وفاة رائد الفضاء السوري محمد فارس ثاني عربي يصعد إلى الفضاء
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
توفي مساء أمس الجمعة اللواء محمد فارس، أول رائد فضاء سوري، الذي رافق عام 1987 رائدي فضاء روسيين إلى محطة الفضاء السوفياتية “مير”.
وجاءت وفاة فارس، وهو لواء منشق عن نظام بشار الأسد، بأحد مستشفيات مدينة غازي عنتاب التركية بعد معاناة مع المرض.
أعلن الائتلاف الوطني المعارض وناشطون سوريون وفاة فارس الجمعة عن عمر ناهز 73 سنة، ووصفه بـ”فقيد سوريا”، مشيراً إلى أنه انحاز إلى الثورة السورية بعيد اندلاعها عام 2011 ولم يغير موقفه حتى رحيله.
ونعى صحافيون وسياسيون سوريون فارس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتبوا عن مناقبه وتحدثوا عن الذكريات المرتبطة به، لا سيما أنه كان أول سوري يصعد إلى الفضاء والوحيد.
وفي تصريحات لوسائل إعلام، أكد أحد المقربين من اللواء السوري وفاته، وقال إنه كان قد أصيب بوعكة صحية منذ نحو ثلاثة أسابيع، وأضاف أن الوعكة الصحية ألمت به بعد مضاعفات عمل جراحي في شرايين القلب.
واللواء فارس من مواليد مدينة حلب عام 1951، وكان صعد للفضاء ضمن برنامج الفضاء السوفياتي في مركبة “سويوز M3” للمحطة الفضائية “مير” في تاريخ الـ22 من يوليو (تموز) 1987.
ورافقه في الرحلة اثنان من رواد الفضاء الروس ضمن برنامج للتعاون في مجال الفضاء بين سوريا والاتحاد السوفياتي.
وإضافة إلى كونه السوري الأول الذي يصعد للفضاء فإن فارس هو العربي الثاني الذي خاض هذه الرحلة بعد السعودي سلطان بن سلمان آل سعود.
وكان فارس انشق عن نظام الأسد في بدايات الثورة السورية عام 2012، وأعلن انضمامه ودعمه مطالب السوريين الثائرين.
ومع ذلك لم ينخرط في أي نشاط مسلح، وفضل الإقامة بين مدينتي إسطنبول وغازي عنتاب، ومنحته تركيا جنسيتها.
وكان فارس طياراً مقاتلاً على الطائرة “ميغ 21″، كما كان مدرباً للطيران، قبل أن يتم اختياره لتمثيل سوريا إلى الفضاء الخارجي.
وشارك رائد الفضاء الراحل في التظاهرات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد في بداية الثورة واستدعته الأجهزة الأمنية ليقرر على أثر ذلك مغادرة البلاد واللجوء إلى تركيا.
المصدر وكالات الوسومالفضاء سورياالمصدر: كويت نيوز
إقرأ أيضاً:
من سوريا للسودان وبالعكس
من سوريا للسودان وبالعكس
فيصل محمد صالح
منذ أسابيع وكل الأنظار العربية تتجه نحو سوريا، فرحة ومشجعة ومرحبة في أغلب الحالات، ومشفقة ومتحيرة وحذرة في بعض الأحايين، ولكل ذلك أسباب قوية. من المؤكد أن هناك تعاطفاً كبيراً مع الشعب السوري بعد معاناته الطويلة، وفرحة حقيقية بأنه تخلص من نير الظلم والديكتاتورية وانفتحت أمامه آفاق جديدة، وطبيعي أيضاً أن يخالط ذلك بعض الحذر والإشفاق من أن تخفق التجربة السورية في منتصف الطريق كما حدث لتجارب ثورات «الربيع العربي» وما بعدها.
الناظر لمآلات هذه الثورات سيجد أن الحذر واجب ومبرر، فلم تنجُ أي من التجارب من انتكاسات حادة، أودت ببعضها تماماً، وجعلت بعضها الآخر يتأرجح. بل الأكثر إيلاماً أن بعض بلاد ثورات الربيع العربي انزلقت إلى مرحلة الحروب الأهلية والتمزق والانقسام. وبين هذا وذاك انقسم الناس، أقصد الذين كانوا يؤملون في هذه الثورات وليس أعداءها، في موقفهم اللاحق. قسم من الناس تعرَّض لانتكاسة حادة وأبدى ندماً على انخراطه في صفوف الثورة، ولو بالتشجيع من منازلهم، وبدا لهم أن حالة الاستقرار تحت الحكم الديكتاتوري ربما كانت أفضل حالاً من هذه الحالة، بينما انخرط قسم آخر في تحليل أسباب الانتكاسات وتنوعت مضاربه واتجاهاته.
في معظم تجارب «الربيع العربي» نجحت الحركة الجماهيرية في توحيد الشعوب حول مطلب إسقاط النظام، ثم واجهت بعد ذلك تحديات ما بعد مرحلة السقوط خالية الوفاض من النظرة العملية لمواجهة التحديات، أو بأسلحة أقل قدرة مما تتطلبه المرحلة ومواجهاتها. والأسلحة المقصودة هنا هي الفكر السياسي القادر على قراءة واقع البلاد وطبيعة التحديات والمنهج السليم للوصول للحلول وطرح برنامج عمل واقعي وممكن التحقيق في ظل الإمكانات المتاحة.
بعض التجارب افتقدت القيادة السياسية للحركة الجماهيرية لضعف الأحزاب والتنظيمات وغيابها الطويل عن الساحة نتيجة لعنف الأنظمة، وغياب تنظيمات المجتمع المدني والحركة النقابية فظهرت ملامح ضعفها منذ اللحظة الأولى وعجزها عن الوقوف في وجه الثورة المضادة ومراكز قوى النظام الذي سقط. وقد لا ينطبق هذا التوصيف على تجارب دول مثل تونس والسودان، في الأولى هناك مجتمع مدني قوي ومنظم وحركة نقابية فاعلة، مع طبقة وسطى قائدة ومستوى عالٍ من التعليم والثقافة، وفي حالة السودان هناك أحزاب تاريخية وحركة جماهيرية وتنظيمات نقابية صاحبة خبرات وتجارب طويلة في مقاومة الأنظمة الديكتاتورية.
في الحالتين، تونس والسودان، يبدو أن الخلافات بين القوى السياسية التي ساهمت في الثورة كانت هي نقطة الضعف الأساسية و«كعب أخيل» الذي استغلته القوى المتربصة بالتجربة. في حالة السودان كان المكون العسكري الذي صار شريكاً في مرحلة الانتقال، هو الخصم الذي يعمل على خلخلة السلطة المدنية لتسقط وينفرد بالحكم، وهو ما نجح فيه رغم حركة المقاومة الجماهيرية. لكن في تجربة تونس لا يبدو الأمر بهذا الوضوح؛ إذ إن المؤسسة العسكرية اتخذت موقف الحياد، ووصلت البلاد لمرحلة الانتخابات الحرة والمفتوحة، ثم حدث الانقلاب من داخل الصف المدني.
واحدة من النقاط التي تستحق الوقوف عندها هي أن هذه التجارب العربية لم تنظر لتجارب الدول القريبة منها، بل اكتفت بالنظر تحت قدميها، أو النظر بعيداً جداً؛ لهذا تكررت بعض الأخطاء بصورة كربونية من تجربة لأخرى. في متابعة لتجربة إحدى الدول العربية قرأت أنها أرسلت وفوداً إلى أميركا اللاتينية ودول البلقان لتتعلم منها تجربة الانتقال، ولا بأس من طلب العلم ولو في الصين أو أميركا اللاتينية، لكنها كررت أخطاء دولة مجاورة وبالمسطرة كما يقولون… حتى تم إجهاض مرحلة الانتقال.
الدرس المستفاد في كل هذه التجارب هو أن مرحلة الانتقال، طالت أو قصرت، هي مرحلة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقوم بها حزب أو تيار منفرد، أو أن يفرض عليها برنامجه السياسي مهما ظن أن لديه قوة جماهيرية أو أنه صاحب الفضل في صناعة الثورة، وأنها لا يمكن أن تمر بسلام إلا بتنازلات متبادلة. قد يكون مفهوماً، بل ومطلوباً، في كثير من التجارب، إبعاد تنظيم أو حزب النظام الذي تم إسقاطه من المساهمة في مرحلة الانتقال، لكن أي إبعاد لأي مجموعات سياسية أو اجتماعية أخرى سيعني السير في طريق الفشل.
لسنا في موقع الناصح لغيره، ونحن أبناء تجربة منتكسة، لكننا نأمل في أن تتجنب سوريا أخطاءنا وأخطاء غيرنا… لعل وعسى.
نقلا عن الشرق الأوسط
الوسومالانتقال الديمقراطي السودان تونس سوريا