الحياة.. عرجاء.. وكفيفة.. إنها لجديرةٌ بالشفقة!
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
ناجي شريف بابكر
.
هذه الحياة لا تقسو عليك إلا وأنت في أكثر حالاتك هوانا وحاجة للمساندة.. الأشياء فيها تتخذ سياقات ومناحٍ غير لائقة إطلاقا.. بينما هي ليست مضطرة لذلك.. اي ان ما ياتي من قِبَلها من الجحود في اوقاتٍ غير مواتية كتلك.. لا يبدو أنه حتميّ بالضرورة.
فحينما يكون الإنسان في قمة قوته وعنفوانه يكون أقل حاجة للدعم والمساندة.
لكن أحدنا وبمجرد أن ينتبه لكرّة الزمان ومكره.. ويبدأ الآخرون بإلإطراق أمامه وإتاحة الطريق له.. وتفضيله في وسائل النقل بالمقاعد المتاحة.. بمجرد ان يتصنعوا له إبتسامة الشفقة وهم يهمهمون بعبارات بالكاد يسمعها، حرصا منهم على إيهامه بالشفقة والتعاطف.. حينها فقط يعود أدراجه ليجد ان الدار قد صارت فارغة من الأحبة والزائرين.. من شاغليها، وحتى أولئك الذين كانوا لا ينقطعون يوما من طرق بابها للإطمئنان على صحته لم يعودوا يطرقونها كما عودوه.. لقد غادروا جميعا لوجهات بعيدة يبحثون عن احلام لهم لا تزال في إطار التشكل.. لم يبق منهم هناك سوى لُعبٍ قديمة وكانها تعاند الزمن، عروسات ملونه وبعض أحذية وردية وأخرى بالوان شتى، بقيت حزينة هي الأخرى وقد تبعثرت هنا وهناك.
لم يعد هناك ما يمنحه على أية حال.. محفظته التي كانت ترزح من ثقل ارصدتها، حتى انه يضطر احيانا لإفراغها في التسامر وهو يتسكع في الحانات وسط حشد من الأصدقاء والندمان.. اصبحت خالية كصحراء لا حدود لها.. معاشه الشهري.. يقطع له المسافات الطويلة وهو في اسوأ حالاته الصحية .. وحين يشارف النافذة بعد صفوف طويلة يخبره صبيٌ متأنق بأن يأتي في وقت لاحق.. لا بد أن المعتوهين قد عبثوا بأمواله.. هو والآخرون من أمثاله.. ربما ذهبت اموالهم ليعبث بها اناس لا يحتاجونها اصلا.. في الوقت الذي يعود فيه هو دون ان يدفع ثمن ما يدين به للصيدلاني بالناحية، من الدواء.
هذه الحياة لا تتخذ اوضاعا عادلة أو أقرب ماتكون للمثالية والحياد.. بل أنها فيما يبدو تتعمد أحيانا أن تلتزم أخرى معلولةً ومجانفةً للصواب.. فمن المنطقي بلا جدال ان الناس وهم في أضعف حالاتهم، يكونون الأجدر بالمساندة والأولى بها.. بل هم الأجدر فينا بأن نحيطهم بالقبل والعناق وحرارة اللقاء.. لماذا تُحَتم علينا الحياة وتدفعنا في مسارات مغايرة لإنسانيتنا.. ان نشدّ الرحال ونركض خلف أسرنا وأصدقائنا بينما نترك بالدار هناك، احبابا خلفنا وهم فرادى في أشد أوقاتهم حاجة للمؤانسة ولتحلقنا من حولهم..
هذه الحياة فيما يبدو.. ليست سوية بما فيه الكفاية.. أن شيئا ما في وقت ما لا بد أن يكون قد أصابها في مقتل، وربما ألحق بها علة مزمنة.. فإن عاهة لا تخطئُها العين في خطاها تجعلها تبدو وكأنها عرجاء للناظرين..
علةٌ تجعلها تخُصُّ الاقوياء من بيننا بالمناصرة، بدلا عمن هم أشدَّنا ضعفا.. وأن تُسَخّر العدالة والسلطة والقانون والسلاح للمتسلطين الأوصياء والمعتوهين وقطاع الطرق.. بينما تحرص على أن يبقى الضعفاء والضحايا لا حيلة لهم.. مستضعفون ومحرومون، أشدُّ ما يكون الحرمان، من أحلامهم وحقوقهم المشروعة.. من الإنصاف، تختارُ لهم أن يموتوا عُزَلاً وبأياد خالية.. أو كما قال كامو "الناسُ.. يموتونَ وهم ليسوا سُعَداء".
لا بد ان هناك عُطبا ما.. وعَوَاراً جديرٌ بالإصلاح، قبل أن ينفضّ السامر.
nagibabiker@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
أسيرة إسرائيلية مفرج عنها تقول إنها تلقت تهديدات من أنصار نتنياهو
إسرائيل – أكدت أسيرة إسرائيلية مفرج عنها إنها تلقت تهديدات وشتائم من أنصار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدما اتهمته بالمسؤولية عن الفشل في التصدي لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويوم الاثنين، أجرت هيئة البث العبرية الرسمية مقابلة مع “ليري ألباع” التي أطلق سراحها قبل نحو شهرين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة الفصائل الفلسطينية وإسرائيل التي تنصلت منه واستأنفت حرب الإبادة على قطاع غزة.
ألباغ مجندة إسرائيلية أسرتها حركة الفصائل من قاعدة “نحال عوز” بعملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر، وخلال المقابلة يوم الاثنين، قالت مخاطبة نتنياهو: “أنت المسؤول عن كل شيء ويجب عليك إصلاح ما فعلته”.
وبحسب صحيفة “معاريف” العبرية، تلقت “ألباغ” (20 عاما) عقب المقابلة تهديدات وتشهير من أنصار حزب الليكود بزعامة نتنياهو عبر الإنترنت، وفي اليوم نفسه طلبت من هيئة البث إزالة المقابلة.
ومساء الأربعاء، نشرت “إلباغ” منشورا عبر حسابها على “إنستغرام” تحدثت فيه عن ردود الفعل التي تلقتها بعد المقابلة، وقالت: “قرأت التعليقات، قرأت التهديدات التي وصلتني والشتائم وأنا خائفة”.
وأضافت: “أنا لا أخاف من ردود الفعل نفسها، لا أخاف من مقابلة أحد الأشخاص الذين ردوا عليّ بهذه الطريقة، بل خائفة مما أصبحنا عليه”.
وأردفت ألباغ باستنكار: “كل هذا من أجل ماذا؟ لأنني قلت إن رئيس الوزراء هو المسؤول عن الإخفاق في 7 أكتوبر!”.
وتابعت: “لم أكن أتوقع أن أتلقى مثل هذه ردود الفعل من الناس في إسرائيل، هل تعلمون ما هو الأصعب؟ أن هذا الانقسام أسوأ من أعدائنا”.
وقالت: “هذه ليست الطريقة التي ننتصر بها، لدينا حروب أكثر أهمية لنخوضها، وهناك أرواح بشرية يجب أن ننقذها”.
وفي 7 أكتوبر 2023 شنت حركة الفصائل وفصائل فلسطينية عملية أسمتها “طوفان الأقصى”، هاجمت فيها 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة، ردا على “جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى”، وفق الحركة.
ومنذ ذلك الوقت وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 166 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
الأناضول