د. محمد العاصمي

منذ فجر النهضة المباركة بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- اهتمت الحكومة الرشيدة بالتعليم وجعلته حقًا واجبًا عليها للشعب، ووضعته على سلم أولويات التنمية في هذا الوطن العزيز، واستمرارًا لهذا النهج سار عهد النهضة المتجددة بقيادة مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم –أعزه الله- حيث نصت المبادئ الثقافية في النظام الأساسي للدولة على أن "التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية العمانية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب، وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح والتآلف وأن التعليم إلزامي حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي، وتشجع الدولة إنشاء المدارس والمعاهد الخاصة بإشراف من الدولة، وفقاً لأحكام القانون.

وتعمل الدولة على مكافحة الأمية".

وقد كفلت الدولة مجانية التعليم، ووضعت الموازنات التي تضمن تقديم تعليم يتناسب وطموحات الوطن والمواطن، وجاءت ميزانية التعليم كأكبر موازنات القطاعات المختلفة في الدولة، والتزمت الحكومة بهذه الموازنة ووضعتها في الموازنات غير القابلة للمساس، وهذا التوجه ينسجم مع الإعلان العالمي لأهداف التنمية المستدامة الهدف الرابع: التعليم الجيد، الذي شدد على إلزام الدول بدعم التعليم للمواطنين كأحد مستهدفات التنمية المستدامة في العالم 2030. ويأتي هذا الحرص من الحكومة الرشيدة؛ كون أن التعليم هو القاطرة التي تقود باقي القطاعات، وهو أساس التنمية ومحركها وموجهها، والقطاع الذي لا يقبل تقديمه إلا بالصورة المتكاملة، والحرص على جودته، وضمان مواكبته لمتطلبات التنمية، وتوافقه مع التطور العالمي في كافة المجالات.

إن قضية تمويل التعليم من القضايا التي تهتم بها الدول؛ حيث إن استمرار نمو التعليم وضمان جودته يتطلب الحرص على وجود مصادر وموارد مالية للدولة تعني بهذا الجزء من الموازنة، وقد حرصت دول العالم المتقدم على إيجاد مصادر تمويل للتعليم لا تتأثر بإيرادات الدولة الأساسية، الأمر الذي يضمن استمرار تقديم التعليم حتى في ظل الحالات الطارئة التي تتعرض لها الدول مثل الحروب والكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية، كما إن هذا التوجه يساهم في تخفيف العبء عن موازنات الدول، حيث تستحوذ موازنات التعليم على الجزء الأكبر منها، وتعتبر هذه الموازنة في أهميتها وأولويتها أحد مسببات تقليص الموازنات الأخرى خاصة الإنمائية، التي تكون عرضة دائمة للتقليص والاختزال كونها يمكن من خلالها التأجيل أو الإلغاء.

وما تقدمه الحكومة من تمويل للتعليم يصل إلى ما يقارب 20% من الموازنة السنوية، وهذه النسبة مرتفعة جدًا، مقارنة بدول العالم؛ حيث تتراوح النسب المعتمدة في بعض دول العالم المتقدمة تعليميًا ما بين 6-10% من قيمة الدخل القومي، بينما تستكمل باقي الموازنة من مجموعة مختلفة من المصادر، وقد أوجدت الدول المتقدمة مجموعة من النماذج لتمويل التعليم مثل الضرائب الموجهة لتمويل التعليم، والاستثمارات التجارية وخصخصة الخدمات التعليمية التي ساهمت في تقليل المصروفات مع الاحتفاظ بضمان جودة التعليم من خلال نظام جودة عالي المستوى، كما جاءت الأوقاف والهبات وتمويل المنح الدراسية من الشركات الخاصة كأحد أبرز وسائل تمويل التعليم.

لقد جعلت الدول التعليم الأساسي في سلم أولويات التعليم التي تمولها الدولة، ومع تزايد قيمة التعليم وأهمية جودته لابد من الاهتمام بتوفير المال اللازم لتقديمه بجودته العالية، وعلى أثر ذلك لابد من التفكير في هذا الجانب بشكل جدي خاصة وإن مصادر الدخل لدينا وفي الوقت الحالي مازالت تعتمد على الإيرادات النفطية والغازية بشكل أساسي، وعلى القطاع الخاص أن يساهم بشكل أكبر في هذا الملف الهام أسوة بما يتم في الدول المتقدمة، وعدد من الدول القريبة منا والتي توجهت إلى تمويل التعليم وفق نماذج مختلفة تقلل من خطر فقدان القدرة على ضمان إستمرار مصادر التمويل الحالية.

وفي دولة مثل اليابان يتم تمويل ما نسبته من 50-60% من خلال برامج المنح والاوقاف والهبات ومساهمات القطاع الخاص، والحال لا يختلف في الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة اللتان أوجدتا مصادر تميل ونظام مستدام لضمان إستمرار تمويل التعليم عبر مجموعة برامج ، وقد حان الوقت لأخذ خطوة للأمام في هذا الملف حيث أن إيجاد نظام تمويل للتعليم بأنواعه هو ضمان لتقديم تعليم جيد ومحاسبة وحوكمة حقيقية لهذا القطاع، وأسوة بكثير من الدول فإن إنشاء هيئة تعنى بتنظيم وأيجاد مصادر تمويل التعليم بات ضروريًا في ظل المتغيرات العالمية في هذا القطاع، وسعى الدول للوصول إلى إستدامة تنموية وتحقيق معدلات نمو متسارعة في النظام التعليمي.

إنَّ وجود مثل هذه المؤسسة سوف يساهم في إيجاد قاعدة قانونية لمنظومة تمويل التعليم، والارتباط بآلية محددة في نظام تقييم أداء مؤسسات التعليم على أساس من جودة الأداء والمخرجات، كما إنه سوف يساهم في إيجاد برامج متعددة من برامج التمويل متعدد المصادر، يقوم بتحمل مسؤولية الدولة فقط كمصدر واحد من مصادر التمويل، وهذا التنظيم الإداري للتعليم موجود في أغلب الدول المتقدمة تعليميًا والتي قطعت شوطًا كبيرًا في هذا المجال.. فهل نرى ذلك قريبًا؟!

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بجواز السفر فقط.. قائمة الدول التي يمكن السفر إليها بدون تأشيرة

يبحث الكثيرون عن قائمه الدول التي يمكن السفر اليها بدون تأشيرة واخرى بدون تأشيرة مسبقه من مصر بعدما قفز جواز السفر المصري في تصنيف مؤشر باسبور إندكس العالمي لعام 2025، حيث ارتفع عدد الدول التي يمكن للمصريين دخولها بدون تأشيرة مسبقة أو بتسهيلات تأشيرية إلى 65 دولة، وهو إنجاز يعكس تحسن مكانة مصر الدبلوماسية وتوسع علاقاتها الخارجية خلال السنوات الأخيرة، بما يمنح المواطنين فرصًا أوسع للسفر والدراسة والاستثمار حول العالم.
 

بدون تأشيرة.. قائمة الدول التي يمكنك دخولها بجواز السفر المصري فقطالجواز المصري في المرتبة الـ75 عالميًا

وبحسب تقرير موقع Passport Index، جاء جواز السفر المصري في المرتبة 75 عالميًا بدرجة تنقل بلغت 65 نقطة، فيما وصلت نسبة الوصول العالمي للجواز إلى 33%، أي أنه يسمح لحامله بالسفر إلى نحو ثلث دول العالم.
 

وأوضح التقرير أن الجواز المصري يتيح دخول 18 دولة بدون تأشيرة نهائيًا، و44 دولة بتأشيرة عند الوصول، و3 دول بتأشيرة إلكترونية (eTA)، بينما تتطلب 133 دولة الحصول على تأشيرة مسبقة قبل السفر.

وجهات مفتوحة للمصريين في إفريقيا وآسيا

جاءت القارة الإفريقية في صدارة المناطق الأكثر ترحيبًا بالمصريين، حيث يمكنهم دخول كينيا، غانا، مدغشقر، موريشيوس، زيمبابوي، زامبيا، وأوغندا دون تأشيرة مسبقة أو بالحصول عليها فور الوصول.

أما في آسيا، فتتيح الأردن، لبنان، فلسطين، إندونيسيا، ماليزيا، المالديف، وسريلانكا دخول المصريين بسهولة، بينما ألغت إيران التأشيرة تمامًا للمصريين في خطوة لافتة تعزز العلاقات الثنائية.
 

أوروبا وأمريكا اللاتينية ضمن الدول الميسّرة

في أوروبا، تشمل أبرز الدول التي تسمح بدخول المصريين بدون تأشيرة أو بتأشيرة عند الوصول ألبانيا، أرمينيا، ومونتينيجرو (الجبل الأسود).

أما في أمريكا اللاتينية، فتبرز الإكوادور، هايتي، جمهورية الدومينيكان، سانت فينسنت، بوليفيا، وسورينام كوجهات مفتوحة أمام المصريين بتسهيلات مختلفة.

كما تستقبل ساموا، توفالو، ميكرونيسيا، وجزر كوك المصريين في منطقة أوقيانوسيا دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة.

تسهيلات متزايدة تعكس تحسن مكانة الجواز المصري

أكد التقرير أن ارتفاع عدد الدول التي تسمح بدخول المصريين بدون تأشيرة أو عبر تأشيرات إلكترونية يعكس تحسنًا واضحًا في قوة الجواز المصري خلال السنوات الأخيرة.


ويُعزى ذلك إلى الاتفاقيات الثنائية التي وقعتها الحكومة المصرية مع دول في إفريقيا وآسيا، فضلًا عن تعزيز التعاون الاقتصادي والسياحي مع العديد من الدول الصديقة.

حرية تنقل أوسع وتشجيع على الاستثمار والسياحة

يرى خبراء السفر أن هذا التطور يمنح المصريين حرية أكبر في التنقل عبر العالم، ويعزز السياحة الخارجية، كما يشجع رجال الأعمال والمستثمرين على التوسع في الأسواق الدولية، إلى جانب فتح آفاق جديدة أمام الشباب المصري للدراسة والعمل بالخارج.

شروط السفر بدون تأشيرة

شدد مؤشر باسبور إندكس على ضرورة أن يكون جواز السفر المصري ساريًا لمدة لا تقل عن ستة أشهر قبل موعد السفر، مع وجود إثبات مالي كافٍ لتغطية نفقات الإقامة، بالإضافة إلى تذكرة عودة مؤكدة، ويفضل كذلك الحصول على تأمين صحي للسفر لتجنب أي عقبات محتملة عند الوصول.

كما نصح الموقع بضرورة الاطلاع على أحدث متطلبات الدخول لكل دولة قبل السفر، نظرًا لإمكانية تغيّر الإجراءات تبعًا للظروف السياسية أو الأمنية.

تحسن تدريجي ومستقبل واعد للجواز المصري

أكد تقرير Passport Index أن الجواز المصري يواصل تحسين ترتيبه عامًا بعد عام بفضل سياسة الانفتاح التي تنتهجها الدولة المصرية تجاه العالم، وسعيها لتعزيز علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية

طباعة شارك جواز السفر قائمه الدول التي يمكن السفر اليها بدون تأشيرة الدول التي يمكن السفر اليها بدون تأشيرة الجواز المصري مؤشر باسبور إندكس العالمي

مقالات مشابهة

  • بجواز السفر فقط.. قائمة الدول التي يمكن السفر إليها بدون تأشيرة
  • هيئة تقويم التعليم والتدريب تطلق نماذج ومعايير الاعتماد البرامجي لبرامج التدريب المنتهية بمؤهل
  • عاجل.. هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر: إسرائيل تتحفظ على تشكيل القوة متعددة الجنسيات في غزة عن طريق مجلس الأمن
  • وزير التعليم العالي: مصر تواصل جهودها لتعزيز وصون التراث المادي وغير المادي
  • مصادر إسرائيلية: الجثث التي سلمتها حماس أمس ليست لأسرى إسرائيليين
  • محاكمة شركة لافارج الفرنسية بتهمة تمويل الإرهاب في سوريا تبدأ الثلاثاء
  • وزير التعليم العالى يلقي كلمة مصر في مؤتمر اليونسكو
  • وزير التعليم العالي يغادر إلى سمرقند للمشاركة في مؤتمر اليونسكو
  • محاكمة شركة لافارج الفرنسية بتهمة تمويل الإرهاب في سوريا
  • رئيس هيئة تطوير محمية «الإمام تركي بن عبد الله»: دعم القيادة ركيزة لبرامج التنمية البيئية