يتم بناء مدينتين استثنائيتين في مصر والسعودية، في خطوة يرى فيها البعض طموحا لإعادة تشكيل أمة، لكن آخرين لا يرون في ذلك إلا جهدا يعكس "جنون عظمة" يسعى إلى صرف الانتباه عن واقع الاستبداد الوحشي، وفق جان فيرنر مولر، أستاذ السياسة في جامعة برينستون.

ويكتب مولر في مقال على "فورين بوليسي" أن بعض المصريين بدأو ينتقلون إلى العاصمة الإدارية الجديدة التي كانت قيد التنفيذ منذ ما يقرب من عقد من الزمان، وتفتخر المدينة التي لم يتم تسميتها بعد بالمباني الضخمة، بما في ذلك أكبر كنيسة قبطية في المنطقة، وأكبر مسجد في البلاد، ووزارات عملاقة مستوحاة من العمارة المصرية قبل الإسلام.

وفي الوقت نفسه، تراهن السعودية على ""ذي لاين"" وهي مدينة عمودية ستكون فيها جميع الأنشطة، من دور الأوبرا والمكتبات إلى الملاعب والجامعات. 

تكشف المدينتان عن استراتيجيات مختلفة جدا لكيفية محاولة الأنظمة الاستبدادية دعم الشرعية في القرن 21، يقول الكاتب.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو "مستبد من الطراز القديم"، يعد بالتحديث، كما فعلت العديد من الأنظمة البيروقراطية الاستبدادية في القرن 20. وعلى النقيض من ذلك، لا يروج ولي عهد السعودي محمد بن سلمان لنوع من الخيال العلمي فحسب، بل يناشد بذكاء الحساسيات العالمية، وحتى المضادة للثقافة، في سعيه إلى إعادة تسمية نظامه في الداخل والخارج، وفق الكاتب.

أثبتت حكومة السيسي أنها أكثر قمعا بكثير من نظام مبارك الذي حلت محله بعد فترة الربيع العربي. وهي تبني مجموعة من المدن الجديدة، مثل العلمين الجديدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، في محاولة واضحة لجذب السياح الأثرياء.

والمبرر الرسمي للعاصمة الجديدة والتي ستكلف ما يقدر بنحو 59 مليار دولار في بلد يعاني بالفعل من مستويات خطيرة من الدين الوطني، هو تخفيف اكتظاظ القاهرة، واحدة من أكثر مدن العالم تلوثا وازدحاما. ولكن يبدو أيضا أن لها غرضا سياسيا: مثل نايبيداو، العاصمة التي أنشأها الجيش في ميانمار، فهي تقع بأمان بعيدا عن الجماهير الحضرية الجامحة.

ويرى الكاتب أن مصر بذلت بعض الجهود الخجولة لمحاكاة دبي من خلال بناء مبان لجلب السياح.

نهج السيسي هو تكنوقراطية نموذجية، ينفذها جيش عازم على الاستيلاء على حصص أكبر من الاقتصاد. ميزانية الجيش محاطة بالسرية. ووفقا لمراقبين خارجيين، فإن شركاته، من الأسمنت إلى المواد الغذائية، لا تزال غير مدقق بها وغير خاضعة للضرائب، وفق المقال.

ويقول الكاتب إن المجندين يمكنهم توفير العمالة الرخيصة، ووجود ضباط الجيش في العديد من مجالات الحياة الاقتصادية المختلفة يعني أن الدولة يمكن أن تكتشف السخط في وقت مبكر. 

يبتعد العالم عن الأنظمة القمعية العلنية، مثل نظام السيسي، التي لا تخجل من السمعة السيئة لانتهاكات حقوق الإنسان، وبدلا من ذلك، نشهد المزيد من "الديكتاتوريات الدوارة"، أو الأنظمة الاستبدادية التي تتلاعب بمهارة بالرأي العام في الداخل والخارج لتبدو منفتحة وحديثة. 

يبدو أن الأمير محمد بن سلمان، المروج الرئيسي لـ"ذي لاين" يعرف أنه بحاجة ماسة إلى علاقات عامة أفضل. إذ على الصعيد الدولي، لا يزال اسمه مرتبطا باسم جمال خاشقجي، الصحفي والمعارض الذي قتل وقطعت أوصاله في القنصلية السعودية في اسطنبول في عام 2018.

التصميم الخطي لمدينة ذا لاين

ولتغيير صورة المملكة، تجاوز الأمير محمد بن سلمان الوعود التقليدية بالتحديث من أعلى إلى أسفل. وتشمل خطته للإصلاح الاقتصادي، "رؤية 2030"، مشاريع من السياحة الفاخرة إلى الاستثمارات في الطاقة الخضراء والرياضة.

تتطلب هذه التغييرات جعل السعوديين يكتسبون مهارات جديدة، وهو أحد الأسباب التي تجعل النظام يستورد العمالة الغربية، ودمج المزيد من الشباب ضمن القوى العاملة. والهدف ليس فقط العلامة التجارية للأمة ولكن أيضا بناء الأمة، حيث من المفترض أن تلهم المشاريع العملاقة الفخر المحلي.

أكثر هذه المشاريع إثارة للدهشة هي "ذي لاين"، وهي مدينة خطية مع ناطحات سحاب، وهي جزء من خطة بقيمة 500 مليار دولار لتطوير "نيوم" ، وهي منطقة جديدة في شمال غرب البلاد، وقد أشارت تقارير مؤخرا إلى تقليص الطموحات فيها.

السعودية تتراجع عن طموحاتها في مشروع الـ 1.5 تريليون دولار.. ومقاولون يفصلون العمال قلصت المملكة العربية السعودية طموحاتها المتعلقة بمشروع "نيوم"، الذي يعد الأكبر ضمن خطط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الرامية لتنويع اقتصاد البلاد بعيد عن النفط، وفقا لما نقلت وكالة "بلومبرغ" عن أشخاص مطلعين على الأمر.

وعلى عكس المدن التقليدية المترامية الأطراف، يتم الترويج ل "The Line" على أنها صديقة للبيئة، لن تكون هناك سيارات، وفي الواقع، لن تكون هناك انبعاثات كربونية على الإطلاق، ولكن بدلا من ذلك قطار فائق السرعة تحت الأرض يعمل تحت المدينة بأكملها.

الدرس الحقيقي من هذه المشاريع، وفق الكاتب، هو أن الأنظمة الاستبدادية ذات النمط الجديد تحتاج إلى القصص و السرد، وكلما كان المشروع أكثر خيالية، زادت احتمالية الإغراء.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: محمد بن سلمان

إقرأ أيضاً:

بيان عاجل من السعودية ردًا على تصريحات ترامب حول قيام الدولة الفلسطينية

أصدرت وزارة الخارجية السعودية، اليوم الأربعاء بيانًا ردًا على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية.

وأكدت الخارجية السعودية في بيانها أن موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية هو موقف راسخ وثابت لا يتزعزع، وقد أكد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء هذا الموقف بشكل واضح وصريح لا يحتمل التأويل بأي حال من الأحوال خلال الخطاب الذي ألقاه في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى بتاريخ الموافق 18 سبتمبر 2024.

وأشار بيان الخارجية السعودية إلى تصريحات بن سلمان، التي شدد فيها على أن السعودية لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وأن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك. 

وأضاف البيان "كما أبدى ولي العهد السعودي، هذا الموقف الراسخ خلال القمة العربية الإسلامية غير العادية المنعقدة في الرياض بتاريخ 11 نوفمبر 2024م حيث أكد على مواصلة الجهود الإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية والمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية".

وتابع البيان: "وحث الأمير محمد بن سلمان، المزيد من الدول المحبة للسلام للاعتراف بدولة فلسطين وأهمية حشد المجتمع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عبرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة". 

وشددت الخارجية السعودية على ما سبق أن أعلنته من رفضها القاطع المساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة سواء من خلال سياسات الاستيطان الإسرائيلي، أو ضم الأراضي الفلسطينية، أو السعي التهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وإن واجب المجتمع الدولي اليوم هو العمل على رفع المعاناة الإنسانية القاسية التي يرزح تحت وطأتها الشعب الفلسطيني الذي سيظل متمسكاً بأرضه ولن يتزحزح عنها. 

وتؤكد المملكة أن هذا الموقف الثابت ليس محل تفاوض أو مزايدات وأن السلام الدائم والعادل لا يمكن تحقيقه دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وهذا ما سبق إيضاحه للإدارة الأمريكية السابقة والإدارة الحالية.

مقالات مشابهة

  • السعودية تستنفر ضد خطط ترامب وتذيع كلمة للملك سلمان: فلسطين قضيتنا الأولى
  • السعودية.. إطلاق «مجمع الملك سلمان» لصناعة السيارات
  • فورين بوليسي: خطة ترامب لتطهير غزة جنون محض
  • “فورين بوليسي”: جنوب أفريقيا تتحدى ترامب
  • اختتام مشروع نور السعودية المجاني لطب العيون في عدن
  • اتصال هاتفي عاجل بين ولي عهد السعودية وملك الأردن | تفاصيل
  • السعودية والإمارات تبحثان فرص تطوير التعاون والسلام بالشرق الأوسط
  • بيان عاجل من السعودية ردًا على تصريحات ترامب حول قيام الدولة الفلسطينية
  • ناقشا الأوضاع في غزة.. ماذا دار بين الرئيس السيسي والعاهل الأردني |تفاصيل
  • محمد بن زايد ومحمد بن سلمان يؤكدان أهمية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي