NYT: رئيسة جامعة كولومبيا تخلت عن طلابها وحريتهم الأكاديمية لتنجو بنفسها
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
كتبت المعلقة في صحيفة "نيويورك تايمز" ميشيل غودلبيرغ، مقالا علقت فيه على مساءلة رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق، أمام لجنة بمجلس النواب الأمريكي. وجاء مقالها بعنوان "طلب الجمهوريون قمعا ضد نقاد إسرائيل، فلبت كولومبيا" الطلب.
وجاء فيه: "من الواضح أن رئيسة جامعة كولومبيا المتزنة بشكل استثنائي، نعمت شفيق، لم يكن لديها نية ملاقاة مصير رئيستي جامعتي هارفارد وبنسلفانيا اللتين أجبرتا على الاستقالة من منصبيهما بعد ظهور كارثي لهما أمام لجنة في الكونغرس تحقق بمعاداة السامية في الحرم الجامعي".
وعلقت غولدبيرغ بأن شفيق التي قدمت شهادة يوم الأربعاء، أمام نفس اللجنة كانت متفقة أساسا مع فرضية الجمهوريين، أن النشاط المؤيد لفلسطين في كولومبيا يحمل مشاعر تعصب ومعاداة لليهود، ووضحت كيف أنها قامت وتحت قيادتها بقمعها.
وقالت إن 15 طالبا علقت دراستهم، بينما وضع ستة تحت المراقبة التأديبية. وقالت إن الباحث الزائر محمد عبده الذي عبر عن مواقف تأييد لحركة حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي "لن يعمل مرة أخرى في كولومبيا"، مضيفة أن عددا من أفراد الطاقم التدريسي يتم التحقيق في أمرهم.
ولو كان الأمر بيدها فإنه ما بقي البروفيسور المعادي للصهيونية، جوزيف مسعد، ولا يوما واحدا في الجامعة، وهو يواصل العمل كأستاذ مثبت. وكان هناك حديث حول استمرار مسعد كرئيس للجنة المراجعة الأكاديمية، وقالت شفيق إنه لو ظل رئيسا للجنة فسيتم عزله، وفي وقت لاحق أكدت الجامعة أن رئاسة مسعد للجنة ستنتهي في هذا الفصل.
ومن خلال الموافقة أو التراجع، خرجت شفيق من المساءلة والتحقيق الذي استمر أربع ساعات بدون خدوش، لكن الطرف المتضرر كانت جامعة كولومبيا وضمانها للحرية الأكاديمية.
وظهرت شفيق في الجلسة مع رئيسين في مجلس أمناء جامعة كولومبيا، كلير شيبمان وديفيد غرينوولد إلى جانب العميد السابق لكلية القانون في الجامعة ديفيد شايزر، والذي يترأس قوة الرد السريع على معاداة السامية في الجامعة. وقالت الجامعة إن شيبمان تقوم باتخاذ الخطوات للحد من التظاهرات الطلابية: "واحدة من التوصيات الممتازة لقوة الرد السريع على معاداة السامية أنها قالت: ’لو كنا سنهتف فيجب أن يكون في مكان معين’، ولهذا لن يضطر الناس الذين لا يرغبون بالاستماع إليه لسماعه".
وتعلق غولدبيرغ بأن الاحتجاجات بطبيعتها متداخلة، ومن الصعب أن تكون هناك تظاهرة مناسبة لمن يشاركون فيها. وتساءلت النائبة الجمهورية إليس ستيفانيك عن هتاف "من النهر إلى البحر"، فردت شفيق: "لدينا بعض الإجراءات التأديبية الجارية بشأن اللغة". وستيفانيك النائبة عن نيويورك سجلت انتصارا سياسيا عندما أجبرت رئيسة جامعة هارفارد وبنسلفانيا على الاستقالة بسبب عدم تقديم إجابات واضحة حول معاداة السامية في الجامعات.
وعلقت غولدبيرغ: "لا تحتاج لأن تحب اللغة المعادية لإسرائيل أو النشاط لكي تقلق حول مطالب الكونغرس لقمعها. فجلسات الاستماع غير عادية بدرجة كبيرة. ومن الصعب التفكير في وقت مثل لجنة مجلس النواب المعادية للشيوعية والنشاطات غير الأمريكية والتي حاولت التحقيق في الأيديولوجيات التي لا تحبها في المجال الأكاديمي". وترى الكاتبة أن الأشهر الأخيرة وبلا شك شهدت أحداثا صارخة من معاداة السامية غير المقبولة، وتم رسم شعار النازية في حمام الجامعة، فيما تم الاعتداء على طالب يهودي كان يحمل ملصقا للأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس. واحتفت عدد من أقسام في الجامعة بالإرهاب، وبمقال نشر في 8 تشرين الأول/ أكتوبر حيث تم ذكره في جلسة الاستماع وكتب فيه مسعد "حالة من البهجة والرهبة" الناجمة عن "ابتكار المقاومة الفلسطينية" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وفي الوقت الذي لم يكن فيه وجود الشيوعية مبررا لوجود المكارثية في أمريكا، فإن الخطاب الشنيع لدى قطاعات من اليسار بالحرم الجامعي لا يعطي الكونغرس الحق والمطالبة من الجامعات بالحد من شجب إسرائيل وهي تقوم بشن حرب بشعة ضد غزة.
وتؤكد غولدبيرغ، أن الأثر المثير للرجفة من هذه التحقيقات بات واضحا على مستوى البلد. ففي هذا الأسبوع، قررت جامعة ساثرن كاليفورنيا إلغاء كلمة تخرج للطالبة المسلمة المتفوقة، أسنا تبسم، والتي انتقدتها الجماعات اليهودية بسبب منشوراتها المؤيدة لفلسطين على منصات التواصل الاجتماعي.
وبررت الجامعة القرار بأنه "يتناسق مع الالتزامات القانونية الأساسية، بما فيها توقعات التنظيمات الفيدرالية، تحرك الجامعة لحماية الطلاب وحماية مجتمعنا الجامعي"، وهو ما يظهر أن الجامعة تشعر بالضغط من الحكومة عندما قررت إلغاء الكلمة.
والضغط هو الهدف؛ حيث يريد الجمهوريون إسكات معارضي إسرائيل، ففي واحدة من اللحظات الغريبة بجلسة الاستماع، سأل النائب الجمهوري عن جورجيا، ريك ألين، شفيق، إن كانت على معرفة بسفر التكوين 12:3، فردت بأنها لا تتذكر النص التوراتي عن غيب. ولهذا قام بتوضيح النص لها بأنه "لقد كان العهد الذي قطعه الرب لإبراهيم، وكان العهد واضحا: إذا باركت إسرائيل فسأباركك وإن لعنتها فسألعنك"، مؤكدا أن هذا الميثاق وارد في العهدين القديم والجديد. وسأل ألين بحرارة: "هل تعتقدين أن هذا أمر جدي؟" و"هل تريدين أن تتعرض كولومبيا للعنة الرب؟"، وردت ألين: "قطعا لا"، وأضاف: "يتم تثقيف الشبان على يد هؤلاء الأساتذة والإيمان بهذا الكلام وليست لديهم فكرة أن الرب سيلعنهم، رب الإنجيل والرب فوق علمنا".
وقارن نائب جمهوري آخر، وهو براندون ويليام، بيانات التنوع والمساواة والشمول بأنها شبيهة ببيانات الولاء للنازية، ولم يعترض أحد على كلامه. وقبل بدء جلسة الاستماع، نظمت جماعات الطلبة في كولومبيا والجامعة الشقيقة لها وهي بارنارد "مخيم التضامن مع غزة" في حديقة كولومبيا الرئيسية، وهو ما دعا شفيق إلى اتخاذ خطوة غير عادية وطلبت من الشرطة تفكيك المخيم واعتقلت أكثر من 100 طالب. وكانت آخر مرة استدعت فيها الجامعة شرطة نيويورك هي في عام 1968 ما أدى إلى الصدمة.
وقالت الباحثة القانونية التي تنسق الدفاع للطلاب المعتقلين: "لم أتخيل أبدا رؤية الجامعة تتصرف بهذه الطريقة" و"قد حطم هذا قلبي". ومن بين الذين اعتقلوا إسراء هرسي، ابنة النائبة إلهان عمر والتي تجلس في لجنة تحقق في معاداة السامية. وفي جلسة الاستماع يوم الأربعاء، قال النائب الجمهوري عن تكساس ناثلين موران إن قيادة جامعة كولومبيا "تعلمت بعضا من دروس الفشل الذريع لـ’هارفاد’ و’أم آي تي’ و’بنسلفانيا’ عندما برزت قبل عدة أشهر".. وبالتأكيد هذا ما حدث.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية معاداة السامية الجامعات غزة امريكا غزة حريات جامعات معاداة السامية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جامعة کولومبیا معاداة السامیة رئیسة جامعة فی الجامعة
إقرأ أيضاً:
آن الأوان لإصلاح جامعة الدول العربية
مرت اليوم السبت الذكرى الثمانون على تأسيس جامعة الدول العربية، ذلك الكيان الذي وُلد في لحظة أمل تاريخية عام 1945م، كانت فيه الأمة تعيش على حلم الوحدة والتحرر الوطني من طغيان الاستعمار الغربي وبث روح الحياة في طموحات عربية لبناء تكتل سياسي إقليمي يحفظ سيادتهم، ويصون وحدتهم، ويكون مظلة جامعة لقضاياهم المشتركة. لكن ونحن نطوي العقد الثامن من عمر الجامعة، تبدو المسافة شاسعة بين ما تأسست لأجله في ظل تلك الطموحات، وما آلت إليه اليوم من غياب شبه كامل عن المشهد العربي، حتى في اللحظات المفصلية التي تتطلب موقفا جامعا، وصوتا عربيا موحدا وقويا.
يعيد العالم من حولنا تشكيل نفسه عبر تكتلات وتحالفات كبرى؛ من آسيا الصاعدة التي تقودها الصين في تحالفات كـ «بريكس» و«منظمة شنغهاي»، إلى أوروبا التي عززت وحدتها رغم التباينات وتفكر اليوم في تحالف غربي بعيدا عن ترامب، وصولا إلى أمريكا اللاتينية التي تبني سرديتها الجديدة بعيدا عن الهيمنة الغربية. أما العالم العربي فيغيب عنه المشروع الجامع، ويتوارى خلف أزمات تتعمّق، ومصالح تُدار بقرارات فردية متنافرة، وملفات عالقة بلا أفق. ووسط كل هذا تبدو الجامعة العربية وكأنها مؤسسة شرفية لا فاعلية حقيقية لها ولا صوت مؤثر في كل الأحداث التي تبدو وكأنها تجري في كوكب آخر تماما.
ومع أن الإنصاف يقتضي التذكير ببعض الأدوار التي اضطلعت بها الجامعة في مراحل من التاريخ العربي، فإن من الضروري الاعتراف بأن البنية الحالية لم تعد صالحة لمواجهة تحديات العصر. فالجامعة بصيغتها التنظيمية، وآليات اتخاذ القرار فيها، وعجزها عن احتضان خلافات أعضائها وتجاوزها، لم تعد قادرة على الاستجابة لطموحات الشعوب العربية، ولا لصياغة رؤية مشتركة للمستقبل يبدو وكأنه في مهب الريح.
ما نحتاجه اليوم ليس توجيه تحية للجامعة العربية وتاريخها التليد أو دعوة للاحتفال بذكرى تأسيسها، بل انطلاقة جديدة تُعيد تعريف الجامعة بوصفها تكتلا سياسيا فاعلا في عالم تتصارع فيه الإرادات الكبرى، وتتغير فيه قواعد اللعبة الدولية بشكل غير مسبوق. وتبدأ الانطلاقة الجديدة بإصلاحات جذرية تشمل إعادة صياغة ميثاق الجامعة، وتطوير آليات اتخاذ القرار من الإجماع إلى التصويت بالأغلبية، وإنشاء مجلس أمن عربي فاعل وقادر ومؤثر ومهاب، وتحديث الهياكل المؤسسية بما يتوافق مع التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم.
إن اللحظة العربية اليوم، المأزومة على أكثر من صعيد ـ من فلسطين التي تواجه أخطر مراحل تصفية قضيتها، إلى العراق وسوريا ولبنان والسودان واليمن، حيث تمزّق النزاعات جسد الدولة الوطنية ـ تستدعي عمقا في التفكير، وجرأة في المراجعة، لا مجرّد شعارات تُكرر في البيانات الختامية. ولعلّ الأجدى هو التفكير في تحوّل الجامعة من كيان تقليدي إلى منصة استراتيجية للتنسيق السياسي والاقتصادي والأمني.
إن الشعوب العربية لم تعد تنتظر خطابات التضامن التي تصدرها الجامعة العربية، بل أفعالا ملموسة تعبّر عن إرادتها، وتحمي مصالحها، وتعيد لها الثقة بأن مشروع الوحدة العربية الذي نشأت من أجله، ليس حلما مستحيلا، بل ضرورة تاريخية، ليس بالصيغة التي كان عليه الحلم في عام 1942م عندما بدأت المداولات لإنشاء الجامعة ولكن بما يتوافق مع معطيات اللحظة التاريخية الآنية وطموحات المستقبل.
وثمانون عاما تكفي لتدرك الجامعة العربية أنها وصلت عند مفترق طرق صعب جدا، يتطلب أن تكون فيه قادرة على اتخاذ قرارات شجاعة وتاريخية، تمكن الأمة من تجاوز الخلافات الصغيرة لصالح المصير المشترك. فإما أن تنهض وتُصلح نفسها لتكون رافعة لمستقبل العرب، أو تبقى مجرّد ذكرى تُروى، ومؤسسة تُزار، دون أن تصنع الفرق في مسار الأمة.