قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما المجالس بالأمانة»، فما بالكم بخيانة هذه الأمانة؟! أصبحت خيانة المجالس من أكثر الظواهر انتشارا، بل وأخطرها، ومن أكثر السلوكيات المجتمعية ممارسة؛ فلا يكاد يخلو منها مجلس. ومع التطور التكنولوجى الهائل وما شهده العالم من ثورة معلوماتية، ومع انتشار الهواتف الذكية وتطورها، أخذت هذه الظاهرة أنماطا متعددة:
- إذ تجالس شخصا أو تحضر مجلسا فيقوم أحدهم بتصويرك، أو تسجيل حديثك، دون علمك أو بإذن مسبق، وهو يعلم أن ذلك الفعل من خيانة المجالس.
- أو تحادث زميل عمل فى الهاتف فيسجّل مكالمتك دون إذن منك، وهو يعلم أن ذلك الفعل من خيانة المجالس.
- أو تُرسل له رسائل عبر الواتس آب، أو الماسنجر – مكتوبة كانت أو صوتية – فيعيد إرسالها لبعض الأشخاص، أو ينشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعى من غير إذن منك، وهو يعلم أيضا أن ذلك من خيانة المجالس.
- أو من يكلمك عبر الهاتف ثم يفتح (مكبر الصوت) دون علمك؛ ليُسمع شخصا بجانبه بالرغم من أن المحادثة تتضمن أسرارا أو خصوصيات أو أمورا قد حدثت بينك وبين أشخاص فيكون ذلك سعيا بالنميمة والتفريط بأمن الجليس.
وإفشاء أسرار المجالس أو تصوير الإنسان أو تسجيل حديثه ونقله للغير وتداوله بين الناس على مواقع التواصل الاجتماعى أو غيرها من الوسائل، دون إذنه، بمثابة خيانة الأمانة وتصرف مُحرم شرعًا وقانونا، ويعد انتهاكا صريحا للخصوصية وسببا من أسباب الكراهية والفضيحة سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع.
إذ تنص المادة ٥٧ من دستور ٢٠١٤ على أن: «للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة وفقا لأحكام القانون، كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها».
فالمشرع هنا يجرم تسجيل المكالمات الشخصية عبر الهاتف أو التقاط فيديوهات أو الاعتداء على الحياة الخاصة دون الحصول على إذن من النيابة أو القاضى المختص حسب الأحوال، وإذا تم تسجيل مكالمة دون إذن قضائى أو بدون رضا المجنى عليه وكان مضمون المكالمة المسجلة قد يشكل جريمة فإن هذه التسجيلات لا يعتد بها قانونًا ولا ينتج أى أثر قانونى أمام المحكمة، وتعرض الذى قام بتسجيلها للمساءلة القانونية.
ويعد التنصت وتسجيل المحادثات عن طريق الهاتف أو أى وسيلة أخرى فى أماكن خاصة، بدون اتباع الطرق القانونية، جريمة جنائية وفقا لنص المادة ٣٠٩ مكرر من قانون العقوبات، فإنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن وقام بتسجيل محادثة أو التقاط صور وفيديوهات جرت فى مكان خاص أو عن طريق التليفون، وذلك فى غير الأحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضا المجنى عليه، ويحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة، كما يحكم بمحو التسجيلات الحاصلة عنها أو إعدامها.
وفى النهاية، اتقوا الله فى أنفسكم وفى من يجالسكم، واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله، وعلموا أبناءكم أن الخيانة غدر، والغدر من أعلى درجات الظلم، والظلم لا يمحيه ألف اعتذار.
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب
جامعة المنصورة
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جامعة المنصورة د أحمد عثمان أمانة المجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم
إقرأ أيضاً:
"ملتقى المجالس الاستشارية الطلابية" يستشرف المستقبل الرقمي القائم على الوعي والمسؤولية
مسقط- الرؤية
انطلق صباح أمس الأحد بجامعة السلطان قابوس ملتقى المجالس الاستشارية الطلابية بمؤسسات التعليم العالي، برعاية معالي الأستاذة الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية، وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وحضور صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد، رئيس الجامعة، وبمشاركة واسعة من ممثلي المجالس الطلابية من مختلف المؤسسات التعليمية في عُمان.
واستُهل الحفل بكلمة الدكتورة ريا بنت سالم المنذرية عميدة شؤون الطلبة بجامعة السلطان قابوس وأمين سر المجلس الاستشاري بالجامعة، أبرزت من خلالها الدور المحوري للمجالس الاستشارية في بناء جسور الحوار بين الطلبة والإدارات الأكاديمية، وفي دعم المبادرات الطلابية التي تسهم في تطوير البيئة الجامعية.
وألقى الطالب مبارك بن غازي الحضري رئيس المجلس الاستشاري الطلابي بالجامعة، كلمةً عبّر فيها عن تطلعات الشباب إلى صياغة مستقبل رقمي قائم على الوعي والمسؤولية، مؤكدًا أن المجالس الاستشارية تمثل صوت الطلبة النابض بالتغيير، وسندًا للمؤسسات التعليمية في مواجهة التحديات التقنية والتربوية.
وشهد الملتقى تقديم عرض ملهم لمشروع "SQU Coffee"، الذي أسَّسه الطالب محمود بن سعيد البحري، كنموذج مبتكر لمنصة رقمية طلابية عززت التجربة الجامعية داخل الحرم الجامعي، مُسلِّطًا الضوء على قدرة الطلبة على تحويل الأفكار إلى مبادرات ناجحة.
وافتتحت راعية الحفل معرض المشاريع والشركات الطلابية الرقمية المصاحِب للملتقى، حيث تم عرض عدد من المبادرات الطلابية التقنية وريادة الأعمال الرقمية التي عكست إبداع الطلبة وطموحاتهم.
وفي سياق الفعاليات العلمية، نُظّمت جلسة نقاشية عن الرقابة الرقمية بين الحرية والحماية، أدارها الطالب حمد بن علي البادي، عضو المجلس الاستشاري الطلابي، بمشاركة الأستاذ محمد بن خميس العجمي، المختص في تقنية المعلومات، الذي استعرض أبرز التحديات التقنية المتعلقة بأمن المعلومات وسبل حماية المستخدمين في العالم الرقمي.
واختُتِم اليوم الأول من الملتقى بمجموعة من حلقات العمل التفاعلية، التي تناولت موضوعات متعددة في مجالات القيادة الرقمية، وأخلاقيات التكنولوجيا، وريادة الأعمال الطلابية، وقد أتاحت هذه الحلقات للمشاركين فرصة تعميق المعرفة والتواصل مع عدد من المختصين في هذه المجالات.
ويستمر الملتقى ليومه الثاني، متضمنًا جلسات حوارية وعروضًا طلابية، وصولاً إلى حفل الختام الذي يتضمن تكريم المشاركين والمتميزين، واستعراض أبرز توصيات ومخرجات الملتقى، تأكيدًا على أهمية تعزيز العمل الطلابي المشترك، وتطوير آليات التمكين الشبابي في ظل التحولات الرقمية المُتسارعة.