لماذا يستمر الاحتجاز القسري لسياسيين معارضين بتونس؟
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
تونس- قال نشطاء إن مواصلة سجن السياسيين المعتقلين في تونس منذ 14 شهرا فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة رغم انتهاء فترة الاحتفاظ القانونية القصوى، يحوّل مأساة توقيفهم إلى مرحلة جديدة عنوانها الاحتجاز القسري، بينما تؤكد أطراف أخرى أن استمرار توقيفهم ليس خارج القانون.
وكان من المفترض بحسب هيئة الدفاع عن هؤلاء المساجين أن يقع الإفراج عن جزء منهم مساء الخميس وجزء آخر مساء أمس الجمعة باعتبار أن فترة الاحتفاظ القانونية تدوم 6 أشهر مع إمكانية التمديد في فترة الاحتفاظ لفترتين أخريين، كل واحدة 4 أشهر، وفق القانون.
وكان الناطق باسم محكمة النقض الحبيب الترخاني كشف في تصريح إعلامي أن دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب لدى محكمة النقض لم تصدر أي قرار بالإفراج عن هؤلاء المساجين. ومن المنتظر أن تعقد دائرة الاتهام جلسة يوم 2 مايو/أيار المقبل لتوجيه لائحة الاتهام لهم.
احتجاز تعسفيوقالت المحامية بلجنة الدفاع عن السياسيين المعتقلين إسلام حمزة للجزيرة نت إن الإبقاء على المساجين الذين أمضوا كامل فترة الإيقاف التحفظي بين جدران السجن جريمة في حقهم عنوانها الاحتجاز القسري، مؤكدة أن مجلة الإجراءات الجزائية تنص بوضوح لا لبس فيه على أن فترة الاحتفاظ القصوى هي 14 شهرا.
واعتبرت أن مواصلة سجنهم ورفض إطلاق سراحهم وجوبيا بعد 14 شهرا من التحقيق يعد تعسفيا وانتهاكا لحق المعتقلين في التماس الحرية، مبينة أن قضية تشغل الرأي العام بمثل هذه الخطورة كان يفترض ألا تدوم مثل هذه الفترة، لكنها "طالت في ظل غياب محاكمة عادلة وخروقات قانونية".
وفي فبراير/شباط 2023 شنت قوات الأمن حملة مداهمات ليلية وألقت القبض على عدد من السياسيين ورجال الأعمال وتم إيداعهم السجن بتهم خطيرة تصل عقوبتها إلى الإعدام، وهي التآمر على أمن الدولة والتخابر مع جهات أجنبية، لكن المعارضة اعتبرت الاتهامات باطلة للتنكيل بهم لمعارضتهم الرئيس قيس سعيد.
وقد شملت حملة الاعتقالات الناشط السياسي خيام التركي والأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي والقياديين بجبهة الخلاص المعارضة جوهر بن مبارك ورضا بالحاج والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي.
كما شملت الاعتقالات العديد من أبرز الوجوه السياسية على غرار زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي الذي مرّ على اعتقاله سنة كاملة إضافة إلى العديد من القيادات في حزبه.
وتقول منظمات حقوقية إن محاكمة السياسيين فما يعرف بقضية التآمر طيلة 14 شهرا جرت في مناخ سياسي يتسم بهيمنة السلطة على القضاء وتفرد الرئيس قيس سعيد بالسلطة وملاحقة منتقديه من سياسيين وإعلاميين وحقوقيين ونقابيين قضائيا على قاعدة أن "المتهمين مدانون إلى أن تثبت براءتهم".
وتؤكد أن محاكمة هؤلاء السياسيين المعتقلين جرت في مناخ من المضايقات والملاحقات لعدد من القضاة الذين تم عزل بعضهم والتحقيق مع جزء آخر بهدف توظيف القضاء لأهواء السلطة، فضلا عن مضايقة وملاحقة محامي هيئة الدفاع عنهم ومنعهم من الظهور الإعلامي، والتنكيل بعائلات المعتقلين.
احتجاجات سابقة للمطالبة بالإفراج عن السجناء وتحسين وضعهم الاجتماعي والاقتصادي في الذكرى الـ13 للثورة التونسية (الأناضول) قانون الغاببدوره، يقول القيادي بحزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني للجزيرة نت إن السلطة الحالية تمارس حق القوة وليس قوة الحق، معتبرا أن مواصلة الإبقاء على المساجين السياسيين في قضية التآمر على أمن الدولة بعد انتهاء فترة الاحتفاظ القصوى "دليل قاطع على أننا نعيش في دولة يحكمها قانون الغاب".
ويؤكد أن فقه القضاء لا يمدد فترة الاحتفاظ القصوى للمتهمين أكثر من 14 شهرا إلا في حالات استثنائية تتعلق على سبيل المثال بإمكانية ارتكاب خطر على المجتمع أو إخفاء معلومات مهمة في القضية، معتبرا أن السلطة الحالية داست على القانون برفض الإفراج عنهم ومواصلة الهروب للأمام.
ويرى أن رفض الإفراج عن السياسيين المعتقلين يعكس تخبطا وارتباكا من السلطة بسبب تورطها في هذا الملف بدعوى أن إطلاق سراحهم من شأنه أي يسقط سردية الرئيس القائمة على تعليق شماعة الفشل بإدارة البلاد وتحسين أوضاع التونسيين بوجود مؤامرات ضده من قبل معارضيه، كما يقول.
ويصرح "قضية بمثل هذا الحجم كان لا بد أن تتضمن فعلا ماديا قصديا لكن لم نر في قرار ختم الأبحاث في شأن المعتقلين السياسيين سوى أنهم اجتمعوا كنشطاء سياسيين في أحد المنازل للحديث عن أوضاع البلاد ورفض الانقلاب، وهو نشاط عادي يدخل في صميم العمل السياسي السلمي والقانوني".
احترام القانونفي المقابل، تقول أطراف موالية للرئيس سعيد إن استمرار توقيف السياسيين المتهمين في قضية التآمر تم في احترام القانون والإجراءات، مشيرين إلى أن الفصل 107 من مجلة الإجراءات الجزائية تنص على أنه بالإمكان التمديد في بطاقة الإيداع بالسجن حتى تبت دائرة الاتهام في القضية.
وكانت دائرة الاتهام قد أعلنت عن تأجيل جلستها إلى 2 مايو/أيار المقبل لتوجيه لائحة الاتهام لهؤلاء تحت ضغط من المحامين الذين طالبوا بتمكين المتهمين من الفترة القانونية لاستئناف التهم الموجهة لهم من قبل قاضي التحقيق في قرار ختم الأبحاث، وهي تهم تتعلق أغلبها بتكوين مجموعة إرهابية.
ويقول البعض إن التهم الموجهة إلى السياسيين الموقوفين على ذمة قضية التآمر على أمن الدولة خطيرة وتمس باستقرار البلاد وتعد جريمة في حق الرئيس سعيد، الذي يعتبره أنصاره مخلِّصا للبلاد من "الإسلام السياسي والأحزاب التي حكمت معه طيلة العشرية الماضية وتسببت في دمار البلاد".
كما يتهم أنصار الرئيس سعيد هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين بتضليل الرأي العام بتشويه القضاء ونشر الافتراءات في قضية التآمر على أمن الدولة، مؤكدين أن المتهمين تعلقت بهم جملة من الجرائم الخطيرة على غرار محاولة الإطاحة بالرئيس سعيد بعد خسارة مواقعهم في السلطة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات قضیة التآمر على أمن الدولة السیاسیین المعتقلین دائرة الاتهام الدفاع عن
إقرأ أيضاً:
بسبب تدهور حالته الصحية.. وفاة معتقل سياسي في سجن برج العرب بالإسكندرية
وثقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، وفاة المعتقل السياسي إيهاب مسعود إبراهيم جحا، عضو حزب الاستقلال، الثلاثاء، بعد تدهور حالته الصحية في سجن برج العرب بالإسكندرية.
وأشارت الشبكة إلى أن تدهور أوضاع الاحتجاز القاسية استمر في الفترة الأخيرة، مع تسليط الضوء على معاملة المئات من السياسيين المرضى وكبار السن، التي تتم تحت إشراف ضابط الأمن الوطني المعروف باسم "حمزة المصري".
وأفادت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان في بيان لها الأربعاء، أنه رغم المناشدات المتعددة التي أطلقتها أسرة إيهاب مسعود إبراهيم جحا (51 عامًا)، إلا أن السلطات المصرية أصرّت على منعه من تلقي العلاج والدواء اللازم، واستمرّت في احتجازه في ظروف قاسية.
وأشارت الشبكة إلى أن حالته الصحية قد تدهورت بشكل كبير، حيث أصبح غير قادر على الحركة داخل محبسه بسبب معاناته من مرض السكري.
وأضافت أن إيهاب مسعود خضع لعمليتين جراحيتين، واحدة لاستئصال كيس مائي على الرئة والأخرى في ظهره، كما أصيب بحروق شديدة في قدميه أثناء فترة احتجازه، ما أثر سلبًا على حركته وصحته، حتى أصبح يعتمد على كرسي متحرك عند زيارة أسرته.
وأوضحت الشبكة أن السلطات، رغم علمها بتدهور حالة إيهاب مسعود الصحية ومعرفتها بمكان احتجازه، أصرت على منعه من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.
ورغم المناشدات المستمرة، رفضت السلطات إخلاء سبيله، واستمرّت في احتجازه بالمخالفة للقانون، ليظل في الحبس الاحتياطي للعام السادس على التوالي، متجاوزًا الحد الأقصى لفترات الحبس الاحتياطي، وذلك في ظروف احتجاز قاسية.
وتعد وفاة إيهاب مسعود هي الأولى بين السجناء في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. وكانت السلطات المصرية قد اعتقلت مسعود في 23 أيلول/ سبتمبر 2019، ووجهت إليه تهمًا تتعلق بالانضمام إلى جماعة محظورة، والدعوة للتظاهر، وتعطيل مرافق الدولة، ونشر أخبار كاذبة، في القضية المعروفة بـ"قضية حزب الاستقلال"، والمقيدة برقم 1358 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.
وإيهاب مسعود، هو أمين تنظيم مساعد حزب الاستقلال في محافظة الغربية، وهو زوجًا وأبًا لأربعة أبناء في مراحل تعليمية مختلفة، ويعمل مندوبًا للمبيعات قبل اعتقاله.
ويُعتبر مسعود أول حالة وفاة في السجون ومراكز الاحتجاز في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بينما شهد تشرين الأول / أكتوبر الماضي وفاة أربعة مواطنين في نفس الأماكن. وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، توفي خمسة سجناء، وفقًا لرصد مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.
ورصدت منظمات حقوقية أخرى وفاة أربعة سجناء سياسيين في السجون ومراكز الاحتجاز المختلفة في آب/ أغسطس الماضي، بينما شهد تموز/ يوليو الماضي وفاة تسعة مواطنين في نفس الأماكن.
ووثقت منظمات حقوقية مصرية 21 حالة وفاة في السجون ومراكز الاحتجاز خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، نتيجة للإهمال الطبي وظروف الحبس القاسية.
ومن بين هؤلاء، توفي 11 شخصًا في حزيران/ يونيو الماضي بسبب الإهمال الطبي المتعمد أو ارتفاع درجات الحرارة والتكدس الشديد في غرف الاحتجاز. كما توفي ستة سجناء في أيار/ مايو الماضي، ووقع في نيسان/ إبريل الماضي حالتي وفاة، وثلاث حالات في آذار/ مارس الماضي، وحالتين في شباط/ فبراير الماضي. كما شهدت السجون ومراكز الاحتجاز في مصر خمس حالات وفاة في كانون الثاني/ يناير الماضي.