تجاراً ووضعهم تحت طائلة القانون وتغليظ العقوبات فى حال إصرارهم على العودة لارتكاب نفس المخالفات، وتفعيل قانون مكافحة الاحتكار التجارى والتشدد فى تطبيق قواعد الشفافية والتنافسية الاقتصادية.
كما يتطلب زيادة حجم المعروض من السلع وإلزام التجار والصناع بكتابة الأسعار بصورة بارزة، على أن تقوم الدولة بتحديد هوامش الربح خلال جميع المراحل السابقة على طرح السلع فى الأسواق ولا تتركه لهوى التجار، بالإضافة إلى التوسع فى منافذ البيع التابعة للدولة بهامش ربح منخفض، وإنشاء العديد من الأسواق الجديدة خاصة فى الأماكن المكتظة بالسكان.
باختصار.. الدولة تستطيع، والحكومة تمتلك من القوانين والتشريعات والجهات الرقابية ما يضمن نجاحها فى إعادة الاستقرار للأسواق والانتصار لجموع الشعب فى مواجهة سماسرة الاتجار فى كل شىء لمواجهة الارتفاعات غير المبررة.
وعلى الحكومة سد العجز الموجود فى أعداد العاملين فى الأجهزة الرقابية وجهاز حماية المستهلك عبر الاستعانة بموظفى الجهاز الإدارى فى الوزارات المختلفة للعمل فى وظيفة المفتشين وتوفير فرص عمل جديدة للشباب، كما تحتاج إلى إعلان خطوط ساخنة تابعة لوزارة التموين ولجهاز حماية المستهلك توضع فى صورة بارزة فى الأسواق وتعلن بطريقة مكثفة فى وسائل الإعلام المختلفة، وتغليظ العقوبات على المخالفين.
المواطنون الحلقة الأضعف فى صراع الحكومة والتجار خلال معركة ضبط الأسواق، يترقبون بشغف نتائج الجولة آملين أن تسفر عن حلول إيجابية تكبح جماح أباطرة الأسواق والمتاجرين بأصحاب البطون الخاوية وتعيد الاستقرار وتضع خططاً بعيدة المدى لمراقبة الأسواق بشكل كامل ونهائى يحفظ آدمية المواطن ويحمى الجبهة الداخلية ويعيد للحكومة هيبتها.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: باختصار الغلاء الفاحش لجموع المصريين مستوى الدخل
إقرأ أيضاً:
الحكومة تتجه لإنشاء وكالة متخصصة في حماية الطفولة
أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل مهدي بنسعيد، على الحاجة الملحة لإنشاء وكالة حكومية متخصصة في حماية الطفولة، مع تمكينها من جميع وسائل الاشتغال للقيام بدورها على أكمل وجه.
وردا على سؤال شفوي في الموضوع خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء، قال بنسعيد إن الحكومة تتجه نحو إنشاء هذه الوكالة مع تمثيل مختلف القطاعات المعنية برئاسة رئيس الحكومة.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن وزارته تمتلك 17 مؤسسة تعنى بحماية الطفولة منها 4 مخصصة للإناث و10 للذكور و3 مراكز قيد الإنشاء، وتحتضن هذه المؤسسات حاليا 400 طفل، فيما يصل العدد سنويا إلى نحو 3 آلاف طفل.
وسجل الوزير أن أهم الإشكاليات التي تعوق هذا الملف هو ضعف الموارد البشرية، وتشتت المسؤوليات، مشيرا إلى أن حماية الطفولة لا ترتبط فقط بهذا العدد، عدد من القطاعات معنية بهذا الملف.
وأضاف « اليوم الحكومة ستعمل على إحداث وكالة تشارك فيها مختلف القطاعات الحكومية المعنية لإيجاد سياسة شاملة لمواجهة الإشكالات التي تواجه حماية الطفولة. الوزارة تعالج جانبا واحدا وباقي الوزارات تعالج جوانب أخرى ».
كلمات دلالية بنسعيد حماية الطفولة