جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-10@19:23:21 GMT

من المسؤول عن خسائر منخفض المطير؟

تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT

من المسؤول عن خسائر منخفض المطير؟

 

حمد الحضرمي **

 

الأمطار الغزيزة وجريان الأودية الجارفة من جراء منخفض المطير الذي تعرضت له بلادنا الحبيبة عُمان، كان من المتوقع حدوثه وبالإمكان السيطرة عليه واحتوائه دون أن يسبب خسائر في الأرواح والممتلكات بالصورة التي وقعت، ولكن للأسف الشديد قد خلّف هذا المنخفض خسائر في الأرواح والممتلكات، الأمر الذي يثبت بكل وضوح وصراحة بأن الجهات المسؤولة عن إدارة مثل هذه الحالات الطارئة والأزمات لم تقوم بمسؤولياتها الموكولة إليها بالصورة المطلوبة.

إن المسؤولية في إدارة الحالات الطارئة والأزمات لا تتحملها جهة معينة لأنها ليست مسؤولية فردية، وإنما هي مسؤولية جماعية متعددة الإبعاد وتتحملها جهات كثيرة في الدولة. وقد كشفت لنا الأحداث عدم وجود خطة متكاملة لإدارة الحالة الطارئة لهذا المنخفض، ولم يتم الاستعداد والتحضير لها جيدًا، مع عدم صدور القرارات المناسبة في وقتها، ولم تتمكن من التصرف بحكمة لمنع حدوث هذه الأزمة أو التقليل من آثارها، ولهذه الأسباب وغيرها كانت الخسائر في الأرواح والممتلكات كبيرة.

إن إدارة الحالات الطارئة والأزمات تحتاج إلى إيجاد أعلى درجة من التنسيق بين الجهات ذات العلاقة، بهدف توجيه القطاعات المسؤولة وتوحيد جهودها، لإنجاز الأعمال والمهام المكلفة لها بالصورة المرجوة، ولكن ما حدث يبين بكل وضوح بأن عناصر التنسيق بين الجهات المختصة كانت غير فعالة وقد أصابها خلل أثر على تحقيق الغايات المرجوة منها.

وخطة الإعداد لمواجهة مثل هذه الحالات الطارئة والأزمات تتم قبل وقوع الحالة المتوقع حدوثها، وتشمل تقييم النتائج المحتملة ووضع تدابير المنع أو التخفيف من الآثار ووضع نظام الإنذار ووضع خطة للعمليات تنفذ عند وقوع الحالة الطارئة لوضع تدابير الوقاية والإنقاذ والإسعاف والأفراد والوسائل والتنسيق مع الجهات المعنية المشتركة في مواجهة الحالة الطارئة أو الأزمة، ولكن ما حدث كشف أن الجهات المسؤولة عن إدارة مثل هذه الحالات الطارئة والأزمات لم تكن على أتم الاستعداد المُسبق وقبل حدوث الحالة الطارئة وإنما قامت بواجباتها ومسؤولياتها بعد حدوث الحالة ووقوع الخسائر في الأرواح والممتلكات.

إن أزمة منخفض المطير كشفت عن عدم اتخاذ الإجراءات الضرورية الاحترازية والوقائية الاستباقية لتجنب وقوع خسائر في الأرواح والممتلكات، وراح ضحيتها عشرة أطفال أبرياء بنيابة سمد الشأن، ووفاة بعض المواطنين، إلى جانب خسائر كبيرة في الممتلكات.

إدارة الحالات الطارئة والأزمات تحتاج إلى اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وهذا من أصعب الأمور التى تواجه المسؤولين في الظروف العادية، فكيف سيكون الحال في أوقات الحالات الطارئة والأزمات. ومما لا شك فيه أن اتخاذ القرار سيكون في غاية الصعوبة لتجنُّب تحمل المسؤولية، وإدارة الحالات الطارئة والأزمات تحتاج لإدارة متمكنة ذات قدرات وإمكانيات ومهارات، تستطيع تحديد طرق الاستجابة السريعة للمخاطر وتحقيق الأمن والسلامة وتتمتع بحكمة التصرف في أوقات الحالات الطارئة، وتحقق الاستقرار دون وقوع خسائر أو تقليلها للحد الأدنى، لذلك يتوجب في الحالات الطارئة والأزمات وضع خطة وتحديد كل عناصر الخطة وما يتصل بها من تدابير واجراءات بالمشاركة الفعلية لكل المؤسسات والأجهزة المعنية بمختلف مستوياتها الوظيفية، لتحقيق الأمن والأمان والسلامة والاستقرار للوطن والمواطن والمقيم.

إن التشخيص الصحيح للمشكلة هو الطريق السليم لحلها، والتركيز على الأسباب الحقيقية للمشكلة إذا عزمنا على علاجها، والمشكلة الأساسية التي سببها منخفض المطير ونتج عن خسائر في الأرواح والممتلكات كانت أسبابها معروفة مسبقًا، ولكن للأسف لم يتم معالجتها، والمشكلة تكمن في عدم وجود السدود الكافية الآمنة، وعدم وجود الجسور والإنفاق لتأمين حركة الناس وجريان الأودية، وعدم التخطيط السليم لمواقع مخططات الأراضي بمختلف استخداماتها وخاصة الأراضي السكنية، وعدم الكفاءة المهنية لدى بعض المسؤولين الذين كشفت الحالات الطارئة والأزمات عدم كفاءتهم وعدم قدرتهم على تحمل القيادة والإدارة المثالية ويستدعي الأمر إعفائهم عن مسؤولياتهم.

ونرجو من الجهات المختصة القيام بواجباتها ومسؤوليات وأدواتها الممنوحة لها بموجب القانون، ومحاسبة ومساءلة كل مسؤول قصّر أو أهمل في القيام بمسؤولياته وواجباته.

** محامٍ ومستشار قانوني

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قمة فلسطين الطارئة.. موقف عربي موحد ضد الاحتلال

يجتمع القادة العرب في قمة استثنائية بالقاهرة لمناقشة القضية الفلسطينية، في وقت تمر فيه المنطقة بظروف غير مسبوقة، حيث يواجه العالم العربي والإسلامي ضغوطًا سياسية واقتصادية، بينما تستمر الولايات المتحدة والدول الأوروبية في دعم الكيان الصهيوني بلا تردد، متجاهلة القوانين والمواثيق الدولية، بل وتهدد الأسس التي قامت عليها المنظمات الأممية، والتي باتت عاجزة عن فرض أي قرارات عادلة لصالح القضية الفلسطينية.

الموقف العربي من القضية الفلسطينية

لطالما كانت القضية الفلسطينية محورًا رئيسيًا في وجدان الأمة العربية، فهي ليست مجرد قضية سياسية، بل هي مسألة إنسانية ودينية واقتصادية. وعلى الرغم من أنها تخص الفلسطينيين بشكل مباشر، إلا أنها تؤثر على استقرار المنطقة والعالم بأسره.

لقد نشأت هذه القضية منذ وعد بلفور عام 1917، حينما قررت القوى الاستعمارية التخلص من اليهود في أوطانهم الأصلية، وزرعهم في فلسطين لخدمة أهداف استعمارية بريطانية، ثم تبعتها مرحلة الاحتلال العسكري الإسرائيلي بعد نكبة 1948، وما تلاها من حروب وصراعات امتدت حتى يومنا هذا.

منذ ذلك الحين، شهدت القضية الفلسطينية العديد من المحطات المفصلية، مثل:

نكبة 1948 التي أدت إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا. نكسة 1967 التي رسخت الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة والجولان. الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 لإخراج المقاومة الفلسطينية من بيروت. انتفاضات الفلسطينيين التي بدأت عام 1987 وتكررت بأشكال مختلفة، تأكيدًا على رفض الاحتلال.

ورغم كل هذه التطورات، لم يتمكن العرب من تحقيق موقف موحد تجاه القضية الفلسطينية، بسبب التدخلات الدولية والانقسامات الإقليمية التي أضعفت العمل العربي المشترك.

الخلافات العربية وتأثيرها على القضية الفلسطينية

شهد العالم العربي منذ حرب أكتوبر 1973 خلافات داخلية أدت إلى تباين المواقف حول القضية الفلسطينية، إذ لجأت بعض الدول إلى مسار التسوية والاتفاقيات مع إسرائيل، بينما فضّلت دول أخرى دعم خيار المقاومة. وزاد الانقسام بعد اتفاق أوسلو عام 1993، الذي أدى إلى تراجع الدعم العربي الرسمي للفلسطينيين.

ورغم إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945 بهدف توحيد المواقف العربية، إلا أنها لم تستطع فرض إرادتها على الدول الأعضاء، بل ظلت رهينة للخلافات السياسية بين الأنظمة العربية، مما انعكس سلبًا على القضية الفلسطينية وأدى إلى غياب استراتيجية عربية موحدة لمواجهتها.

المستفيد من الخلافات العربية

لطالما كان الاحتلال الإسرائيلي المستفيد الأول من انقسام العرب، فقد استغل هذه التناقضات لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، بينما انشغل العالم العربي بصراعاته الداخلية.

كما أن بعض الأنظمة العربية وجدت نفسها مضطرة للحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة والغرب، مما أثر على موقفها من القضية الفلسطينية، وأضعف الدعم الرسمي للفلسطينيين في المحافل الدولية.

في هذا السياق، جاءت الأزمات العربية المتتالية، مثل:

غزو العراق 2003 الذي أنهك إحدى أهم الدول العربية وأفقدها دورها الإقليمي. الربيع العربي 2011 الذي أدى إلى فوضى سياسية وانقسامات داخلية أضعفت عدة دول عربية. الأزمة الليبية والسورية التي زادت من تراجع الدور العربي في القضايا المصيرية.

كل هذه الأحداث جعلت القضية الفلسطينية أقل حضورًا في الأولويات العربية، مما منح الاحتلال فرصة لتوسيع استيطانه وتكريس سياساته القمعية ضد الفلسطينيين.

أهمية قمة فلسطين الطارئة

تعقد هذه القمة في وقت يشهد فيه العالم جرائم إسرائيلية غير مسبوقة، حيث نفذ الاحتلال عمليات قتل وتهجير ممنهج للفلسطينيين، وسط دعم أمريكي وغربي غير محدود، مما أدى إلى غضب شعبي عالمي، تجلى في تظاهرات حاشدة في أوروبا وأمريكا، رافضة للجرائم الصهيونية.

ويأتي انعقاد هذه القمة رفضًا للمخططات الأمريكية، وخاصة “صفقة القرن” التي سعت إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وإعادة رسم خريطة المنطقة لصالح إسرائيل. وقد تصدّت عدة دول عربية، أبرزها مصر والأردن، لهذه المخططات، كما أبدت العديد من الدول الإسلامية والأوروبية مواقف حازمة تجاه المشروع الأمريكي.

التطلعات لموقف عربي موحد

يُنظر إلى هذه القمة على أنها فرصة حقيقية لإعادة توحيد الصف العربي، خاصة في ظل التحديات الراهنة، إذ يمكن أن تشكل قراراتها نقطة انطلاق نحو استراتيجية عربية جديدة لدعم القضية الفلسطينية على المستوى الدولي.

إن إصدار موقف عربي رسمي موحد سيرسل رسالة قوية إلى الولايات المتحدة وحلفائها، مفادها أن القضية الفلسطينية لا تزال في صدارة الأولويات العربية، وأن أي محاولات لتجاوزها ستواجه بمواقف حازمة. كما يمكن استثمار الانقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا، خاصة في ظل الخلافات حول سياسات واشنطن الخارجية، لتعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.

خاتمة

إن هذه القمة ليست مجرد اجتماع عربي عادي، بل هي محطة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك، تعيد للقضية زخمها، وتحولها إلى أولوية دولية لا يمكن تجاوزها. فهل سيكون القادة العرب على مستوى التحدي، أم ستظل القضية الفلسطينية رهينة للخلافات والمصالح الضيقة؟

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • السيطرة على حريق في منزل بأسوان دون وقوع إصابات أو خسائر بالأرواح
  • مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11745.63 نقطة
  • سوق الأسهم يغلق منخفضًا
  • دون خسائر في الأرواح.. إخماد حريق اندلع في شقة بـ 6 أكتوبر
  • «هبة في محلها» توفر 100 ألف منتج بـ 10 ملايين درهم
  • قمة فلسطين الطارئة.. موقف عربي موحد ضد الاحتلال
  • مشيدًا بجهودها في المحافظة على الأرواح والممتلكات.. أمير تبوك يطَّلع على التقرير السنوي لمديرية الدفاع المدني بالمنطقة
  • أشاد بالجهود المبذولة للحفاظ على الأرواح والممتلكات.. الأمير جازان يتسلم التقرير السنوي للدفاع المدني بالمنطقة
  • لم يحدث من 50 عاما .. إعصار مداري يضرب هذه الدولة| ما القصة؟
  • مستشفى غدامس تعلن اقتصار العمل على الحالات الطارئة؛ بسبب اعتداء مسلح