د. رضية بنت سليمان الحبسية

 

عندما يُواجه المجتمع تهديدات الكوارث والأزمات الطبيعية كالأعاصير والزلازل والبراكين، يُصبح أمن وسلامة الطلاب والكوادر البشرية والممتلكات في المؤسسات التعليمية أمرًا ذا أهمية قصوى. ففي مثل هذه الظروف الاستثنائية تبرز الحاجة إلى قيادة رشيدة وفعّالة، قادرة على اتخاذ قرارات تعليمية حاسمة لاحتواء التأثيرات السلبية للأزمة، وتقليل خسائرها البشرية والمادية.

وكنتيجة لما تعرضت له عُماننا الحبيبة من كارثة بشرية ومادية جرّاء تأثيرات "منخفض المطير"، وتحديدًا الخسائر البشرية التي أثارت سخطًا وجدلًا مجتمعيًّا، وردود أفعال دوليّة واسعة النطاق؛ حزنًا على شهداء العلم، وتعاطفًا مع أُسرهم الذين دفعوا بأبنائهم إلى المدرسة، برغم سوء الأحوال المناخية، واثقين أنهم في رعاية حكيمة، قادرة على حمايتهم من أية مخاطر قد تتعرض لها البيئة المدرسية.

وبحسب ما تشير إليه الأدبيات، تتحدد قيمة وقوة القيادة الرشيدة في قيادة المؤسسات التعليمية، في القدرة على التخطيط الاستراتيجي، والتنظيم الفعّال، واتخاذ القرارات الحكيمة. ومن وجهة نظري، فإنَّ الأزمة الحقيقية في مجتمعاتنا العربية، لا تكمن في التخطيط وإعداد اللوائح والأدلة المنظمة للتعامل مع الأزمات، ولا في تدريب وإعداد قادة المدارس على إدارة الأزمات في مدارسهم، بل تكمن المعضلة في قوة ورشادة القرارات المتخذة في الأوقات الصعبة، كما تكمن التحديات في الفجوة بين ما يتم تدريبهم عليه، ودرجة الصلاحيات الممنوحة لهم في اتخاذ قرارات بشأن مدارسهم.

ولجعل القيادة الرشيدة موضع التطبيق في المؤسسات التعليمية فترة الأزمات، لا بُد من الوعي بسمات وخصائص هذا النوع من القيادة، ومن أبرزها: قدرة مُتخذ القرار على وضع وتنفيذ استراتيجيات فعّالة لإدارة الأزمات، بما في ذلك وضع خطط الطوارئ واستراتيجيات إدارة المخاطر، والقدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة سريعة ودقيقة، بناءً على فهم شامل للوضع والبدائل المتاحة، أيضًا القدرة على التواصل بوضوح وفعالية مع جميع الأطراف المعنية؛ بما في ذلك الكوادر المدرسية وأولياء الأمور والمجتمع بشكل عام، من أجل توفير معلومات دقيقة وفورية، والاستجابة للاتصالات الواردة، والتعامل معها بحكمة في ضوء المعايير المعتمدة، كما تأتي قدرة مُتخذ القرار على البقاء هادئًا ومركزًا تحت الضغط، والحفاظ على رؤية إيجابية وتفاؤلية في مواجهة التحديات، في مقدمة السمات التي تساعد القائد على اتخاذ قرارات رشيدة.

وفي هذا المقام، نتقدم ببعض الأساليب التحسينية المُقترحة التي يمكن الاستفادة منها في إدارة الأزمات في المؤسسات التعليمية، في حال حدوث أزمات مستقبلية مماثلة، ومن هذه الأساليب والإجراءات ما يلي:

التحول نحو اللامركزية في إدارة الأزمات، ويتطلب ذلك تعزيز التواصل والثقة بين الإدارة العُليا والإدارة الوسطى والإدارة المدرسية، وتقديم الدعم المعنوي في التعامل مع الأزمات. إجراء مراجعة شاملة للوائح والبروتوكولات الإدارية، بهدف منح إدارات المدارس حرية أكبر في التصرف، واتخاذ القرارات أثناء إدارة الأزمات المدرسية؛ لضمان استيعاب الأزمات المحتملة مسبقًا، والحدّ من الخسائر المحتملة. رفع مستوى المعرفة والكفاءة المهنية لمديري المدارس، بحيث يكونوا قادرين على إدارة الأزمات بكفاءة وفعالية عالية، من خلال توفير فرص التدريب والورش العملية التخصصية في إدارة الأزمات وتنمية المهارات القيادية ذات الصلة. تعزيز التعاون والتنسيق بين المدارس والجهات المعنية الأخرى ذات الصلة بإدارة الأزمات على المستوى المحلي، في تبادل المعلومات والتحذيرات المُبكرة؛ لضمان استجابة منسقة وفعّالة وسريعة للأزمات المدرسية. إنشاء آليات لتقييم أداء إدارة الأزمات المدرسية، وإجراء تحليلات مستمرة للأزمات السابقة والحالية، وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين؛ لضمان تطوير استراتيجيات فعّالة للتعامل مع الأزمات المستقبلية.

ختامًا.. يتوجب على القيادات التعليمية انتقاء أفضل الممارسات والاستراتيجيات، لتعزيز القدرة التحضيرية للمدارس، وتعزيز الاستجابة الفعّالة للكوارث والأزمات، ومعالجة أي قصور أو خلل في إدارة الحالات الطارئة؛ للارتقاء بأداء المؤسسات التعليمية، والحفاظ على سلامة الطلاب والعاملين بها، وخلق بيئة تعليمية آمنة، بما يُعزز من سمعة ومكانة المؤسسة التعليمية، وثقة أولياء الأمور والمجتمع في القائمين عليها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وكيل تعليم سوهاج: يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس ساقلتة

تفقد الدكتور محمد السيد، وكيل وزارة التربية والتعليم، بجولة ميدانية شملت عددًا من مدارس إدارة ساقلتة التعليمية، يرافقه فاضل النحاس، مدير عام التعليم، أيمن بدر، مدير إدارة التعليم الابتدائي المركزي بديوان المديرية، والدكتور أحمد مقبول، مدير إدارة ساقلتة التعليمية.

شملت الجولة زيارة مدرسة سفلاق الرسمية للغات، ومدرسة الثورة الإعدادية بنات، ومدرسة سفلاق الابتدائية المشتركة. وتم خلال الجولة متابعة انتظام الطلاب في الفصول الدراسية، والاطلاع على مستوى التجهيزات المدرسية، والتأكد من تطبيق الخطط الدراسية والإجراءات الوقائية، بالإضافة إلى متابعة التقييمات الدورية واستعدادات المدارس لامتحانات نصف العام.

وأكد وكيل الوزارة على أهمية الجاهزية التامة للامتحانات، مشددًا على ضرورة توفير بيئة آمنة ومنظمة تُسهم في أداء الطلاب للامتحانات بسهولة ويسر. كما أشاد بالجهود المبذولة من الإدارات التعليمية وهيئات التدريس لضمان سير العملية التعليمية بنجاح، مشيرًا إلى أهمية الاستمرار في توفير بيئة تعليمية متميزة تُحفز الطلاب على التفوق والإبداع.

مقالات مشابهة

  • قيادة جديدة لمسيرة التطوير في قطاعات الأبنية التعليمية بالغربية
  • وكيل تعليم سوهاج: يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس ساقلتة
  • محافظ بني سويف يتابع انتظام سير العملية التعليمية بقرية الميمون
  • مدير إدارة نقادة التعليمية يتفقد مدارس المحافظة
  • السلطات السورية تعلن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة
  • الأمن العام السوري يعلن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين احتفالات عيد الميلاد
  • الحلبي: لتحييد المؤسسات التربوية عن تصفية الحسابات
  • تركيا تتعهّد بحل أحد أكبر الأزمات التي تؤرّق السوريين
  • وزير التربية والتعليم والبحث العلمي يتفقد العملية التعليمية بأمانة العاصمة
  • اتخاذ الإجراءات القانونية حيال مروجى شائعات سرقة الطلاب بمحيط المدارس