طولكرم- من داخل مخيم نور شمس شرقي مدينة طولكرم، والمحاصر لليوم الثالث على التوالي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، يصف المسعف المتطوع توفيق قانوح (25 عاما) مشاهد قصف المنازل وإجبار ساكنيها على تركها تحت التهديد، وعمليات هدم الأسوار والجدران والمحال التجارية بجرافات الاحتلال المجنزرة.

يتحدث قانوح للجزيرة نت عن حال الأهالي في المخيم، الذي يعيش فيه 14 ألف نسمة، حيث قطعت قوات الاحتلال الطرق بين حارات المخيم، وفرضت حصارا مشددا على كل حارة فيه، فيما تواصل منع فرق الإسعاف من دخوله وانتشال الجرحى والشهداء.

يقول المسعف إن الاحتلال قسم المخيم إلى 3 أقسام، حارة المنشية التي يحاصرها من كافة مداخلها، ويُسمع فيها أصوات الانفجارات بشكل مستمر ومتقارب، وحارة العيادة التي تم فيها تجميع الجرحى والشهداء ممن استطاع الأهالي الوصول إليهم، وأخيرا حارة الدمج التي ما زالت أصوات الانفجارات تُسمع فيها".

محو المخيم

وفي حين تستمر قوات الاحتلال بقصف المنازل داخل المخيم بقذائف الأنيرجا والقذائف المحمولة على الكتف، تتواصل الاشتباكات بين المقاومين وقوات الاحتلال، ويقول شهود عيان إن قوات الاحتلال تعمل على تبديل مستمر بين جنودها، إضافة لإرسال تعزيزات من وقت لآخر إلى داخل المخيم.

وحتى الآن يمكن التأكيد أن الدمار طال ما يقارب 60 منزلا في حارة المنشية، من بينها قرابة 15 منزلا دمرت بشكل كامل، ويقول المسعف قانوح "القذائف لم تتوقف منذ عصر الخميس، وهو الوقت الذي بدأ فيه حصار المخيم، لكنها ازدادت بشكل لافت منذ ساعات الصباح الأولى اليوم السبت".

وإلى جانب قصف حارات الدمج وحارة العيادة، أكد قانوح أن الناس خرجت من المنازل القريبة من الشارع الرئيسي في حارة المنشية، ودخلت إلى منازل متطرفة في أزقة المخيم، "أقول لكم إن العائلات تتجمع في بيت واحد، كل 4 أو 5 عائلات تتجمع معا، لكن قوات الاحتلال تدخل من بيت لبيت للتفتيش، وللبحث عن مقاومين بحسب ادعاءاتها".

وحتى ساعات ظهر اليوم، تمكن الأهالي من إجلاء قرابة 6 شهداء و27 جريحا في حارة العيادة في وسط المخيم، وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية رسمية دقيقة لأعداد الشهداء حتى الآن، لعدم التمكن من نقل جثامين الشهداء إلى المستشفيات وتسجيلهم بشكل رسمي، فإن الأهالي يؤكدون وجود 6 شهداء في ثلاجة مسجد المخيم في حارة العيادة.

"هذه صورة غزة الصغرى، باختصار ما يحدث في المخيم هو ما يحدث في غزة، الدمار الكبير في المنازل واقتحام البيوت، واعتقال المصابين وقتل الناس في الشوارع من قبل القناصين المتمركزين على أسطح المنازل، والقصف المستمر، كل ذلك يذكر بأعمال الاحتلال في غزة، وكل ذلك هدفه معروف، وهو الخلاص من المقاومة ومحاولة تفكيكها هنا في المخيم" يقول قانوح.

ويضيف "لكن اللافت في هذا الاقتحام هو حجم الدمار الكبير بالمباني والبيوت، إضافة للبنى التحتية، لقد دمروا المخيم بشكل كامل، وهذا يوحي لفكرة واحدة، وهي محو المخيم من أساسه، وإجبار الناس على تركه".

الشاب سليم غنام استشهد برصاص جيش الاحتلال خلال الاقتحام المستمر لمخيم نور شمس بطولكرم (مواقع التواصل) الجرحى في البيوت

"الوضع مأساوي جدا" بهذه الكلمات تحدث مسؤول لجنة خدمات مخيم نور شمس فيصل سلامة، للجزيرة نت، عن الحال داخل المخيم، وقال "الناس يعيشون منذ يوم الخميس بدون ماء ولا كهرباء، واليوم تم قطع الإنترنت والاتصالات، لا أحد يمكنه دخول المخيم، الهلال الأحمر حاول التنسيق مع الصليب لإجلاء الجرحى ونقل الشهداء، لكن مع ذلك تم منع سيارات الإسعاف من الدخول لأي من حارات المخيم".

وتتوارد أخبار بوجود عدد من الشهداء في أزقة المخيم، إضافة لوجود جرحى في البيوت، في حين يحاول الأهالي معالجتهم بطرق تقليدية، كتضميد الجراح ولفها بقطع من القماش بهدف تخفيف النزيف.

كما سُجل وصول 7 إصابات إلى مستشفيات مدينة طولكرم منذ ساعات صباح اليوم السبت، وهو عدد قليل وفقا لأهالي المخيم، الذين يؤكدون وجود إصابات بالعشرات داخل المنازل في حارات المخيم المحاصرة، وتتناقل وسائل التواصل الاجتماعي نداءات من داخل المخيم ودعوات من خارجة للخروج إلى الشوارع، ومحاولة فك الحصار عنه ونصرة الأهالي هناك.

وتواصل آليات الاحتلال تمركزها في محيط المخيم وعند مداخله، وتمنع التجول بشكل كامل داخله، وفي مدينة طولكرم بشكل عام، حيث تحدث مسؤول الخدمات فيصل سلامة عن حاجة الناس للتزود بالطعام والماء الذي بدأ ينفذ من البيوت، وقال "الناس لا تجد خبزا تأكله منذ 3 أيام".

"لن أترك منزلي"

يرى سلامة أن قوات الاحتلال تهدف من اقتحاماتها للمخيم وتدمير البنى التحتية والمنازل فيه أن تصبح المخيمات بيئة طاردة للناس، ويقول "طبيعة الإنسان تسعى للبحث عن الأمان والهدوء والاستقرار، الاحتلال يحاول أن يسلب أهالي المخيم الأمن والأمان، ويسعى لجعلهم يعيشون بخوف وقلق على مصير عائلاتهم وأطفالهم، وبالتالي هروبهم من بيئة المخيم التي انعدم فيها الاستقرار والأمن بسبب الاحتلال طبعا، الاحتلال يحاول أن يُنهي كلمة لاجئ من القضية الفلسطينية".

يعتبر أهالي "نور شمس" أن محاولات الاحتلال لطردهم من المخيم وتهجيرهم منه بعد تدميره وقصف بيوتهم "لن تجدي"، ويقول سلامة إن "الناس هنا لا تستطيع ترك منازلها والرحيل، 90% من سكان المخيم لا يملكون القدرة على إيجاد منزل خارج حدود المخيم".

ونشرت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية تصريحا رسميا لرئيس الوزراء محمد مصطفى قال فيه إن "استهداف المخيمات وتدمير بنيتها التحتية وتهجير سكانها هو جزء من مخطط تصفية وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين-الأونروا"

ومن داخل منزلها المحاصر بالقناصة من جميع الجهات، وصفت فدوى الصباريني (40 عاما) للجزيرة نت حال الناس في المخيم بالصعب جدا، وتقول "الناس تشعر بالخوف والتعب، والحصار يزداد مع الوقت، والطعام غير متوفر، بعض العائلات تحتاج إلى حليب لأطفالها، وأيضا هذا الاقتحام جاء بشكل مفاجئ، لذلك لم نكن -نحن أهالي المخيم- مستعدين لهذا الحصار، ولم نتزود بالطعام والخبز، الناس منذ يوم الخميس لم تشتر الخبز لعائلاتها".

وتضيف "ناهيك عن القصف المستمر، الأطفال يشعرون بالخوف، والناس تخشى على أولادها، من يفتح باب منزله يصطاده القناص بشكل سريع ومباشر، ومن يُصاب لا يجد من يسعفه، الشهداء غالبيتهم قضوا بسبب النزيف المستمر وعدم تلقي العلاج".

وترى الصباريني أن الهدف الأساسي للاحتلال من هذا الاقتحام هو طرد السكان من منازلهم وتهجيرهم، وتقول "كل ذلك للقضاء على المخيم، بعض الناس تركوا منازلها بشكل إجباري خوفا من اقتحامها أو قصفها، لكن والدي الذي جرب الهجرة من قضاء حيفا عام 1948 قال لنا: لن أعيد التجربة، لن أترك منزلي مرة أخرى، حتى وإن قصفوه فوق رأسي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات قوات الاحتلال داخل المخیم فی المخیم نور شمس فی حارة

إقرأ أيضاً:

47 يومًا من الإبادة.. الاحتلال يواصل حصار وتجويع آلاف المواطنين شمالي القطاع

غزة - متابعة صفا يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الـ47 على التوالي، حرب الإبادة الجماعية والحصار الخانق وسياسة التجويع المفروضة على شمالي قطاع غزة، ما فاقم معاناة المواطنين. ولم يتوقف الاحتلال عن ارتكاب المجازر بحق المواطنين، بالإضافة إلى عمليات القصف المدفعي والجوي على بيت لاهيا ومخيم جباليا، ناهيك عن عمليات النسف للمباني السكنية. واستشهد مواطن وأصيب عدد آخر، صباح الأربعاء، جرّاء قصف مدفعي استهدف شارع أحمد فكري أبو وردة في جباليا النزلة شمالي القطاع. وفجر اليوم، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة بحق عائلة جودة في جباليا البلد شمالي القطاع. واستشهد 12 مواطنًا، وأكثر من 10 مفقودين، إثر استهداف جيش الاحتلال لمنزل عائلة جودة في جباليا البلد. وذكر مراسل وكالة "صفا"، أن جيش الاحتلال نسف مبانٍ سكنية في محيط مخيم جباليا. بدوره، قال وكيل مساعد وزارة الصحة في قطاع غزة ماهر شامية إن الحصار المفروض على مناطق شمالي القطاع فاقم من الأوضاع الغذائية والصحية. وأوضح أن ما وصل من منظمة الصحة العالمية قبل 5 أيام إلى مستشفى كمال عدوان هو بعض الأدوية، و10 آلاف لتر من السولار لتوزيعها على جميع المستشفيات. وأشار إلى أن الاحتلال اعتقل أحد الجرحى أثناء إجلاء عدد من المصابين والمرضى من مستشفيات شمالي القطاع إلى مدينة غزة. ومنذ الخامس منزتشرين الأول/أكتوبر الماضي، بلغت حصيلة العدوان الإسرائيلي على شمالي القطاع، أكثر من 2000 شهيد، و6 آلاف مصاب، بالإضافة إلى اعتقال 1000، فضلًا عن عشرات المفقودين ما زالوا تحت الأنقاض. ويعاني المواطنون المحاصرون شمالي القطاع أوضاعًا إنسانية وصحية كارثية، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، ومنع إدخال المساعدات، بالإضافة إلى منع طواقم الدفاع المدني والإسعاف من ممارسة عملها في انتشال الشهداء وإنقاذ حياة الجرحى. ولليوم الـ29 على التوالي، ما زال الدفاع المدني معطل قسرًا في كافة مناطق شمال قطاع غزة، بفعل الإستهداف والعدوان الإسرائيلي المستمر، وبات آلاف المواطنون هناك بدون رعاية إنسانية وطبية. وبتاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، هاجم جيش الاحتلال طواقم الدفاع المدني في شمال قطاع غزة وسيطر على مركباته وشرد معظم عناصره إلى وسط وجنوب القطاع واختطف 10 منهم. ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ترتكب جيش الاحتلال بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية بقطاع غزة، خلفت أكثر من 145 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين. 

مقالات مشابهة

  • "إسرائيل" تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ200 على التوالي
  • «القاهرة الإخبارية»: انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي تضع سكان غزة في وضع مأساوي
  • المسيرات تهاجم مدينة عطبرة لليوم الثالث على التوالي
  • جيش الاحتلال يصدر إنذارًا بقصف مبنى داخل مدينة صور جنوبي لبنان
  • "إسرائيل" تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ199 على التوالي
  • إي اف چي القابضة تواصل النمو المستمر، وتحقق أداء قويًا للربع الثالث على التوالي خلال عام 2024
  • إي اف چي القابضة تواصل النمو المستمر.. وتحقق أداء قوياً للربع الثالث على التوالي خلال عام 2024
  • 47 يومًا من الإبادة.. الاحتلال يواصل حصار وتجويع آلاف المواطنين شمالي القطاع
  • "إسرائيل" تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ198 على التوالي
  • الاحتلال يواصل عدوانه على مخيم جنين ويصيب 9 فلسطينيين بالرصاص الحي وبشظايا قنبلة