يواجه محافظو البنوك المركزية العالمية مخاوف متجددة بشأن تأثير التوترات الجيوسياسية على ديناميكيات التضخم، في أعقاب ما قيل إنه هجوم إسرائيلي على إيران.

ويلقي الهجوم، الذي تسبب في ارتفاع مؤقت في أسعار النفط الخام، الضوء على التوازن الدقيق الذي يجب على صناع السياسات الحفاظ عليه للتغلب على حالة عدم اليقين الاقتصادي، وفقا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ.

وأدى الهجوم، الذي استهدف مواقع في أصفهان، إلى ارتفاع بنسبة تزيد على 4% في أسعار النفط الخام لفترة مؤقتة، مما دفعها إلى ما فوق 90 دولارًا للبرميل. ومع ذلك، أدت تقارير وسائل الإعلام الإيرانية التي قللت من أهمية الحادث إلى انعكاس لاحق في أسعار النفط، وهو ما يشي بالطبيعة المتقلبة للوضع، على ما قالت الوكالة.

وتقول بلومبيرغ إنه، وفي وقت يتصارع فيه محافظو البنوك المركزية مع الضغوط التضخمية، فإن احتمال تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط يضيف طبقة أخرى من عدم اليقين.

ويحذر المحللون من أن المنطقة أصبحت "على حد السكين"، مع ما يترتب على ذلك من آثار محتملة على الاستقرار الاقتصادي العالمي.

ويؤكد ناثان شيتس، كبير الاقتصاديين في سيتي غروب لبلومبيرغ، على التحدي المتمثل في تقييم المخاطر الجيوسياسية وتأثيرها الاقتصادي الأوسع.

وفي حين أن مثل هذه الأحداث قد لا تؤدي إلى تعطيل الأسواق على الفور وفقا لناثان، فإنها تثير المخاوف بشأن المخاطر المحتملة وعواقبها على المدى الطويل.

ويشكل السيناريو الحالي معضلة لمحافظي البنوك المركزية، الذين كانوا يأملون في تخفيف تدريجي للضغوط التضخمية في عام 2024. ومع ذلك، فإن التعليقات الأخيرة لرئيس الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأميركي) جيروم باول تشير إلى نهج أكثر حذرا، مما يشي بأن تخفيضات أسعار الفائدة قد تتأخر في ضوء استمرار الضغوط التضخمية.

وعلى الصعيد العالمي، يراقب صناع السياسات الوضع من كثب، آخذين في الاعتبار التأثيرات المحتملة للزيادة المستدامة في أسعار النفط، إذ تعترف جيتا غوبيناث، النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي في مقابلة متلفزة مع بلومبيرغ، بالمخاطر التي يفرضها التصعيد الكبير في الشرق الأوسط، لا سيما في المناطق التي تعتمد على الطاقة مثل أوروبا، مشيرة إلى أنه "قد نتعرض لصدمة نفطية حادة، لكننا لم نصل إلى هذه النقطة بعد".

وتضيف "هناك مصادر إمداد تخفف من حدة هذه الصدمات، لكن إذا كان هناك تصعيد واسع النطاق في الشرق الأوسط، فهذه مشكلة".

ويحذر اقتصاديون في حديث لبلومبيرغ من أن الارتفاع الطويل في أسعار النفط يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى تتجاوز قطاع الطاقة. ويسلط محللو "تي إس لومبارد" الضوء على التأثير الفوري على الإنفاق الاستهلاكي واحتمال حدوث ضغوط تضخمية أوسع، خاصة في أوروبا.

وتقدر وكالة بلومبيرغ إنتليجنس أن الصراع المباشر بين إسرائيل وإيران يمكن أن يدفع أسعار النفط الخام إلى 150 دولارا للبرميل، مما يشكل المزيد من التحديات لاستقرار الاقتصاد العالمي، بينما لا يزال مضيق هرمز، وهو ممر شحن حيوي للنفط، نقطة اشتعال محتملة في المنطقة.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة للتقليل من أهمية المخاوف المباشرة، فإن محللين من "تي إس لومبارد" مثل تينا فوردهام يحثون على اليقظة ضد المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط مؤكدة "يجب أن نبقى في حالة تأهب قصوى".

ومع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، يواجه محافظو البنوك المركزية عملية توازن صعبة، إذ يسعون جاهدين للحفاظ على استقرار الأسعار وسط المخاطر الجيوسياسية المتصاعدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات البنوک المرکزیة فی الشرق الأوسط فی أسعار النفط

إقرأ أيضاً:

من "سويسرا الشرق الأوسط" إلى شريك في التهريب.. تقرير أمريكي يكشف دور عُمان في دعم الحوثيين

طالبت مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" الأمريكية، في تقرير حديث، بضرورة ضغط الولايات المتحدة على سلطنة عُمان لإنهاء الدعم المقدم للحوثيين، مشيرة إلى استخدام الأراضي العُمانية ممرا لتهريب الأسلحة وملاذا لقيادات الجماعة الإرهابية.

جاء ذلك في أعقاب ضبط السلطات اليمنية، يوم 24 مارس، شحنة أسلحة متطورة مهربة للحوثيين عبر الحدود مع عُمان، شملت 800 طائرة مسيرة صينية الصنع عبر منفذ "صرفيت" في محافظة المهرة.

ورغم تصوير عُمان كـ"سويسرا الشرق الأوسط"، ترى المؤسسة أن دورها في أزمة البحر الأحمر يكشف تواطؤا مع مليشيا الحوثي، المدعومين من إيران، والمصنفين كمنظمة إرهابية لدى واشنطن.

وأشارت إلى أن مسقط تحولت منذ 2015 إلى معبر رئيسي لأسلحة الحوثيين، حيث تم تهريب طائرات مسيرة في (2017) وصواريخ "بركان-2H" الإيرانية (2018) عبر أراضيها، إضافة إلى معدات عسكرية متطورة ضُبطت العام الماضي.

ملاذ آمن لقيادات الحوثيين

كشف التقرير أن عُمان توفر حماية لمسؤولي الجماعة، أبرزهم محمد عبد السلام، المفاوض الرئيسي للحوثيين، والمُستهدف بعقوبات أمريكية لتمويله شبكات الجماعة وتسهيل حصولها على أسلحة روسية. ورغم ادعاء مسقط أن وجودهم جزء من وساطتها لإنهاء الحرب اليمنية، إلا أن ذلك لم يحد من تصاعد هجمات الحوثيين ضد المدنيين في البلاد او في البحر الأحمر، والتي تستهدف السفن الأمريكية ومصالح واشنطن.

ودعا التقرير الإدارة الأمريكية إلى مطالبة عُمان بوقف أنشطة الحوثيين على أراضيها وطرد قياداتهم، مع فرض عقوبات على الأفراد والجهات العُمانية الداعمة لهم في حال الامتناع.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الإيطالي يعرب عن أسفه إزاء "العنف غير المقبول" في الشرق الأوسط
  • معالجة المدفوعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. الفرص والتحديات
  • إسرائيل والأكراد: تحالف الأقليات يرسم خريطة الشرق الأوسط
  • مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال
  • «لديكم رئيس يحبكم في البيت الأبيض».. ترامب في رسالة للمسلمين
  • من "سويسرا الشرق الأوسط" إلى شريك في التهريب.. تقرير أمريكي يكشف دور عُمان في دعم الحوثيين
  • الجيش الأمريكي ينقل قاذفات "بي-2" النووية إلى المحيط الهندي
  • ترامب في رسالة للمسلمين: لديكم رئيس يحبكم في البيت الأبيض
  • مصطفى بكري: نتنياهو مجـ رم حرب ويسعى لتغيير الشرق الأوسط
  • إيران تحذر من انفجار الشرق الأوسط: مَن يُهدد لا يكثر الكلام