صدى البلد:
2025-01-11@09:03:42 GMT

كلاكيت.. هنصوّر!!

تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT

يقولون إن السياسة هى فن إقناع الكل بأنه لا يوجد شىء مستحيل ويقول عنها دافنشى بأنها فن اللعبة القذرة، ويضيف: أن من يعملون بالسياسة ما هم إلا بهلوانات، وبأن كل من يمتهن السياسة لا يقصد ما تعنيه الكلمة بل إنه يدخر معناها فى باطن عقله وتفكيره ؛ فهو عندما يقول "نعم" يقصد بها "ربما". 

تعريفات السياسة ومفاهيمها التى تدرس وتكتب  تعجز عن وصف ما يجرى فى منطقة الشرق الاوسط فى هذه المرحلة بصفة عامة وبما يدور من تطورات بين ايران ودولة الاحتلال الاسرائيلى بصفة خاصة.

ما يجرى وما سيجرى كان الحدث والحديث مؤثرًا فقد كنت مدعوة لحضور ندوة حوله فى واحدة من كبريات المؤسسات الاستراتيجية. 

الندوة كانت تعج بالحضور وبأصحاب القلم والرؤى والأفكار.. وعلى مدى أكثر من ساعتين ومن يتصدرون الحوار والمشهد يتحدثون ويفندون ماجرى منذ استهداف إسرائيل القنصلية الايرانية فى دمشق ومقتل عدد من الدبلوماسيين الإيرانيين، وما تبعه من استهدافات إسرائيلية لعدد من المنتمين لإيران فكرًا وعقيدة، كل من الحضور كانت له حجته وشرحه وتفسيره المقنع بكل الوسائل، بعضهم أشاد بالرد الإيرانى ووصفه بأنه صفعة على وجه تل أبيب المتغطرس، وآخر صوره بأنه ينتمى لأفلام الكاوبوى الأمريكانية الشهيرة ودلل على ذلك بما قاله الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب عندما قال على الهواء بأن طهران طلبت من واشنطن بأن تخلى لها قاعدتان فى العراق تقصفهما ايران ردًا على مقتل دبلوماسى ايرانى كبير فى قصف امريكى استهدفه منذ فترة ليست بالبعيدة . 

واحتدم الحوار بعد هذه التفنيدات وتحولت الندوة الى سجال عقيم كل من فيها متمسك برأيه ويعمد إلى دحض رؤية الآخر ، وحاول من يدير الندوة ان يعيد الهدوء إليها فاستأذن من على المنصة باستقبال اسئلة واستفسارات الحضور وليته ما فعل ؛ فقد زادت الاسئلة البلة طينا كما نقول فى امثلتنا الشعبية ، فقد كانت الاسئلة هى أخرى موزعة بين الاشادة والتنديد والتساؤل حول ما ستأتى به الاحداث من تطورات وهل سيستمر الجذب والشد بين تل ابيب وطهران ؟ وأيضا أسئلة من نوعية  الانتماءات والولاءات وأثرها فى توزيع تورتة مابعد الحرب الاسرائيلية على اهل غزة. وعاد الوضع على قاعة الندوة الى سابقه واضطر القائم عليها أن يختتمها بلباقة وشكر للحضور مع وعد بالمزيد من اللقاءات الفكرية التى يجيب خلالها أهل الفكر عن كافة التساؤلات ويزيلون الغموض والتشرد عن أية قضايا أو أزمة إقليمية او عالمية . 

وحينما هممت بجمع أوراقى التى كنت أستعد لقراءة ما فيها وشرحه فى الندوة المثيرة للجدل اذا بى أجد أمام عينى زميل قديما ايرانيا جمعنا معا سفر الى فرنسا فى اطار تجمع عربى واقليمي اعلامى للتدريب فى باريس ، تبسم صديقى لى وسلم وسألنى مباغتا بطريقته المعتادة : ما رأيك فيما حدث بين بلادى واسرائيل ؟ وقبل أن أجيبه قال لى ووجهه يشع فرحة وغبطة : حذارى من أن يأخذك الحماس والمسميات الرنانة من وطنية وعروبة ونخوة ودين من أن تنجرإلى حرب وجهًا لوجه ، حاربى بالوكالة حتى يكون نصيبك من الخسارة ضئيلاً إلى أقصى الدرجات، واستكمل قائلاً: بعد حرب بلادنا الطويلة ضد العراق والتى استمرت ثمانى سنوات بعدها صار ماذكرته لكِ آنفاً علماً ومنهاجاً يُدرس فى كل أنحاء بلادنا.. 
كلام صديقي أعاد إلى ذهني ما يقول المخرجون في بداية كل عمل لهم ..
كلاكيت … هنصوّر  !!!!!

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

كيف يتم شراء الفاعلين في سوق السياسة السوداني

تخيل أي فاعل أجنبي هندي أو بنغالي أو عربي أو عبري أو خواجة يريد شراء سياسيين وكتاب وصناع راي سودانيين. كيف يفعل ذلك من دون إحراج وغباء؟

القضية في غاية البساطة. يمكن للسيد البنغالي أن يعطي منظمة خيرية أو تنموية في النرويج أو فيجي، لا فرق، منحة عشرة مليون دولار ويطلب منها أن توظف الساسة السودانيين المحظوظين كمستشارين أو باحثين أو تحت أي اسم آخر بمرتب شهري.

وهكذا يعمل السياسي أو المثقف السوداني مع منظمة محترمة من النرويج أو فيجي تدفع أجره عن إستشارات لا تحدث وبحوث لا تكتب لان الوظيفة الحقيقية المطلوبة هي تشويه الفضاء السياسي السوداني بما يخدم مصالح السيد البنغالي الذي لا يبدو في الصورة إطلاقا إذ أن اللقطة الأخيرة تظهر السياسي/المثقف السوداني مع المنظمة المحترمة بينما يختفي السيد البنغالي صاحب المال في الخلفية المعتمة.

هناك طرق أخري للرشوة السياسية مثل تمويل الزمالات والصحف ومراكز البحوث التي لا تبحث ومنظمات التنمية التي لا تنمي. ثم ياتي فلنقاى البنغالي وبكل بجاحة يسل لسانه ضد مواطن سوداني يعمل في خدمة دولته في أي من مؤسساتها بحجة أنه يعمل في حكومة الكيزان أو الجنرالات.

ضد التبسيط:
أعلاه حقيقة مؤسفة ولكن من المهم أن نلاحظ أن العمل مع المنظمات الأجنبية أو تلقي التمويل منها أحيانا ممارسة لا غبار عليها. ومن حق أي مواطن سوداني أن يبحث عن عمل ومصادر دخل أو تمويل مع أي جهة أجنبية ما دام يبيع خبرته وقوة عمله ولا يبيع ضميره ولا قلمه ولا رايه ولا موقفه السياسي ولا وطنه.

التحية لكل الأخوة والاخوات الذين يعملون بشرف مع المنظمات الأجنبية في أنشطة شريفة ومعلومة ويعيلون أنفسهم واهلهم من غير تسبيب أي ضرر للوطن وبدون أي تشويه للعملية السياسية. هؤلاء الشرفاء أحبابنا ليسوا بكمبرادور ولا يزايد عليهم إلا فاجر لان الأجنبي لا يدفع لشراء موقفهم السياسي ولا ضميرهم ولا وطنهم. هؤلاء ناس نحترمهم وهم ككل إنسان في هذا الفضاء الكوكبي يبحث عن رزق شريف لا يبيع ضميرا ولا وطنا.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • غدا.. مكتبة القاهرة الكبرى تناقش الصحة والتنمية المستدامة
  • صدمة في السياسة الأمريكية.. ترامب يبدأ ولايته بـ100 أمر تنفيذي
  • عمرو أديب عن حرائق كاليفورنيا: تشعر بأنه تم قصفها بقنبلة نووية
  • مادورو يصف تنصيبه بأنه «انتصار للديموقراطية»
  • الشكري: انتقدوا السياسة وممارسيها ولكن لا تقسو على النساء
  • كيف يتم شراء الفاعلين في سوق السياسة السوداني
  • البابا فرانشيسكو يصف الوضع في غزة بأنه “مخز”
  • البابا فرنسيس "يصعّد" ويصف الوضع في غزة بأنه "مخز"
  • “بين الصحافة والأدب” في الأحساء
  • “خطر على المجتمع”… كاتب سيرة إيلون ماسك يرجح إصابة الملياردير الأمريكي بالجنون