في التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، غامر كلا البلدين بالدخول إلى منطقة خطرة، وخرقا هدنة هشة وفتحا ما يمكن تشبيهه بصندوق شرور للمواجهة بينهم. ووفقا لمقال الكاتب البريطاني سيمون تيسدال، إن رد إسرائيل الانتقامي، رغم كونه محدودا، يدل على تبادل رمزي للضربات، يذكرنا بالمبارزين في القرن التاسع عشر الذين كانوا يصوبون مسدساتهم سرا على بعضهم البعض عبر مرج ضبابي.

ومع ذلك، يبدو أن هناك اتفاق ضمني للتقليل من أهمية الوضع وتهدئة التصعيد بهدوء، مما يشير إلى تخفيف محتمل ولكن ليس بالضرورة إلى حل.

وقد أثر دور الضغط الخارجي، وخاصة من الولايات المتحدة، على رد فعل إسرائيل. إن دعوة الرئيس جو بايدن إلى ضبط النفس وسط الهجوم الجوي الإيراني واسع النطاق تؤكد على التوازن الدقيق الذي يجب على إسرائيل القيام به. وعلى الرغم من اللجوء الغريزي إلى القوة من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يبدو أن هناك اعترافاً بالنفوذ المعزز الذي تمتلكه الولايات المتحدة.

إن الصراع بين إسرائيل وإيران، رغم هدوئه مؤقتاً، يظل متجذراً بعمق في العداء العميق والاختلافات الإيديولوجية. ويكشف تعرض حرب الظل المستمرة منذ سنوات لوضح النهار عن احتمال شن المزيد من الضربات المباشرة أو غير المباشرة من أي من الجانبين. علاوة على ذلك، فإن تشابك هذه المواجهة مع الصراع الفلسطيني يزيد الأمور تعقيدا، ويكشف عن الترابط بين التوترات الإقليمية.

إن انتقاد موقف الحكومات الغربية من الصراع، وخاصة التردد في إدانة بعض التصرفات التي تقوم بها إسرائيل، يسلط الضوء على تعقيدات الدبلوماسية الدولية. إن التفاوت في الاستجابة للأزمات، مثل التناقض بين الدعم السريع لإسرائيل وإهمال حالات الطوارئ العالمية الأخرى مثل السودان أو هايتي، يسلط الضوء على الأولويات المنحرفة في العلاقات الدولية.

ويؤكد الكاتب على الحاجة الملحة إلى حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي يحتكر الجهود الدبلوماسية ويديم عدم الاستقرار في المنطقة. ويتم تصوير المعارضة قصيرة النظر لقيام دولة فلسطينية مستقلة من قبل العديد من الإسرائيليين على أنها عائق أمام جهود السلام الأوسع. إن العدوان الذي أبدته إيران هو بمثابة إشارة تحذير من تداعيات الصراعات التي لم يتم حلها في الشرق الأوسط.

 

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: ما الذي يمنع اندلاع حرب واسعة بين إسرائيل وإيران؟

حذرت صحيفة نيويورك تايمز من أن العالم يحبس أنفاسه مع احتمال تفجر الصراع بين إسرائيل وإيران في أي وقت، وذكرت أن ما يقرب من شهر قد انقضى منذ هاجمت إسرائيل قواعد إيران العسكرية، ولا يزال العالم يترقب كيف سترد طهران.

وتتساءل الصحيفة، في تقرير لمراسلتها في روما، لارا جايكس، عن الأسباب التي تمنع القوتين في الشرق الأوسط من الدخول في حرب أوسع نطاقا بدت للوهلة الأولى أنها على وشك الانفجار.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الحرس الثوري الإيراني: مواجهتنا مع إسرائيل لها امتداد دوليlist 2 of 2إعلام إسرائيل يتساءل: متى سترد إيران؟ وكيف؟end of list

وربما كان المحللون يتوقعون، منذ وقت ليس ببعيد، أن أي ضربة مباشرة من إيران على إسرائيل، أو من إسرائيل على إيران، ستؤدي إلى اندلاع حريق فوري، إلا أن الأمور لم تسر على هذا النحو.

كواليس

وذكرت الصحيفة أن أحد أسباب ذلك التحركات الدبلوماسية المحمومة "خلف الكواليس" من الولايات المتحدة ودول عربية.

ومع ذلك، فإن تبادل الهجمات "المدروسة والمحدودة" بين إسرائيل وإيران تنذر أيضا بحرب "صدمة وترويع" بينهما، قد تكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل على معظم دول العالم.

وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن جوليان بارنز داسي، مدير شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله إن طبيعة الهجمات المتبادلة تشي -على ما يبدو- بأن الدولتين تدركان مدى خطورة نشوب حرب إقليمية أشد ضراوة، ترغب كلتاهما -على الأرجح- في تفاديها.

واستدرك أن ذلك لا يعني أن النهج الحالي يخلو من مزالق، فهو "مسار محفوف بمخاطر جمة وغير مستدام، سرعان ما قد يخرج عن السيطرة".

التصعيد تدريجيا

وأضاف أن إسرائيل ربما تتعمد التدرج في التصعيد بنية القيام، في نهاية المطاف، بشيء أوسع نطاقا وأكثر حسما.

ورغم كل ذلك، فإن نيويورك تايمز ترى أن الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل لا تشبه كثيرا الحرب المعروفة باسم الصدمة والترويع التي تُستخدم فيها القوة النارية الماحقة والتكنولوجيا المتفوقة والسرعة لتدمير قدرات العدو المادية وإرادته في المقاومة، وهو مدلول أطلقه لأول مرة خبيران عسكريان أميركيان عام 1996.

ولعل أبرز مظاهر الصدمة والترويع التي لا تنسى -حسب الصحيفة- تلك التي تجلت في وابل الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة في بداية غزوها العراق عام 2003، وحربها على أفغانستان عام 2001.

وتعتقد الصحيفة أنه سيكون من الصعب تنفيذ حرب "الصدمة والترويع" في الصراع الدائر حاليا في الشرق الأوسط، ذلك أنه يستدعي إشراك قوات برية وتزويدها بعتاد بري وجوي وبحري أكثر مما قد ترغب إسرائيل أو إيران في نشره عبر مئات الأميال التي تفصل بينهما.

الصدمة والترويع

ولا تزال الأوساط العسكرية تتداول في إذا ما كان هجوم "الصدمة والترويع" قابلا للتطبيق. وهذا ما ناقشه رئيس هيئة الأركان المشتركة المتقاعد، الجنرال الأميركي مارك ميلي، والرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، إريك شميت، في مقالهما التحليلي الذي نشرته مجلة فورين أفيرز أغسطس/آب الماضي.

وفي ذلك المقال، كتب الاثنان أن عصر حروب الصدمة والترويع، "التي كانت واشنطن قادرة فيها على القضاء على خصومها بقوة نيران قاهرة، قد ولى"، وأن الأسلحة ذاتية التشغيل والذكاء الاصطناعي يغيران طبيعة الحرب.

وقد رد محللان في مركز الدراسات الإستراتيجية التابع للبحرية الملكية البريطانية، الشهر الماضي، على المقال المذكور بأن حرب الصدمة والترويع تتطور ولم تنتهِ، واستدلا على ذلك بهجوم إسرائيل على حزب الله في لبنان عبر أجهزة النداء واللاسلكي المفخخة.

ووفقا لتقرير نيويورك تايمز، فإن تبادل الهجمات الأشهر الماضية بين إسرائيل وإيران جعل المسؤولين حول العالم في حالة تأهب لحرب إقليمية أوسع نطاقا. وبعد ساعات من الضربات، قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي إن بلاده قررت خلق "معادلة جديدة" في صراعها المستمر منذ سنوات مع إسرائيل.

مخاطر

غير أن فرزان ثابت، وهو محلل متخصص في السياسة الإيرانية والشرق أوسطية في معهد جنيف للدراسات العليا في سويسرا، صرح للصحيفة الأميركية بأن وابل الهجمات الصاروخية المنضبطة يبدو أنه يشير إلى نوع جديد من الحروب.

لكنه حذر أيضا من الأسوأ ربما يحدث حتى الآن، إذ أشارت إيران مؤخرا إلى أنها مستعدة لضرب مصادر الطاقة الرئيسية في إسرائيل -بما في ذلك حقول الغاز ومحطات الطاقة ومحطات استيراد النفط- في حال استُهدفت بنيتها التحتية المدنية.

ويعتقد ثابت أن إيران "تحاول أن تكون لها الكلمة الأخيرة"، بمعنى أنها "تريد أن تُظهر لشعبها وللرأي العام الإقليمي أنها فعلت شيئا، لكنها لا تريد تصعيد الصراع".

ومع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للسلطة، فإن نيويورك تايمز تتوقع على نطاق واسع أن ينتهج سياسة خارجية مواتية لإسرائيل، و"يحشد صقورا مناوئين لإيران في حكومته"، مما قد ينقل الحرب بين إيران وإسرائيل إلى مضمار جديد.

مقالات مشابهة

  • من هو محمد حيدر الذي تدعي إسرائيل استهدافه بغارة بيروت؟
  • الكرملين يعلق بعد تصريح البنتاجون بشأن تبادل الضربات النووية (ماذا يحدث؟)
  • باحث سياسي: قرار المحكمة الجنائية الدولية غير مسبوق في تاريخ الصراع
  • بعد مجزرة بيروت.. من هو الشبح الذي تزعم إسرائيل اغتياله؟
  • العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع
  • اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بعد أسابيع من التصعيد
  • العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تسعى لتوسعة الصراع
  • مجازر البقاع دليل على مضي إسرائيل في التصعيد وجيش العدو يتقدم نحو الليطاني
  • نيويورك تايمز: ما الذي يمنع اندلاع حرب واسعة بين إسرائيل وإيران؟
  • شركة إيرلندية تمدد تعليق الرحلات إلى إسرائيل حتى مارس 2025