يقولون إن السياسة هى فن إقناع الكل بأنه لا يوجد شىء مستحيل ويقول عنها دافنشى بأنها فن اللعبة القذرة، ويضيف: أن من يعملون بالسياسة ما هم إلا بهلوانات، وبأن كل من يمتهن السياسة لا يقصد ما تعنيه الكلمة بل إنه يدخر معناها فى باطن عقله وتفكيره ؛ فهو عندما يقول "نعم" يقصد بها "ربما".
تعريفات السياسة ومفاهيمها التى تدرس وتكتب تعجز عن وصف ما يجرى فى منطقة الشرق الاوسط فى هذه المرحلة بصفة عامة وبما يدور من تطورات بين ايران ودولة الاحتلال الاسرائيلى بصفة خاصة.
الندوة كانت تعج بالحضور وبأصحاب القلم والرؤى والأفكار.. وعلى مدى أكثر من ساعتين ومن يتصدرون الحوار والمشهد يتحدثون ويفندون ماجرى منذ استهداف إسرائيل القنصلية الايرانية فى دمشق ومقتل عدد من الدبلوماسيين الإيرانيين، وما تبعه من استهدافات إسرائيلية لعدد من المنتمين لإيران فكرًا وعقيدة، كل من الحضور كانت له حجته وشرحه وتفسيره المقنع بكل الوسائل، بعضهم أشاد بالرد الإيرانى ووصفه بأنه صفعة على وجه تل أبيب المتغطرس، وآخر صوره بأنه ينتمى لأفلام الكاوبوى الأمريكانية الشهيرة ودلل على ذلك بما قاله الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب عندما قال على الهواء بأن طهران طلبت من واشنطن بأن تخلى لها قاعدتان فى العراق تقصفهما ايران ردًا على مقتل دبلوماسى ايرانى كبير فى قصف امريكى استهدفه منذ فترة ليست بالبعيدة .
واحتدم الحوار بعد هذه التفنيدات وتحولت الندوة الى سجال عقيم كل من فيها متمسك برأيه ويعمد إلى دحض رؤية الآخر ، وحاول من يدير الندوة ان يعيد الهدوء إليها فاستأذن من على المنصة باستقبال اسئلة واستفسارات الحضور وليته ما فعل ؛ فقد زادت الاسئلة البلة طينا كما نقول فى امثلتنا الشعبية ، فقد كانت الاسئلة هى أخرى موزعة بين الاشادة والتنديد والتساؤل حول ما ستأتى به الاحداث من تطورات وهل سيستمر الجذب والشد بين تل ابيب وطهران ؟ وأيضا أسئلة من نوعية الانتماءات والولاءات وأثرها فى توزيع تورتة مابعد الحرب الاسرائيلية على اهل غزة. وعاد الوضع على قاعة الندوة الى سابقه واضطر القائم عليها أن يختتمها بلباقة وشكر للحضور مع وعد بالمزيد من اللقاءات الفكرية التى يجيب خلالها أهل الفكر عن كافة التساؤلات ويزيلون الغموض والتشرد عن أية قضايا أو أزمة إقليمية او عالمية .
وحينما هممت بجمع أوراقى التى كنت أستعد لقراءة ما فيها وشرحه فى الندوة المثيرة للجدل اذا بى أجد أمام عينى زميل قديما ايرانيا جمعنا معا سفر الى فرنسا فى اطار تجمع عربى واقليمي اعلامى للتدريب فى باريس ، تبسم صديقى لى وسلم وسألنى مباغتا بطريقته المعتادة : ما رأيك فيما حدث بين بلادى واسرائيل ؟ وقبل أن أجيبه قال لى ووجهه يشع فرحة وغبطة : حذارى من أن يأخذك الحماس والمسميات الرنانة من وطنية وعروبة ونخوة ودين من أن تنجرإلى حرب وجهًا لوجه ، حاربى بالوكالة حتى يكون نصيبك من الخسارة ضئيلاً إلى أقصى الدرجات، واستكمل قائلاً: بعد حرب بلادنا الطويلة ضد العراق والتى استمرت ثمانى سنوات بعدها صار ماذكرته لكِ آنفاً علماً ومنهاجاً يُدرس فى كل أنحاء بلادنا..
كلام صديقي أعاد إلى ذهني ما يقول المخرجون في بداية كل عمل لهم ..
كلاكيت … هنصوّر !!!!!
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
بعد عودة ترامب.. كيف ستتعامل الصين مع متغيرات السياسة الأميركية؟
يرى خبراء السياسة الدولية أن الصين تسعى لتجاوز الولايات المتحدة كقوة رائدة عالميا، وهناك اتهامات صينية بأن أميركا تسعى لعرقلة هذا التقدم بوصف بكين التحدي الرئيسي أمام هيمنة واشنطن وسيطرتها عالميا.
ولذلك تذهب مجموعة الأزمات الدولية -في تقرير سابق لها- إلى أنه يجب على الإدارة الأميركية القادمة تحقيق تعايش قابل للتطبيق يتيح لكل من واشنطن وبكين التنافس بمسؤولية، وتقليل خطر النزاع المسلح والحفاظ على العناصر الأساسية للوضع السياسي الراهن، وأنها لا تسعى إلى انتصار في حرب باردة ضد الصين.
ومع نجاح دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية التي أجريت مطلع الشهر الحالي، واستعداده لإدارة دفة السياسة الأميركية تجاه الصين يستحضر العالم عهدته الرئاسية السابقة وتوجهات سياسته نحو الصين.
منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين في سبتمبر/أيلول الماضي (الأناضول) ترامب والصينتقول مجموعة الأزمات إن هناك 3 نقاط رئيسية تميز النهج الذي سيتبعه ترامب في علاقته بالصين:
أنه يرى العلاقات الأميركية الصينية من منظور التجارة بشكل رئيسي، ويبدو أنه ملتزم بتسريع فك الروابط الاقتصادية بين واشنطن وبكين. تظهر تصريحاته خلال حملته الانتخابية عقلية تجارية في الأساس، لذلك فإنه يُخضع معظم أهدافه لتحقيق علاقة اقتصادية أكثر توازنا مع الصين. هناك مستوى من عدم القدرة على التنبؤ بمواقف الرئيس الأميركي السابق، فقد اتخذ مواقف متناقضة طوال فترته الرئاسية فيما يتعلق بالقيادة الصينية نفسها أو القضايا الاقتصادية والسياسية.وبناء على ذلك، يرى محللون وخبراء أنه يمكن أن تتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وأن الصعود الاقتصادي السريع للصين أثار غضب المحافظين الجدد في واشنطن.
أميركا والصين تمثلان معا نحو 43% من الناتج العالمي (شترستوك) التنافس الاقتصاديتعد الولايات المتحدة والصين القوتين الاقتصاديتين والعسكريتين الرائدتين في العالم، حيث تمثلان معا نحو 43% من الناتج العالمي، و49% من الإنفاق الدفاعي العالمي في عام 2023، وإن تصاعد المنافسة الإستراتيجية بينهما يعد محورا رئيسيا في النظام الدولي المتطور، حسب ما تراه مجموعة الأزمات.
ويقول كبير الباحثين في معهد "تايهي" إينار تانجين إن الولايات المتحدة انخرطت في صراعات مدتها 231 عاما من أصل 248 عاما من وجودها، فغزت دولا وخرقت معاهدات وتجاهلت القانون الدولي، وقوضت مؤسسات دولية، وسعت لتحقيق مصالحها على حساب الآخرين.
وأضاف تانجين -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن صراع أميركا مع الصين بدأ منذ أدراكها أن السماح لبكين بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية لن يغير الحكومة الاشتراكية في الصين، وأن هذا الصراع يمتد لسنوات، وما نراه اليوم هو مجرد مرحلة جديدة.
أما خبير الشؤون الأميركية الصينية لدى مجموعة الأزمات علي واين فيرى أن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين من المرجح أن تتصاعد الفترة القادمة، "إلا أن القلق الأكثر إلحاحًا على الأمدين المتوسط والطويل هو أن استمرار تقليل التعاون بينهما قد يجعل كلا منهما يعتقد أنه يمكنه تحمل الأضرار الاقتصادية التي قد يسببها الآخر إذا دخلا في نزاع مسلح".
التحالفات الصينيةحتمية التنافس الحالي بين القوتين الأميركية والصينية تفرض على الطرفين شبكة من التحالفات التي قد يستثمر فيها كل طرف، ويجعلها دعامة يستند إليها في كسب المزيد من المزايا الإستراتيجية على حساب الطرف الآخر.
لذلك يقول واين -في مقابلة مع الجزيرة نت- إنه من المرجح أن تعمل الصين على إضعاف علاقات أميركا مع الحلفاء والشركاء من خلال الإشارة إلى أنه لم يعد بإمكانهم اعتبار عقلية "أميركا أولا" الخاصة بترامب حالة استثنائية، بل يجب عليهم افتراض أنها ستشكل صورة عامة للسياسة الأميركية في المستقبل.
وأضاف خبير مجموعة الأزمات أن الصين ستستمر على الأرجح في تطوير علاقاتها مع أعداء الولايات المتحدة (مثل روسيا وإيران وكوريا الشمالية) ومع القوى المتوسطة (مثل إندونيسيا والسعودية وجنوب أفريقيا) للتعويض عن الضغوط المتزايدة من الديمقراطيات الصناعية المتقدمة.
لكن تانجين يختلف مع هذا الطرح، ويرى أن الصين تدرك التاريخ جيدا، فهي لا تريد اتباع المسار الذي أدى إلى الحرب العالمية الأولى، وأن إنشاء تحالفات من شأنه فقط أن يجعل السلام أكثر صعوبة.
وأضاف الباحث في معهد تايهي "أن نهج الصين السياسي للتعامل مع الولايات المتحدة هو الصبر الإستراتيجي، وأنها ستستجيب للضغوط ولكنها لن تصعد". ومن الناحية الاقتصادية، ستواصل التوجه نحو الجنوب العالمي وآسيا الوسطى للحصول على الموارد والأسواق.
تايوان تعد بؤرة التوتر بين الصين ومحيطها الجيوسياسي (الجزيرة) ملف تايوانتعد تايوان بؤرة التوتر بين الصين ومحيطها الجيوسياسي، وتعارض الحكومة بحزم أي حديث أو عمل يهدف إلى الاعتراف بتايوان كيانا مستقلا عنها، وازدادت قضية تايوان سخونة بعد مناورات صينية على ما يشبه اقتحام الجزيرة، وازداد التصعيد أكثر بالحشود التايوانية في المقابل.
ورغم أن الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة بالخطوط الحمر، ولم تعترف رسميا باستقلال جزيرة تايوان عن البر الصيني، فإنها لم تضيع وقتا ودانت المناورات الصينية، مما استدعى تصعيدا في التصريحات الصينية ضد التدخل الأميركي.
وأمام هذه القضية المحورية في الأبعاد الإستراتيجية بين بكين وواشنطن، ومع عودة ترامب إلى الرئاسة الأميركية فمن المحتمل "أن تعمل الصين على دق إسفين بينه وبين مستشاريه العسكريين الذين يريدون تعزيز الدعم العسكري لتايوان"، حسب المتخصص في الشؤون الصينية الأميركية علي واين.
وأضاف واين أن الصين ستعمل على أن يكون ردها بقوة أكبر على الإكراه البحري الذي تمارسه الولايات المتحدة في بحر جنوب الصين، ومنع ترامب من تقييد حريتها في المناورات إذا كان يأمل الحفاظ على إمكانية صفقة شاملة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.
ويذهب الباحث الصيني خطوة أكبر إلى الأمام، ويرى أن "تايوان واحدة من الخطوط الحمر الأربعة التي وضعها الرئيس الصيني صراحة أمام الرئيس الأميركي جو بايدن في قمة الأبيك" (منظمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادي). وهو إذ يقولها لبايدن فإن الرسالة في الحقيقة كانت موجهة لترامب.
ويضيف تانجين أن الولايات المتحدة إذا حاولت تزويد تايوان بصواريخ طويلة المدى يمكنها ضرب بكين، أو حاولت تايبيه إعلان الاستقلال، فإن القوات الصينية ستعبر مضيق تايوان نحو تايبيه.
الحرب الروسية الأوكرانية
شكلت الصين موقفها من الحرب الروسية الأوكرانية بما يتماشى مع سياستها الإستراتيجية، وإدراكها القيمة والهدف من التحالفات الدولية، وكانت بالنسبة لها فرصا ومخاطر محددة حسب طبيعة التدخلات الدولية في هذه الحرب، وكانت العلاقة مع الولايات المتحدة على رأس ذلك.
ويقيّم تانجين هذه العلاقات قائلا إن "الصين لا تدعم حرب روسيا في أوكرانيا، ولديها علاقات مع موسكو تتعلق بالتجارة والسياحة والثقافة"، لكنها "تواجه ضغوطا مماثلة من واشنطن التي تحاول عزلها وإجبارها على تغيير النظام".
وأضاف كبير الباحثين في معهد تايهي أن الصين تعتقد أن جميع القضايا الأمنية والسياسية يجب أن تحل من قبل الأطراف المعنية، وليس بالإملاءات من العواصم الأجنبية، كما أن الصين تدعو باستمرار إلى المحادثات، لأن "الحروب نادرا ما تحل أي شيء، وفي معظم الحالات تهيئ المسرح للحرب التالية".
أما علي واين فيري أن "الصين ستستمر في دعم روسيا، ليس فقط لأن أوكرانيا تواجه ضغوطا متزايدة للوصول إلى طاولة المفاوضات، ولكن أيضا لأن المسؤولين الصينيين لا يعتقدون أن التخلي عن موسكو سيغير الاتجاه العريض للسياسة الغربية تجاه بكين".