قوة المجتمع وإعادة تخطيط المستقبل
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
الجهود الكبيرة التي تبذلها المؤسسات الحكومية لتخفيف الآثار التي خلفها المنخفض الجوي «المطير» الذي أسفر في بعض المحافظات عن أضرار مادية كبيرة لا تنكر، وهي امتداد للأدوار التي تقوم بها هذه المؤسسات في كل حين. كما أن اللحمة الوطنية التي شاهدها الجميع تؤكد مرة أخرى قوة المجتمع العماني وتماسكه وتآزره. وهذا التآزر وتلك الجهود هي دليل على قوة الدولة ونجاحها في البناء الداخلي، وما كان هذا النجاح أن يتحقق دون وجود الكثير من العوامل التي يستمد بعضها من التاريخ العماني: تاريخ الإنسان وتاريخ التجربة نفسها التي استطاعت أن تراكم الكثير من الخبرة والكثير من الترابط والبناء القوي.
وهذا التماسك مهم جدا في بناء الدولة وفي بناء إنسانها، وفي بناء أنظمتها على أحدث المستجدات السياسية والعلمية.
ويمكن للحكومة أن تنطلق من فلسفة هذا التماسك وقوته في الجانب المعنوي نحو بناء جديد في الجانب المادي يكون مدعوما من قوة المجتمع وتماسكه في الجانب المعنوي.
إن المتغيرات التي يشهدها العالم في الجانب المناخي تحتم على سلطنة عمان أن تعيد التخطيط في الكثير من الجوانب التنموية والعمرانية، ولا بد أن يواكب هذا التغير التخطيطي سرعة التغير المناخي فلا يمكن أن تعيد الدولة بناء البنية الأساسية كل عام، أو كل عامين أو حتى كل خمسة أعوام في ظل ارتفاع تكلفة التنمية في سلطنة عمان نظرا لتنوع البيئات بين البيئة الجبلية الوعرة والبيئة الرملية المتحركة والبيئة السهلية.
وأول خطوة يمكن القيام بها في هذا السياق هو إعادة تخطيط حدود مجاري الأودية في مختلف المحافظات وفي مقدمة تلك المحافظات محافظتا جنوب وشمال الباطنة حيث تكثر مجاري الأودية التي أصبحت أكثر ضيقا مما كانت عليه قبل عقود ماضية. ومع التغيرات المناخية التي تشير إلى تطرف الحالات المدارية والمنخفضات الجوية كل عام فيمكن الذهاب نحو نزع الملكيات من أجل توسعة مجاري الأودية حتى لا تتسبب في تشكل فيضانات تؤثر في البنية الأساسية وعلى الأملاك الخاصة. لقد كشفت الأحداث التي صاحبت إعصار شاهين، على سبيل المثال، أن تأثر الناس لم يكن بشدة الرياح المدمرة ولا بدخول البحر إلى اليابسة ولكن أغلب التأثير كان نتيجة الأودية الجارفة التي حاصرت الناس ودخلت منازلهم وممتلكاتهم كما ضربت المؤسسات الحكومية والخاصة والبنية الأساسية التي أنفقت الدولة عليها عشرات المليارات عبر سنوات طويلة.
أما الخطوة الثانية فيمكن أن تكون عبر إعادة النظر في الكثير من المخططات السكنية التي أقيمت بالقرب من إحرامات الأودية أو في مواجهتها ونقلها إلى مناطق أكثر أمانا وحماية من أي أودية.
كما أننا في عُمان بحاجة ماسة الآن إلى أفكار جديدة للاستفادة من التغيرات المناخية بشكل إيجابي عبر الاستفادة من كميات الأمطار التي يمكن أن تعيد الخصب إلى الكثير من المحافظات وتعيد تجديد المياه الجوفية التي زادت نسبة ملوحتها إلى درجة لم تعد صالحة لوجود مساحة مزروعات في وقت تحتم علينا المتغيرات العالمية أن يكون لدينا أمن غذائي داخلي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکثیر من فی الجانب
إقرأ أيضاً:
رمضان.. تكوين زمني مختلف
يأتي رمضان في روحانيته، حاملاً معه فرصةً عظيمةً لتهذيب الروح، وصفاء الذهن، وتوجيه مسارات الفرد، وتفكيك مكنونات النفس، واستخلاص العناصر الإيجابية الكامنة في أعماقها، وجعلها قادرةً على التغيير .
فرمضان الشهر المبارك، يعيد تشكيل الوعي؛ ويجعلنا قادرين أن نرى أنفسنا كما هي؛ بدون الضغوط الدائمة للإنجاز، ودون الحاجة الملحة لرغبات الحياة اليومية المتسارعة.
لرمضان تكوين زمني مختلف لا يشابه غيره من شهور السنة، مايمنحنا القوة في كسر الروتين المعتاد، ويخلق لنا زمناً مختلفاً في كل تفاصيله .
للوقت في رمضان إيقاع مختلف في جدولته وأهميته، وترقبنا للدقائق والثوان. وكل ذلك ينمِّي الوعي الذاتي بالسيطرة على الوقت، وإدراك أهميته .
والتغيير في رمضان ليس مبدأً فردياً؛ بل تغيير محوري يشمل الكيانات الأسرية، ويساعد في بناء مشروع أسري جديد، قائم على التهذيب على المستوى الشخصي والأسري والاجتماعي؛ممَّا يساهم في التطوير ؛ وعليه تبقى تربية الأبناء في رمضان أولويةً يجب أن تؤخذ بأفضل الأساليب التربوية والتعليمية، وأن تكون قائمةً على الموازنة والاعتدال في ممارسة الشعائر أو الممارسات الاستهلاكية ووجبات الإفطار والسحور، لأن مبدأ التوازن مهم جداً في صناعة شخصية الأبناء.
وأيضاً لا ننسى تعظيم ثقافة الأدوار، ووضع برنامج متكامل للبيت يحدد فيه مهام كل فرد من الأسرة، لتشجيع الأبناء، وتقوية شعورهم بالمسؤولية، وتقوية شخصياتهم ومساعدتهم في الاستقرار الأسري.
ونحن نعلم جيداً أن رمضان فرصة لتهذيب النشء، وصياغة مفاهيمه الدينية والاجتماعية، وتقوية الركائز الأساسية التي من أهمها الحرص على الصلاة برفقة الأهل إلى المساجد، وقراءة القرآن، والحرص على الطاعات، وإشراك الأبناء في كل مانقوم به من عبادات وأعمال خيرية، وتدريبهم عليها ليسهل عليهم اكتسابها، ونكون لهم القدوة الأمثل .
ويرتكب بعض الآباء والأمهات خطأً كبيراً ، عندما ينعزل أثناء تأدية العبادات، ويخلو بنفسه دون أبنائه، فهو يحرمهم من فرصة التعلم بالقدوة، التي لها دور كبير في تعلم الطفل، واكتسابه للعادات الحسنة.
ونحن في أمس الحاجة إلى ربط الأجيال بهذا الشهر الكريم، لأنه من الأشهر التي تعطي للأسرة فرصة سانحةً للتقويم والتهذيب والتربية والتوجيه الأمثل لمعرفة الأسس الحياتية التي من المهم أن يعرفها الأبناء.
وتعديل السلوكيات الخاطئة، كالبعد عن الألفاظ النابية والشجار مع الإخوة ، وللأسف نحن نحرص على العبادات دون المعاملات رغم أهمية المعاملة في الدين.
أما على الجانب الاجتماعي، فإننا وكما تعلمون في شهر فضيل يكثر فيه التواصل والتزاور بين الأهل والجيران والأصدقاء، كي يدرك الجيل أهمية صلة الرحم، وإظهار الموده والعيش في مجتمع متماسك .
ولا ننسى الجانب الترفيهي في سهرات رمضانية بالألعاب والمسابقات المتنوعة، والحوارات الجميلة والهادفة بين أفراد الأسرة، لتكون ليالي رمضان مفيدةً جميلةً ورائعةً لاتنسى.