مفتي الجمهورية: من الصعب الاكتفاء بالاجتهاد الفردي
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إنَّ ما صدر عن المجمع الفقهي الإسلامي من قرارات وتوصيات وبحوث ودراسات ليدل دلالة واضحة قاطعة على أن المجمع الفقهي الإسلامي قد سار قُدمًا في طريق التجديد بخُطًى واسعة، وقدَّم الكثير من الجهود من أجل تفعيل دَور الفقه في حياتنا المعاصرة في كافة جوانبها الاقتصادية والطبية والاجتماعية.
وأضاف فضيلة المفتي أن المجمع أنتج في ذلك من البحوث المؤصلة والأبحاث المعمقة والدراسات الدقيقة التي تجمع بين التأصيل الفقهي بمقاصده العليا وقواعده الكلية وضوابطه المحكمة، وبين مراعاة الواقع بكافة علومه وتفاصيله في شتى هذه المجالات، حتى أصبحت هذه الدراسات العلمية نموذجًا يُقتدى به وأسلوبًا متَّبعًا في كافة المؤسسات العلمية التي أخذت بمبدأ الاجتهاد الجماعي المؤسسي التي تتضافر فيه الجهود وتتلاقى فيه العقول وتُتبَادل فيه الخبرات وتتلاقى فيه التجارب، وذلك باجتماع صفوة جليلة من علماء الأمة الإسلامية وثُلَّة منتقاة من أكابر رجال العلم والاجتهاد في شتى المجالات.
جاء ذلك خلال كلمة التي ألقاها في اجتماعات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثالثة والعشرين، والتي تُعقد في الفترة من 20-22 إبريل في الرياض بالمملكة العربية السعودية.
وأكد فضيلة المفتي أن الاجتهاد الجماعي من الناحية الواقعية أصبح مبدأ لا يمكن الاستغناء عنه ولا يسعنا والأمة تمر بظروف عصيبة أن تتنكَّب الطريق إليه، فهو من الرحمة العامة لمسلمي العالم، بل وللعالم كله الذي اتَّسعت رقعته وتكاثرت نوازله وتعقدت مشاكله وتشابكت قضاياه.
وأوضح أنه أصبح من الصعب جدًّا الاكتفاء بالاجتهاد الفردي والاعتماد عليه وحده مهما اتسع علم علمائنا الأجلاء، بيد أن هذا الواقع بهذه التعقيدات يُملي علينا جميعًا أن تتضافر جهود العلماء والباحثين في شتى التخصصات من أجل الوصول إلى ما يغلب على الظن أنه حكم الله تعالى بعدما استفرغ أهل التخصصات المختلفة وُسعهم في توصيف الواقع وتنزيل الأحكام الشرعية على هذا الواقع.
جمع كلمة المسلمين وتوحيد الرؤىوتابع مفتي الجمهورية في كلمته: «إنني من واقع تخصصي وتجربتي وخبرتي في مجال الفقه والإفتاء وتولِّي سدَّة دار الإفتاء المصرية العريقة، ومن منطلق مسؤوليتي عن مؤسسة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم أرى أن التعاون والتواصل من أجل جمع كلمة المسلمين وتوحيد الرؤى والأفكار الكلية المحققة لمقاصد الشريعة الإسلامية والعمل على مد جسور الثقة والتعاون بين كافة المؤسسات العاملة في مجال الفقه والإفتاء أصبح ضرورة يمليها علينا جميعًا هذا الواقعُ المتسارع، مع التسليم بمشروعية الاختلاف والتنوع الفقهي الاجتهادي الذي يُثري مسيرة الفقه الإسلامي وينمِّيها».
وفي ختام كلمته توجَّه فضيلة المفتي بخالص الشكر والتقدير لسعادة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، وإلى العلماء الأجلاء أعضاء المجمع الموقر، وإلى رابطة العالم الإسلامي، وذلك بمناسبة اختياره عضوًا بالمجمع الفقهي الإسلامي، التابع لرابطة العالم الإسلامي، داعيًا الله أن يبارك جهود المجمع وأعضائه لدعم مسيرة العمل الفقهي المؤسسي القائم على مبدأ الاجتهاد الجماعي وفلسفته، الذي ضرب المجمع الفقهي الإسلامي فيه أروع المثل نظريًّا وعمليًّا، وذلك بتقديم الدراسات والبحوث التأصيلية التي تدلل على ضرورة إعمال وتفعيل دَور المؤسسات الفقهية والافتائية في تجديد الفقه الإسلامي وتعميق دَور العمل الفقهي والافتائي المؤسسي، وبناء نظرية متكاملة محكمة لمبدأ الاجتهاد الجماعي، وتفعيل دَور الفقه في حياتنا اليومية المعاصرة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية دار الإفتاء المسلمين المجمع الفقهی الإسلامی
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا إندونيسيًّا رفيع المستوى لبحث تعزيز التعاون في مجال التدريب
استقبل الدكتور نظير عيَّاد - مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- وفدًا إندونيسيًّا رفيع المستوى من مؤسسة السلام في العالمين بإندونيسيا، برئاسة معالي الوزير الدكتور شفر الدين كامبو، رئيس مؤسسة السلام في العالمين ورئيس مجلس الأمناء لرابطة المعاهد الإسلامية؛ وذلك لبحث سُبُل تعزيز التعاون بين دار الإفتاء المصرية والمؤسسة، خاصة في مجال التدريب على الإفتاء.
ورحَّب فضيلةُ المفتي بالوفد الزائر، مُعربًا عن عمق العلاقات بين دار الإفتاء المصرية والمؤسسات الدينية في إندونيسيا، والتي تمتدُّ عبر سنوات طويلة. وأشاد بالدَّور الرائد الذي تنهض به مؤسسة السلام في العالمين في مجالها، متمنيًا لها السداد والتوفيق، وأكَّد على أهمية هذه الزيارة، مشيرًا إلى أنها تأتي تأكيدًا للصلة الوثيقة بين المؤسستين، وتفتح مجالات جديدة للتعاون بما يخدُم مصالح البلاد والعباد.
وأوضح فضيلة المفتي أنَّ هذا التعاون ينسجم مع الدَّور الذي تقوم به المؤسسة الأزهرية، والتي تُعد دار الإفتاء المصرية إحدى أذرعها العريقة. وأشار إلى أنَّ دار الإفتاء تُعد من أقدم المؤسسات الإفتائية على مستوى العالم، وأنها مؤسسة علمية متعددة الخدمات لا تقتصر على الإفتاء فقط، بل تضم مراكز ووحدات تقدم خدمات متنوعة للمجتمع، منها مركز سلام لدراسات التطرف والإسلاموفوبيا، ووحدة حوار لمواجهة الفكر الإلحادي والمنحرف، ومركز الإرشاد الزواجي الذي يُعنى بإعداد دورات للمُقبلين على الزواج ويُسهم في حل المشكلات الأسرية.
كما تحدَّث فضيلةُ المفتي عن الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، التي تضم في عضويتها 111 مؤسسة من مختلف دول العالم، وتسعى لتعزيز التعاون الإفتائي الدولي وتنظيم العمل الإفتائي بما يتماشى مع التحديات المعاصرة.
وأوضح فضيلته أن الأمانة العامة تلعب دورًا بارزًا في توحيد الجهود الإفتائية ومواجهة القضايا المشتركة، كما توفر برامج تدريبية وورش عمل متخصصة تهدف إلى رفع كفاءة المفتين وتأهيلهم لمواجهة التحديات الفكرية والدينية.
وأشار إلى أن دار الإفتاء المصرية على أتم استعداد للتعاون مع مؤسسة السلام في العالمين لتقديم الدعم في مجال تدريب وتأهيل المفتين، سواء عبر التدريب المباشر أو عن بُعد، وتنظيم دورات تدريبية مهنية تشمل مهارات الإفتاء وصناعة المفتي.
من جانبه، عبَّر معالي الوزير الدكتور شفر الدين كامبو عن سعادته بهذا اللقاء، مؤكدًا على مكانة دار الإفتاء المصرية في إندونيسيا وبين الطلبة الإندونيسيين الذين يدرسون في الأزهر الشريف والمعاهد الدينية في إندونيسيا، حيث تُعد مرجعية إفتائية عالمية تسير على منهج الأزهر الوسطي. كما أشاد بجهود دار الإفتاء في ترسيخ الفكر الوسطي والتعامل مع القضايا المعاصرة بشكل متوازن.
وأكد الدكتور شفر الدين كامبو سعيَ مؤسسة "السلام في العالمين" إلى تطوير العلاقات مع دار الإفتاء المصرية وتعزيزها والاستفادة من خبراتها في مجال تدريب المفتين وتأهيلهم ورفع مستوى التعاون بين الجانبين لتحقيق الأهداف المشتركة وتعزيز السلم المجتمعي.