واشنطن بوست: رغم تراجع العولمة لا يزال العالم يشهد اتساعا في الفوارق
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
قبل عام واحد، أعلن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان عن ظهور "إجماع واشنطن" الجديد بديلا لـ"اجتماع واشنطن" القديم. كان الخطاب الذي ألقاه سوليفان في مركز أبحاث في ذلك الوقت بمثابة قنبلة في مجتمع السياسة الخارجية.
إعلان المسؤول الأميركي رفيع المستوى أشار إلى أن القوة العظمى الرائدة في العالم تريد الانتقال من عقود من العقيدة الاقتصادية والعولمة غير المقيدة إلى ترتيب مختلف بين الدول ومجتمعاتهم.
ويقول الكاتب إيشان ثارور في تحليل بصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إن "إجماع واشنطن" القديم كان بمثابة اختصار لمجموعة من السياسات والوصفات النيوليبرالية التي طرحها صندوق النقد والبنك الدوليان في العقود الأخيرة من القرن العشرين.
كانت إملاءات هذه المؤسسات -والتي فرضت التقشف والخصخصة وإلغاء القيود التنظيمية- بمثابة إنذار مسبق لموجة من العولمة بلغت ذروتها في القرن الـ21 ، يضيف الكاتب.
لقد عززت هذه السياسات -يتابع الكاتب- الشعور بأن العالم مرتبط ببعضه بعضا عن طريق التجارة والتبادل التجاري، وبأن هذا العالم يدعم الرخاء المشترك.
لكن بحسب الكاتب، بات الزعماء السياسيون بالغرب يتحدثون حاليًا عن العولمة بعبارات تحقيرية، ذلك الإرث من السياسة الاقتصادية التي جعلت البعض أثرياء في حين أضعفت الطبقات المتوسطة في مجتمعاتهم، حيث تقلصت وظائف التصنيع، وركدت الأجور، وأصبحت الحياة أكثر صعوبة.
ووفق الكاتب أشار سوليفان في اجتماع واشطن الجديد في أبريل/نيسان 2023 إلى احتضان إدارة جو بايدن للسياسة الصناعية والإنفاق التحفيزي الكبير باعتباره تحولًا نموذجيًا كبيرًا وعنصرًا رئيسيًّا في خطط الولايات المتحدة للتنافس مع الصين خلال العقود المقبلة.
يشار إلى أنه في عام 1989 طرح الاقتصادي البريطاني جون وليامسون 10 بنود للدول الفاشلة التي واجهت صعوبات مالية وإدارية واقتصادية وكيفية تنويع اقتصادها وإدارة مواردها الطبيعية، بالإضافة إلى دعوته البنك الدولي وصندوق النقد لتبني هذه البنود. وتدعو المسودة إلى إستراتيجيات الليبرالية الجديدة مثل التقشف، وإلغاء القيود التنظيمية.
عدم المساواة
في تحليله -الذي تزامن مع انعقاد اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي هذه الأيام- يبحث الكاتب إيشان ثارور في تعقيدات وتناقضات النظام الاقتصادي العالمي، ويدقق في أدوار وتأثيرات القوى الكبرى والمؤسسات المالية الدولية على غرار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ويسلط الكاتب الضوء على الكيفية التي يستمر بها الهيكل الأساسي للتفاعلات الاقتصادية العالمية -على الرغم من التحولات الكبيرة في الخطاب والسياسة- في إدامة الفوارق بين الدول، مما يؤثر بشكل خاص على العالم النامي.
وقد لعبت هذه السياسات دورا فعالا في تشكيل عصر العولمة الذي أدى أيضا -رغم ربطه العالم من خلال التجارة- إلى تفاوتات كبيرة في الثروة والأمن الاقتصادي بين المناطق المختلفة.
ورغم إعلان جيك سوليفان التحول بعيدا عن العولمة غير المقيدة بجانب حدوث تغييرات في الخطاب واتجاه السياسات من جانب الدول المتقدمة، فإن عدم المساواة العالمية لا يزال كبيرا وربما يتفاقم، بحسب الكاتب.
وتمتد الانتقادات إلى عمل صندوق النقد والبنك الدوليين وسط هذه النماذج المتغيرة. وعلى الرغم من سياساتها المتطورة، يُنظر إلى هذه المؤسسات على أنها تعمل على إدامة عدم المساواة.
وعلى سبيل المثال، دائما ما يتم انتقاد تدابير التقشف -التي غالبا ما تطالب بها هذه المؤسسات- لأنها تعرقل الإنفاق الاجتماعي في البلدان النامية، مما يؤدي إلى تفاقم الفقر وعدم المساواة.
ويشير ثارور إلى تحليل أجرته منظمة أوكسفام وجد أن عدم المساواة في الدخل لا يزال مرتفعا أو آخذا في التزايد في نسبة كبيرة من البلدان التي تتلقى الدعم المالي من هذه المؤسسات.
نقطة مهمة أخرى يثيرها ثارور تتعلق بالمخاطر الجيوسياسية المرتبطة بالكتل الاقتصادية الجديدة التي تتشكل حول القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين.
وبحسب الكاتب يخشى أن يؤدي هذا التشرذم إلى عدم كفاءة التجارة العالمية وحركة رأس المال، مما قد يلحق الضرر بالدول التي تكافح بالفعل، في وقت حذر صندوق النقد الدولي نفسه من الخسائر الكبيرة المحتملة بسبب هذا الانقسام المتزايد.
أعباء الديونعلاوة على ذلك، يناقش ثارور التحديات التي تواجهها الدول الفقيرة، بما في ذلك أعباء الديون وفرص النمو المحدودة بسبب التحول الداخلي للدول الأكثر ثراء.
وتتفاقم هذه التحديات بسبب عوامل خارجية مثل تغير المناخ، الذي يؤثر بشكل غير متناسب على المناطق الضعيفة، وعدم قدرة الدول على معالجة هذه القضايا بسبب المستويات المرتفعة من الديون السيادية والالتزامات تجاه المقرضين الدوليين.
ويتطرق التحليل أيضًا إلى ما وصفه بـ"النفاق الملحوظ" حيث تتبنى الدول المتقدمة الآن إستراتيجيات تنطوي على تدخل حكومي كبير في الاقتصاد، وهي إستراتيجيات طالما نصحت الدول النامية بعدم تطبيقها من خلال سياسات صندوق النقد والبنك الدوليين.
ويختم ثارور بالإشارة إلى أنه في حين أن الخطاب حول السياسات الاقتصادية العالمية قد يتغير، فإن الواقع يعكس استمرار الاتجاهات التي تعمل على إدامة عدم المساواة.
وينظر إلى المؤسسات التي شكّلت هذا المشهد تاريخيا على أنها مقصرة في التكيف مع احتياجات الاقتصاد العالمي ليكون أكثر عدالة، مما يشير إلى الحاجة إلى إعادة التفكير بشكل عميق في كيفية صياغة السياسات الاقتصادية العالمية وتنفيذها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات صندوق النقد والبنک الدولی عدم المساواة هذه المؤسسات
إقرأ أيضاً:
حزب الإصلاح: إشادة واشنطن بوست بالخطة العربية لـ غزة تعكس إدراكًا دوليًا لجدواها
رحب الدكتور هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، بإشادة صحيفة "واشنطن بوست" بالخطة العربية الخاصة بغزة، والتي وصفتها بالخيار "العملي والعقلاني" الوحيد المطروح على الطاولة، واصفا الخطوة بأنها "إيجابية بالرغم من كونها متأخرة" مؤكدا أن هذه الإشادة تعكس إدراكاً متزايداً في الأوساط الدولية لجدوى المقترح العربي الذي تقوده مصر وأهميته في تحقيق الاستقرار ومنع تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع.
رؤية شاملة تحافظ على حقوق الشعب الفلسطينيوأوضح أن الخطة العربية، التي تقودها مصر بالتعاون مع الدول العربية الشقيقة، تستند إلى رؤية شاملة تحافظ على حقوق الشعب الفلسطيني، وترفض بشكل قاطع أي محاولات للتهجير القسري، مع التركيز على إعادة الإعمار، وتعزيز الحكم الفلسطيني في القطاع، وتهيئة الظروف لحل سياسي مستدام وفق مبدأ حل الدولتين. وقال إن هذه الخطة تعكس موقفاً عربياً مسؤولاً يعالج جذور الأزمة وليس مجرد التعامل مع تداعياتها، ما يجعلها الحل الواقعي الذي يجب أن يحظى بدعم دولي واسع.
وأضاف أن الإدارة الأمريكية، باعتبارها أحد الفاعلين الرئيسيين في المشهد السياسي، مطالبة اليوم بالتعامل مع هذه الخطة بجدية، والكف عن دعم الحلول المؤقتة التي لا تخدم سوى تعميق الأزمة وإطالة أمد المعاناة الإنسانية. وأكد أن استمرار الولايات المتحدة في تبني سياسات غير متوازنة أو الانحياز لحلول لا تراعي الحقوق الفلسطينية لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.
دعم الجهود العربيةواختتم تصريحه بالتأكيد على أن حزب الإصلاح والنهضة يدعم بقوة الجهود العربية الرامية إلى تحقيق تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، ويرى أن الموقف العربي اليوم أكثر تماسكاً وتأثيراً من أي وقت مضى، مما يعزز فرص فرض رؤية عادلة على الطاولة الدولية. وشدد على ضرورة استمرار العمل المشترك لحشد الدعم الدولي للخطة، والتأكيد على أن أي حلول مستقبلية يجب أن تصب في تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، وليس في ترسيخ الاحتلال أو فرض وقائع جديدة على الأرض.